عرج على جدث المختار في القدم |
والمصطفى قبل خلق اللوح والقلم |
واسق العراص من الأجفان من كبد |
تحولت بالجوى دمعاً عقيب دم |
وارسل الزفرات القاتلات شجى |
لفقده ولما لاقى من الأمم |
كم عصبةٍ وهو نورٌ حاولت سفها |
إطفائه وهو بين الصلب والرحم |
أما قريشٌ وأحزاب الضلال عدت |
لقتله غضباً منها إلى صنم |
ولم يبارح أذى أهل النفاق فكم |
كادوه سراً وفروا عنه في الإزم |
وأضمر إذ أقام المرتضى علماً |
خلافه وهو بابُ العلم والحكم |
وخالفوا أمره حياً كما رجعوا |
عن ابن زيد خلافاً بعد بعثهم |
وألقحوا فتنةً في الدين ما تركت |
ركناً مشاداً إليه غير منهدم |
عادوا النبي وآذوه بما صنعوا |
غداة أمسى ضجيع الفرش من سقم |
فهل نبي رمت بالهجر أمته |
بمسمعٍ وبمرأى منه في الأمم |
لم أنسه فوق فرش السقم حف به |
أهلوه من رهطه الأدنى أولي الكرم |
يضم كلا وتعلو زفرةٌ أخذت |
بالقلب والدمع مع عينيه كالديم |
يصعد الطرف علماً منه أنهم |
بمسون ما بين مقتول ومهتضم |
فلم يزل تارةً يغشى عليه أسى |
وإن يفق تارة يوصي الورى بهم |
حتى قضى وبعينيه قذى وشجىً |
بحلقه أسفاً والقلبُ في ضرم |
وا لهفتاه لخير المرسلين قضى |
مقطع القلب من سم ومن ألم |
الله أكبر كيف السم أثر في |
قلب الوجود وسر الكون من عدم |
يا راحلاً زهرة الدنيا به رحلت |
والروض زهرته من وابل الديم |
وفادح أوحش الدنيا وأحزن من |
في العالمين وأجرى دمعها بدم |
غداة خير نبي قد ترحل عن |
دار الفنا بعد طول الهم والسقم |
فاصبحت بعده الأكوان مظلمةً |
وغيبة الشمس لم تعقب سوى الظلم |
وقد بكى كل شيء فيؤ الوجود له |
حتى الحمام بقرع السن بالندم |
قامت له رنة في الكون ما هدأت |
حتى رمت مسمع الأعصار بالصمم |
لا يوم أشجى من اليوم الذي فجعت |
به الخلائق في هم وفي غمم |
يوم به أبوا الإسلام مفتقد |
بالسم هذا وهذا بالجفاء رمي |
يوم به مسلموا الدنيا باجمعها |
أمسوا يتامى فيا لله من حكم |
فلم تجد أحداً يوماً أقام عزا |
إلا يعزي الورى فيه بيتمهم |
كل مصابٌ به لكن عترته |
أولى الورى فهم الأدنونَ في الرحمِ |
جل الفقيد وجل الفاقدون فقد |
عزاهم الملأ الأعلى من العظم |
والمسلمون لهم عزوا بغصبهم |
خلافة قضيت من بارئ النسم |
فلا تسل بعد غصب الآل منصبها |
فكم لها هتك الأعداء من حرم |
هموا بأن يطفئوا نور الرسالة إذ |
في بيتها أضرموا ناراً بمكرهم |
لكن ابى الله اطفا نوره وأبى |
للابتلاء بابقا النار في ضرم |
لله من حكمةٍ عن قدرةٍ صدرت |
النار مضرمةٌ والنورُ كالعلم |
أجر الرسالة لم يوفوا وما رقبوا |
إلا ولا ذمةً فيه من الذمم |
هل بضعة من نبي بين أمته |
قد أوذيت كالبتول الطهر في الأمم |
هل مثل أحمد لا يبكي وقد منعت |
من البكا بعد ايذاها وظلمهم |
وهل وصي نبي مثل حيدرة |
ملبباً قيد قسراً غير محتشم |
لولا البتولة همت بالدعا قتلوا |
أخا الرسول صغاراً بالظبا الخذم |