الرِفقُ يَبلُغُ ما لا يَبلُغُ الخَرَقُ |
وَقَلَّ في الناسِ مَن يَصفو لَهُ خُلُقُ |
لَم يَقلَقِ المَرءُ عَن رُشدٍ فَيَترُكُهُ |
إِلّا دَعاهُ إِلى ما يَكرَهُ القَلَقُ |
الباطِلُ الدَهرَ يُلفى لا ضِياءَ لَهُ |
وَالحَقُّ أَبلَجُ فيهِ النورُ يَأتَلِقُ |
مَتى يَفيقُ حَريصٌ دائِبٌ أَبَداً |
وَالحِرصُ داءٌ لَهُ تَحتَ الحَشا قَلَقُ |
يَستَغنِمُ الناسُ مِن قَومٍ فَوائِدَهُم |
وَإِنَّما هِيَ في أَعناقِهِم رَبَقُ |
وَيَجهَدُ الناسُ في الدُنيا مُنافَسَةً |
وَلَيسَ لِلناسِ شَيءٌ غَيرَ ما رُزِقوا |
يا مَن بَنى القَصرَ في الدُنيا وَشَيَّدَهُ |
أَسَّستَ قَصرَكَ حَيثُ السَيلُ وَالغَرَقُ |
لا تَغفُلَنَّ فَإِنَّ الدارَ فانِيَةٌ |
وَشُربُها غُصَصٌ وَصَفوُها رَنَقُ |
وَالمَوتُ حَوضٌ كَريهٌ أَنتَ وارِدُهُ |
فَاِنظُر لِنَفسِكَ قَبلَ المَوتِ يا مَئِقُ |
اِسمُ العَزيزِ ذَليلٌ عِندَ ميتَتِهِ |
وَاِسمُ الجَديدِ بُعَيدَ الجِدَّةِ الخَلَقُ |
يَبلى الشَبابُ وَيُفني الشَيبُ نَضرَتَهُ |
كَما تَساقَطُ عَن عيدانِها الوَرَقُ |
ما لي أَراكَ وَما تَنفَكُّ مِن طَمَعٍ |
يَمتَدُّ مِنكَ إِلَيهِ الطَرفُ وَالعُنُقُ |
تَذُمُّ دُنياكَ ذَمّا ما تَبوحُ بِهِ |
إِلّا وَأَنتَ لَها في ذاكَ مُعتَنِقُ |
فَلَو عَقَلتُ لَأَعدَدتُ الجِهازَ لِما |
بَعدَ الرَحيلِ بِها ما دامَ بي رَمَقُ |
إِذا نَظَرتَ مِنَ الدُنيا إِلى صُوَرٍ |
تَخَيَّلَت لَكَ مِنها فَوقَها الخِرَقُ |
فَاِذكُر ثَموداً وَعاداً أَينَ أَينَ هُمُ |
لَو أَنَّ قَوماً بَقوا مِن قَبلِهِم لَبَقوا |
ما نَحنُ إِلّا كَرَكبٍ ضَمَّهُ سَفَرٌ |
يَوماً إِلى ظِلِّ فَيءٍ ثُمَّتَ اِفتَرَقوا |
وَلا يُقيمُ عَلى الأَسلافِ غابِرُهُم |
كَأَنَّهُم بِهِمُ مَن بَعدَهُم لَحِقوا |
ما هَبَّ أَو دَبَّ يَفنى لا بَقاءَ لَهُ |
وَالبَرُّ وَالبَحرُ وَالأَقطارُ وَالأُفُقُ |
نَستَوطِنُ الأَرضَ داراً لِلغُرورِ بِها |
وَكُلُّنا راحِلٌ عَنها فَمُنطَلِقُ |
لَقَد رَأَيتُ وَما عَيني بِراقِدَةٍ |
نَبلَ الحَوادِثِ بَينَ الخَلقِ تَختَرِقُ |
كَم مِن عَزيزٍ أَذَلَّ المَوتُ مَصرَعَهُ |
كانَت عَلى رَأسِهِ الراياتُ تَختَفِقُ |
كُلُّ اِمرِئٍ فَلَهُ رِزقٌ سَيَبلُغُهُ |
وَاللَهُ يَرزُقُ لا كَيسٌ وَلا حُمُقُ |
إِذا نَظَرتَ إِلى دُنياكَ مُقبِلَةً |
فَلا يَغُرُّكَ تَعظيمٌ وَلا مَلَقُ |
أُخَيَّ إِنّا لَنَحنُ الفائِزونَ غَداً |
إِن سَلَّمَ اللَهُ مِن دارٍ لَها عَلَقُ |
فَالحَمدُ لِلَّهِ حَمداً لا اِنقِطاعَ لَهُ |
ما إِن يُعَظَّمُ إِلّا مَن لَهُ وَرِقُ |
وَالحَمدُ لِلَّهِ حَمداً دائِماً أَبَداً |
فازَ الَّذينَ إِلى ما عِندَهُ سَبَقوا |
وَالحَمدُ لِلَّهِ شُكراً لا نَفادَ لَهُ |
الناسُ في غَفلَةٍ عَمّا لَهُ خُلِقوا |
ما أَغفَلَ الناسَ عَن يَومِ اِبتِغائِهِمُ |
وَيَومِ يُلجِمُهُم في المَوقِفِ العَرَقُ |