لَئِنْ صَبَرَ الحَجّاجُ ما مِنْ مُصِيبَةٍ | |
|
| تَكُونُ لِمَرْزُوءٍ أجَلَّ وَأوْجَعا |
|
مِنَ المُصْطَفى وَالمُصْطفى من ثِقاتِه | |
|
| خَليلَيْهِ إذ بَانَا جَميعاً فَوَدَّعا |
|
وَلَوْ رُزِئَتْ مِثْلَيْهِما هَضْبَةُ الحمى | |
|
| لأصْبحَ ما دارَتْ من الأرْضِ بلْقَعا |
|
جَناحَا عَتِيقٍ فَارَقَاهُ كِلاهُما | |
|
| وَلَوْ كُسِرَا مِنْ غَيْرِهِ لتَضَعْضَعا |
|
وَكَانَا وَكانَ المَوْتُ للنّاسِ نُهَيةً | |
|
| سِناناً وَسَيْفاً يَقْطُرُ السّمَّ مُنْقَعَا |
|
فَلا يَوْمَ إلاّ يَوْمُ مَوْتِ خَلِيفَةٍ | |
|
| عَلى النّاسِ من يَوْمَيْهِما كان أفجعَا |
|
وَفَضْلاهُما مِمّا يُعَدّ كِلاهُما | |
|
| على الناسِ مِنْ يَوْمَيهِما كان أوْسَعا |
|
فَلا صَبْرَ إلاّ دُونَ صَبْرٍ على الذي | |
|
| رُزِئْتَ عَلى يَوْم من البأسِ أشْنَعا |
|
على ابنِكَ وَابنِ الأمّ، إذْ أدرَكَتهما | |
|
| المَنايا، وَقَدْ أفْنَينَ عَاداً وَتُبّعا |
|
ولَوْ أنّ يَوْمَي جُمْعَتَيْهِ تَتَابَعَا | |
|
| عَلى جَبَلٍ أمْسَى حُطاماً مُصَرَّعا |
|
وَلَمْ يكُنِ الحَجّاجُ إلاّ عَلى الّذِي | |
|
| هُوَ الدّينُ أوْ فَقْدِ الإمامِ ليَجْزَعا |
|
وَمَا رَاعَ مَنْعِيّاً لَهُ من أخٍ لَهُ | |
|
| ولا ابنٍ مِنَ الأقوَامِ مِثلاهُما مَعا |
|
فَإنْ يَكُ أمْسَى فارَقَتْهُ نَوَاهُما | |
|
| فكلُّ امرِىءٍ من غُصّةٍ قَدْ تَجَرّعا |
|
فَلَيْتَ البَرِيدَينِ اللَّذَينِ تَتَابَعَا | |
|
| بِما أخْبَرَا ذاقَا الذُّعافَ المُسَلَّعا |
|
ألا سَلَتَ الله ابنَ سَلْتى كَمَا نَعَى | |
|
| رَبِيعاً تَجَلّى غَيْمُهُ، حِينَ أقلَعا |
|
فلا رُزْءَ إلاّ الدّينَ أعْظَمُ مِنهُما | |
|
| غَداةَ دَعَا ناعِيِهما، ثمّ أسْمَعا |
|
عَلانِيَةً أنّ السِّماكَينِ فَارَقَا | |
|
| مَكانَيْهِما وَالصُّمَّ أصْبَحْنَ خُشّعا |
|
عَلى خَيْرِ مَنْعِيّينِ، إلاّ خَلِيفَةً | |
|
| وَأولاهُ بالمَجدِ الّذي كانَ أرْفَعا |
|
سَمِيَّيْ رَسُولِ الله سَمّاهُما بِهِ | |
|
| أبٌ لمْ يكُنْ عندَ المُصِيباتِ أخْضَعا |
|
أبٌ كان للحَجّاجِ لمْ يُرَ مِثْلُهُ | |
|
| أباً، كان أبْنَى للمَعالي وَأنْفَعا |
|
وَقائِلَةٍ لَيْتَ القِيامَةَ أُرْسِلَتْ | |
|
| عَلَينا ولمْ يُجرُوا البَرِيدَ المُقَزَّعا |
|
ألَيْنَا بِمَخْتُومٍ عَلَيْها مُؤجَّلاً | |
|
| ليُبْلِغَناها، عاشَ في الناسِ أجدَعا |
|
نَعَى فَتَيَيْنَا للطِّعانِ وَللقِرَى | |
|
| وَعَدْلَينِ كانَا للحُكومَة مَقْنعَا |
|
خِيارَينِ كَانَا يَمْنَعانِ ذِمَارَنَا | |
|
| وَمَعقِلَ من يَبكي إذا الرَّوْعُ أفْزَعا |
|
فَعَيْنَيّ ما المَوْتَى سَوَاءً بُكَاهُمُ | |
|
| فَالبدّمِ، إنْ أنْزَفْتُما المَاء، فادْمَعا |
|
وَما لَكُما لا تَبْكِيانِ، وقَدْ بكَى | |
|
| مِنَ الحَزَنِ الهَضْبُ الذي قد تَقَلّعا |
|
مَآتِمُ لابْنيْ يُوسُفٍ تَلْتَقي لهَا | |
|
| نَوَائِحُ تَنْعَى وَارِيَ الزَّنْدِ أرْوَعا |
|
نَعَتْ خَيرَ شُبّانِ الرّجالِ وَخَيرَهمْ | |
|
| بهِ الشَّيبُ مِنْ أكْنَافِهِ قَدْ تَلَفّعا |
|
أخاً كانَ أجْزَى أيْسَرَ الأرْضِ كلِّها | |
|
| وَأجْزَى ابْنُهُ أمْرَ العِرَاقَينِ أجمَعا |
|
وَقَدْ رَاعَ للحجّاجِ ناعِيهِما معاً | |
|
| صَبُوراً عَلى المَيْتِ الكَرِيمِ مُفَجَّعا |
|
وَيَوْمٍ تُرَى جَوْزَاؤهُ مِنْ ظَلامِهِ | |
|
| ترَى طَيْرَهُ قَبْلَ الوَقِيعَةِ وَقَّعا |
|
ليَنْظُرْنَ ما تَقضِي الأسِنّةُ بَيْنَهمْ | |
|
| وَكُلُّ حُسامٍ غِمدُهُ قَد تَسَعْسَعا |
|
جَعَلْتَ لعافِيها بِكُلّ كَرِيهَةٍ | |
|
| جُمُوعاً إلى القَتْلى مَعافاً وَمَشْبَعا |
|
وَحَائِمَةٍ فَوْقَ الرّماحِ نُسُورُها | |
|
| صَرَعْتَ لعافِيها الكَمِيّ المُقَنَّعا |
|
بهِنْدِيّةٍ بِيضٍ، إذا مَا تَناوَلَتْ | |
|
| مكانَ الصّدى من رَأس عاصٍ تجَعجعا |
|
وَقد كنتَ ضَرّاباً بها يا ابنَ يوسُفٍ | |
|
| جَماجِمَ مَنْ عادَى الإمامَ وَشَيّعا |
|
جَماجِمَ قَوْمٍ ناكِثِينَ جَرَى بِهمْ | |
|
| إلى الغَيّ إبْلِيسُ النِّفاقِ وَأوْضَعا |
|