عُج بي عَلى الرَّبعِ حَيثُ الرَّندُ وَالبانُ |
وَإِن نَأى عَنهُ أَحبابٌ وَجِيرانُ |
فَلِلمَنازِلِ في شَرعِ الهَوى سُنَنٌ |
يَدري بِها مَن لَهُ بِالحُبِّ عِرفانُ |
وَقَلَّ ذاكَ لِمَغنىً قَد سَحَبنَ بِهِ |
ذَيلَ التَصابي بِرَسمِ الشَجوِ غِزلانُ |
القاتِلاتُ بِلا عَقلٍ وَلا قَوَدٍ |
سُلطانُهُنَّ عَلى الأَملاكِ سُلطانُ |
لِلّهِ أَحوَرُ ساجي الطَرفِ مُقتَبِلٌ |
عَذبُ اللَمى لُؤلُؤِيُّ الثَغرِ فَتّانُ |
عَبلُ الرَوادِفِ يَندى جِسمُهُ تَرَفاً |
ظامي الوُشاحِ لَطيفُ الروحِ جَذلانُ |
كَأَنَّما البَدرُ في لَألاءِ غُرَّتِهِ |
يا لَيتَ يَصحَبُ ذاكَ الحُسنَ إِحسانُ |
يَهتَزُّ مِثلَ اِهتِزازِ الغُصنِ رَنَّحَهُ |
سُكرُ الصِبا فَهوَ صاحي القَدِّ نَشوان |
لَو كانَ يُمكِن قُلنا اليَومَ أَبرَزَهُ |
لِيَنظُرَ الناسُ كنهَ الحسنِ رِضوانُ |
قَد كُنتُ أَحسَب أَنَّ الشَملَ مُلتَئِمٌ |
وَالجَبلَ مُتَّصِلٌ وَالحَيَّ خُلطانُ |
فَاليَومَ لا وَصلَ أَرجوهُ فَيُطمِعَني |
وَلا يَطيفُ بِهذا القَلبِ سُلوانُ |
في ذِمَّةِ اللَهِ جيرانٌ إِذا ذُكِروا |
هاجَت لِذِكرِهِمُ في القَلبِ أَحزانُ |
فارَقتُهُم أَمتَري أَخلافَ سائِمَةٍ |
يَسوقُها واسَعُ المَعروفِ مَنّانُ |
لَعَلَّ نَفحَة جودٍ مِن مَواهِبِهِ |
يُروى بِها مِن صَدى الإِقتارِ عَطشانُ |
أُرايِشُ مِنها جَناحاً حَصَّةُ قَدَرٌ |
شَكا تَساقُطَهُ صَحبٌ وَإِخوانُ |
وَفي اِضطِرابِ الفَتى نُجحٌ لِبُغيَتِهِ |
وَلِلمَقاديرِ إِسعادٌ وَخِذلانُ |
فَاِربَأ بِنَفسِكَ عَن دارٍ تَذِلُّ بِها |
لَو أَنَّ حَصباءَها دُرٌّ وَمَرجانُ |
طُفتُ المَعالِمَ مِن شامٍ إِلى يَمَنٍ |
وَمِن حِجازٍ وَلَبَّتني خُراسانُ |
فَما لَقيتُ وَلَن أَلقى وَلَو بَلَغَت |
بي مُنتَهى السَدِّ هِمّاتٌ وَوِجدانُ |
مِثلَ الجَحاجِحَةِ الغُرِّ الَّذينَ سَمَوا |
مَجداً تَقاصَرَ عَن عَلياهُ كيوانُ |
الضاربي الكَبشَ هَبرًا وَالقَنا قَصِدٌ |
وَالتارِكي اللَيثَ يَمشي وَهوَ مِذعانُ |
وَالفارِجي غُمَمَ اللاجي إِذا صَفِرَت |
أَوطابُهُ وَاِقتَضاهُ الروحَ دَيّانُ |
وَالصائِنينَ عَن الفَحشا نُفوسَهُمُ |
وَالمُرخِصيها إِذا الخَطِيُّ أَثمانُ |
خُضلُ المَواهِبِ أَمجادٌ خَضارِمَةٌ |
بيضُ الوُجوهِ عَلى الأَيّامِ أَعوانُ |
غُرٌّ مَكارِمُهُم حُمرٌ صَوارِمُهُم |
خُضرٌ مَراتِعُهُم لِلفَضلِ تيجانُ |
لكِنَّ أَوراهُمُ زَنداً وَأَسمَحَهُم |
كَفّاً وَأَشجَعَهُم إِن جالَ أَقرانُ |
عَبدُ العَزيزِ الَّذي نالَت بِهِ شَرَفاً |
بَنو نِزارٍ وَعَزَّت مِنهُ قَحطانُ |
مُقَدَّمٌ في المَعالي ذِكرُهُ أَبَداً |
كَما يُقَدَّمُ بِاِسمِ اللَهِ عُنوانُ |
مَلكٌ تَجَسَّدَ في أَثناءِ بُردَتِهِ |
غَيثٌ وَلَيثٌ وَإِعطاءٌ وَحِرمانُ |
خَبيئَةُ اللَهِ في ذا الوَقتِ أَظهَرَها |
وَلِلمُهَيمِنِ في تَأخيرِها شان |
وَدَعوَةٌ وَجَبَت لِلمُسلِمينَ بِهِ |
أَما تَرى عَمَّهُم أَمنٌ وَإيمانُ |
حاطَ الرَعِيَّةَ مِن بُصرى إِلى عَدَنٍ |
وَمِن تِهامَةَ حَتّى اِرتاحَ جَعلانُ |
فَجَدَّدوا الشُكرَ لِلمَولى وَكُلُّهُمُ |
يَدعو لَهُ بِالبَقا ما بَقيَ إِنسانُ |
وَرُبَّ مُستَكبِرٍ شوسٍ خَلائِقُهُ |
صَعبِ الشَكيمَةِ قَد أَعماهُ طُغيانُ |
تَرَكتَهُ وَحدَهُ يَمشي وَفي يَدِهِ |
بَعدَ المُهَنَّدِ عُكّازٌ وَمِحجانُ |
وَعازِبٍ رُشدُهُ إِذ حانَ مَصرَعُهُ |
بِخَمرَةِ الجَهلِ وَالإِعجابِ سَكرانُ |
أَمطَرتَهُ عَزَماتٍ لَو قَذَفتَ بِها |
صُمَّ الشَوامِخِ أَضحَت وَهيَ كثبانُ |
عَصائِباً مِن بَني الإِسلامِ يَقدُمُهُم |
مِن جَدِّكَ المُعتَلي بِالرُعبِ فُرسانُ |
وَيلُ اِمِّهِ لَو أَتاهُ البَحرُ مُلتَطِماً |
آذِيُّهُ الأُسدُ وَالآجامُ مُرّانُ |
لَأَصبَحَ العِزُّ لا عَينٌ وَلا أَثَرٌ |
أَو شاغَفَتهُ قُبَيلَ الصُبحِ جِنّانُ |
وَمَشهَدٍ لَكَ في الإِسلامِ سَوفَ تَرى |
يوفى بِهِ يَومَ الحَشرِ ميزانُ |
نَحَرتَ هَديَكَ فيهِ المُشرِكينَ ضُحىً |
فَاِفخَر فَفَخرُ سِواكَ المَعزُ وَالضّانُ |
أَرضَيتَ آباءَكَ الغُرُّ الكِرامَ بِما |
جَدَّدتَ مِن مَجدِهِم مِن بَعدِ ما بانوا |
نَبَّهتَ ذِكراً تَوارى مِنهُ حينَ عَلا |
لِلمارِقينَ ضَبابٌ فيهِ دُخّانُ |
فَجِئتَ بِالسَيفِ وَالقُرآنِ مُعتَزِماً |
تُمضي بِسَيفِكَ ما أَمضاهُ قُرآنُ |
حَتّى اِنجَلى الظُلمُ وَالإِظلامُ وَاِرتَفَعَت |
لِلدينِ في الأَرضِ أَعلامٌ وَأَركانُ |
دينٌ وَدُنيا وَرَأسٌ في الوَغى وَنَدىً |
تَفيضُ مِن كَفِّهِ بِالجودِ دِخُلجانُ |
هذي المَكارِمُ لا ماروي عَن هَرِمٍ |
وَلا الَّذي قيلَ عَمَّن ضَمَّ غُمدانُ |
أَقولُ لِلعيسِ إِذ تَلوي ذَفارِيَها |
لِإِلفَها وَلَها في الدَوِّ تَحنانُ |
رِدي مِياهاً مِنَ المَعروفِ طامِيَةً |
نَباتُها التِبرُ لا شيحٌ وَسَعدانُ |
تَدومُ ما دُمتَ لِلدُنيا بشاشَتُها |
فَاِسلَم فَأَنتَ لِهذا الخَلقِ عُمرانُ |
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى الهادي الَّذي خَمَدَت |
في يَومِ مَولِدِهِ لِلفُرسِ نيرانُ |
وَالآلِ وَالصَحبِ ما ناحَت مُطَوَّقَةٌ |
خَضباً تَميدُ بِها في الدَوحِ أَغصانُ |