غدورٌ هِي الأيَّامُ، والشَرُّ أَغْدَرُ |
وأَيدِي المنَايَا فِي النفوسِ تَخَيّرُ |
أَحَقّاً طَواكَ المَوتُ يا فيصلَ الهُدَى |
أَلاَ إنَّهُ الخَطْبُ الجليلُ المُدَمّرُ |
|
مُصَابُ هَوى فوقَ القُلوبِ فمَا أَرَى |
سِوى مُقْلةٍ تَبْكِي وقَلْبٍ يُفَطَّرُ |
وكارثةٌ أَلْقَتْ بِنَا فِي جَحِيمِهَا |
ونَازلة حَلَّتْ بنَا لا تُقَدَّرُ |
رَحَلْتَ وفِي الأكبادِ أَعْقَبْتَ حَسرةً |
وأَيّ فُؤادٍ مَا بَكَى، كيفَ يُعْذَرُ |
فُجِعْنَا ومَا كِدْنَا نُصَدِّقُ أَنّهُ |
سَيَاتِيَ يومٌ، فيهِ تَفْنَى وتُقْبَرُ |
ولَمْ نَتَخَيَّلْ أَنْ تَموتَ كمَا جرَى |
وأنَّ سِلاحاً فِي مُحيَّاكَ يُشْهَرُ |
ولكنَّها الأقدار تَجري بِحكمةٍ |
ويَمْلِي بِمَا فيها كتابٌ مُقدَّرُ |
|
قَضَيتَ شهيدَ الحقِّ والمبدأ الذي |
عليهِ وقَفْتَ العُمْرَ، تَحْمِي وتَنْصُرُ |
تركْتَ أمانِي الشَّعبِ ثَكلى حزينةً |
وكانتْ علَى كفّيكَ تَحيا وتُنْشَرُ |
وخلفْتَ شعباً سادَهُ الهمُّ والأسَى |
كأنَّ المنايَا مِن أمانيهِ تَسْخَرُ |
وكنتَ لهُ ظلاً وحصناً وقائداً |
وسيفاً بهِ العدوانُُ والشرُّ يُقْهَرُ |
بنيتَ لهُ مَجداً وعززتَ أمَّةً |
وحققتَ أحلاماً بِها اليوم تَفْخَرُ |
بكِ الْتَأَمَ الإسلامُ بعد تَفرُّقٍ |
وأنتَ لهُ النصرُ العزيزُ المؤزَّرُ |
يدٌ تصنعُ العليا بصمتٍ وحكمةٍ |
وقلبٌ بِحُبِّ الدِّينِ والخيرِ يَزْخُرُ |
رحلْتَ ولَمْ تَرْحَلْ ومُتَّ ولَمْ تَزَلْ |
بِأعماقِنَا حيّاً وبالخيرِ تُذْكَرُ |
فلَو يُكتبُ التَّخْلِيدُ للمجدِ والتُّقَى |
لكنتَ بهِ يا أعدلَ النَّاسِ أَجْدَرُ |
|
ففِي ذمَّةِ البَارِي إلى ظِلِّ جنَّةٍ |
مع الصفوةِ الأبرارِ تُجزَى وتُشْكَرُ |
تَحُفُّكَ من جُندِ السَّماءِ مَلائِكٌ |
ويؤويكَ فِردوسٌ ويَرْوِيكَ كوثَرُ |
|
بنِي وطنِي إنَّا بِأَعتابِ مَوقفٍ |
به فرحةٌ كُبْرى وخَطبٌ مُكَشّرُ |
أتَانَا بِنَعْيِ الفيصلِ الفَذّ ناعبٌ |
وجاءَ بعهدٍ خالديٍّ مُبشّرُ |
فذا ضيغمٌ ولَّى وذَا ضيغمٌ أتَى |
كبدرٍ تجلَّى بعدَ أنْ غابَ آخرُ |
فقدنَا عزيزاً واستعضنا بمثلهِ |
وفِي معدنِ الأمجادِ دُرّ وجوهَرُ |
ومَا خالدٌ إلاَّ زعيمٌ وقائدٌ |
بهِ تُمسح العبرات والكسر يُجبرُ |
له من ولي العهدِ عونٌ وساعدٌ |
ومن أمّةِ الإسلامِ أهلٌ ومَعْشَرُ |