هي غرفتي سكنَ الحنينُ مكاني |
عَوَتِ الذِّئابُ بوحدتي وكياني |
هي غرفتي صحراءُ ربْعٍ قد خَلا |
صَخَبُ الأَنينِ يَضُجُّ في الأَركانِ |
سَفَتِ الهمومُ عواصفاً بأَزيزِها |
وغدا العَزِيْفُ هواتفاً للجانِ |
والبومُ فوقَ خرابةٍ مهجورةٍ |
رَثّـَت لطولِ تقادمِ الأَزمانِ |
وصَرِيْرُ جُنْدُبها يُجَسِّدُ مُوْحِشاً |
والذِّكْرياتُ تَمُوْرُ في وجداني |
والفكْرُ ليلٌ كم تَمَطَّى صلْبَه |
والصُّبْحُ نِـــدٌّ بالسِّياطِ كَوَاني |
وأَرى عريناً كنتُ أُبْصرُ ليثَه |
جبنَتْ أَزارِقُ وقتِنا عصياني |
فرأَيتُ مضْجعَ والدي، وأَنا به |
متماسكٌ مغرورقٌ الأَجفانِ |
فهناكَ عاقبني جزاءَ شقاوتي |
وهناكَ وَبَّـخَ زاجراً وَنَهَاني |
وهناكَ خبَّأَني مخافةَ إِخوتي |
وهنا اكْتنفْتُ حنانَه فحَوَاني |
وهناكَ فاجأَ فرْحتي بهديّـَةٍ |
وهنا خضعْتُ لنصْحِه فهَدَاني |
وهناكَ كنْتُ مكرَّماً بدلالِه |
وهنا أُدارسُ روْضةَ القرآنِ |
وهنا تمتَّعَ ساعدي كمدلِّكٍ |
ٍ ساقاً وددْتُ لُعَاقَها بلساني |
وهناكَ رحْتُ مقلِّباً أَطرافَه |
ملكٌ لعيني طابَ فيه هَوَاني |
مُتلذِّذٌ إِحساسَ ذُلِّي عندَه |
يأَبى الذَّليلُ رحيلَه لثواني |
فأَرى البواقيَ كنْتُ أَعلمُ أَنَّها |
هي حبُّه فصنعْتُها أَثماني |
ولقد عقدْتُ مع المدامعِ هدْنةً |
لكنَّ منهمرَ البكا أَغواني |
متصنِّعاً طبعَ الجفافِ بشدَّةٍ |
وبصُوْرةٍ قد أَنْهَرَت أَجفاني |
هي غرفتي بعصورِها وعروبتي |
بقريشِها وقبائلِ الشُّجعانِ |
وبمرْبدٍ ومجازِها وعكاظِها |
ومحافلٍ مشهودةٍ وبيانِ |
هي غرفتي في كلِّ ناحيةٍ أَرى |
لأَبي مواقعَ لم تزَلْ تغْشاني |
أَشتمُّ طُهْرَ غطائه وفراشِه |
هو فرْصةٌ ضيَّعتُها وأَماني |
هو جنَّةُ الرَّحمنِ كانَ ميسَّراً |
مُتناوَلاً بيديَّ بالإِمكــــانِ |
يا نفْسُ وَيْحَكِ فلْتموتي حسْرةً |
تبّاً لقلبٍ دائــــــــمِ الخفقانِ |
تثْني خليصُ على الفقيهِ محمَّدٍ |
والكلُّ يعْلمُ فضْـلَ من خَلاّني |