عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
الشعراء الأعضاء .. فصيح > العراق > نوري سراج الوائلي > صراخ الحنين

العراق

مشاهدة
439

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
1

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

صراخ الحنين

يا من عليهم شغافُ القلبِ يلتئمُ
يا من إليهم جراحُ الروحِ تبتسمُ
يا صرخة العشقِ قد هزّت حناجرُها
عمقَ الزمانِ حنيناً ملؤه الألمُ
أشجو عليهم بكاءً زادني ولعاً
بالذكرياتِ وهم في لحنها الكلمُ
ما طابَ عُمري ولا طابت مباهجهُ
كأنّ منّي صُروف الدهرِ تنتقمُ
قد جفّف الصبرُ عيني من قساوته
رغماً، ودمعي على الأجفانِ مُزدحمُ
ما طاوعَ الموتُ قلبي في استجارتِه
كانّه وسقام الروحِ مُختصمُ
قد فارقوني وهمْ للروحِ مؤنسها
وهم حُشاشةُ قلبي والدماءُ همُ
كيفَ التصبّرُ لا ينهارُ إذ رحلوا
وكيفَ لا بدني من هجرهم يكمُ
بالغمّ عينايَ بحرٌ والفؤاد دمٌ
والدهرُ ليلٌ طواني بالأسى برمُ
الحزنُ يضغطُ كالأفعى ويبلعني
والسّمُ يزعفُ والأحشاءُ تخترمُ
في ليلةِ الضّر ذكراهمْ تُسامرني
ومن شذاهم قروحُ النفسِ تلتئمُ
تهفو العيونُ لهم حتّى بغفوتها
وفِي لِقاهمْ همومُ الدهر تنصرمُ
القلب يشدو قريضاً كلما ذكروا
والنبضُ يعزف ألحاناً وينسجمُ
هم عزوةُ النفسِ، هم معيار صبْغتها
همْ فرحةُ العمر فيها السعدُ يُختتمُ
هم بلسمُ الروح مُذ كانوا بطينتها
فما علاها بهم رغم النوى السقمُ
الخيرُ طاف علينا عند مولدهم
في النفس تغبُطه من وسعه النّعمُ
عند الولادةِ نفسي كان مولدها
حتّى كأنّ حياتي قبلهم عدمُ
لهم ذراعايَ عند النومِ أجنحةٌ
مثل الطيور على أفراخهِا حومُ
كالطفلِ أغفو إذا ناموا على بدني
وأنشق الليلَ من أنفاسهم نسمُ
فوق البساطِ بقايا من ملابسهم
وفِي القُمامةِ من أوراقهم حُزمُ
تقاسم الزادُ والحاسوبُ مكتبهم
وفوقه الحبرُ والقرطاسُ والقلمُ
أشياؤهم عبثاً في لهوهم نُشرت
هي البراءةُ في الأطفال ترتسمُ
كم من ثمارٍ بدون الأذنِ قد قضموا
وكم حلاءٍ بجهلِ الأمِ قد لهموا
كم كسّروا من زُجاجاتٍ ومن لُعبٍ
ومن سطوحٍ من الحيطانِ قد خرموا
تشاكسوا في مزاجاتٍ بلا سببٍ
ولا لقصدٍ تناءوا حينما قطموا
بكلّ بابٍ خدوشٌ من أناملهمْ
وعند كل أثاثٍ منهمُ ثُلمُ
عاشوا الطفولةَ أحلاماً تساورهم
وكلُّ حلمٍ على الجدرانِ مُرتَسمُ
شوقاً ينادون إن ناموا وإن نهضوا
بابا ؛ وجوعاً إذا ما الأكلُ يُقتسمُ
طالوا الحلاوةَ والعينان تتبعهم
مخافة الّلومِ هم داع ومُتّهمُ
عاشوا وداداً وعاشوا مرّةً زعلاً
في الليل ناموا وما في السرّ مُهْتضمُ
نادوا أباهم إذا للودّ قد جُمعوا
نادوا أباهم إذا في الملعبِ اخْتصمُوا
كُنتُ الرحيمَ إذا جاءوا لمشكلةٍ
كنتُ الشديدَ إذا ما بعضهم ظلموا
حولي الضجيجُ كأنّ الدارَ منحلةٌ
أغفو وأصحو وما ينتابني سأمُ
مثل الدُمى تحت سيل الماءِ أحملهم
وفِي البلوغِ تناءوا حينما احتلموا
بابا تدوّي فلم أطرب لنغمتها
فالشغلُ عنهم طواني والنوى حممُ
للواجباتِ فطولِ الليلِ قد شُغلوا
حولي تنادوا إذا للحلِّ ما فهموا
حولي أراهم إذا من بعضهم هربوا
وحين للعطف قد راموا كمن حُرموا
هبّوا إذا ما أتيت الدارَ من عملي
هذا يقبّلُ ذَا بالحُضن يلتحمُ
لهوٌ ولعبٌ وتلفازٌ ومدرسةٌ
هي الطفولة لا همٌ ولا وجمُ
مرّت ليالٍ عجاف حين أذكرها
ما كان في الدار لا خبزٌ ولا دسمُ
من ثغري الزاد منزوعٌ لثغرهمُ
للآن حتّى وهم فوق العُلا قممُ
كم أوجع القلبَ مرّاتٍ أنينهُمُ
وكم كواني الأسى إن صابهم ألمُ
بين الأطباءِ أسعى حينما زُكموا
وأطلبُ الحرزَ من شيخٍ إذا سُقمِوا
فكم حفلنا معاً أعياد مولدهم
وكم شموعاً أضأنا حينما قدموا
حولي البناتُ كأزهارٍ معطرةٍ
ملءُ الحنانِ لهنّ الروح تحتشمُ
حولي البنون أرى فيهم عُلا قيمي
همُ الفؤاُد وهم من حوله الحشمُ
قبلتُ بالذلّ مرّاتٍ لأجلِهُمُ
فالعزُ فيهم وأوصالي لهم خدمُ
دارَ الزمانُ سريعاً شبّ أصغرهم
طالوا شباباً وهم كالنخل قد وَسَموا
عاشوا البلوغَ بآمالٍ مُقلّبةٍ
والصَحْبُ تحكمهم والأهلُ والقيمُ
هذا لزوجٍ وَذَا للعلمِ يهجُرني
وذاك للشُغل مغلولٌ ومُلتزمُ
ساروا تباعاً وقلبي سارَ يتبعهم
والفكرُ والشعرُ والتلحينُ والنغمُ
ربّيتُهم زغباً أرجو مودّتهم
حتّى إذا كبروا طارتْ بهم هممُ
عند الوداعِ عيوني عينَ مُبتهجٍ
لمّا تناءوا عليها الدمعُ مُحتدمُ
أدور بالدار لا خلٌّ يُسامرني
ولا وليدٌ بيوم العُسر مُبتسمُ
أدور بالحيّ هيماناً لوحشتهم
والكرْبُ في القلب جاثٍ والدموعُ فمُ
يا منْ سألت فحالي بعد فرقتهم
كمن عليه الجبالُ الصمّ تنهدمُ
هي الأبوّة مُلءٌ الكون رحمتها
ومن عطاها يغارُ الجودُ والكرمُ
كم كانت الدارُ تشدو من صياحِهُمُ
واليوم أحيا كمن قد نابهُ الصممُ
كانوا هنا يملؤون البيت فرْحته
واليوم قد شُغلوا عنّي بما حلموا
بعد المشيب أجفّ العرقَ بُعدُهمُ
فهم إلى القلب ماءٌ في اللظى شَبِمُ
ليلاً أنادي تعالوا حان نومكمُ
لا الطفلُ يأتي ولا الأوهامُ تنحسمُ
الدارُ كانت حياةً من طفولتهم
واليوم باتت كأنْ لم تخطها قدمُ
بالقلبِ شوقاً تراءوا رغم بعدِهمُ
كما تراءتْ ضياءً في الدّجى النُجمُ
الذكرياتُ برغم الهجر تُسعدني
فيها المشاعرُ والتصويرُ والحلمُ
بقوا صغارا بعيني حينما كبروا
أمري عليهم ونُصحي حيثما صرموا
ياليت حُضني ليوم ٍضمّ جمعُهمُ
فيرجع النبضُ حيّاً فالحياةُ همُ
لهوا قد انْشغلوا كلٌّ لغايتهِ
عنّي ولمْ أنشغلْ يوماً فهل علموا؟
رغمَ الشجونِ فقلبي بعضه جَذِلٌ
فكلّ فخرٍ لأولادي به هرمُ
للسّوءِ والإثمِ ما ناخوا ولا قصدوا
فهم شبابٌ بحبل الله مُعتصمُ
إذا الأمومةُ للأجيالِ مدرسةٌ
دور الأبوّة في بنيانها العلمُ
مرّت سريعاً سنونُ العمر خاتمُها
العجزُ والضرُ والنسيانُ والهرمُ
فلا شفاني برغم الطبّ مقتدرٌ
ولا طواني الردى كي يبرأَ السقمُ
عودوا إليّ لعلّ الوصلَ يرحمني
ويجمعُ الأهلَ من بعد النوى الرحِمُ
هيهات هيهات لا يُرجى لعودتهم
فالعذرُ عندهمُ فوق الرجا حَكمُ
نوري سراج الوائلي

قصيدة كتبتها لكل اب ولكل طفل ولكل شاب وشابه. كتبتها لحنان الابوة العارم الذي ينساه الاولاد حين يكبرون ويرحلون عنا وتبقى ذكرياتهم الجميلة المملوء بالالم والحنان. انها رسالة للعائلة. انها صورة الابوة بألحانها ونغماتها وإحساسها ودموعا 06/2019
التعديل بواسطة: د.نوري الوائلي
الإضافة: الثلاثاء 2020/06/09 05:15:53 مساءً
التعديل: الأحد 2020/06/28 07:57:34 مساءً
إعجاب
مفضلة
متابعة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com