بكى النَّجْمُ والشَّمْسُ الكسيفةُ والقَمَرْ |
وناحَ حمـــامُ الأَيْـكِ والوَرْدُ والشَّجَرْ |
فللهِ درُّ العيـــــنِ تهْميودرُّنا |
وعظَّمَ أَجْــــــراً للحزينِ ومن صَبَرْ |
وهل غيرُ حزْني من فراقي وفرقتي |
فيا نفْسُ صبْراً واصْطباراً على القَدَرْ؟ |
فلا الدَّهْرُ والأَعــــوامُ تُنْسي متيَّماً |
يرى الدَّهْــرَ ذا نابٍ فلم يُبْقِ أَو يَذَرْ |
وذو مخلــــــبٍ يخْتالُ عُجْباً بفعْلِهِ |
ولكنَّني منـــــه أُلـــــوذُ بمُقْتَدِرْ |
فيا دَهْرَنا صِفْها بمـــا هي أَهْلُهُ |
فأَعْياهُ وصْفُ الحسْنِ بالقولِ فاعْتَذَرْ |
مكمَّلـةُ الأَوصـافِ صافيةُ الرُّؤى |
فلا طولُها يُزْري وليسَ بها قِصَرْ |
يسيرُ لهــــا طرفي بأَوَّلِ وَهْلةٍ |
فمن يومِ لقْياها وقلبي لها انْفَطَرْ |
قوامٌ لَيـــــــانٌ خيْزرانٌ بقَدِّها |
بفرْدوسِها يسْتمتعُ القلبُ والبَصَرْ |
لها بدْءُ حبِّي وانْتهـــاءُ محبَّتي |
وميلادُ عشْقي حيـنَ غرَّدَ وابْتَدَرْ |
فما تمَّت البشرى وضاعت بحسرةٍ |
ولا لــــذَّةُ الإِبصارِ دامَ لها النَّظَرْ |
إِذا ارْتَدَّ طرفي حائلاً دونَ حسْنِها |
يعدُّ افْتراقاً لا يُقضَّى من الضَّجَرْ |
فما بالُ حالـي بالسِّنينِ تثاقلـت |
عليَّ، وأَضْناني التَّفكُّـرُ والسَّهَرْ |
فيا عينُ جُودي بالدُّمــوعِ لعلَّني |
بمائِكِ أُطْفي ما تضرَّمَ واسْتَعَرْ |
فلسْتُ بلــوَّامٍ لخلِّي وإِنَّما |
بإِشْفاقِه أَلْقى الغمامَ قد انْهَمَرْ |
فإِنِّي غريبٌ بينَ أَهْلي وصحْبتي |
وحيدٌ على رغْمِ الزِّحامِ من البَشَرْ |
فيا رَبِّ أَلْهِمْني اصْطباراً بفقْدِها |
وعوِّضْ بخيرٍ شاملٍ يدْفعُ الخَطَرْ |
فذاتي لذاتِ الحزْنِ صارت خليلةً |
فيا ربِّ هيِّىءْ من لدنْكَ لنا الوَطَرْ |