بغداد حسبك رقدة وسبات |
أوَ ما تُمضُّك هذه النكبات |
ولِعَت بك الأحداث حتى أصبحت |
أذْواء خَطبِك ما لهنّ أساة |
قَلَبَ الزمانُ إليك ظهرِ مجَنِّه |
أفكان عندكِ للزمانِ ترات |
ومن العجائب أنَ يمَسَّك ضرّه |
من حيث ينفع لورعتك رُعاة |
إذ من ديالي والفرات ودجلة |
أمست تحُلّ بأهلك الكُرُبات |
أن الحياة لفي ثلاثة أنهُر |
تجري وأرضكِ حولهنّ مَوات |
قد ضلّ أهلُك رُشدَهم وهل اهتدى |
قوم أجاهلهم هم السَرَوات |
قوم أضاعوا مجدهم وتفرّقوا |
فتراهم جَمْعاً وهم أشتات |
لقد استهانوا العيش حتى أهملوا |
سعياً مَغَبّة تركه الاعنات |
يا صابرين على الأمور تَسومهم |
خّسفاً على حين الرجال أباة |
لا تُهملوا الضرر اليسير فإنه |
أن دام ضاقت دونه الفلوات |
فالنار تَلهَب من سقوط شرارة |
والماء تَجمع سَيْله القَطَرات |
لا تستنيموا للزمان توكُّلاً |
فالدهر نزّاءٌ له وثبات |
فإلى متى تستهلكون حياتكم |
فَوْضَى وفيكم غفلة وأناة |
تالله ان فَعالكم بخلافه |
نزل الكتاب وجاءت الآيات |
أفتزعُمون بأن ترك السعي في |
هذي الحياة تَوكُّل وتُقاة |
أن صحّ نَقْلكم بذاك فبيِّنوا |
أو قام عندكم الدليل فهاتوا |
لم تَلْقَ عندكم الحياة كرامةً |
في حالة فكأنكم أموات |
شقِيَت بكم لما شَقِيتم أرضكم |
فلها بكم ولكم بها غَمَرات |
وجهِلتم النهج السَوِيَّ إلى العلا |
فترادفت منكم بها العَثَرات |
بالعلم تَنْتظِم البلاد فإنه |
لرُقِيِّ كل مدينة مِرقاة |
أن البلاد إذا تخاذل أهلها |
كانت منافعها هي الآفات |
تلك الرُصافة والمياه تَحُفّها |
والكرخ قد ماجت به الأزمات |
سالت مياه الواديَيْن جوارفاً |
فطَفَحْن والأسداد مُؤتَكِلات |
فتهاجم الماءان من ضَفَوَيْهما |
فتناطحا وتوالت الهَجَمات |
حتى إذا اتّصل الفرات بدجلة |
وتساوت الوَهَدات والرَبَوات |
زَحَفت جيوش السَيل حتى أصبحت |
بالكرخ نازلة لها ضَوْضاة |
فسَقَت بيوت الكرخ شرّمُقَيِّىءٍ |
منها فقاءت أهلَها الأبيات |
واستَنْقَعت فيها المياه فطَحْلَبت |
بالمُكث ترغو تحتها الحَمَآت |
حتى استحال الكرخ مشهد أبْؤس |
تبكي به الفتيان والفَتَيات |
طُرُقاته مسدودة ودياره |
مهدومة وعِراصه قَذِرات |
يا كرخ عَزّ على المروءة أنه |
لُجَج المياه عليك مُزدَحِمات |
فلئن أماتتك السيول إنما |
أمواجهنّ عليك مُلتَطِمات |