مَرَّتْ سَنَوَاتٌ لَمْ أَدْرِ |
يَا أَبَتِي مَنْ هُوَ فِي الْقَبْرِ؟ |
أَتُرَاهُمْ قَدْ دَفَنُوا نَبْضًا |
مَا فَزعَ إِلَى نَبْضِكَ يَجْرِي؟ |
أَمْ أُحْرِقَ دَمْعيَ أحْجَارَا |
وَتَرَسَّبَ كالجِيْرِ الصَّخْرِي |
قَبَرُوكَ وَلَوْ قَبَرُوا بَدْرًا |
مَا نَحَبَ اللَّيْلُ عَلَى الْبَدْرِ |
هَلْ قَمَرٌ يَبْسِمُ إِنْ قَاسَى |
مِمَّا قَاسَيْتَ مِنَ الْعُسْرِ؟ |
فَفِرَاشُكَ قَارِعَةُ عَنَاءٍ |
ودِثَارُكَ غَيْمَاتُ القُّرِ |
خَمْسُونَ هِيَ الْعُمْرُ بَلَاءً |
مَاذَا قَدْ بَقِيَ مِنَ الْعُمْرِ؟ |
سُبْحَانَكَ يَارَبُّ فَمَاذَا |
أَفْرَغْتَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّبْرِ؟ |
فلْتَلْقَ اللهَ وَلَا ذَنْبَا |
وَلْيَنْجُمَ وَجْهُكَ بِالطُّهْرِ |
فَقَلِيلٌ إِنْ قِيلَ شُجَاعٌ |
وَيَسِيرٌ يَا لَكَ مَنْ جَسْرِ! |
بَطَلٌ ما جَرَّعَ مِنَ ضَعَةٍ |
أَوْ حَلَّ بِخَانَاتِ الْقَهْرِ |
وَتَثُورُ فَتُقْصُرُ قَامَاتٌ |
مِنْ حَوْلِكَ طَالَتْ بِالْضُّرِ |
لَا سَمَرٌ بَعْدَكَ جَالَسَنَا |
أَوْ شَئٌ سَاغَ مِنَ الشِّعْرِ |
المَغْرِبُ؟ لَا مَغْرِبَ يَأْتِي |
لَا قَهْوَةَ مِنْ ثَغْرِ الْفَجْرِ |
وَالْبَقَرَةُ كَعُهُودٍ غَرَبَتْ |
إِذْ تُزْهِقُ أَمْوَاجَ الدَّهْرِ |
تَشْتَاقُ لِقَلْبِكَ فَاتِحَةٌ |
تُتْلَى لنَسَائِمكَ الزُّهْرِ |
ما قَالَ عَلِيٌّ يَا جِدِّي |
هَلْ نَقْرَأُ فَاتِحَةَ الذِّكْرِ؟ |
فانْشَطَرَتْ مِنْ بَعْدِكَ رُوْحٌ |
وتَظلُّ تَئِنُّ بِلَا جَبْرِ |
لمْ تَبْقَ بَشَاشَاتٌ إِلَّا |
لُسِعَتْ بِمَرَارٍ كَالْجَمْرِ |
الشَّعْرُ يَنْوِءُ بِأحْزَاني |
لَوْ جَاءَ الْغَوْثُ مِنَ النَّثْرِ |
كَمْ كُنْتَ سَخّيَا تَغْمُرُني |
مَسْرُورًا فِي كَنَفِ الْبَحْرِ! |
فَأَقَلُّ نَوَالِكَ بَسمَاتٌ |
مازَالَتْ بِجَنَانِي تَسْرِي |
اُعْذُرِنَي مَا دَمَعَتْ عَيْنٌ |
تَشْتَاقُ لمَرْآكَ النَّضْرِ |
فمَعْي تُنْعِيكَ جِبَالُ ندى |
كَرَمٌ وَقِنَانٌ لِلْفَخْرِ |
وَالصَّبْرُ بَكَاكَ وَإقْدَامٌ |
وَفَضَائِلُ تُبْرِقُ بِالذِّكْرِ |
اغفِرْ لي قَصَّرْتْ كَثِيرَا |
وَسَهَوْتُ وَمَا لِيَ مِنْ عُذْرِ |
يَا عُمْرِيَ مِنْ بَعْدِكَ مُرٌّ |
كَالوَابِلِ صُبَّ عَلَى عُمْرِي |