عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > عمان > عبد الله بن علي الخليلي > كيف أعمل (مسرحية )

عمان

مشاهدة
662

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

كيف أعمل (مسرحية )

كيف أعمل
قصة شعرية تدور حول الخليفة الأموي الوليد بن يزيد بن عبد الملك المكنى أبا العباس وابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك لما حاول القيام عليه بأهل اليمن فضاق ذرعه لذلك فاستدعى من يخفف عنه آلامه ويرشده إلى الرأي الصائب كهلا كما يصفه وهي أحد عشر فصلا .
المقطع الأول: الوليد يعاتب نفسه على ميولها إلى الهزل وتسكعها في اللهو وعدولها عن طريق الهداية .
الوليد مع نفسه: الله
الله كيف أعملُ
والدهر بحر غاضب مضطربُ
مضطرب الأمواجْ مرتفع الآذىّ ليس يرحمُ
ليس يُمهِلُ
هذا يزيدُ ما رد إلّى شرّا مُقبِلُ كجمل هاج به المرارْ
بئس المأكلُ
يُهيب بالناس إلى قتالنا لا يَستحِي
لا يَنكلُ
واليمن الهادر في عدوانِهِ
يُسنِدهُ
الله كيف أعملُ
الله
قد أضعتها شُغِلت عن حوطتها
شغلت
الخمر بئس المنهلُ بئس القيان الغُفّلُ
واللهو
قد أضاعني
ولم أزل وراءه كأنني مغفلُ
أضاعني هزلي أضاعني لهوى وتفريطي
فماذا أعملُ
أضعت قومي وهمُ لي موئُل
وعشت في غيبوبةٍ
أعللُ
أعلل النفس المنى والدهر في لسان حاله يقولْ
هيهات لا تَعلَُل
هيا بنا فالجِد نعم الَمعقِلُ
***
المقطع الثاني: الوليد يدعو غلامه
ليلتمس له من يخفف عنه آلامه وأحزانه
الخليفة:
يا غلامْ
هلم في حسن الذكاءْ هلم في الإخلاص والوئامْ
هلم نحوي يا غلامْ
فإنني كما ترى أُفكُر
قمْ
فابغِ لي مُفكّراً مهذّبا ولا تروّع قلبهُ
فَيذعَرُ
قف بجانب الطريقْ وانظر إلى السوادِ
حين يَعبُرُ
فمن تَراه مقبلاً لشأنه إذا مشى متّزنا في سَمتِهِ
لا ينظرُ
ينظر حيث ترتمي أقدامُهُ
كأنه يُفكرُ
كهل سمت أخلاقه عن لعبِ وارتفعت همتُهُ
عن طربِ
فلا تراه يعثُر ولا يزلّ قدما عن قصدِه
فذاكْ
ذاك الذي أريدّه لغرضِي اذْهب فأنت مُفَكرُ
الغلام:
لبيك يا مولاي لبيك كيف تأمر لبيك كيف تحكمُ
سأذهبُ
وسوف آتيك بمن تحبه كما تشا
والله جل شأنه كما تريد يجلبُ
الغلام حول الطريق يا دربْ
يا دربُ أين بغيتي أين الذي قد أطلبُ
أينْ
أين الفتى المجربُ أين اللبيب الذَّرِبُ
سأقعدُ
هنا لأجله سأقعدُ لا أذهبُ
حتى أراهْ
فثَم قد بلغتها أمنيّة بها يُنال الرغبَ
***
المقطع الثالث:
الغلام يظفر ببغيته
وينطلق به إلى سيده نشيطا مسرورا
الغلام يرى الرجل:
إليك يا من يَدأب في مشيِة
إليكْ
إليك يا مهذبُ يا كهل يا مجربُ
يا مثقفُ
إليك سعيي وإليك الدأبُ وقد رأيت منيتي فيكَ
وأنت الطلبُ
أن أمير المؤمنين يطلبُ إياكْ
هيّا تذهبُ إليهِ
فهو يَرقبُ
أجبْه لا تخش فنعم المطلبُ
أنت
لديه أنه يرتقبُ
الرجل: تطلبني فمن أنا يا أيها المؤدب من أنا قل لي
مَن أنا
أكنتَ قَبلُ عارفيِ
أم فعلة خبيثة صاحبها لا يعرفُ هيهات منها المذنبُ
هيهاتْ
أم تُهمة يصاب فيها الأبرياءْ
أصبتني بشرها
أم إنها قيافة في وادع تُجرَّبُ
مَن أنا قل لي
مَن أنا
الغلام:
إني أتيت أدأبُ
إليكَ
كيف تهربُ
ما كنت قبلُ عارفاً من أنتْ
لكنَّ صفاتٍ حدها الخليفةُ
المتوجُ
رأيتها منطبقاً أكثرها عليك
يا مهذبُ
فلا تَخَفْ ولا يَرُعُك المذهبُ
هيّا بنا إليه
الكهل:
حال يَحوطها الغموضْ
فالله خير حافظا
إمضِِ أمامي أذهبُ
خَلفكَ
حيث تذهبُ وقائدي الإخلاص والتأدُّبُ
وبالمليكِ حسن طني يجبُ
الغلام لسيده:
يا سيدىْ
هذا هو الشخص الذي أردتَه كما وصفتَه
شخص لبيب ذَرِبُ
أتاكم يُزعجِه التَرقُّبُ
فأفرخوا منْ رُوعه فإنه مهذبُ
الملك للغلام: أدخلْهْ
أدخلْهُ فذاك المطلبُ
والله أرجو أن أرى في شخصه ما أرغبُ
إليهْ
أدخلهْ فذاك المرغَبُ
***
المقطع الرابع:
الكهل يدخل على الخليفة فيجرى
بينهما الحديث الطويل حول مهمة الملك
الكهل للملك:
يا سيدىْ
تحية يا سيدى أرقّ من رَوح الصبا وألطفُ
ألطف من بَرد النعيمْ
لَدْن كما شاء الوفا رداؤها كأنه بريقها مبلّلُ
يدفعها لسيدى
منّىِ إخلاص الولا والحب فهي سلسلُ
الخليفة: قَدمتَ خير مَقدِم
ادْنُ
فحدثني عما يَرتمي في هاجسِى
وما يدورْ
في خَلَدى كما يدورْ
ادْنُ فأنت عاقلُ ادنُ ولا تَبّرمِ
والْتزِم
التزمْ حَق الملوكْ لا تَكَلَّمِ
أو يسألوكْ
وهل تُراكَ عارفا حق الملوكْ وهل دخلتَ مرةً
عليهمُ
أدْنُ ولا تَبّرم والتَزِم
وإنْ تكن عَرَفتَ حقهم تكلّمِ
الكهل:
مولاىَ
هل تروضنى لكبوةٍ
حاشاكْ
أم لسباق فجوادى أشقَر لا يحسرُ
يأتِي المدىَ
والبرق في حافره مندحِرُ
والبصرُ
حيران خاسئ المدى عن دركه مقصرُ
حاشاكْ
أم تصقلنى لنبوة فحدّ ذهنى ذَرِبُ
صافى الفِرنْد
شحذته التجربات واصطفاه يعربُ
فلم ينله خَوَرُ
مجالس الملوك سيدي لها المقام الأكبُر
لا ينطق الجالس في مجلسهم أو يأذنوا
وإن يقولوا يُصِغ
ملء سمعه وملء قلبه لا يظهر السرور إن هم حزنوا
والعكسْ
وما يدور بينهم وبينه من الحديثْ
يكتمهُ
محتفظاً عليه فهو ليس يظهرُ
فلا يذيع سرهم لبشر ولو قَلَوه وجَفَوه عَلَنا
لأنه مؤتمنُ
ينصحهم في فعله وقوله
إن أذنوا
يقول حقا والمقال لينّ محبب إلى النفوسْ
تألفه الطباعْ
والسمع يَهشّ صاغياً له مع الفؤادْ
لا خشنُ
ينفر طبع الحر منه حين يُعلنُ
الخليفة:
يا كهلُ يا مثقفُ
هاتِ
فحدثني عما تعرفُ حدثني عن يزيد فهو الهدفُ
***
المقطع الخامس:
الكهل يتحدث إلى الخليفة عما
يرسم حيال الواقع الأليم وييدى له الرأي
الكهل: يا سيدي
كأنني أراك قد برمت من فعل يزيد
وجمعه
عليك أهل اليمن ظلما وأوشاب الأنام طمعاً
فيما يريد
فهل عليه تخرج
تخرج في جمع عتيد فتصبح الحرب الولودْ
ظمآى
فلا تشرب إلا دمها دم القريبْ
غرثي
فلا تأكل إلا قومها إلا بنيها في البنودْ
وأنت من بينهمُ
وأنت أقصى ما يُرجِّيهِ
يزيدْ
إلزَمْ مكانك لا تزايله بحال أو تحيد
لا تخرج
فذاك أحرى فعله وأحزم لا تخرج
لا تخرج
لكنك ابعثهُ خَميساً لجباً يقوده كل جرئٍ ذربٍ لا ينكلُ
عن قصده لا يغفلُ
عن شأنِه ولا يحيدْ
عن الوفاءْ
اصطَفِ أهل العقل أهلَ الفضل والرأي السديدْ
أهل البيوتات الألى تَبَوَّأوا العزّ
التليدْ
يا سيدي أولئكم أهل الوفاء والثباتْ
أهل الحماسْ
يبنون بالإخلاص والولاء عرشك العظيم شامخاً
كما تريدْ
ولا تَرمْ حَذارِ أن تَريَم أو تَحيدْ
فأنت للعرش عمادْ
لا تفارقْهُ
تكن ما عشت بالعرش سعيدْ
لا تفارقهُ
وحاذر أن تحيدْ فأنت للكل عميدْ
والعرش غيل الملك لليث يصونْ وهكذا شأن الحصونْ
وشأن أرباب الحصون
وابذل على القواد والجند الكماة
المال
في خُلق حميدْ
وألِنْ لهم باللطف جانبك الكريمْ في غير ضعف
أو خنوعْ
وانْصحْ لهم وانصحْهمُ عما يَشينْ
واقبضْ على يد ظالم
منهم
وباغٍ أو عنيدْ
لا يرحم العاصي اللئيم وكل غاوٍ مستهينْ
وتَوقّ نفسكَ
أنها بئس القرينْ أن تستبيح بك المعاصي
فهي هونْ
والظلم والجبروت والخُلق المشينْ
إن المظالم والمعاصي
للعدوّ
عليك نصر مستبينْ
لا تَرجُ نصراً من عدوّ الله والعاصي
اللئيمْ
فالضر منهم حيث ترجو النفع فاعرف ما أقولْ
وخذ الصراط المستقيمْ
تفلحْ
وتلقى الله خير الأكرمينْ تلقاه خير الناصرينْ
وبعزة الإسلام
عِزَّ
على العدوّ فلن تهونْ
وارْحمْ ولياً صالحاً وله تواضعْ
يا عظيمْ
إنّ التواضع سيدي بين الورىَ
خُلق المجيدْ
وهو الذي يحنو رقاب الأكرمينْ
الملك: هاتْ
هاتِ الدليل لما تقول
فما أرانى آخذاً أبداً به حتى يلوح لي
الدليلْ
الكهل:
إن المواعظ سيدي
قصص يسجّلها الزمان لأهله
عبر
يحللها اللبيب ويستفيد بها الأريب كما يشا
وبها يفيدْ
وإليك فاسمع ما أقول
***
المقطع السادس:
الكهل يقص على الملك من
قصص الماضي ليثبت له الدليل على ما يقوله
الكهل: أُقصوصةً
عن جدك الفحل العطيمْ
ذاك الذي وَرث الخلافة في الشآم كما يريد
جلالةً تحت البنودْ
أعنى الهمام أبا الوليدْ
ومضى ينافسه على عرش الحجاز ابن الزبير
وفي العراقْ
ويذوده دون المنى ذَود الطريد
عن الورودْ
متربعاً عرش الخلافة بالحديدْ
في ذلك الجزء البعيدْ
ومناوشات
من هناك ومن هنا تفري أديم أبى الوليد بها يؤدْ
والخوف يأكل قلبه
والفكرْ
إن الفكر مضطرب شريدْ
والرأيْ ما للرأي خاوٍ لا يفيد
ولا مفيدْ
أكذا الخلافة أنها هم شديدْ
لكنه
عزم الخروج إلى قتال ابن الزبير فسار في جيش كبيرْ
جيش يلبب ساحة الدنيا
بحَبْوتهِ
ويأخذها بحُجزتها إلى قهر عتيدْ
ودمشق ترعى عرشه
رعى الذئابْ
رعى الذئاب خرافها حتى تُغيرْ
والدهر ليس ينام إن نام الغرير وكم أصاب على الغرورْ
والأشدق الوثاب كان بجنبه
عند المسيرْ
حتى إذا قطعوا مراحل لا يزيد على الثلاث
من المسيرْ
قامت بنفس الأشدق الأطماعُ بالأمر الكبيرْ
شماءَ
تحلُم بالخلافة في الضمير
فغدا بها متمارصاً
والأذن غاية ما يريد من الأميْر
فمضى
وقد أذن الأميرْ
ودمشق
ترقب عَمرَها ذا العز والجاه الخطيْر
حتى أتاها
والرجاء له خفيْر
متقلداً له صمصامة
يدعو لبيعته الورى ويرى الخلافة حقه
دون الأخيرْ
والناس خلف لسانه متكاتفين فلا معارض
أو نكيرْ
فاحتلَّ عرش الحكم عن ناءٍ بعيدْ أعنى الهمام
أبا الوليدْ
مَن غيَّبَتْه البيد بين رمالها
كالطيِف
لكن بين أجنحة الظلام
كالليثِ
في وثبات ذي حزم همامْ كالأربد العسال
يعتسف الطريقَ
ولا ينامْ
حتى أتته نَبْأة الخطب الجسيم بالإحتلال لعرشهِ
الله
لا عرشٌ لدىّ ولا حريمْ ليث بلا غاب مضامْ
أين الطريقْ
ما للطريق وللأمامْ
يا قوم
نازلتي يضيق بمثلها ذرع الحكيم رمت الخلافة
جَمعَها
فارفضَّ محصولي اليسيرْ هب أنه خطب عسيرْ
فمتى النجا
هذا الحجاز ومصرُ واليمن البعيدْ
شمستْ
كما شمس العراق ولم تزل خلف النفور
فلا هدوء ولا قرارْ
وبدت بكشح ابن الزبير سخيمةٌ
فيها الشرورْ
تَخِذ الحجازَ مقره للحكم والدنيا تجورْ
واليوم قد ندَّ الشآم فراح يهتاج الثغورْ
ما الرأيْ؟
ما الرأي يا أهل الصفا ما الرأي يا أهل الوفا
ما الرأي في الأمر الخطيرْ
فأجاب من وزرائه الرجل الكبيرْ
مولايَ عقلي كالأسيرْ
يا ليتني طير على غصن أطيرْ
يا ليتني طير بِدَوح تهامة أو يخمد الشرر الكثيُف
المستطير
وأبو الوليد عليه كارثة القضاء
فلا ورودَ ولا صدورْ
فلا الجواد وعقله كالطيف
يسبح في الأثيرْ
يَفرِي به الصحرا ويَفريه الذهول فليس يدري دربه
أنَّي يسيرْ
لكن رآى شَبَحاً يقِّربُه الفضاْ
شيخاً
يُجلِّله الوقار عليه سمت الصالحين
وقفيزه البالي الصغيْر
بيديه يجمع فيه سُمَّاق الرمالْ
أسماله البيضاء
تنبئ فيه عن زهد عظيمْ
أنه شيخ رزينْ
***
المقطع السابع: الخليفة عبد الملك بن مروان مع
ذلك الشيخ الوقور وهو يستطيع رأيه ويسترشده
الخليفة:
يا شيخُ
جئتك في خطيرْ
أسمعتَ شأن أبي الوليد فإنه شأن عسيرْ
وهَواىَ من أنصارهِ
ولقد عزمت على اللحوق به على هذا الطريق
فهاتِ رأيك يا خبيرْ
الشيخ: دَعْه
فقد قطع الطريق بلا دليلْ
فهوىَ
وليس لديه من رأى أصيلْ
دعْه
فلا ظهراً له أبقى ولا أرضاً طوى فكأنه المنبتّ
في ليل مطيرْ
الله
يا شيخَ الوقار فإن قلبي كالأسيرْ
أأصدّ عنه مطيتي وهواه بين جوانحي
مثل السعيرْ
أرشد خطاىَ إليه في هذا الدجى
فلعلني بهداك أهديه المنار
فيستنيرْ
الشيخ: اذهبْ إليه
فإن رأيت طريقه لدمشق باللجب الكبيرْ
فاقدمْ
وباركْ سيره فله من المولى نصيرْ
أما إذا قصد الحجار فدعه لليث الهصورْ
الخليفة: ما الفرقُ؟
بين الشام أو بين الحجار أو العراق هُنالِكم
والكل حربٌ
لابن مروان الأميرْ والحرب ليست باليسيرْ
الشيخ: الفرق
الفرق أوضح ما يكون يراه ذو فكر بصيرْ
عَمرو تحمّل بيعة لأبى الوليدْ
هو بالوفاء بها جديْر
والنقض ظلم منه ثم ونصرة المظلوم من عِدةِ القديرْ
ما بايعته يد ابن عوّام
ولا كادت تشيرْ
أتُراه يأتِي ابْنَ الزبير ويترك العادى الظلومْ
وقيل
لا نصر لظلام كفورْ
***
المقطع الثامن:
الشيخ يقص قصته للخليفة على
لسان البهائم لتكون أبلغ للموعظة وأسرع نفوذ إلى القلوب
الشيخ:
وإليك ثمة قصة بالتبر خطتها يدانْ
تَروى النهى
تَروى حديث الوعظ عبرة عاقلٍ
لغة
رواها ثعلبانْ
هذا يسمى ظالما وله أقاصيص حسانْ
ومفوضا يدعى الأخيرُ
وكم له حمدت يدانْ
إذ جاءه يبكى ويعول ظالم مما عناه
ظالم يتحدث إلى: أمفوضا
مفوض:
أشكو إليك عصَّببةً لا تستهانْ
رقطاءَ
قد ولجت على جُحرى اعتدا
فرجوتها
وطلبت منها تركه فأبت وكم جار العِدَى
قد كنت مغتبطاً به بين الجحورْ
الماء يجري حوله عذباً يجعّده النسيمْ
والظل
ظل الدوح منساب على تلك الصخورْ
والطير تشدو حوله
ضربت عليه خيامها وتربعت فيه على حصن حصينْ
في وكرها
وأنا أعيش كواحد منها بها بين الأماني والأمانْ
جاراً
أراعيها وأحفظها عن الغزو الظلومْ غزو الثعالب
فهي في حفظي تصانْ
الله
كم وَلِع الشجاع الأقرع المشئومُ
بالظلم العتيدْ
وكم استطال بظلمه وطغى وجار على الحريم
أأخى مفوضُ
كنت في دربي لرزق مستطابْ أسعى إليه كعادتي
والحر يدأب في الطلابْ
والله قال بنصه وقل اعلموا
وهو الطريق إلى الصوابْ
لكنني
ما كدت أدخل منزلي عند الإيابْ
حتى رأيت الحية الرقطاء رابضة به بين القبابْ
ظالم عند الحية: الله يا رقطاء
فيّ
وفي بنّي وأسرتي وهم على هذى الهضابْ
لا بيتَ
لا مأوى لنا إلا اليَبَابْ
أنعيش في الصحراء تطردنا الوحوش كأننا زمر الذبابْ
الحية: إخسأ
وسر أنّى تشاء
فليس ذا لك منزلاً يُتأهل أتُراك تطمع في خروجي منه
وهو مؤهّلُ
أتظن أنا معشر الحيات نبني الدور
إذ نتأهّلُ
لكننا نلج البيوت كما نشاء وننزلُ
فيظل عنها أهلها
خوف المنيه يَرحلُ
اخساً
ولا ترجعْ إلىّ فإن نابي أعصلُ
ظالم:
إياك والظلم الوبئ فلن تكاد تُفلحي
أو تَربحي
فإذا دللت بقوة فبحيلتي ودهاىَ أحمى مسرحي
لا تمرحي
فستخرجين ذليلة أو تُقتَلينَ
وما الظلوم بمُفلح
إياكِ يا هو جاء إياك قبل المذبح
عودي إلى الأنصاف فهو به كريم المربحِ
لا تجنحي
خلي سبيل الجُحر عنك كريمةً
أوْلاَ
فإن الحرب أقصى مطمحِ
سأقيمها سوداءَ حالكة الجبين بغير كماتها لم تلقحِ
لا تظلمي
إياك إن الظلم شر المجنحِ
الحية: الظلم
إن الظلم شأن الأقوياءْ
والذل من شيم العبيد وكم رضوا بالإستياءْ
دعني
دعني من القول الكثير فأنت أغبى الأغبياءْ
وهلم إن تك قادراً
للحرب
يا بن الأدعياءْ
الحرب ويك مكيدة وعلىَّ في تدبيرها العهد الغليظ
لله جل جلاله
والله للمولى حفيظ
فتربصى شر القضا وغدا لناظره قريبْ
وترقبِي
نزوات ذي قلب مغيظْ
ظالم لمفوض: أَسعدْ
أسعدْ وحقك يا مفوض ضائعا نأئى المكانْ
مفوض: يا ظالماً
ما ثم تنفع قوة أبداً ولا بطش عنيفْ
لكنه التفكيرُ والرأي الحصيفْ
في حيلةٍ
جبارة يخيوطها لا يُستهانْ
فهلم للصحراء
نجمه حولنا الحطب الكثيرْ ونسوقه حتى نكّومه أمام الباب
من جحر الشجاعْ
ونجيئ بالنيران ثمة نُشعل الحَطب الوقودْ
فإذا أقام ببته ذاك الشجاع
خوى
فأسكره الدخان فمات في ذل مهانْ
وإذا تهّور
أحرقته النار فهو بغير شك ميت
تحت الهوانْ
فصغى لهذا الرأي ظالم مبدياً حسن القبولْ
ومضى
إلى الصحراء عند زميله يزجي الحمولْ
فأتوا بأكوام
من الحطب الصغيرْ
لكنه
يكفى لا حراق الشجاع وعنده ألفا عميلْ
جمعاه
قُبل أمام جُحر مفوض كي ينقلاه بعدُ
للجحر الأخيرْ
ومفوض في صدقه يسعى إلى هدف كريمْ
هدف الوفاْ
يسعى إلى انقاذ جحر أخيه من أيدي
الظلومْ
لا يترك الصحراء غالب وقته حتى يتم له المراد
ويستقيمْ
لكنه إذ عاد لم يَرَ ظالما أبداً بهاتيك الرسوم
ولا دراه أين غابْ
فمضى يظن الخير فيه وهكذا شأن الحليمْ
وغدا على حذرٍ
ليأخذ جذوة تذكى السعيرْ
لكن ظالم
صاحب المكر الخبيثْ
لما رآى جُحر المفوض بين جنات النعيمْ
بين الطيور شهيةً
بين النميْر
فكأنه الفردوس في عينه لا جحر صغيرْ
ورآى بداخلهِ
حقيقة نفسه فطوى الحياَ
ومضى يروض الظلم في جنباته أنى يشا
ويقول آخذه
وحسب مفوض بيتي إذا طرد الشجاعْ
أنا ساكن فيهِ
ولو قالوا به خبث الطباعْ
أنا
لست اخرج منه لو جدّ النزاعْ
هذا
وبال مفوض خالٍ من الغش الدنئْ
لا علم قط لديهِ
عما خبَّأته يد الغرور لذلك الفدم الجبانْ
ذاك الغريرْ
فأتى يُهروِل مقبلاً في فيه مقباس طويلْ
مقباس نارْ
ويظن أن يلقى هنالك ظالما لتمام هاتيك النذورْ
حتى
إذا لم يَلَقهُ ترك الشهاب وراح محتملا حطيباتٍ
إلى الجحر البيعدْ
عملاً يؤدي منه حسب المستطاعْ
حتى يعودَ زميله
فيواصلان السعى في جد وقورْ
لكنه
ما كاد يرجع أو رآى شَرَرَ السعيرْ
والجُحر جحر مفوض
سكران يبتلع اللظى حينا وأطباق الدخانْ
وهنا أكبّ مفوض يبكى ويلطم خدهُ
يبكى
ويندب حظهُ
ويقول ضاعت في الأثيرْ
ضاعت
كما ضاع السراب ومن اراق لأجله
فضل النميرْ
لكن اعدّض الصبر طنزاً عند نازلة القضاءَ
من القديرْ
فارتاح للسلوان يدعو الله وهو به خبيرْ
حتى إذا خمد السعير
وفرقته الريح عن ذاك المكان ورآى مفوض بيتهَ هو بيته
قبل الحريقْ
وافاه يبصرهُ
فألفى ظالما فيه كعظم أخرجته يد الكول من القدورْ
مفوض يعاتب ظالماً أنويت ظلمي
والظلوم لربه بئس الكفورْ
ونويت نصحك والنصوح له من الله الجورْ
أكذا معاملة الأخا
الله
ما هذا الغرورْ
الشيخ:
فرماه في المهوى السحيق وعاد يرفل في الحبورْ
وكذاك
ليس لظالم من جانب المولى نصيرْ
***
المقطع التاسع:
عبد الملك يعجب بكلام ذلك الشيخ
وبقوة رأيه فيستعيد نشاطه على ضوء رأيه
وهنا أستعاد أبو هشام رشدَهُ
ومضى يخاطب ذلك الشيخ الوقورْ
عبد الملك: يا شيخ حسبك أنني عبد المليك
فجئ إلىّ إذا نجحت كما تقولْ
الشيخ: منى لمولاىَ اليمينْ أنْ لست أقبل منَّةً من ذى مواعيد
بخيلْ
عبد الملك: وَيْكَ اتّئِدْ من أين تعرف أنني
رجل بخيل
الشيخ: ما في حسامك من حلاوة لو نظرت
فإنها كنز جليلْ
عبد الملك: إني ذهلتُ ولا عتاب لذاهلٍ
فاعذرهْ
وهاك السيف والمال الجزيلْ
الشيخ: أنا لست أقبل ما حييت عطاء مُحتار
ذهولْ
وأنا كذا عبد المليك وأنت مثلي فلنمد الكف
للمعطى الكريمْ
دعني وربي أنه نعم الكفيلْ
من ليس يبخل قط أو يعروه في حالٍ ذهولْ
فارجعْ إلى نصحي
وأرضِ الله فهو بما تأمّلُه كفيلْ
فمضى ابن مروان
يُغِذّ السير يدحة الوعر في عرض السهول
عجلان يعتسف الفضاء
حتى اطل على دمشق فلم تقاومه الجموعْ
وقضى على عمرو ويالله من ذاك القتيلْ
يرمي به
بين الجموع برأسه تحت النجيعْ
والسيف ظمآن الشبا بيد ابن مروان الجليلْ
والناسْ
إن الناس تحت القصر في أمر مريجْ
غضباً لقتل الأشدِق
الليث الهصورْ
لكنه أعني الهمام أبا الوليدْ
نثر النضار عليهم فتبينوا سر الفضولْ
وتراجعوا لأبى الوليدِ
بصفّه
ومضى يروض الملك بالرأي الحصيفْ
قُدُماً
يوطّدْه على العزم العتيدْ
والعرش للسلطان فيما قيل غيلْ
***
المقطع العاشر:
عبد الملك يخطط الخطط للاستيلاء
على الحكم ويرسل القواد الأكفاء فيكسب النصر
فرمى ابن عوام بقائده الغشومْ
هو ذلك الحجاج ذو البطش الشديدْ
فأتى الحجازَ
لحرب عبد الله والدنيا خديمْ
ومضى يطارده ويقتحم السدومْ
وابن الزبير يصيح في أنصارهِ
والناسْ
ما للناس عافَت نصرَه إلا قريب أو حميمْ
أتُراه إذ كنََز النضارَ
فلا سخاء ولا عطاءْ والجند في حرب عقيمْ
حَمَلات حجاج
وبذل أبي الوليد كلاهما صفّ عظيمْ
فغدا ابن عوام يلوذ بزمزمِ
ويلوذ بالركن العظيمْ
وقذائف الحجاج ترميه وترمى البيت رمياً
أو يدينْ
وابن الزبير كأنه الطود الأشمّ هناك
والدنيا همومْ
فمضى يشاور أمه خير النساءْ
عبد الله مع أمه:
أماهْ
ما تَرَينَّ في شأني وقد بَرِحَا الخفاءْ
والناسَ عافوا نصرتي وتحيزوا خلف العدىَ
وبقيت في أعيان قومي قلة لا تُتقىَ
والموت في هذى المواطن شيمة للأوفياءْ
لكن عار المثلة الشوهاءِ
بعد القتل أخشى وهي من شيم اللئامْ
ماذا تَرَيْنْ؟
بنت الصديق: أبُنَىَّ صبراً للِقَّا فالصبر من شيم الكرامْ
يا بن الحواريَّ
الذي ما خار يوماً عن صدامْ
أقدْمْ
وقاتَلْ مستعدًّا للشهادة في الحِمامْ
فهي الحياة
ولن يضير الشاةَ بعد الموت تمزيق الإهابْ
كلا ولا لّحو العظام
أقدم
وسوف أراك في يوم القيامْ
والله يرضى عنك يا إِبْنى ويُدخِلك الجنانْ
أقدِمْ
لما قَدّمتَ من عمل تجد مولاك أهلا للوفاءْ
عبد الله تحت: فمضى يقاتل في شجاعتِهِ
السيف: قتال المستميتْ
والبيت تهدمه القذائف فوقه
وكأنما هو ذلك العلمَ الطويلْ
حتى قضى تحت الحسام قضاء ذى صبرٍ
كريمْ
***
المقطع الحادي عشر
مصرع عبد الله بن الزبير
والحجاج يأخذ البيعة لعبد الملك من الناس
والشعب
يعطي قائدَ الأمويّ بيعته على حسن انتظامْ
وأبو الوليد
يُجنّد الأجناد تكتَسح الشقاق على الثغورِ
فلا شقاق ولا خلافْ
جمعت له أطرافها بالنصر مملكة السلامِ
على السلامْ
ومضى يرسِّخ فوقها أقدامه
والناس أفواجاً إليه كما يشاء على التناصحِ
والوئامْ
الكهل يختتم حديثه: هذى أقاصيص الحياة فخذ بأحسن ما تراه
وذاك شأن الأذكياَ
والناسُ
تقتسم الحظوظ فذا ينال وذاك
لا…
والسر في الحرمان والتوفيق
في طى الخفاَ
لا يقنط المحروم لو ألوت به أيدي الشقاَ
وحَذارِ
للمجدود أن يَطغَى به جاه سعيدْ
أو أن يطيشَ بفكره حسد وعجب أو ريا
فالحظ ينبو مثلما ينبو الشباَ
وهنا
تبيّن للوليد النهجُ والدرب السَّوا
ورآى من الكهل الكريم
النصحَ
في نور الهدىَ
فجزاه شكرانا على حسن الصنيع
له
وأولاه الجَداَ
هذا وكم فاض البيان على يراعى
وانجلَى
وجلا سواد العين تمزجه سويداء القلوب
مِداد ختم
فُضّ عن مسك الهناَ
عبد الله بن علي الخليلي

مسرحية من ديوان ( على ركاب الجمهور )
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الخميس 2017/02/16 04:01:25 مساءً
إعجاب
مفضلة


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com