تَلَألَأَت بِكَ لِلإِسلامِ أَنوارُ |
كَما جَرَت بِكَ لِلإِسعادِ أَقدارُ |
إِنَّ الَّذي قَدَرَ الأَشيا بِحِكمَتِهِ |
لِما يُريدُ مِنَ الخَيراتِ يَختارُ |
وَالعَبدُ إِن صَلُحَت لِلَّهِ نِيَّتُهُ |
لا بُدَّ يَبدو لَها في الكَونِ آثارُ |
سِرٌّ بَديعٌ أَرادَ اللَهُ يُظهِرُهُ |
لَمّا أَتَيتَ وَكَم في الغَيبِ أَسرارُ |
وَحِكمَةٌ بِكَ رَبُّ العَرشِ أَظهَرَها |
كَالنورِ واراهُ قَبلَ القَدحِ أَحجارُ |
تَأَلَّفَت بِكَ أَهواءٌ مُفَرَّقَةٌ |
تَأَجَّجَت بَينَهُم مِن قَبلِكَ النارُ |
فَأَصبَحوا بَعدَ تَوفيقِ الإِلهِ لَهُم |
بَعدَ الشَقا وَالجَفا في الدينِ أَخبارُ |
قُل لِلَّذينَ بِلَفظِ الرُشدِ قَد نُبِزوا |
الاِسمُ إِن لَم يُطابِق فِعلَه عارُ |
أَرداكُم ظَنُّكُم بِاللَهِ مِن سَفَهٍ |
أَن لَيسَ يوجَدُ لِلإِسلامِ أَنصارُ |
رَأَيتُمُ طاعَةَ الأَتراكِ واجِبَةً |
لِأَنَّهُم عِندَكُم لِلبَيتِ عُمّار |
كَأَنَّكُم لَم تَرَوا ما في بَراءَةَ أَم |
زاغَت بَصائِرُكُم عَنها وَأَبصارُ |
كَذلِكَ الشِركُ وَالكُفرُ العَظيمُ لَهُم |
فيهِ وَفي الشَرِّ إِقبالٌ وَإِدبارُ |
وَعِندَهُم أَنَّ أَحكامَ الكِتابِ بِها |
عَلى الخَليفَةِ أِجحافٌ وَإِضرارُ |
فَخالَفوها بِأَوضاعِ مُلَفَّقَةٍ |
وَهُم بِأَوضاعِهِم لاشَكَّ كُفّارُ |
فَلَيتَ شِعري أَذا جَهلٌ بِحالِهِمُ |
أَمِ اِتِّباعُ الهَوى وَالغَيِّ خَمّارُ |
لَمّا عَوَت أَكلُبُ الأَتراكِ بَينَكُمُ |
رَقَصتُمُ حينَ لا لِلدّينِ أَنصارُ |
هَلّا اِتَّبَعتُم إِماماً جُلُّ مَقصَدِهِ |
لِلمُسلِمينَ وَلِلإِسلامِ إِظهارُ |
عَبدُ العَزيزِ الَّذي اِشتاقَت لِرُؤيَتِهِ |
وَعَهدِِهِ في فَسيحِ الأَرضِ أَمصار |
فَرعُ الأَئِمَّةِ مِن بَعدِ الرَسولِ وَهُم |
لِوائِلٍ في قَديمِ الدَهرِ أَقمارُ |
كُنّا نَمُرُّ عَلى الأَمواتِ نَغبِطُهُم |
مِن قَبلِهِ إِذ تَوَلّى الأَمرَ أَشرارُ |
فَالآنَ طابَت بِهِ الأَيّامُ إِذ أُخِذَت |
بِهِ لِأَهلِ الهُدى وَالدينِ أَوتارُ |
إِنّي أَقولُ وَخَيرُ القَولِ أَصدَقُهُ |
إِن كانَ يَنفَعُكم نَذرٌ وَإِنذارُ |
لا تَحسَبوها أَحاديثاً مُزَخرَفَةً |
يَلهو بِها وَسطَ نادي الحَيِّ سُمّارُ |
لَتَقرَعَنَّ قَريباً سِنَّ ذي نَدَمٍ |
غَداةَ يُسلِمُكُم لِلحَينِ غَرّارُ |
إِذا أَتَتكُم حُماةُ الدينِ يَقدُمُهُم |
لَيثٌ هِزَبرٌ لَهُ نابٌ وَأَظفار |
شَثنُ البَراثِنِ لا تَعدو فَرائِسُهُ |
صَيدَ المُلوكِ وَإِلّا تُخرَبُ الدارُ |
مِنَ الأُولى اَتَّخَذوا الماذي لِباسَهُمُ |
إِذا تَشاجَرَ لَدنُ السُمرِ خَطّارُ |
الجابِرينَ صُدوعَ المُعتَفينَ وَما |
عَنهُم مُجيرٌ لَدى بَغيٍ وَلا جارُ |
كَم قَد أَعادَ وَأَبدى نُصحَكُم شَفَقاً |
لَو كانَ مِنكُم لَكُم بِالرُشدِ أَمّارُ |
وَأَجهَلُ الناسِ مَن لَم يَدرِ قيمَتَهُ |
أَو غَرَّهُ إِن خَلا المَيدانُ إِحضارُ |
وَمَن بَنى في حَميلِ السَيلِ مَنزِلَهُ |
لا بُدَّ يَأتيهِ يَوماً مِنهُ دَمّارُ |
لكِنَّهُ غَرَّكُم مَن لَيسَ يسعِدُكُم |
عَبيدُ سوءٍ وَأَعرابٌ وَصُفّارُ |
إِنَّ الحُصونَ إِلى البَلوى سَتُسلِمُكُم |
كَما جَرى لِلَّذي أَعلى سِنِمّارُ |
لكِن رَأى حَصرَكُم في قَعرِ دارِكُمُ |
فيهِ اِحتِقارٌ لكُم أَيضاً وَإِصغارُ |
فَأَضرَمَ النارَ جَهراً في جَوانِبِكُم |
حامي الحَقائِقِ لِلهَيجاءِ مِسعارُ |
اِبنُ الإِمامِ الَّذي قَد كانَ أَرصَدَهُ |
لَكُم أَبوهُ شِهاباً فيهِ إِعصارُ |
وَالشِبلُ لا غَروَ أَن تَعدو مَسالِكُهُ |
مَسالِكَ اللَيثِ لَو يَمتَدُّ مِضمارُ |
تُرِكتُمُ صورَةً جَذماءَ لَيسَ لَها |
كَفٌّ لِبَطشٍ وَلا رِجلٌ إِذا ساروا |
إِن لَم تُنيبوا إِلى الإِسلامِ فَاِنتَظِروا |
يَوماً عَلَيكُم لَهُ ذِكرٌ وَأَخبارُ |
هذا مَقالُ اِمرىءٍ يُهدي نَصيحَتَهُ |
وَالنُصحُ فيهِ لِأَهلِ اللُبِّ تَذكارُ |
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى الهادي وَشيعَتِهِ |
وَصَحبِهِ ما شَدا في الأَيكِ أَطيارُ |