تغيّرتِ الأوقاتُ وانقبضَ الدَّهْرُ | |
|
| وقد مَرِضَتْ بالأفْق أنجمُهُ الزُهْرُ |
|
فاخسف وجهُ البدرِ والشمسِ أكسفت | |
|
| فلا شمسَ في أفق تَنُورُ ولا بَدْرُ |
|
ولا بقيتْ من أدمعِ الخَلْقِ قطرةٌ | |
|
| ولا لاح من أفواهِهم باسماً ثَغْرُ |
|
وذلك من ثِقْل الرزايا وعُظْمِها | |
|
| بفقدانِ شخصٍ بعدَهُ رَحَلَ الصَّبرُ |
|
لقد حملوا بحرَ العلومِ إلى الثرى | |
|
| ومن عَجَبٍ بحرٌ تَضَمَّنَهُ قَبْرُ |
|
سعيدُ بن ثاني قد بكا بعد موتِه | |
|
| على فقدهِ مَنْ قَلْبُهُ جَلْدٌ صَخْرُ |
|
سقى اللهُ قَبْراً دُسَّ فيه عظامُه | |
|
| بأدمعِ رَجَّاسٍ له دِيَمٌ غزر |
|
مَِحَلُّك ألبابُ الورى لو تَشَحَّطَتْ | |
|
| لتخفيكَ عن أبصارهم هَوْجَلُ قَفْرُ |
|
وما زلت من دهري أحاذر جَذْعه | |
|
| إلى أن سقاني السُّمَ منه فلا عُذْرُ |
|
فقدناكَ والأيامُ سودٌ عوابسٌ | |
|
| وكنت بليلاتٍ يُضِئُ لها سِفْرُ |
|
ومن لائمي إنْ ذبتُ حُزناً وقد جَرَتْ | |
|
| ينابيعُ من عيني يماثلُها التِبْرُ |
|
تَحَنْظَلَ عيشي بعدَهُ وتأجّجتْ | |
|
| مناهلُ وردي وهي صافيةٌ خُضْرُ |
|
وقد ضمَّ لي الدهرُ الخؤونُ دسيسةً | |
|
| تُحَطِّم أعضائي وَيَنْفلِقُ الصَّدْرُ |
|
|
| تُمَاثِلُ فعلاً ما تَضَمَّنَهُ الحَشْرُ |
|
ولي والدٌ فرقاه نارٌ بأكبدي | |
|
| ولكنَّ عبدَ اللهِ ليس له أمرُ |
|
يعلمني علمَ الفصاحة قَصْدُهُ | |
|
| يقومُ له حَظّ وينمو له وَفْرُ |
|
وادعو له بالخيرِ عند قراءتي | |
|
| ويعلو له قدرٌ ويسمو له فَخْرُ |
|
ويبلغ من علمي عُلاً وغزازةً | |
|
| ولكنها الدنياءُ شيمتُها الغَدْرُ |
|
فحالت صروفٌ بيننا ومصائبٌ | |
|
| وتَعْجَزُ عن أفعالها البيضُ والسُّمر |
|
ولكنَّ صبراً فالقضاءُ مَقَدَّرٌ | |
|
| وأن الليالي شأنُها الخَدْعُ والمَكْر |
|
ولا غروَ أن الموتَ حَقّ ولازمٌ | |
|
| على كلِّ ذي روحٍ إذا أكمَلَ العُمرُ |
|