عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء العصر العباسي > غير مصنف > المنتجب العاني > بي يمنةً إن كنتَ بي حفيّاً

غير مصنف

مشاهدة
18410

إعجاب
37

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

بي يمنةً إن كنتَ بي حفيّاً

بي يمنةً إن كنتَ بي حفيّاً
على اللوى واستوقف المطيّا
ولا تلمْ على البكا الشجيّا
وخلّني والمنزل الخليّا
لأسقهِ من الدّموع ريّا
وجدي قديمٌ وغرامي أوّلُ
بهِ وحفظي للعهودِ أجملُ
يا نصرُ الداءُ الدفين أقتلُ
فخلِّ أجفانك فيه تهملُ
إن كنتَ في عهدكَ لي وفياً
فما أنا أوّلُ منْ شجاهُ
ربعٌ ولا أوّلُ من ناجاهُ
فلا تلُمْ من شفّهُ جواهُ
وقرّحت من البُكا عيناهُ
وبات بعد قربه قصيّا
منازلْ من الدُّمى قفار
دوارسٌ ليس بها ديَّارُ
للوحشِ في أرجائها آثارُ
خَلَتْ فلا ليلى ولا نوارُ
فيها ولم تلقَ بها إنسيا
طَمسٌ فلن أعرفها بالحسِّ
إلاَّ ببعضِ الوَهمِ أو بالحَدْسِ
مهما نسيتُُ والخطوب تُنسي
فلستُ أنسى لذَتي وأنسي
في جوّها وعيشها الرّخيّا
إذْ روضُها كأنَّه جنانُ
ترتعُ فيه الحورُ والولدانُ
من كلّ أحوى طرفهُ فتّانُ
صاحٍ ومن خمر الصّبا نشوانُ
رنا طلاً واهتزّ سمهريّا
عذب اللمى مهفهفٌ رشيقُ
معتدلٌ منظَرُهُ أنيقُ
للحُسنِ في جمالِهِ تدقيقُ
بريقةٍ كأنّها الرَّحيقُ
وسحرُ لحظٍ راحَ بابليّا
ويكتم بعضٌ حُبّهُ عن بعضِ
خوفاً عليهِ من وشاة الأرض
ولذّ لي فيه انتهاك العرضِ
وها هواهُ سنَّتي وفرضي
وكان حتماً حبّه مقتضيّا
وليلةٍ من اللَّيالي الزُّهرِ
قابلتُ فيها بَدرها ببدري
ولونُ داجيها بلونِ الشّعرِ
منهُ ولونُ فجرها بالثَغرِ
فاتْضحَ الغيهبُ لي جليّاً
بتُّ أرى ليلي بها صباحاً
وثغرُهُ أبدا لي الأقاحا
فأنبتت وجنتُهُ تفّاحا
فحين رمتُ قطفه مزاحا
سلَّ عليَّ اللَّحظَ مشرفيّا
يَسعى بصهباءٍ كلون الورسِ
أنحل في رقتها من أمسِ
تلطّفت عن ملمسِ وحسّ
حتى بدتْ مثل شعاعِ الشمسِ
يجلو سناها الغسقُ الدجيّا
بهيّةٍ مسكيّة الأنفاسِ
معروفةٍ بالقسِّ والشمّاسِ
تغنيك في لألائها بالكاسِ
عن نورِ مشكاةٍ وعن نبراسِ
يعرفها من كان عيسوياً
لم أدرِ إذْ جاءتْ على يديه
فزادها سُكراً بمقلتيه
ألوانها من صبغِ وجنتيهِ؟
أم الشّعاعُ مشرِقٌ عليه
منها فراخَ ثوبُهُ ورديّاً
كأنّما جلبابها بلّورُ
أو عسجدٌ أو لؤلؤٌ منثورُ
قديمةٌ كانت ولا ديجورُ
في أوّلِ الأمرِ بدت والنّورُ
ولم تصاحب بشراً سويّاً
فالكون جسمٌ وهي فيه روحُ
نصَّ عليها آدمٌ ونوحُ
وجدّد العهدَ بها المسيحُ
وراحَ يقفو إثرَهُ السَليحُ
فاستنّها من عَرِفَ الوصيّا
وهي التي تحريمها تحليلُ
جاءتْ بها التوراةَ والإنجيلُ
والمؤمنُ الحرُّ بها كفيلُ
إذا مضى جيلٌ تلاهُ جيلُ
حتى تلاقى القائم المهديّا
فاتبع هُداك يا خليلي واعلم
إنَّ متى خالفتَ قَوْلي تَنْدَم
ومن يَفُزْ مِنها بقدرِ الدِّرهمِ
مع فتية بيض الوجوهِ يَغْنَم
فاختر لصافيها أخاً صفيّاً
مهذَّباً في علمِهِ والدّينِ
يفرّق بين الشكّ واليقين
ينقلُ عن إمامِهِ المبينِ
حقائق البيانِ والتبيّن
ويعرفُ السرَّ المُحمّديّا
ويعلمُ الناسخُ والمنسوخا
ومن غدا عن طبعه مفسوخا
والهيكل القويمُ والممسوخا
بما استحقَّ الكَبَّ والرّسوخا
يا ويلهُ ولمْ غدا سفليّا
ويفهمُ الأشباحَ والأرواحا
والنّور إذ كان لها لمّاحا
ويفقه المشكاة والمصباحا
إذ راح في زجاجة وضّاحا
بدا فلاحَ كوكباً دريّا
ويعلمُ الخفيّة الجليّةْ
الجذوةَ المشرِقَةَ المُضيئة
زيتونة وسطى فلا شرقيّة
في ظاهر الأمرِ ولا غربيّه
يلوحُ نورُ زيتها مضيّا
والكهفُ والفتيةُ والرّقيما
وكلبهم والسائل المحروما
ويعرف الكوثر والتسنيما
ويخبرُ الضريعَ والزّقوما
والمُهل والجان الجهنّميّا
هذا وينبيك عن الأخبارِ
وعن خفايا باطنِ الأسرارِ
وعن جنانِ الخُلدِ والأنهارِ
والطبقات في قرار النار
ورمزها وينشرُ المطويّا
ونفخة الصّورِ وما معناها
وناقلةُ الله وما سقياها
ونملةٌ قالتْ لمن وعاها
من آمنتْ لتدخُلَنْ سُكناها
وتتقّ الجُندَ السليمانيّا
ما الجند ما الحطمُ وكيفَ المأمَنُ
ما النَّملُ ما الدخولُ ما المساكنُ
وما العفاريتُ وما الفراعنْ
وما الطواغيتُ لها بواطنْ
تُزري على من كان ظاهريّا
وما سجودٌ عنه إبليس أبى
ما عرش بلقيس وما أرض سبأ
ما هدهدٌ جاء يقيناً بنبا
ما حَجَرٌ موسى لهُ قدْ ضَرَبا
فانفجر الماء كنهوريّا
ما الماء ما الهواء ما السماء
ما الأرض ما آدم ما الأسماءُ
ما جنّةُ المأوى وما حوّاءُ
ما نخلةٌ ما مريمُ العذراءُ
هزّت فألقت رطباً جنياً
ما العرشُ ما الكرسيُّ ما جبريلُ
ما الصَّور في المعنى وإسرافيلُ
ما مالك النارِ وعزرائيلُ
ما طير أبابيل وما سجيّلُ
والفيلُ إذْ أضحى بها مرميّا
وما الذي قَرَّبهُ هابيلُ
ولم غدا ضدّاً لهُ قابيلُ
وما الغرابان لهم تأويلُ
من منهما القاتلُ والمتقولُ
ومَنْ غدا تحت الثرى ثوِيّا
ما كوكبٌ رآه إبراهيمُ
فقال هذا ربّي الكريمُ
ما الطَّور ناجى فوقه الكليمُ
وكيف كان ذلك التكليمُ
لما دَنا مقرّبا نجيّا
ما يوسفٌ ما جبّهُ ما الذيبُ
وما القميصُ والدمُ المكذوبُ
وما صواع الملك المطلوبُ
ما فتيا السجن وما المصلوبُ
إذ جاء شيئاً ويحه فريّا
ما نسوةً في يوسفٌ عواذلُ
ما البقرات السّبع ما السنابلُ
وما العجاف للسّمانِ تأكلُ
إذ قصّهن الملكُ الحَلاحِلُ
وقال يا قومي اسألوا العبريّا
ما نعلُ موسى خُلعتْ بالوادي
ما إرمٌ توصف بالعمادِ
ما مثلها يُخلقُ في البلادِ
ما الرّيحُ عاثت في بلادِ عادِ
فأصبحت أقوامها جثياً
ما الحوتُ عند صخرةٍ نسيها
من كان مع موسى فتىً نبيهاً
ما الظلما حين نادى فيها
ذو النونِ، ما النون التي يرويها
من كان معنى علمِهِ فقهيّاً
ما البابُ ما حطّةُ ما الدّخولُ
ما سبعُ نيران لها تفضيلُ
أربعةٌ منها لها تفضيلُ
وسبعة أخرى أتى التنزيلُ
بها فجانبْ بحرها اللَّجيّا
ما كهيعص تجملُ
وما الحواميمُ لها تفضُّلُ
وما الطواسين لها تفضّل
ولا أقولُ أنها تنفصلُ
يعرفها من كان لوذعيّا
ما ص ما ق ونون والقلمْ
ما اللّوحُ أجرى فيه ما كانَ حَكَمْ
ما النّار إذ آنس موسى ذو الكرَمْ
وما العصا هشَّ بها على الغَنَمْ
تجسُّداً طوراً وروحانيّاً
ما قسمٌ بالعادياتِ ضبحاً
محققٌ فالموريات قدحاً
بيانه فالمغيرات صُبحاً
وقوله إنّا فتحنا لك فَتْحاً
لمن عنى إن كنت معنوِيَّا
ما الطورُ ما يس ما الدّخان
ما الفُلْكُ المشحون ما الطُوفانُ
من كان فرعونُ ومن هامانُ
لم حَمَلَ الأمانة الإنسانُ
لمّا تشكّى الكونُ منها العيّا
من ذلكَ الإنسانُ ما الأمانَهْ
من كان قابيلٌ أخو الخيانَهْ
من عاقر الناقة ذو المهانهْ
ما صرح فرعون وما الإبانهْ
عنه وعجلٌ كان سامرياً
ما الثورُ فوقَ صَخْرة ما الحوتُ
ما تحتها ما الفوق ما بهموتُ
لأيّ شيءٍ فُضّل الياقوتُ
ونوعهُ حجارةً صموتُ
لهُ خبيٍّ فاخرج الخبيّا
ما المرءُ في النبت وما الحلاوهْ
ما سببُ المكروه والطَّلاوهْ
وما هو اللّيث أخو الضراوهْ
يخشاهُ ذو لينٍ وذو قساوهْ
يقتنص الإنسي والوحشيّا
كلّ الوحوشِ خالفاتُ بأسهِ
وهو المليكُ فهيم برأسهِ
ومثله العُقاب في أجناسهِ
كذا مليكُ الناسِ بين ناسه
يدْلَلُ البريّ والبحريّا
لذاك شأن وجوابٌ حاضرُ
يعرفُ معناه اللبيبُ المَاهرُ
وسرُّهُ تخزنه السرائرُ
ليس كعلم ضمّت الدفاترُ
تعدّه كغيره سوقيّا
ما المحدثُ الأوّلُ ما القديمُ
ما الجنُّ ما شيطانها الرّجيمُ
ما حزنُ يعقوب وما الكظيمُ
ما باطنُ الجمار ما الحطيمُ
إذ كان قدسياً غدا مكياً
ما الفرقُ بين الأزلي والأبدي
وبين معنى واحدٍ وأحَدِ
ما محدّثٌ وهو قديمٌ سرمدي
ما النتاهي شأنه من آمد
تعدُّه إذْ ذاك أوّليّا
ما الرّعدُ ما البرقُ وما السحائبُ
ما الفلكُ الدائرُ ما الكواكبُ
ما النجمُ من دون النجوم ثاقبُ
هذا وما الأنوار والغياهبُ
ما القوسُ تبدو في السّما كريّا
وما أخو عينين وهو أعورٌ
وميّتٌ حيّ وأعمى مُبصِرُ
وناطقٍ ذو خرسٍ مقصِّرُ
وذو قوامٍ كالقضيب يخطُرُ
أصبحَ من شقوتهِ محنيّا
ما صائمٌ يفطرُ بالنهارِ
وما عليه فيه من أوزارِ
وجاحد يعلنُ بالإقرار
وكافرٌ وهو من الأبرارِ
وصامتٌ بالحقِّ منطقيّا
وإن سألتَ ما الصَّفا وزمزمُ
أيضاً وما حيف منى والحرمُ
والبيت والعروة والملتَزَمُ
والحجرُ الأسود إذ يُلتثمُ
وما أتى في شأنهِ مرويّا
ويفقهُ الأبوابَ والأيتاما
والرّتب العلويّة الكراما
والحجُّ والصلاة والصياما
ولن ينال أجرهُ تماما
من لم يكُن في دينهِ تقيّا
وباطنُ الدين هو التحقيقُ
وظاهرُ الأمر لنا تزويقُ
وكلُّ من قارنهُ التّوفيقُ
بان له في قصْدهِ الطَّريقُ
وحقّقَ الأمام والنبيَّا
والله قد نزّه أهلَ الباطنِ
عن نسخِهمْ والرِّسخِ في المعادنِ
وخصَّهمُ بأفضل المساكنِ
فأصبحوا من العنا في مأمن
وجانبوا المضلّل الغويّا
والصلواتُ الخمسُ في البيانِ
أضْحتْ قواليبَ على معانِ
وبالمعاني تُدرَكُ الأماني
إذ سرُّها حقيقة البرهانِ
فَخُذْ هَنيئاً ما صفا مريّا
والشكُرْ لمنْ خصَّكَ بالأنعامِ
وزادَ بالتشريفِ والإكرامِ
فرحتَ في الدين وفي الأحكامِ
تُفرّقُ بين الحلِّ والحرام
وتعرفُ السفليَّ والعُلويّا
واعملْ بما ترضي به الرَّحمانا
واحفظ حدود الله والإيمانا
ودارِ منْ خاشنَ أو من لانا
وجانبَ الفُجورَ والعُدوانا
واعمل بما تضحي به مجزيّا
واصبر على أخلاقِ من تعاشرُ
فلن ينالَ المجدَ إلاّ الصّابرُ
وكلّ من أرضاكَ منهُ الظَاهرُ
وراحَ في الباطنِ وهو غادرُ
فكن بعيداً منهُ أجنبيّا
ولِنْ لمنْ لانَ منَ الإخوانِ
وزده من برّك والإحسانِ
وإن نأى فكن له مداني
وصلّ ولو أطنب في الهجران
ولا تكُنْ في هجرِهِ سخيّا
واصلح بمعروفك بين النّاسِ
وللضعيف منهمُ فَواسِ
ولا تكن فظاً غليظاً قاسي
فالكبرُ والتيهُ من الوسواسِ
فارفضهُما واهجرهما مليّاً
واصمتْ وخَفْ من عثرة اللسانِ
فالصَّمتُ فيه راحة الإنسانِ
فكم أسيرِ للَسانِ عاني
أصبح في ذلِّ وفي هوانِ
لما غدا في قوله جريّا
ولا تكن ممّن تعدَّى وحَسَدْ
وارتكبَ البغيَ وللشرِّ قَصَدْ
واعتمد الخيرَ ففي الخير رَشدْ
والشرّ من يفعلهُ يلق النَّكدْ
والبَغيُ داءٌ لم يَزَلْ دَويّا
وراقب الجارَ وذُبَّ عنهُ
واحفظ العَهْدَ ولا تَخُنْهُ
وإن يَسلْكَ عونَهُ أعِنْهُ
وإن رأيت ما يسوءُ منْهُ
أحسن ودعْهُ أبداً مسيّا
وإن هَفا الخِلُّ فَكُنْ صَفُوحاً
وغُضَّ عنهُ واستر القبيحا
واذكر لهُ من فِعِلهِ المليحا
حتى يروحَ عِرضه صحيحا
من دنسٍ وشينةٍ بريّا
من ذا الذي نجا من العيوب
حتى غدا في غايةِ التهذيبِ
والدّهرُ في النس أخو تقليبِ
من عاتبٍ فيهِ ومنْ معتوبِ
ورُبَّ متَّهم غدا بريّا
وَلِنْ إلى الخِلّ إذا الخلُّ قَسَا
وواصلِ الحُسنى بحسنى إن أسا
وارتجِ الوَصْلَ بعلَّ وعسى
واذكُرهُ في كلِّ صباحِ ومسا
دوماً ولا تكن أخاً نسيّاً
والناسُ كالنبتِ فمنهُ حنظَلُ
أدناهُ مرّ والكثير يقْتلُ
ومنه كافورٌ ومنهُ مندلُ
ومنه ما أصبح عذباً يُؤكَلُ
ومنهُ ما تشرَبهُ هَنيّاً
لا تجعل الناسَ سواءً تشقى
وفتّش العالم عِرْقاً عِرْقاً
فمنْ وجدتَ صالحاً محقاً
صلهُ ولو هجرتَ فيه الخلْقا
ولا تكُنْ في هجرِه بديّا
كم من أخٍ كنتُ به مرتاحا
يزيدني قُربي به ارتياحا
مازجْتُه مزاجَ راحٍ راحا
فانقلب الدَّهرُ به فراحا
مثَقّفاً لمقتلي خطيّا
وزادَ في هجري وطول بُعدي
ولجَّ في الظلَّم وفي التعدّي
غدراً وخانَ موثّقي وعَهْدي
ولك أكُن بدأتهُ بالصَّدّ
يوماً ولا كنتُ له عَصيّا
فالدَّهرُ في الناس له تَقَلُّبُ
يَغُمُّ أحياناً وحيناً يُطربُ
وتارةً يُعلي وطوراً يُرْسبُ
كم من فصيحٍ راح فيه يُعرِبُ
صيَّرهُ الزَّمانُ أعجميّاً
ما يرفعِ اللّبُّ بلا جدُّ ولا
يحطُّكَ الجهلُ إذا الجدُّ علا
ولا تكن مِمّن من المجدِ خَلا
وكُنْ فتى أصبح ما بين الملا
جنابهُ مِنَ الخنا محميَّا
من قرن الأطماع باليأسِ غَنِمٌ
من لزمَ الصمتَ مع الناسِ سَلِمْ
من رامَ رزقاً من سوى اللهِ حُرِمْ
ومن أضاعَ الحزمَ في الدَّهرِ نَدِمْ
ندامةً أضحى بها الكسعيّا
لا تسأل الوفاءَ منْ مَلولِ
لا تطلبِ العزّ من الذَليلِ
لا ترجو نيل الجُود من بخيلِ
واقنع من البُلْعة بالقليل
واصحَبْ إذا صاحبتَ ألمعيّا
لا تجزعنْ إنْ ضاق يوماً أمرُ
لعلّ يأتي بعد عُسرٍ يسرُ
فكَمْ ظلامٍ منْ وراهُ فَجْرُ
وقد يُشابُ بالخسوفِ البدرُ
ثمَّ يعودُ مشرقاً مُضيّاً
لا تصحبنّ الدّهرَ إلاّ حُرَّاً
مهذباً منَ الخنى مُبرّاً
ولا تخف ولو لقيت ضرّاً
فالتبرُ يصلى لهباً وجَمْرا
وينثني بعد اللّظى سنياً
وإن كرهْت منزلاً فالنّقْلهْ
وإنْ نباكَ بَلدٌ فالرّحْلهْ
واصبرْ ولو ضامَكَ وقعُ القِلّهْ
فالصبرُ عزٌّ والخضوعُ ذلَّهْ
ومنْ علا لا يرتضي الدّنيا
تبّاً لمَنْ ظاهِرُهُ حُلوُ الجنى
ومطْعَمُ الحنظل فيهِ باطِنا
ومنْ إذا أُودعَ سرَّاً أعلنا
وإن بنى يهدمُ ما كان بنى
يخفيك زيّاً ويريك زيّا
يا أيّها الإخوانُ إنّي ناصحُ
والنُّصحُ للحرّ اللبيب صالحُ
فمن له ميزان عقلٍ راجحُ
يعي فإني للحديثِ شارحُ
فاستمعوهُ بيّناً جليّاً
دنياكُمُ بأهْلِها غَدَّارهْ
لأنَّها خدَّاعةٌ مكَّارَهْ
الربحُ فيها أبداً خَسارَهْ
وحلوها يعقبُهُ مرارهْ
فانبذوها أبداً ظَهريّا
ليسَ لها خِلٌّ ولا حبيب ُ
زوالُها مَوْعدُهُ قريبُ
لا ناهبٌ منها ولا مَنْهوبُ
فيها ولا العاقلُ واللبيبُ
ولا تحامى الفطنِ الذّكيّا
مَلومَةٌ ما بَرَحتْ خوَّانَهْ
ليسَ لها عهدٌ ولا أمانهْ
إن أقبلتْ فإنّها فتَّانَهْ
أو أدْبرَت مُعرِضةً غَصْبانهْ
مُمحِلةً توهي الفَتَى القَويّا
بطبعها تسترجعُ المواهبا
وصفوها يُكدِّرُ المشاربا
وتفجَعُ الأحبابَ والحبائبا
كمْ آمل أصحبَ مِنْها خائبا
وفاتَهُ ما كانَ مُرتجيّا
سرابُها محقّقا سرابُ
نعيمُها يمزجهُ عَذابُ
عمرانُها من بعدِهِ خرابُ
وليثُها على الورى وثَّابُ
يفترسُ الأشمطَ والصبيّا
ألا لبيبْ يعقلُ الأُمورا
ألا جهولٌ يسألُ الخَبير
ألم تروا الموت لكمُ نذيرا
لا يتَّقي الجليلَ والحقيرا
ولا يخافُ البَطَلَ الكميّا
تزوّدوا لرحلةِ الأسْفارِ
وشمّروا لفرقةِ الديّار
وخفّفوا من ثقلِ الأوزارِ
فليسَ يُدرى حادث الأقدارِ
أبكرةً يهجُمُ أمْ عشيّا
يا جاهلاً يسبَحُ في بحر العَطَبْ
خَفْ لجّةَ اليَمّ وسوء المُنقَلَبْ
وادعُ العليّ الشأن فرَّاج الكربْ
فهو الذي يُنجيكَ من ذات اللَّهبْ
إذا غدا الضدّ بها صليّا
مولى علا عن رتبةِ الوصوفِ
وجلَّ عن حدِّ وعنْ تكييف
منَّ علينا منهُ بالتَّشريفِ
برحمةٍ تُنجي من التخويفِ
وكان حُسنَ وغدِهِ مأتياً
متى ابتغيت أن تكون عارفاً
فكن على باب اليقين واقفا
ودُمْ على حسن الوفاء عاكفاً
وجانب المعانِدَ المخالفا
وكنْ بنورِ الحقّ مستضيَّا
واطلبْ هداكَ اللهُ أهلَ الخيرِ
معادنَ الجود بني نُميرِ
ولا تقيسنَّهُمْ بالغيرِ
وأسرع إليهم كخفوق الطّيرِ
تهوي إلى أوكارها هويّا
همُ الشناخيبُ المنيفات الذُّرى
همُ النجومُ الزاهرات في الورى
همُ البحارُ في المدائن والقُرى
وهُم غداة الرَّوعِ آساد الشّرى
إذا الجبانُ فرَّ قهقريّا
همُ الذين آمنوا وصدّقوا
هُمُ الذين أيقنوا وحقّقوا
همُ الذين أمعنوا ودقَّقوا
وهُمْ إلى طرقِ المعالي سبقوا
إذ جعلوا أشواقهم مطيّا
همُ الغيوثُ والليوثُ في الأجَمْ
هُمُ الجبالُ في الحُلومِ والكَرَمْ
همُ الكنوزُ في المعاني والحِكَمْ
هُمُ الوجودُ المحضُ والغَير عَدَمْ
هم بيّنوا المتسور والمخفيّا
أصفيتهم منّي الودادْ مُخلصا
طوعاً لهم لمّا عصاهم من عصى
ولم أكن في الدين يوماً مُرخصا
ولا اصطفيت أعسراً وأبرصا
ولم أكُنْ ممّن أتى فريّا
هذي عروسٌ حُرَّةٌ عذراءُ
تخجل منها الكاعَبُ الحسناءُ
تبقى وتفنى قبلها الأشياءُ
يتيمة مولدها الزوراءُ
أنكحها المظفَّر الصفيّا
خلاصةُ الوقتِ أبا منصورٍ
العالم الموفَّق المبرورِ
خُصَّ بسعيٍ في العُلى شكورِ
حتى علا في الأوجِ عن نظيرِ
والجزءُ لن يساوي الكليّا
بحرُ النَّدى طودُ العُلى المظفَّر
ليثَ التحامي والسّحابِ المُمطِرُ
ذو مكرماتٍ كالنّجومِ تَزهُرُ
إن جاء يبغي من نداهُ معسرُ
يَلقَ نوالاً منه حاتمياً
الماجدُ الموفَّقُ اللَّبيبُ
العالِمُ المحققُ الأريبُ
العارضُ المنبجسُ السَّكوبُ
ومن إذا نادى به المكروبْ
نادى فتىً بالجودِ أريحيّا
من أمَّه أمَّ الورى جميعاً
واستحقر السَّحابَ والرَّبيعا
وشاهدَ الكلّ به مجموعا
وراحَ كلّ ما غدا مسموعا
مظفّراً إذ حقَّقَ المرويّا
كفّاهُ معروفانِ بالنوالِ
تغار يمناهُ من الشمالِ
كلتاهما بَحرانِ بالأفضالِ
يجود قبل مبتدا السؤالِ
فينثني قطرُ السِّما حييَّا
لولاهُ ماتَتْ سنةُ الأجوادِ
لولاهُ عمَّ المحلُ في البلادِ
كم من يدٍ لهُ وكَمْ أيادي
سائرةٍ في سائر العبادِ
تعمُّ شرقيَّا ومغربيّا
الصادقُ الناطقُ بالصَّوابِ
المنعمُ المفعم بالخطابِ
الشافي الكافي في الجواب
المفضلُ المخجلُ للسّحاب
إذ كان طبعاً جودُهُ أتيّا
القائلُ الفاعلُ ما يقولُ
الصارمُ المهنّدُ الصقيلُ
زكتْ به الفروع والأصولُ
فما له في شرفٍ عديلُ
إذ راحَ في رتبته عُلويّا
وعى عن العليّ ما وعاهُ
يوم النِدا في الذّرِ إذ ناجاهُ
واختصَّه إذ ذاك واجتباهُ
إذ قال لا إله إلاّ الله
بيانه مسبّحاً لفظياً
وطبّقَ الأرضَ بعلمٍ وعَمَلْ
ومكرماتٍ نَسَخَتْ ذكر الأُوَلْ
وسدَّ من بين الأخلاَّء الخَلَلْ
حتّى إذا ما شملهُم بهِ اتصَلْ
أضحى بحمل ثقلهم مليّاً
فأقبلَ الحقُّ وولّى الباطلُ
واعترفتْ بدكرهِ الأوائل
فحين قامت عندنا الدّلائلُ
نادَى مُنادينا وقال القائلُ
اليومَ أضحى الدّين يعسوبيّا
وأشرقَت بنورهِ الحدباءُ
وعُطّرتْ بذكرِهِ الأرجاءُ
واتسعَ السرورَ والهناءُ
حتّى إذا ما تمّت النّعماءُ
هنّا العراقيُّ بها الشاميّا
حتى إذا ما أكملَ الخصالا
وتمَّمَ اللهُ لهُ الجلالا
وعمَّ إخوانَ الصَّفا أفضالاً
ونالَ منْ كسب العُلى ما نالا
راحَ يؤمُّ العالمَ القدسيّا
بهِ غدا وجهُ الزَّمانِ أبلجا
ومنصبُ المجدِ بهِ متوّجا
وهو لمن يرجو النَّجا نِعمَ الرّجا
ومن حذا كحذوِهِ فقد نجا
وكانَ عند ربّهِ مرضيّا
المنتجب العاني
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الخميس 2010/02/11 11:31:24 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com