سَقى الغَيثُ أَطلالَ الأَحِبَّةِ بِالحِمى
|
وَحاكَ عَلَيها ثَوبَ وَشيٍ مُنَمنَما
|
وَأَطلَعَ فيها لِلأَزاهيرِ أَنجُما
|
فَكَم رَفَلَت فيها الخَرائِدُ كَالدُمى
|
إِذِ العَيشُ غَضٌّ وَالزَمانُ غُلامُ
|
أَهيمُ بِجَبّارٍ يَعِزُّ وَأَخضَعُ
|
شَذا المِسكِ مِن أَردانِهِ يَتَضَوَّعُ
|
إِذا جِئتُ أَشكوهُ الجَوى لَيسَ يَسمَعُ
|
فَما أَنا في شَيءٍ مِنَ الوَصلِ أَطمَعُ
|
وَلا أَن يَزورَ المُقلَتَينِ مَنامُ
|
قَضَيبٌ مِنَ الرَيحانِ أَثمَرَ بِالبَدرِ
|
لَواحِظُ عَينَيهِ مُلِئنَ مِنَ السِحرِ
|
وَديباجُ خَدَّيهِ حَكى رَونَقَ الخَمرِ
|
وَأَلفاظُهُ في النُطقِ كَاللُؤلُؤِ النَثرِ
|
وَريقَتُهُ في الإِرتِشافِ مُدامُ
|
سَقى جَنَباتِ القَصرِ صَوبُ الغَمائِمِ
|
وَغَنّى عَلى الأَغصانِ وُرقُ الحَمائِمِ
|
بِقُرطُبَةَ الغَرّاءَ دارِ الأَكارِمِ
|
بِلادٌ بِها شَقَّ الشَبابُ تَمائِمي
|
وَأَنجَبَني قَومٌ هُناكَ كِرامُ
|
فَكَم لِيَ فيها مِن مَساءٍ وَإِصباحِ
|
بِكُلِّ غَزالٍ مُشرِقِ الوَجهِ وَضّاحِ
|
يُقَدِّمُ أَفواهَ الكُؤوسِ بِتُفّاحِ
|
إِذا طَلَعَت في راحِهِ أَنجُمُ الراحِ
|
فَإِنّا لَإِعظامِ المُدامِ قِيامُ
|
وَيَومٍ لَدى النَبتِيِّ في شاطِئِ النَهرِ
|
تُدارُ عَلَينا الراحُ في فِتيَةٍ زُهرِ
|
وَليسَ لَنا فَرشٌ سِوى يانِعِ الزَهرِ
|
يَدورُ بِها عَذبُ اللَمى أَهيَفُ الخَصرِ
|
بِفيهِ مِنَ الثَغرِ الشَنيبِ نِظامُ
|
وَيَومٍ بِجَوفِيِّ الرَصافَةِ مُبهِجِ
|
مَرَرنا بِرَوضِ الأُقحُوانِ المُدَبَّجِ
|
وَقابَلَنا فيهِ نَسيمُ البَنَفسَجِ
|
وَلاحَ لَنا وَردٌ كَخَدٍّ مُضَرَّجِ
|
نَراهُ أَمامَ النورِ وَهوَ إِمامُ
|
وَأَكرِم بِأَيّامِ العُقابِ السَوالِفِ
|
وَلَهوٍ أَثَرناهُ بِتِلكَ المَعاطِفِ
|
بِسودِ أَثيثِ الشَعرِ بيضِ السَوالِفِ
|
إِذا رَفَدوا في وَشيِ تِلكَ المَطارِفِ
|
فَلَيسَ عَلى خَلعِ العِذارِ مُلامُ
|
وَكَم مَشهَدٍ عِندَ العَقيقِ وَجِسرِهِ
|
قَعَدنا عَلى حُمرِ النَباتِ وَصُفرِهِ
|
وَظَبيٍ يُسَقّينا سُلافَةَ خَمرِهِ
|
حَكى جَسَدي في السُقمِ رِقَّةَ خَصرِهِ
|
لَواحِظُهُ عِندَ الرُنُوِّ سِهامُ
|
فَقُل لِزَمانٍ قَد تَوَلّى نَعيمُهُ
|
وَرَثَّت عَلى مَرِّ اللَيالي رُسومُهُ
|
وَكَم رَقَّ فيهِ بِالعَشِيِّ نَسيمُهُ
|
وَلاحَت لِساري اللَيلِ فيهِ نُجومُهُ
|
عَلَيكَ مِنَ الصَبِّ المَشوقِ سَلامُ
|