بِحُكْمِ العَدْلِ من قاضِي السَّماءِ | |
|
| حباكَ بِحَقِّ أَحكامِ القَضاءِ |
|
وِراثَةَ مُورِثِ الأَبناءِ مِمَّا | |
|
| تَحَلّى مِنْ تُرَاثِ الأَنْبِياءِ |
|
أبٌ وَفَّاكَ مِيراثَ المساعي | |
|
| كما وَفَّيْتَهُ عَهْدَ الوَفاءِ |
|
تَهَدَّى فَارْتَدى حِلْماً وعِلْماً | |
|
| فلَمْ تُسبَقْ إِلَى ذَاكَ الرِّداءِ |
|
لِتَلْبَسَهُ بإِفضالٍ وفَضْلٍ | |
|
| وتَنْشُرَهُ بِهَدْيٍ واهْتِدَاءِ |
|
نَماكَ وَقَدْ بَنى دِيناً ودُنْيا | |
|
| لِتَخْلُفَهُ عَلَى ذَاكَ البِناءِ |
|
وشَيَّدَهُ بإِخلاصِ الأَمانِي | |
|
| وأَسَّسَهُ بِمَقْبُولِ الدُّعاءِ |
|
عَلِيماً أَنَّ أَرْفَعَ مَا بَناهُ | |
|
| بناءٌ أُسُّهُ لَكَ فِي السَّماءِ |
|
وأَزْكى مَنْ زَكا صِدْقاً وعَدْلاً | |
|
| زَكِيٌّ حاز ميراث الزَّكاءِ |
|
فمازَكَ ذو الجلالِ بِعِلْمِ غَيْبٍ | |
|
| وفَرَّكَ ذُو الرِّياسَةِ عن ذّكاءِ |
|
مَلِيكٌ كُلَّمَا بَلَغَ انْتِهاءً | |
|
| مِنَ العَلْيا أَهَلَّ إِلَى ابْتِداءِ |
|
فَسُؤْدَدُهُ كَجُودِ يَدَيْهِ جارٍ | |
|
| منَ الدُّنيا إِلَى غَيرِ انْتِهاءِ |
|
تَجَلَّى فِي بهاءِ نَدىً وعَدْلٍ | |
|
| ومَدَّ عَلَيْكَ من ذَاكَ البَهاءِ |
|
رجاءٌ فيكَ صُدِّقَ كي يُجازى | |
|
| كما اسْتَدْعَاكَ تصديقُ الرَّجاءِ |
|
وجَزلاً من عطاءِ اللهِ أَعْدَى | |
|
| يَدَيْكَ بِهِ جزيلاتُ العَطَاءِ |
|
لتصْرِفَ دعوةَ المظلومِ عَنْهُ | |
|
| كما صَرَفَ السَّوَامَ إِلَى الرِّعاءِ |
|
وتَرْعى موقِفَ المَلْهوفِ عَنْهُ | |
|
| يُلَبِّي نَفْسَهُ قَبْلَ النِّداءِ |
|
وتبسُطَ منك للغُرَباءِ وَجْهاً | |
|
| يُجَلِّي عَنْهُمُ كُرَبَ الجَلاءِ |
|
فَتُبْلِيَ فِيهِمُ سِيَرَ ابْنِ يَحْيى | |
|
| كما أَبْلاكَ محمودَ البَلاءِ |
|
فأَعْطى القَوْسَ بارِيَها وشُدَّتْ | |
|
| عَرَاقِي الدَّلْوِ فِي كَرَبِ الرَّشَاءِ |
|
ورُدَّ الرُّوحُ فِي جِسْمِ المَعَالي | |
|
| ولاحَ النَّجْمُ فِي أُفْقِ السَّماءِ |
|
وجُرِّدَ للهُدى والحقِّ سيفٌ | |
|
| مُحَلَّىً بالمحامِدِ والثَّناءِ |
|
فوَلّى النُّكْرُ مهزومَ النَّوَاحِي | |
|
| وجاءَ العُرْفُ منشورَ اللِّواءِ |
|
وغارَ الظُّلمُ فِي ظُلَمِ الدَّياجِي | |
|
| ولاحَ العدلُ فِي حُلَلِ الضِّياءِ |
|
بِيُمْنٍ أَلبَسَ الأَيَّامَ نُوراً | |
|
| يُدِيلُ مِنَ الشَّدائِدِ بالرَّخاءِ |
|
وأحكاماً بَثَثْنَ العدلَ حَتَّى | |
|
| تقاسَمَها الأَباعِدُ بالسَّواءِ |
|
وأخلاقاً خُلِقْنَ منَ التَّمَنِّي | |
|
| فلاقَتْ كُلَّ هَمٍّ بالشِّفاءِ |
|
فهُنَّ الماءُ فِي صَفْوٍ ولينٍ | |
|
| وسَوْغٍ وَهْيَ نارٌ فِي الذَّكاءِ |
|
فما بالنَّفْسِ عنها مِن تَناهٍ | |
|
| ولا بالسِّرِّ عنها من خَفاءِ |
|
فكم جَلَّيْتَ من نَظَرٍ جَليٍّ | |
|
| قرأْتَ بِهِ أَساطِيرَ الدَّهاءِ |
|
وكم أَوْرَيْتَ من زَنْدٍ ثَقُوبٍ | |
|
| أَراكَ سِراجُهُ غَيْبَ الرِّياءِ |
|
وكم أَحيَيْتَ من ناءٍ غريبٍ | |
|
| فقيدِ الأَهْلِ مُنْبَتِّ الإِخاءِ |
|
وكم نَفَّستَ كُرْبَةَ مستكينٍ | |
|
| تَأَخَّرَ عنهُ نَصْرُ الأَولِياءِ |
|
وكم جَلَّيْتَ من خطْبٍ جليلٍ | |
|
| وكم دَاوَيْتَ من داءٍ عَياءِ |
|
ولا كَبَني سبيلٍ شَرَّدَتْهُمْ | |
|
| عن الأَوْطانِ قاضِيَةُ القضاءِ |
|
عواصِف فِتْنَةٍ غَمَّتْ بِغَيْمٍ | |
|
| بوارِقُهُ سُيُوفُ الإِعْتِداءِ |
|
فأَصْعَقَهُمْ براعِدَةِ المنايا | |
|
| وأَمْطَرَهُمْ شآبِيبَ الفَناءِ |
|
وطافَ عَلَيْهِمُ طُوفانُ رَوْعٍ | |
|
| أَفاضَ بِهِمْ إِلَى القفْرِ الفضاءِ |
|
سهامُ نَوىً إِلَى بَرٍّ وبَحْرٍ | |
|
| وأَغراضٌ لِنُشَّابِ البلاءِ |
|
سَرَوْا فَشَرَوْا بأَفياءٍ صَوافٍ | |
|
| فيافِيَ لا يَقِينَ من الضَّحاءِ |
|
وحُمْرَ الموتِ من خُضْرِ المَغَانِي | |
|
| وسُودَ البيدِ من بِيضِ المُلاءِ |
|
ومن كِلَلِ السُّتورِ كلالِ خُوصٍ | |
|
| وَعَدْتَهُمُ النجاةَ عَلَى النِّجاءِ |
|
وَقَدْ جَدَعَتْ أُنوفَ العِزِّ منهُمْ | |
|
| خطوبٌ سُمْتَهُمْ أَنفَ الإِباءِ |
|
وأَلْبَسَهُمْ ثِيابَ الذُّلِّ خطبٌ | |
|
| يَلِيهِمْ فِي ثِيابِ الكِبْرِياءِ |
|
وَأَلْحَقَهُمْ بِلُجِّ البَحْرِ سَيْلٌ | |
|
| يَمُدُّ مُدَودَهُ فَيْضُ الدِّماءِ |
|
فَوَشْكاً مَا هَوى بِهِمُ هواءٌ | |
|
| تأَلَّفَهُمْ بأَفئِدَةٍ هَوَاءِ |
|
وحالَ الموجُ دونَ بَني سَبيلٍ | |
|
| يَطيرُ بهمْ إِلَى الغَوْلِ ابْنُ ماءِ |
|
أَغَرُّ لَهُ جَناحٌ من صباحٍ | |
|
| يُرَفْرِفُ فَوْقَ جُنْحٍ من مساءِ |
|
يُذَكِّرُهُمْ زَفِيفُ الرِّيحِ فِيهِ | |
|
| تناوُحَها بِرَبْعِهِمُ الخَلاءِ |
|
ومَحْوُ الماءِ مَا يَخْتَطُّ فِيهِ | |
|
| دياراً خلَّفوها لِلْعَفاءِ |
|
وصَكُّ الموجِ فِيهَا كُلَّ وَجْهٍ | |
|
| وُجُوهاً ساوَرَتْهُمْ بالجَفاءِ |
|
وعُدْمُهُمُ صفاءَ الماءِ مِنْهُ | |
|
| بِعُدْمِهِمُ لإِخوانِ الصَّفاءِ |
|
بِحيثُ تَبَدَّلُوا باللَّهْوِ هَوْلاً | |
|
| ورَحْبَ الماءِ من رَحْبِ الفِنَاءِ |
|
ومن قَصْفٍ وراحٍ قَصْفَ رِيحٍ | |
|
| ومن لَعِبِ الهَوى لَعِبَ الهواءِ |
|
كَأَنَّ البَرَّ والبحرَ اسْتَطَارَا | |
|
| تِجاراً هَمُّهُمْ بُعْدُ الثِّناءِ |
|
يبيعونَ الرَّغائِبَ بَيْعَ بَخْسٍ | |
|
| ويَشْرُونَ المصائِبَ بالغَلاءِ |
|
ولكنَّ البضائِعَ من هُمُومٍ | |
|
| عَلَتْ بالرِّبحِ فيهمْ والنَّماءِ |
|
فكَمْ طَلَبُوا الأَمَانِي بالأَمانِي | |
|
| وكم باعُوا السَّعادَةَ بِالشَّقَاءِ |
|
وكم فاضَتْ مدامِعُهُمْ فَمَدَّتْ | |
|
| عُبابَ البَحْرِ بالماءِ الرُّواءِ |
|
وَقَدْ وَفَدَتْ جوانِحُهُمْ بِشَجْوٍ | |
|
| ينادي الشَّمْسَ حيَّ عَلَى الصَّلاءِ |
|
وكم خاضُوا كَهِمَّتِهِمُ بُحوراً | |
|
| وكم عَدِمُوا الثَّرى عَدَمَ الثَّرَاءِ |
|
وجاءَ الموتُ مُقْتَضِياً نفوساً | |
|
| لَوَتْ بِقَضائِهِنَّ يَدُ القضاءِ |
|
وما رَدَّ الرَّدى عنها حَنَاناَ | |
|
| ولكِنْ مَطْلَ داءٍ بالدَّواءِ |
|
فَلأْياً مَا أَهَلَّ بِهِم بشِيرٌ | |
|
| إِلَى أَرضٍ تَخَيَّلُ فِي سَماءِ |
|
ولأْياً مَا تجافى اليَمُّ عَنْهُمْ | |
|
| تجافِيَهُ عنِ الزَّبَدِ الجُفَاءِ |
|
ويا عَجَبَ الليالي أَيُّ بَحْرٍ | |
|
| تَغَلْغَلَ بَيْنَ أَثناءِ الغُثَاءِ |
|
ومن يَسْمعْ بأَنَّ نُجومَ لَيْلٍ | |
|
| هَوَتْ مَعْ بَدْرِها فَهُمُ أُولاءِ |
|
وأَخْطَأَ سَيْرُهُمْ أُفْقَ ابْنِ يَحْيى | |
|
| لِيُخْطِئَ عِلْمُهُمْ بِالكِيمياءِ |
|
وكم سَرَتِ الرِّفاقُ بِلا دَليلٍ | |
|
| إِلَيْهِ والمطيُّ بلا حُدَاءِ |
|
وكم وُقِيَتْ رِكابٌ يَمَّمَتْهُ | |
|
| سِهامَ النائِباتِ بلا وِقاءِ |
|
فما شَرِبُوا مياهَ الأَرْضِ حَتَّى | |
|
| تَرَكْنَ وجوهَهُمْ من غَيْرِ ماءِ |
|
ولا نَشَقُوا حياةَ العَيْشِ إِلّا | |
|
| وَقَدْ خَلَعُوا جَلابِيبَ الحَياءِ |
|
ولا جابُوا إِلَيْهِ القَفْرَ حَتَّى | |
|
| تَجَاوَبَتِ الحمائِمُ بالبُكاءِ |
|
ولا دَلَّ الزَّمانُ عَلَيْهِ حَتَّى | |
|
| حَسِبْتُ عِدَايَ قَدْ مَاتُوا بِدائِي |
|
وَلا أَلْقَوا عَصا التَّسيارِ حَتَّى | |
|
| عَفَتْ حَلَقُ البِطانِ من اللِّقاءِ |
|
ولا بَلَغُوا مُنَاخَ العِيسِ إِلّا | |
|
| وَفِي الحُلْقُومِ بالِغَةُ الذِّماءِ |
|
وَفِي رَبِّ العبادِ عَزَاءُ عِزٍّ | |
|
| لِذُلٍّ غالَهُ عِزُّ العَزَاءِ |
|
وَفِي المَنْصُورِ مأْوىً وانتِصارٌ | |
|
| لِمَنْبُوذِ الوسائِلِ بالعَرَاءِ |
|
وَفِي قاضِي القُضاةِ قَضَاءُ حَقٍّ | |
|
| لِمَنْ يرعاهُمُ راعِي الرِّعاءِ |
|
أَبُو الحَكَمِ الَّذِي أَلقَتْ يداهُ | |
|
| إِلَيْكَ الحُكْمَ فِي دانٍ ونَاءِ |
|
وإِنَّكَ منه فِي عدلٍ وفضلٍ | |
|
| عَلَى أَمَدِ البِعادِ أَوِ الثَّواءِ |
|
مكانَ الفَجْرِ أَشرقَ من ذُكاءٍ | |
|
| تأَلُّقُهُ وأَعْرَبَ عن ذكاءِ |
|
وإِن يَكُ قُدْوَةَ الكُرمَاءِ جُوداً | |
|
| فإِنَّكَ بالمكارِمِ ذُو اقْتِداءِ |
|
وإِنَّ أَحَبَّ مَا تَقْضِي إِلَيْهِ | |
|
| لِمَنْ آواهُمُ حُكْمُ الحِباءِ |
|
وأَنْتَ بسَمْعِ رَأْفَتِهِ سَمِيعٌ | |
|
| لَهُمْ وبِعَيْنِهِ فِي العَطْفِ راءِ |
|
فإن لَحَظُوكَ من طَرْفٍ خَفِيٍّ | |
|
| فقد نادَوْكَ من بَرْحِ الخَفاءِ |
|
لِدَيْنٍ لا يَدِينُ بِهِ لِنَبْعٍ | |
|
| وأَغصانٍ مُشَذَّبَةِ اللِّحاءِ |
|
ودَيْنُهُمُ عَلَى الإِسلامِ أَوْلى | |
|
| ومالُ اللهِ أَوْسَعُ لِلأَداءِ |
|
هُوَ الحَقُّ الَّذِي جاءَتْكَ فِيهِ | |
|
| شُهودُ العَدْلِ من رَبِّ السَّماءِ |
|
وَمَا فِي لَحْظِ طَرْفِكَ من نُبُوٍّ | |
|
| ولا فِي نُورِ رَأْيِكَ من هَباءِ |
|
فهل ببراءةٍ والحَشْرِ رَيْبٌ | |
|
| يُبَيَّنُ بالنِّفارِ أَوِ الجَلاءِ |
|
وإِنْ تَزْدَدْ فَثانِيَةُ المثانِي | |
|
| وإِنْ تَزْدَدْ فرابِعَةُ النِّساءِ |
|
وهلْ بَعْدَ الأُسارى والسَّبايا | |
|
| مكانٌ للفكاكِ أَوِ الْفِدَاءِ |
|
وَقَدْ قالُوا افْتِقارٌ أَوْ إِسَارٌ | |
|
| كما قالُوا الجلاءُ مِنَ السِّباءِ |
|
وهَلْ بالبَحْرِ من ظَمَأٍ فَيَرْوى | |
|
| صَدَاهُ بِغَيْرِ أَكْبادٍ ظِماءِ |
|
وَمَا فِي وَعْدِ رَبِّ العَرْشِ خُلْفٌ | |
|
| بِما لِلْمُحْسِنِينَ مِنَ الجَزَاءِ |
|
ومَنْ يَرْغَبْ بقاءَ العدل يَسأَلْ | |
|
| لَكَ الرحمنَ طولاً فِي البَقاءِ |
|
وأَيَّةُ حُرَّةٍ من حُرِّ نَظْمِي | |
|
| تَجَلَّتْ للخلائِقِ فِي جِلاءِ |
|
هَدِيَّةَ واصِلٍ وهَدِيَّ كُفْءٍ | |
|
| إِلَى كُفْءِ الهَدَايا والهِدَاءِ |
|
مُتَوَّجَةً بتاجٍ من وِدادِي | |
|
| مُقَلَّدَةً بِدُرٍّ من ثَنائِي |
|