لا بُدَّ لِلحُرِّ مَهما هَانَ مِن قَدَرٍ | |
|
| يُعِيدُهُ بَعدَ طُولِ اليَأسِ دَيَّانا |
|
والبُؤسُ إِنْ طالَ أَعوامًا، فَإِنَّ لَهُ | |
|
| يَومًا يُحِيلُ زُقَاقَ الكُوخِ إِيوانا |
|
شَتَّانَ ما بين طَمَّاحٍ يَمُجُّ دَمًا | |
|
| وخانِعٍ حَرَّرَتهُ النَّاسُ.. شَتَّانا |
|
|
يا يَومَ أَنْ أَلقَتِ الدُّنيا بِزِينَتِها | |
|
| واصَّاعَدَ اللَّيلُ في الآفَاقِ هَتَّانا |
|
لم يَنسَ قَطُّ سُهَيلٌ فيكَ نَكبَتَهُ | |
|
| لكنَّهُ صَارَ لا يَسطِيعُ نِسيَانا |
|
ما بَينَ أَكبَرِ مِن صَخرٍ، وأَصغَرِ مِن | |
|
| طَودٍ، أَرَاهُ يَحِيكُ الصَّمتَ إِعلانا |
|
ويُوقِظُ الحُلمَ في عَينَيهِ، عَن ثِقَةٍ | |
|
| أَنَّ الطُّمُوحاتِ لا يُغمِضنَ أَجفانا |
|
ويَقدَحُ الأَرضَ مُشتَاقًا إِلى سَفَرٍ | |
|
| مُجَنِّحٍ، وجَنَاحٍ ليس عِيدانا |
|
سُهَيلُ أَصبَحَ يَدري ما عَلَيهِ، وما | |
|
| لَهُ، ويَعرِفُ مَن عادَى، ومَن صَانا |
|
وأَصبَحَ اليَومَ أَقوَى حُجَّةً ويَدًا | |
|
| مِمَّن أَعَاشُوهُ واعتَاشُوهُ طُغيانا |
|
وصَارَ يُدرِكُ أَنَّ الأُفقَ مَنزِلُهُ | |
|
| لا حَيثُ يَصحَبُ تَحتَ الشَّمسِ خِرفانا |
|
وصَارَ يُدرِكُ أَنَّ المَوتَ أَكرَمُ مِن | |
|
| حَيَاةِ مَن يَتَعَاطَى الذُّلَّ جَذلانا |
|
سُهَيلُ أَصبَحَ شَوقًا لا حُدُودَ له | |
|
| ووَثبَةً تَتَخَطَّى الكَونَ أَكوانا |
|
لكنَّهُ دُونَ رَأسٍ يَستَطِيعُ بِهِ | |
|
| أَن يَنهَضَ الآنَ حُرًّا، رافِعًا شانا |
|
|
سُهَيلُ كم عاشَ مَسلُوبَ الجَنَاحِ، وكم | |
|
| أَحَالَهُ الشَّوقُ أَعناقًا وأَحضَانا |
|
كم عاشَ تَحتَ رَمَادِ الحَربِ مُفتَرِشًا | |
|
| جُرحًا، ومُلتَحِفًا سُوسًا ودِيدانا |
|
يُسَائِلُ النَّاسَ عَن شَعبٍ وعن بَلَدٍ | |
|
| تَنَافَرَا، وأَحَالَا اليُمنَ أَضغانا |
|
سُهَيلُ كم طافَ أَرضًا كان يَرمُقُها | |
|
| مِن السَّمَاءِ، حِبَاءً، ليس سُؤلانا |
|
في كَفِّهِ صُرَّةٌ غَبرَاءُ يَحمِلُها | |
|
| حينًا، وتَحمِلُ عنه الكَفَّ أَحيانا |
|
كم عاشَ بائِعَ وَردٍ في طُلَيطِلَةٍ | |
|
| يُحَاوِرُ ابنُ زِيَادٍ فيه أَسبانا |
|
ويَستَبِينُ رَعَايا تاشفِينَ وقد | |
|
| تَجَوَّلُوا بِدُرُوعِ الفَتحِ رُهبانا |
|
وعَاشَ سائِقَ باصٍ في السُّوَيدِ.. وفي | |
|
| أَطرافِ لَندَنَ حُوذِيًّا، وفَرَّانا |
|
ومَاسِحًا لِزُجَاجِ المَركَبَاتِ، على ال | |
|
| حُدُودِ، ما بين هانجتشو وهُونانا |
|
وعاشَ تاجِرَ مِلحٍ، لا جَوَازَ لَهُ | |
|
| مِن ساحِلِ العاجِ مَطرُودًا إِلى غانا |
|
وكَم قَضَى في جنوبِ الشَّرقِ داعِيَةً | |
|
| حِينًا.. ونائِحَةً حِينًا.. وفَنَّانا.. |
|
وفي الخَليجِ عُقُودًا عاشَ، ليس سِوى | |
|
| إِلى الكَفَالَةِ يُلقِي المَالَ تَعبانا |
|
وطاهِيًا في بِلادِ التُّركِ، مُشتَرِيًا | |
|
| مَوَاشِيًا، بين سُوريَّا ولبنانا |
|
وطاف كُلَّ بِلادِ اللهِ مُحتَمِلًا | |
|
| إِهَانَةَ النَّاسِ، مَلعُونًا ولَعَّانا |
|
شَوقُ البيُوتِ إِذا ما أَهلُها افتَرَقُوا | |
|
| شَوقُ القَصائِدِ أَن يُصبِحنَ دِيوَانا |
|