قَد بَلَّغَتكَ المَهاري مُنتَهى الأَمَلِ | |
|
| فَما التَقَلقُلُ مِن سَهلٍ إِلى جَبَلٍ |
|
أَرِح رِكابَكَ فَالأَرزاقُ قَد كُتِبَت | |
|
| وَلَيسَ يَعدوكَ ما قَد خُطَّ في الأَزَل |
|
فَطالَما أَوضَعَت خوصُ الرِكابِ بِنا | |
|
| في مَهمَهٍ فَذَفٍ أَو مَجهَلٍ غُفُلٍ |
|
سَباسِبٌ يَقلِبُ الأَلوانَ صَيخَدُها | |
|
| وَتارَةً فَوقَ أَلواحٍ بِذي زَجَلِ |
|
فَالآنَ لَمّا أَقالَ اللَهُ عَثرَتَنا | |
|
| في دَولَةِ المُرتَضى في القَولِ وَالعَمَلِ |
|
فَخَفِّضِ أَلهَمَّ وَاِنعَم في ذَرى مَلِكٍ | |
|
| وَاِعفِ الرَكائِبَ مِن حِلٍّ وَمُرتَحَلِ |
|
مَلكٌ تَباشَرَتِ الدُنيا بِطَلعَتِهِ | |
|
| وَاِفتَرَّ ثَغرُ الرِضا عَن مَبسِمِ الجَذَلِ |
|
سَما إِلى المَجدِ لَم تُقطَع تَمائِمُهُ | |
|
| بِصِدقِ عَزمِ فَتىً في رَأيِ مُكتَهِلِ |
|
عَبدُ العَزيزِ الذي عادَ الزَمانُ فَتىً | |
|
| في وَقتِهِ بَعد قَيدِ الشَيبِ وَالقَزَل |
|
لَم يَطلُبِ المُلكَ إِرثاً بَل سَعى وَسَطا | |
|
| حَتّى حَواهُ بِعزمِ الفاتِكِ البَطَلِ |
|
لكِن لِآبائِهِ في المُلكِ مَنقَبَةٌ | |
|
| أَضحَوا بِها غُرَّةً في جَبهَةِ الدُوَلِ |
|
أَشَمُّ أَروَعُ مِن آسادِ مَملَكَةٍ | |
|
| أَرسَوا قَواعِدَها بِالبيضِ وَالأَسَلِ |
|
المُنعِمينَ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ | |
|
| وَالحاكِمينَ بِلا جَورٍ وَلا مَيَلِ |
|
وَالعامِرينَ مِنَ التَقوى سَرائِرَهُم | |
|
| وَالناهِجينَ على الأَهدى مِنَ السُبُلِ |
|
ياِبنَ الأَولى قَرَّضوا الدُنيا بِمَجدِهِمُ | |
|
| كَما بكَ الآنَ أَضحى الكَونُ في جَذلِ |
|
هُم فاخَروكم لَدى النُعمانِ فَاِرتَفَعَت | |
|
| راياتُكُم عِندهُ في ذلكَ الحَفلِ |
|
فَظَلَّ قَيسٌ يُديرُ الريقَ مِن غُصَصٍ | |
|
| وَجَرَّ عامِرُ ذَيلَ الغَبنِ وَالخَجَلِ |
|
وَفي أَوانِ اِغتِرابِ الدينِ كانَ لَكُم | |
|
| مَشاهِدٌ أَصلَحَت ما كانَ مِن خَلِلِ |
|
نَصرتُموهُ بِضَربِ صادِقٍ خَذِمٍ | |
|
| أَنسى مَعارِكَ مِن صِفّينَ وَالجَمَلِ |
|
حُزتُم بهِ الدينَ وَالدُنيا وَصارَ لكُم | |
|
| فَخراً وَأَجراً إِذا ما جيءَ بِالرُسُلِ |
|
لَو كانَ فَيصَلُ يدري قَبلَ ميتَتهِ | |
|
| أَنَّكَ من صُلبِهِ اِستَبطا مَدى الأَجَلِ |
|
أَطلَعتَ شَمساً عَلى الآفاقِ مُشرِقَةً | |
|
| لكِنَّها لَم تَزَل في دارَةِ الحَمَلِ |
|
أَصلَحتَ لِلنّاسِ دُنياهُم وَدينهم | |
|
| فَأَصبَحوا بكَ في أَمنٍ وَفي خَولِ |
|
أَرشَدتَ جاهِلَهُم عِلماً وَمُحسِنَهُم | |
|
| فَضلاً وَمُذنِبِهُم عَفواً عَن الزَلَلِ |
|
عُدلٌ تَظَلُّ بهِ السيدانُ خاوِيَةً | |
|
| مِنَ الطَوى وَهيَ بَينَ الجَدي وَالحَمَلِ |
|
اِنظُر إِلَيهِ تَجِدهُ في فَضائِلِهِ | |
|
| مِلءَ المَسامِعِ وَالأَفواهِ وَالمُقلِ |
|
مَكارِمٌ لَم تَكُن تُعزى إِلى أَحَدٍ | |
|
| مِمَّن مَضى كُنتَ فيها غايَةَ المَثَلِ |
|
سَمعاً بَني الوَقتِ إِنّي غَيرُ مُتَّهَمٍ | |
|
| في نُصحِكُم لا وَلا أَطوي عَلى دَخَلِ |
|
أَنا الكَفيلُ لِمَن لَم يَدرِ قيمَتَهُ | |
|
| بِساعَةٍ تَفصِلُ الأَعضا مِنَ القُلَلِ |
|
حَذارِ مِن أَسدٍ إِن هيجَ كانَ لَهُ | |
|
| زَماجِرٌ تَقذِفُ الأَروى مِنَ الجَبَلِ |
|
يَموجُ بَحرُ المَنايا عِندَ غَضبَتِهِ | |
|
| بَينَ الأَظافِرِ أَو أَنيابِهِ العُصُلِ |
|
إِنَّ الغَريمَ الذي ماحَكتُمُ شَرِسٌ | |
|
| إِذا تَقاضى مُلِحٌّ لَيسَ بِالوَكِلِ |
|
لا يَصعُبُ الأَمرُ إِلّا رَيثَ يَركَبُهُ | |
|
| مُصَمِّمُ العَزمِ لا يُصغي إِلى العَذَلِ |
|
فَلَيتَ شِعرِيَ هَل لِلنُّصحِ مُستَمِعٌ | |
|
| أَم كُنتُ أَنفُخُ في نارٍ عَلى وَشَلِ |
|
مَن لَم يَقِس ما بَقي مِن دَهرِهِ نَظراً | |
|
| لِما مَضى فَهوَ مِن مُستَعجَمِ الهَمَلِ |
|
كَم شَدَّ قَومٌ وَجَدّوا في عَداوَتِهِ | |
|
| فَأَصبَحوا بَينَ مَوهوقٍ وَمُنخَذِلِ |
|
فَلا يَغُرَّ أُناساً عَفوُهُ فَهُمُ | |
|
| إِن أَحدَثوا يَسقِهِم صاباً مِنَ العَسَلِ |
|
ما كُلَّ يَومٍ يُقالُ المَرءُ عَثرَتُهُ | |
|
| لَو قالَ لا ناقَتي فيها وَلا جَملي |
|
خُذ ما أَتَتكَ بهِ عَفواً سَجِيَّتهُ | |
|
| وَلا تَقُل لِلذي يَأباهُ ذلكَ لي |
|
يا واحِداً في بَني الدُنيا بِلا شَبَهٍ | |
|
| في عَصرِهِ وَلا في الأَعصُرِ الأُوَلِ |
|
إِنّي وَإِن أَطالَ مَدحي فيكَ مُقتَصِرٌ | |
|
| وَأَينَ مَن في الثَرى يَرقى إلى زُحلِ |
|
وَإِن كَسَوتُكَ مِن حُسنِ الثَنا حُلَلاً | |
|
| فَأَنتَ مِن قَبلِها أَبهى مِنَ الحُلَلِ |
|
وَإِنَّما الشِعرُ يَرتاحُ الكِرامُ لهُ | |
|
| يَهُزُّهُم كَاِهتِزازِ الشارِبِ الثَمِلِ |
|
وَالمَرءُ حَيٌّ إِذا بَقيَت مَآثِرُهُ | |
|
| تُتلى بِحُسنِ الثَنايا بِالمَنطِقِ الجَزِلِ |
|
وَأَنتَ كَالغَيثِ يَعلو كُلَّ رابِيَةٍ | |
|
| وَيَستَقِرُّ لِنَفعِ الناسِ في السَهل |
|
خُذها إِلَيكَ كَنَظمِ الدُرِّ فَصَّلَهُ | |
|
| شَذرٌ مِنَ التِبرِ لَم يُسبَك عَلى زَغَلِ |
|
غَرّاءُ تَفزَعُ أَسماعُ الرُواةِ لَها | |
|
| بِمَنطِقٍ صينَ عَن عِيٍّ وَعن خَطَلُ |
|
إِن تَرضَها فَهوَ مَهرٌ لا كِفاءَ لهُ | |
|
| وَمن طِباعِكَ إِغضاءٌ عَنِ الخَلَلِ |
|
وَاللَهُ يُعطيكَ مِن أَعمارِنا مَدَداً | |
|
| في ظِلِّ عَيشٍ أَنيقٍ دائِمٍ خَضلِ |
|
تَدومُ لِلدّينِ وَالدُنيا تَحوطُهُما | |
|
| بِعاجِلِ النَصرِ في عِزٍّ وَفي مَهل |
|
مُمَتَّعاً بِبَنيكَ الغُرِّ مُبتَهِجاً | |
|
| بِالآلِ وَالخالِ وَالإِخوانِ وَالخَوَلِ |
|
فَلَيسَ إِلّا كُم شَيءٌ نُسَرُّ بهِ | |
|
| أَنتَ الغَنيمةُ من حافٍ وَمُنتَعلِ |
|
ثُمَّ الصَلاةُ على الهادي الذي نُسِخَت | |
|
| بِشَرعِهِ شِرعَةُ الأديانِ وَالنِحَلِ |
|
مُحمدٍ خيرِ مَن يَمشي على قَدَمٍ | |
|
| وَالآلِ وَالصَحبِ في الأَبكارِ وَالأُصَلِ |
|