مَهْمَا تَعَالَتْ سَطْوَةُ العُدْوانِ | |
|
| إِنَّا هُنَا بَاقُونَ بالإيمانِ |
|
نَتَلَمَّسُ النُّوْرَ المُشِعَّ بِصَدْرِنَا | |
|
| وَقَدِ ادْلَهَمَّ الحَالُ بِالطُّغْيَانِ |
|
مِنْ قَلْبِ مِشْكَاةٍ يُفَجِّرُ ظُلْمَةً | |
|
| أَوْ نَجْمِ صُبْحٍ مُقْبِلِ اللَّمَعَانِ |
|
وَبِكُلِّ قُطْرٍ نَبْعُ حَقٍّ دَافِقٍ | |
|
| يَهَبُ الحَيَاةَ لِغُصْنِنَا الرَّيَّانِ |
|
فَبَدَتْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرائِعِ نَضْرَةٌ | |
|
| وَزُهُوْرُ تَبْرِيْكٍ مِنَ الأدْيَانِ |
|
فَتَجَمَّعَتْ أُمَمُ البَسِيْطَةِ خَلْفَنَا | |
|
| أُمَمٌ مِنَ الأنْصَارِ والإخْوَانِ |
|
حَتَّى وإِنْ جَمَعَ الخُصُوْمُ بِإِفْكِهِم | |
|
| زُمَراً مِنَ الشُّرَكَاءِ وَالأَعْوانِ |
|
بِأَكُفِّهِمْ يَتَضَرَّعُوْنَ كَعَقْرَبٍ | |
|
| يَنْسَلُّ نَحْوَ فَرَاشَةِ الوُجْدانِ |
|
يَتَوَسَّلُوْنَ وَيَنْظِمُوْنَ بَلاغَةً | |
|
| شِعْرِيَّةَ الإِيْحَاءِ وَالتِّبْيَانِ |
|
فَإِذا سَمِعْتَ، سمعْتَ جَرْسَ قَصِيْدَةٍ | |
|
| لَكِنَّهَا رُوِيَتْ عَنِ الشَّيْطَانِ! |
|
شَتَّانَ بَيْنَ القَوْلِ في تَجْرِيْدِهِ | |
|
| وَالوَاقِعِ المَلْمُوسِ في المَيْدانِ |
|
فَانْظُرْ سِهَامَ البَطْشِ في أَقْوَاسِهِم | |
|
| وَانْظُرْ لِما فَعَلَتْ مِنَ الإِثْخَانِ |
|
كَمْ نَجْمَةٍ فُقِئَتْ بِنَبْوَتِهَا وَكَم | |
|
| بِسَدادِهَا انْفَجَرَتْ مِنَ الأَحْزانِ |
|
وَمِنَ الثَّواكِلِ كَمْ أَصَابَتْ مُهْجَةً | |
|
| وَمِنَ الأَرَامِلِ بَرَّحَتْ بِجَنَانِ؟ |
|
وَلَرُبَّ طِفْلٍ قَدْ تَبَسَّمَ لاهِياً | |
|
| فَأَتَتْهُ بِالأَرْزاءِ وَالأَشْجَانِ |
|
حَرَمَتْهُ مِنْ عَطْفِ الأُبُوَّةِ فَجْأَةً | |
|
| مَا عَادَ مَنْ يَلْقَاهُ بِالأَحْضَانِ |
|
قَدْ حِيْلَ بَيْنَهُما بِوَمْضِ رَصَاصَةٍ | |
|
| أَوْ حَاجِزِ الحِيْطَانِ وَالقُضْبَانِ |
|
تِلْكَ المآسِي كُلَّ يَوْمٍ جُسِّدَتْ | |
|
| مَا بَيْنَ مَرْأَى العَيْنِ والأَذْهَانِ |
|
وَلَعَلَّ أَعْجَبَهَا وأبْعَدَها مَدىً | |
|
| هِيَ بِدْعَةُ التَّهْوِيْدِ بِالجُدْرانِ |
|
حِيْنَ اسْتَبَاحُوا كُلَّ أطْرافِ القُرَى | |
|
| وَأتَوْا عَلَى الأكَمَاتِ بِالعُدْوانِ |
|
قَدِمُوا بِآلاتِ الخَرابِ وَأقْدَمُوا | |
|
| وَسَطَوْا عَلَى الزَّيْتُوْنِ وَالرُّمَّانِ |
|
نَزَعُوا الجُذُوْرَ بِقَسْوَةٍ مِنْ تُرْبِهَا | |
|
| وَالبَعْضُ مِنْها فَازَ بِالعِصْيانِ |
|
فَبَدَتْ بجُرْحِ الأرْضِ حِيْنَ تَقَطَّعَتْ | |
|
| وَكَأنَّهَا قِطَعٌ مِنَ الشِّرْيانِ |
|
وَبِعُمْقِ هَذا الجُرْحِ رَشُّوا مِلْحَهُمْ | |
|
| بِبِنَاءِ سَدٍّ شَامِخِ البُنْيانِ |
|
مَا كَانَ ذُو القَرْنَيْنِ بَانِيَ مِثْلِهِ | |
|
| في سَالِفِ الأيَّامِ وَالأزْمَانِ |
|
يَمْتدُّ طَوْراً ثُمَّ يُثْنى تَارَةً | |
|
| مُتَعَرِّجاً كَتَعَرُّجِ الثُّعْبَانِ |
|
يَمْشِي بِقَلْبِ الحَيِّ مِشْيَةَ تَائِهٍ | |
|
| وَيَسِيْرُ في الأنْحَاءِ كَالحَيْرانِ |
|
وَغُرَابُ بَيْنٍ رَفَّ فَوْقَ مَسَارِهِ | |
|
| وَهُمَا بِخَطِّ الفَصْلِ يَصْطَحِبَانِ |
|
كَمْ قَرْيَةٍ عَنْ جَانِبَيْهِ تَقَسَّمَتْ | |
|
| لِيَحُوْلَ بَيْنَ الأهْلِ والخِلاَّنِ |
|
مَا ذَنْبُ فَلاَّحٍ تَقَطَّعَ دَرْبُهُ | |
|
| أوْ نَبْتَةٍ لَمْ تُرْوَ في البُستَانِ |
|
أوْ عَامِلٍ سُدَّتْ مَسَالِكُ رِزْقِهِ | |
|
| وَبُلُوْغُهُ مَا عَادَ بِالإمْكَانِ؟! |
|
أيُّ القُضَاةِ يُجِيْزُ حُكْماً غَاشِماً | |
|
| حُكْماً عَلَى الأفْوَاهِ بِالحِرْمَانِ؟! |
|
بَلْ أيُّهُم يَقْضِي بِمَوْتِ مَرِيْضَةٍ | |
|
| تَقْضِي عَلَىالمَحْسُوْمِوَهْيَ تُعَانِي؟! |
|
هَذِي هِيَ القُدْسُ الشَّرِيْفُ أمَامَنا | |
|
| مِنَّا كَغَايَةِ عَدْوَةِ الغِزْلانِ |
|
مَنْ يَسْتَطِيْعُ بُلُوغَهَا وَدُخُوْلَها | |
|
| حَتّى يُصَلِّيَ رَكْعَةً بِأمَانِ؟ |
|
لا يَهبُطُ الحَسُّوْنُ دَاخِلَ عُشِّهِ | |
|
| إنْ كَانَ تَحْتَ مَخَالِبِ العِقْبَانِ |
|
يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أزُوْرُكِ مَرَّةً | |
|
| يَا صَخْرَةَ المِعْراجِ بِضْعَ ثَوَاني |
|
وَأُعِيدُ في الأقْصَى قِراءَةَ سُوْرَةٍ | |
|
| وَمِنَ الخُشُوْعِ تَبَلَّلَتْ أجْفَاني |
|
وَيَقُوْمُ في ظِلِّ القِيَامَةِ سَاعَةً | |
|
| جَمْعٌ إِلَيْهَا اشْتَاقَ مِنْ جِيْراني؟! |
|
هِيَ ذِي حِكَايَتُنَا الَّتي لا تَنْتَهِي | |
|
| مَا دَامَ يَجْرِي وَحْشُ الاسْتِيْطَانِ |
|
وَحْشٌ تَقَمَّصَهُ دُعَاةُ تَعَصُّبٍ | |
|
| لِشَرِيْعَةِ التَّزْوِيْرِ وَالبُهْتَانِ |
|
جَعَلُوا مِنَ التَّمْيِيْزِ عِصْمَةَ أمْرِهِم | |
|
| فَاسْتَنْفَرُوا أُسْداً مِنَ الأضْغَانِ |
|
وَاسْتحدَثوا نظرِيَّةً إيحاؤها | |
|
| يَسْتَعْبِدُ الإنْسانَ للإنسانِ |
|
وَعَدَوا عَلَى طُهْرِ التُّرابِ بِرِجْسِهِم | |
|
| وَاسْتَوطنوهُ بِقُوَّةِ النّيْرانِ |
|
لِيُشَرِّدُوا شَعْباً عَرِيْقاً آمِناً | |
|
| وَيُشَتِّتُوْ هُ بِأًبْعَدِ الأوْطانِ |
|
وَقَدِ اسْتَحَلُّوا هَدْمَ بَلْ مَسْحَ القُرَى | |
|
| وَاسْتَبْدَلُوا العُمْرانَ بِالعُمْرانِ |
|
لِيُزَوِّرُوا الوَجْهَ الأَصِيْلَ تَعَسُّفاً | |
|
| بِتَغَيُّرِ السُّكَّانِ وَالعُنْوَانِ |
|
إنْ كَانَتِ الغَايَاتُ مَوْضِعَ سُبَّةٍ | |
|
| كَانَتْ مَداخِلُهَا مِنَ النُّقْصَانِ |
|
لَكِنَّهُمْ خَابُوا وَخُيِّبَ فَأْلُهُمْ | |
|
| وَظُنُونُهُمْ أَفْضَتْ إِلَى الخِذْلانِ |
|
فَبِأَرْضِ كُلِّ شُجَيْرَةٍ قَدْ حُطِّمَتْ | |
|
| سَنُعِيْدُ غَرْسَ نَضَارَةٍ وَجِنَانِ |
|
وَالشَّوْكُ حتّى الشَّوْكُ سَوْفَ نُعِيْدُهُ | |
|
| في أرْضِهِ حَقْلاً مِنَ الرَّيْحَانِ |
|
وَنَصُوْنُ لِلْوَطَنِ المُقَدَّسِ وَجْهَهُ | |
|
| بِعُرُوْبَةٍ رَسَخَتْ وَنُطْقِ لِسَانِ |
|
بِحَضَارَةٍ سَلَفَتْ، بِعُمْقِ تُرَاثِنَا، | |
|
| وَبِفِكْرَةِ الإنْجِيْلِ، بِالقُرآنِ |
|
بِالشِّعْرِ، بِالأَمْجَادِ في تَارِيْخِنَا، | |
|
| بالنُّورِ، بالنِّيْرانِ، بِالبُرْكَانِ |
|
بِتَشَبُّثِ الشَّعْبِ الأَصِيْلِ بِأَرْضِهِ | |
|
| كَتَشَبُّثِ الأَوْراقِ بِالأَغْصَانِ |
|
إِنْ خَانَتِ الأَوْراقُ يَوْماً غُصنَها | |
|
| وَتَساقَطَتْ جَفَّتْ بِغَيْرِ أَوَانِ |
|
فَالسَّيْلُ يَدْفَعُهَا بِكُلِّ تَعَسُّفٍ | |
|
| وَالرِّيْحُ تَحْمِلُهَا لِكُلِّ مَكَانِ! |
|