أما آن أن يَغْشى البلاد سُعُودها |
ويذهبَ عن هذي النيام هُجُودها |
متى يتأتَّى في القلوب انتباهها |
فَينْجاب عنها رَيْنُها وجمودها |
أما أسدٌ يَحمي البلاد غَضَنْفَر |
فقد عاث فيها بالمظالم سِيدها |
برئت إلى الأحرار من شرّ أمّةٍ |
أسيرةِ حكام ثِقالٍ قُيودها |
سقى الله أرضاً أمْحَلت من أمانها |
وقد كان رُوّاد الأمان تَرودها |
جرى الجور منها في بلاد وسيعة |
فضاقت على الأحرار ذَرْعاً حدودها |
عجبت لقوم يخضعون لدولة |
يسوسهم بالمُوبِقات عميدها |
وأعجب من ذا أنهم يَرْهبونها |
وأموالها منهم ومنهم جنودها |
إذا وُلَيِت أمر العباد طُغاتُها |
وساد على القوم السَراةِ مَسُودها |
وأصبح حُرُّ النفس في كل وِجهة |
يُرَدّ مُهاناً عن سبيل يُريدها |
وصارت لئام الناس تعلو كرامها |
وعاب لبيداً في النشيد بليدها |
فما أنت إلاّ أيها الموت نعمةٌ |
يعِزّ على أهل الحِفاظ جُحودها |
ألا إنما خرّية العيش غادة |
مُنى كل نفس وصلها ووفودها |
يُضيء دُجُنّات الحياة جبينها |
وتبدو المعالي حيث أتْلِع جيدها |
لقد واصلت قوماً وخلّت وراءها |
إناساً تَمَنّى الموت لولا وُعودها |
وقد مَرِصت أرواحنا في انتظارها |
فما ضرّها والهفتا لو تعودها |
بني وطني مالي أراكم صبرتم |
على نُوَب أعيا الحُصاةَ عديدها |
أما آدكم حَمل الهوان فإنه |
إذا حُمّلَتْه الراسيات يؤودها |
قعدتم عن السعي المؤدّي إلى العلا |
على حين يُزري بالرجال قُعودها |
ولم تأخذوا للأمر يوماً عَتاده |
فجاءت أمور ساء فيكم عَتيدها |
ألم تَرَوُا الأقوام بالسعي خَلَّدت |
مآثر يستقصي الزمان خلودها |
وساروا كراماً رافلين إلى العلا |
بأثواب عزّ ليس يبْلى جديدها |
قد اسْتَحْوَذَت يا لَلخسار عليكم |
شياطين إنْس صال فيكم مرَيدها |
وما اتّقدت نار الحّمية منكم |
لفقد اتحاد فاستطال خُمُودها |
ولولا اتحاد العُنصُرَيْن لما غدا |
من النار يَذْكوا لو علمتم وَقودها |
إذا جاهل منكم مشى نحو سُبَّةٍ |
مشى جمعكم من غير قصد يُريدها |
كأنكم المِعزى تهاوَيْن عندما |
نزا فنزت فوق الجبال عَتُودها |
وماثَلَّة قد أهملتها رُعاتها |
بمأسدة جاعت لعشرٍ أسودها |
فباتت ولا راع يحامي مراحها |
فرائس بين الضاربات تُبيدها |
بأضيعَ منكم حيث لاذو شهامة |
يذبّ الرزايا عنكم ويذودها |
أتطمع هذي الناس أن تبلغ المُنى |
ولم تُورَ في يوم الصدام زُنودها |
فهل لمَعَت في الجوّ شعلة بارق |
وما ارتجست بين الغيوم رعودها |
وأدخِنة النيران لولا اشتعالها |
لم تمّ في هذا الفضاء صعودها |
وإن مياه الأرض تَعْذُب ما جرت |
ويُفْسدها فوق الصعيد ركودها |
ومن رام في سوق المعالي تجارة |
فليس سوى بيض المساعي نقودها |