إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ |
ساقي مآقينا كؤوسَ الأرَقْ |
نحنُ وجدناهُ على دَرْبنا |
ذاتَ صباحٍ مَطِيرْ |
ونحنُ أعطيناهُ من حُبّنا |
رَبْتَةَ إشفاقٍ وركنًا صغيرْ |
ينبِضُ في قلبنا |
** |
فلم يَعُد يتركُنا أو يغيبْ |
عن دَرْبنا مَرّهْ |
يتبعُنا ملءَ الوجودِ الرحيبْ |
يا ليتَنا لم نَسقِهِ قَطْرهْ |
ذاكَ الصَّباحَ الكئيبْ |
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ |
ساقي مآقينا كؤوس الأرَقْ |
مِن أينَ يأتينا الأَلمْ? |
من أَينَ يأتينا? |
آخَى رؤانا من قِدَمْ |
ورَعى قوافينا |
** |
أمسِ اصْطحبناهُ إلى لُجج المياهْ |
وهناكَ كسّرناه بدّدْناهُ في موج البُحَيرهْ |
لم نُبْقِ منه آهةً لم نُبْقِ عَبْرهْ |
ولقد حَسِبْنا أنّنا عُدْنا بمنجًى من أذَاهْ |
ما عاد يُلْقي الحُزْنَ في بَسَماتنا |
أو يخْبئ الغُصَصَ المريرةَ خلف أغنيَّاتِنا |
** |
ثم استلمنا وردةً حمراءَ دافئةَ العبيرْ |
أحبابُنا بعثوا بها عبْرَ البحارْ |
ماذا توقّعناهُ فيها? غبطةٌ ورِضًا قريرْ |
لكنّها انتفضَتْ وسالتْ أدمعًا عطْشى حِرَارْ |
وسَقَتْ أصابعَنا الحزيناتِ النَّغَمْ |
إنّا نحبّك يا ألمْ |
** |
من أينَ يأتينا الألم? |
من أين يأتينا? |
آخى رؤانا من قِدَمْ |
ورَعَى قوافينا |
إنّا له عَطَشٌ وفَمْ |
يحيا ويَسْقينا |
أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ? |
نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ? أو أمْسِيهْ |
نشغُلُهُ? نُقْنعهُ بلعبةٍ? بأغنيهْ? |
بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ? |
** |
ومَن عَسَاهُ أن يكون ذلك الألمْ? |
طفلٌ صغيرٌ ناعمٌ مُستْفهِم العيونْ |
تسْكته تهويدةٌ ورَبْتَةٌ حَنونْ |
وإن تبسّمنا وغنّينا له يَنَمْ |
** |
يا أصبعًا أهدى لنا الدموع والنَّدَمْ |
مَن غيرهُ أغلقَ في وجه أسانا قلبَهُ |
ثم أتانا باكيًا يسألُ أن نُحبّهُ? |
ومن سواهُ وزّعَ الجراحَ وابتسَمْ? |
** |
هذا الصغيرُ... إنّه أبرَأ مَنْ ظَلَمْ |
عدوّنا المحبّ أو صديقنا اللدودْ |
يا طَعْنةً تريدُ أن نمنحَها خُدودْ |
دون اختلاجٍ عاتبٍ ودونما ألمْ |
** |
يا طفلَنا الصغيرَ سَامحْنا يدًا وفَمْ |
تحفِرُ في عُيوننا معابرًا للأدمعِ |
وتَسْتَثيرُ جُرْحَنا في موضعٍ وموضعِ |
إنّا غَفَرْنا الذنبَ والإيذاء من قِدَمْ |
كيف ننسىَ الألَمْ |
كيف ننساهُ? |
من يُضيءُ لنا |
ليلَ ذكراهُ? |
سوف نشربُهُ سوف نأكلُهُ |
وسنقفو شُرودَ خُطَاه |
وإذا نِمنا كان هيكلُهُ |
هو آخرَ شيءٍ نَرَاهْ |
** |
وملامحُهُ هي أوّلَ ما |
سوف نُبْصرُهُ في الصباحْ |
وسنحملُهُ مَعَنا حيثُما |
حملتنا المُنى والجراحْ |
** |
سنُبيحُ له أن يُقيم السُّدودْ |
بين أشواقنا والقَمَرْ |
بين حُرْقتنا وغديرٍ بَرُودْ |
بين أعيننا والنَّظَرْ |
** |
وسنسمح أن يَنْشُر البَلْوى |
والأسَى في مآقينا |
وسنُؤْويه في ثِنْيةٍ نَشْوَى |
من ضلوع أغانينا |
** |
وأخيرًا ستجرفُهُ الوديانْ |
ويوسّدُهُ الصُّبَّيْر |
وسيهبِطُ واديَنَا النسيان |
يا أسانا مساءَ الخَيْرْ! |
** |
سوف ننسى الألم |
سوف ننساهُ |
إنّنا بالرضا |
قد سقيناهُ |
نحن توّجناكَ في تهويمةِ الفجْرِ إلهَا |
وعلى مذبحكَ الفضيّ مرّغْنَا الجِبَاهَا |
يا هَوانا يا ألَمْ |
ومن الكَتّانِ والسِّمْسِمِ أحرقنا بخورَا |
ثمّ قَدّمْنا القرابينَ ورتّلْنَا سُطورَا |
بابليَّاتِ النَّغَمْ |
** |
نحنُ شَيّدنا لكَ المعبَدَ جُدرانًا شَذيّهْ |
ورَششنا أرضَهُ بالزَّيتِ والخمرِ النَّقيَّهْ |
والدموع المُحرِقهْ |
نحن أشعلنا لكَ النيرانَ من سَعف النخيلِ |
وأسانا وَهشيم القمح في ليلٍ طويلِ |
بشفاهٍ مُطْبَقَهْ |
** |
نحنُ رتّلْنَا ونادَيْنا وقدّمْنا النذورْ: |
بَلَحٌ من بابلِ السَّكْرَى وخُبْزٌ وخمورْ |
وورودٌ فَرِحَهْ |
ثمّ صلّينا لعينيك وقرّبنا ضحيّهْ |
وجَمَعْنا قطَراتِ الأدمُعِ الحرّى السخيّهْ |
وَصنَعْنا مَسْبَحَهْ |
** |
أنتَ يا مَنْ كفُّهُ أعطتْ لحونًا وأغاني |
يا دموعًا تمنحُ الحكمةَ يا نبْعَ معانِ |
يا ثَرَاءً وخُصوبَهْ |
يا حنانًا قاسيًا يا نقمةً تقطُرُ رحْمَه |
نحنُ خبّأناكَ في أحلامنا في كلّ نغْمهْ |
من أغانينا الكئيبهْ |