يا شعر، يا وجدان، يا أوزانَ فنّي، يا أُفُقْ
|
ما النفع من خواطري أرسلها مع النجوم تنطلق
|
ما النفع من جواهري، أنثرها، كواكباً على الشفق
|
وها أنا تحيط بي سحابة أكاد من دجاها أختنق
|
كأنها موكلة بي بابُها مثلُ السجون منغلق
|
ما النفع يا شعريَ من ذي قلم يعيش في نفق
|
أهمُّ باللفظ أصوغه معانياً رغم الظلام تأتلق
|
ما النفع يا وجدان مني وأنا بين القيود أنزلق
|
أرتقب الوِجدانَ من غيري أطقته أم لم تطِق
|
وغير وجداني يراعي غيره فهو يخاف المنزَلق
|
ما النفع يا أوزان فنّي وأنا مقيَّد لا أنطلقْ
|
أهمّ باللفظ أصوغه حقيقة مع الحياة تتفق
|
فأرعوي بصرخة ملء ضلوعي تصطفق
|
يا عاشق الأشعار هل نسيت ما عُمق النفق
|
حاصرك الواقع فلتفهمْ مرامنا كفهمِ عاقل لبق
|
في نفقٍ أنت وخيرٌ لك أن تعيش في نفق
|
فودَّع الشعر ففوق السقف بالشعر كثير قد نُطق
|
|
أجلْ صمتُّ ليس لي إلا السكوت والحَذَرْ
|
أقبع في زاوية من نفقي مراقِباً كلّ البشر
|
وأقرأ الأخبار ملء الصحْف حتىِ حرت في فهم الخبر
|
أهذه حقيقة في طيِّها ألف وطر
|
وهذه سيّارة غالية يركبها عالي القدر
|
وكان أمس سائقاً لمثلها فما ارعوى وما ازدجر
|
أسمع عنه صولةً وأمسِ كم بصحبه غدر
|
وهذه الفيلاّ جِنان من ظلال وشَجَرْ
|
يسكنها مرتزق حتى ببيته فجَر
|
دنا له الخيرُ وما شهم بفعله شَعَر
|
وجاءت الرسْل وفي متاعها دلائل عما غدر
|
فكانت الآذان صمّاء لأن حظه ازدهر
|
حتى الحبيب خانني فأظهر الصدود والبطر
|
في نفقي أنا شهدت للشرِّ زُمر
|
في نفقي أنا فهمت ما قد فأتني طول العمُر
|
قد كنت قبلَهم أصولُ وأجولُ في الخطر
|
لكمَ خُدعت بصديق لم يعد لودّه اثر
|
لكمُ خدعت بكبير صار عندي اليوم من إحدى الكِبر
|
لكم خدعت بكفاءات سمعت عنها كل شر
|
يا ويلتاه نفقي خيَّب ظنّي في البشر
|
ما كنت أرضى عزلةً تكشف أصحابي بضُرْ
|
لقد حملت ثِقلَها رغم الظلام والكدر
|
رغم العقوق والنفور والعقاب والفُجُرْ
|
مجديةً كانت برغم الضيق رغم العيش في قعر الحفر
|
|
يا نفقي أريتني من واقع الأمر عجب
|
لم يكشفنْهُ ليَ علم ولم تُجْدِ قراءات الكتب
|