أعرَفَتْ بَينَ رُوَيّتَينِ وَحَنْبَلٍ | |
|
| دِمَناً تَلُوحُ كَأنّهَا الأسْطَارُ |
|
لَعِبَ العَجاجُ بِكُلّ مَعْرِفَةٍ لهَا، | |
|
| وَمُلِثّةٌ غَبَياتُهَا مِدْرَارُ |
|
فَعَفَتْ مَعالِمَها، وَغَيّرَ رَسْمَها | |
|
| رِيحٌ تَرَوّحُ بِالحَصَى مِبْكَارُ |
|
فَترَى الأثَافيَ وَالرّمَادَ كَأنّهُ | |
|
| بَوٌّ عَلَيْهِ رَوَائِمٌ أظْآرُ |
|
وَلَقَدْ يَحُلّ بها الجَميعُ، وَفيهِمُ | |
|
| حُورُ العُيُونِ كَأنّهُنّ صِوارُ |
|
يَأنَسْنَ عِندَ بُعُولِهنّ إذا التَقَوْا، | |
|
| وَإذا هُمُ بَرَزُوا فَهُنّ خِفَارُ |
|
شُمُسٌ إذا بَلٍغ الحَديثُ حَيَاءَهُº | |
|
| وَأوَانِسٌ بِكَرِيمَةٍ أغْرَارُ |
|
وَكَلامُهُنّ كَأنّمَا مَرْفُوعُهُ | |
|
| بحَديثِهِنّ، إذا التَقَيْنَ، سِرَارُ |
|
رُجُحٌ وَلَسْنَ مِنَ اللّوَاتي بالضّحَى | |
|
| لذُيولهِنّ، على الطّرِيقِ، غُبَارُ |
|
وَإذا خَرَجْنَ يَعُدْنَ أهْلَ مُصَابَةٍ | |
|
| كان الخُطا لِسِرَاعِها الأشْبارُ |
|
هُنّ الحَرَائرُ لمْ يَرِثْنَ لِمُعْرِضٍ | |
|
| مالاً، وَلَيْسَ أبٌ لَهُنّ يُجَارُ |
|
فَاطرَحْ بعَيْنِكَ هَلْ تَرَى أحداجهم | |
|
| كالدَّوْمِ حِينَ تُحَمَّلُ الأخْدَارُ |
|
يَغْشَى الإكَامَ بِهِنّ كُلُّ مُخَيَّس | |
|
| قَدْ شَاكَ مُخْتَلِفَاتُهُ مَوّارُ |
|
وَإذا العُيُونُ تَكارَهَتْ أبْصَارُها، | |
|
| وَجَرَى بِهنّ مَعَ السّرَابِ قِفَارُ |
|
نَظَرَ الدَّلَهْمسُ نَظْرَةً مَا رَدّها | |
|
| حَولٌ بِمُقْلَتِهِ، وَلا عُوّارُ |
|
فَرَأى الحُمُولَ كَأنّمَا أحْداجُهَا | |
|
| في الآلِ حِينَ سَمَا بها الإظْهَارُ |
|
نَخلٌ يَكَادُ ذُرَاهُ مِنْ قِنْوَانِهِ، | |
|
| بذُرَيْعَتَينِ، يُمِيلُهُ الإيقَارُ |
|
إنّ المَلامَةَ مِثْلُ مَا بَكَرَتْ به، | |
|
| مِنْ تَحْتِ لَيْلَتها عَلَيكَ، نَوَارُ |
|
وَتَقُولُ كَيْفَ يَميلُ مِثْلُكَ للصِّبا | |
|
| وَعَلَيْكَ مِنْ سَمَةِ الحَلِيمِ عِذارُ |
|
وَالشَّيبُ يَنهَضُ في السّوَادِ كأنّهُ | |
|
| لَيْلٌ يَصِيحُ بِجَانِبَيْهِ نَهَارُ |
|
إنّ الشّبابَ لَرَابِحٌ مَنْ بَاعَهُ، | |
|
| وَالشَّيْبُ لَيسَ لِبَائِعِيهِ تِجَارُ |
|
يا ابنَ المَرَاغَة! أنتَ ألأمُ مَن مَشَى | |
|
| وَأذَلُّ مَنْ لِبَنَانِهِ أظْفَارُ |
|
وَإذا ذَكَرْتَ أبَاكَ أوْ أيّامَهُ، | |
|
| أخْزَاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأحْجارُ |
|
إنّ المَرَاغَةَ مَرّغَتْ يَرْبُوعَها | |
|
| في اللّؤمِ، حَيْثُ تجاهَدَ المِضْمارُ |
|
أنْتُمْ قَرَارَةُ كُلّ مَدْفَعِ سَوْءَةٍ، | |
|
| وَلِكُلّ دافِعَةٍ تَسِيلُ قَرَارُ |
|
إني غَمَمْتُكَ بالهِجاءِ وَبِالحَصَى، | |
|
| وَمَكَارِمٍ لِفِعالهِنّ مَنَارُ |
|
وَلَقَدْ عَطَفْتُ عَلَيْكَ حَرْباً مُرّةً، | |
|
| إنّ الحُرُوبَ عَوَاطِفٌ أمْرارُ |
|
حَرْباً، وأُمِّكَ، لَيْسَ مُنجيَ هارِبٍ | |
|
| مِنْها، وَلَوْ رَكِبَ النّعَامَ، فِرَارُ |
|
فلأفْخَرَنّ عَلَيْكَ فَخْراً لي بِهِ | |
|
| قُحَمٌ عَلَيْكَ مِنَ الفَخَارِ كِبَارُ |
|
إني لَيَرْفَعُني عَلَيْكَ لِدارِمٍ | |
|
| قَرْمٌ لَهُمْ وَنَجِيبَةٌ مِذْكَارُ |
|
وَإذا نَظَرْتَ رَأيتَ فوْقَكَ دارِماً | |
|
| في الجَوّ حَيْثُ تُقَطَّعُ الأبْصَارُ |
|
إني لَيَعْطِفُ لِلّئِيمِ، إذا رَجَا، | |
|
| مِني الرّوَاحَ مُجَرَّبٌ كَرّارُ |
|
إني لأشْتِمُكُمْ وَمَا في قَوْمِكُمْ | |
|
| حَسَبٌ يُعَادِلُنا، وَلا أخْطارُ |
|
|
| لَهُمُ السّماءُ عَلَيْكَ وَالأنْهَارُ |
|
وَالأكْرَمُونَ إذا يُعَدّ قَدِيمُهُمْ، | |
|
| والأكْثَرُونَ إذا يُعَدّ كِثَارُ |
|
وَلَهُمْ عَلَيْك إذا القُرُومُ تخاطَرَتْ | |
|
| خَمْطُ الفُحُولَةِ مُصْعَبٌ خَطّارُ |
|
وَلهُمْ عَليكَ إذا الفُحولُ تَدافَعَتْ | |
|
| لُجَجٌ يَضُمّكَ مَوْجُهُنّ غِمَارُ |
|
قَوْمٌ يُرَدّ بِهِمْ، إذا ما اسْتَلأمُوا، | |
|
| غَضَبُ المُلُوكِ، وَتُمْنَعُ الأدْبَارُ |
|
مَنَعَ النّسَاءَ لآلِ ضَبّةَ وَقْعَةٌ، | |
|
| وَلآلِ سَعْدٍ وَقْعَةٌ مِبْكَارُ |
|
فَاسْألْ غَداةَ جَدُودَ أيُّ فَوَارِسٍ | |
|
| مَنَعُوا النّسَاءَ لِعُوذِهِنّ جُؤارُ |
|
وَالخَيْلُ عَابِسَةٌ، عَلى أكْتافِهَا | |
|
| دُفَعٌ تَبُلّ صُدُورَهَا وَغُبَارُ |
|
إنّا، وَأُمِّكَ، مَا تَظَلّ جِيَادُنا | |
|
| إلاّ شَوَازِبَ لاحهُنّ غِوَارُ |
|
قُبّاً بِنَا وَبِهِنّ يُدْفَعُ وَالقَنَا | |
|
| وَغْمُ العَدُوّ وَتُنْقَضُ الأوْتَارُ |
|
كَم كانَ مِن مَلِكٍ وَطِئْنَ وَسُوقةٍ | |
|
| أطْلَقْنَهُ وَبِسَاعِدَيْهِ إسَارُ |
|
كانَ الفِداءُ لَهُ صُدُورَ رِمَاحِنَا، | |
|
| وَالخَيْلَ إذْ رَهَجُ الغُبَارِ مُثَارُ |
|
وَلَئِنْ سَألْتَ لَتُنْبَأنّ بِأنّنَا | |
|
| نَسْمُو بِأكْرَمِ ما تَعُدّ نِزَارُ |
|
قالَ المَلائِكَةُ الّذِينَ تُخُيِّرُوا، | |
|
| وَالمُصْطَفُونَ لِدِينِهِ الأخْيَارُ: |
|
أبْكَى الإلَهُ عَلى بَلِيّةَ مَنْ بكَى | |
|
| جَدَثاً يَنُوحُ على صَدَاهُ حِمَارُ |
|
كانَتْ مُنافِقَةَ الحَياةِ، وَمَوْتُها | |
|
| خِزْيٌ عَلانِيَةٌ عَلَيْكَ وَعَارُ |
|
فَلَئِنْ بَكَيْتَ على الأتانِ لقد بكَى | |
|
| جَزَعاً، غَادةَ فِرَاقِهَا، الأعيْارُ |
|
يَنْهَسْنَ أذْرُعَهُنّ حِينَ عَهِدْنَها | |
|
| وَمَكانُ جُثْوَتِها لَهُنّ دُوَارُ |
|
تَبْكي عَلى امْرَأةٍ وَعِنْدَكَ مِثْلُها | |
|
| قَعْسَاءُ لَيسَ لها عَلَيْكَ خِمَارُ |
|
وَلَتَكْفِيَنّكَ فقْدَ زَوْجَتِكَ التي | |
|
| هَلَكَتْ مُوَقَّعَةُ الظّهُورِ قِصَارُ |
|
أخَوَاتُ أُمِّكَ كُلّهُنّ حَرِيصَةٌ، | |
|
| ألاّ يَفُوتَكَ عِنْدَها الإصْهَارُ |
|
فاخْطُبْ وَقُلْ لأبيكَ يَشْفَعْ إنّهُ | |
|
| سَيَكُونُ، أوْ سَيُعِينُكَ المِقْدارُ |
|
بِكْراً عَستْ بكَ أن تكونَ حَظِيّةً، | |
|
| إنّ المَنَاكِحَ خَيرُها الأبْكَارُ |
|
إنّ الزّيارَةَ في الحَياةِ، ولا أرَى | |
|
| مَيْتاً إذا دَخَلَ القُبُورَ يُزَارُ |
|
لما جَنَنْتَ اليَوْمَ مِنْهَا أعْظُماً، | |
|
| يَبْرُقْنَ، بَينَ فُصُوصِهِنّ، فِقَارُ |
|
وَرَثَيْتَها وَفَضَحْتَها، في قَبْرِها، | |
|
| مَا مِثْلَ ذلِكَ تَفْعَلُ الأخْيَارُ |
|
وَأكَلْتَ ما ذَخَرَتْ لنَفْسِكَ دونَها | |
|
| وَالجَدْبُ فيهِ تَفاضَلُ الأبْرَارُ |
|
آثَرْتَ نَفْسَكَ بِاللَّوِيّةِ وَالّتي | |
|
| كَانَتْ لهَا وَلِمثْلِهَا الأذْخَارُ |
|
وَتَرَى اللّئِيمَ كَذاكَ دُونَ عِيَالِهِ، | |
|
| وَعَلى قَعِيدَتِهِ لَهُ اسْتِئْثَارُ |
|
أنَسِيتَ صُحْبَتَها، وَمَن يَكُ مُقرِفاً | |
|
| تُخرِجْ مُغَيَّبَ سِرِّهِ الأخْبَارُ |
|
لمّا شَبِعْتَ ذَكَرْتَ رِيحَ كِسَائِهَا، | |
|
| وَتَرَكْتَها، وَشِتَاؤها هَرّارُ |
|
هَلاّ وَقَدْ غَمَرَتْ فُؤادَكَ كَثْبَةٌ، | |
|
| وَالضّأنُ مُخْصِبَةُ الجَنابِ غِزَارُ |
|
هَجْهَجْتَ حِينَ دَعَتكَ إنْ لم تأتِها | |
|
| حَيْثُ السّباعُ شَوَارِعٌ كُشّارُ |
|
نَهَضَتْ لتَحْرُزَ شِلْوَها فَتَجَوّرَتْ | |
|
| وَالمُخُّ مِنْ قَصَبِ القَوَائِمِ رَارُ |
|
قالَتْ، وَقَدْ جَنَحَتْ عَلى مَملولها، | |
|
| وَالنّارُ تَخْبُو مَرّةً وَتُثَارُ |
|
عَجْفَاءُ، عَارِيَةُ العِظَامِ، أصَابها | |
|
| حَدَثُ الزّمَانِ، وَجَدُّها العَثّارُ: |
|
أبَني الحَرَامِ فَتاتُكُمْ لا تُهْزَلَنْ | |
|
| ، إنّ الهُزَالَ عَلى الحَرائِرِ عَارُ |
|
لا تَتْرُكَنّ، وَلا يَزَالَنْ عِنْدَهَا | |
|
| مِنْكُمْ، بِحَدّ شِتَائِهَا، مَيّارُ |
|
وَبِحَقّها، وَأبِيكَ، تُهْزَلُ مَا لهَا | |
|
| مَالٌ فَيَعْصِمَهَا، وَلا أيْسارُ |
|
وَتَرَى شُيُوخَ بَني كُلَيْبٍ بَعْدَها | |
|
| شَمِطَ اللِّحَى، وَتَسَعْسَعَ الأعمارُ |
|
يَتَكَلّمُونَ مَعَ الرّجالِ تَراهُمُ | |
|
| زُبَّ اللّحَى، وَقُلُوبُهُمْ أصْفَارُ |
|
وَنُسَيّةٌ لِبَني كُلَيْبٍ عِنْدَهُمْ | |
|
| مِثْلُ الخَنَافِسِ بَيْنَهُنّ وِبَارُ |
|
مُتَقَبِّضَاتٌ عِنْدَ شَرِّ بُعُولَةٍ، | |
|
| شَمِطَتْ رُؤوسُهُمُ وَهُمْ أغْمَارُ |
|
أمَةُ اليَدَيْنِ لَئِيمَةٌ آباؤها، | |
|
| سَوْداءُ حَيْثُ يُعلَّقُ التِّقْصَارُ |
|
مُتَعَالِمُ النَّفَرِ الّذِينَ هُمُ هُمُ | |
|
| بِالتَّبْلِ لا غُمُرٌ ولا أفْتَارُ |
|
فَارْبِطْ لأُمّكَ عَنْ أبِيكَ أتَانَهُ، | |
|
| وَاخْسأ فَما بكَ للكرَامِ فَخَارُ |
|
كَمْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ لَئِيمٍ خائِنٍ | |
|
| تُرِكَتْ مَسَامِعُهُ وَهُنّ صِغَارُ |
|