إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
وتمددتْ ذاتُ الجمالِ على سريرِ الغاسلةْ |
وتجمَّدتْ كلُّ الملامحِ |
وارتخى الكتفانِ |
يعتذرانِ عن تلك الثنايا الناحلةْ |
وتهيأتْ مثلَ الجميعِ |
تقولُ إني راحلةْ |
سكن الشحوب وزرقة الأموات في قسماتها |
أين المساحيقُ التي ذابت على وجناتها |
أين الأناقةُ والبريقُ يطل من لفتاتها |
وحدائق الحسن المضيء تميس في ضحكاتها |
رفقاً بهذا الوجهِ والجيدِ الذي أودى به طوقُ الأجلْ |
كم ماسَ تيهاً واشرأبْ |
كم مالَ للدنيا بحبْ |
كم هزَّهُ صوتُ الطربْ |
وانساقَ يحدوه الأملْ |
لا تخدشي ديباجة النحرِ اللميس الساحرِ |
كم كان هذا النحرُ يزهو ذاتَ يومٍ بالنفيسِ الفاخرِ |
يضفي على الألماسِ بعضَ بريقهِ |
ويهزُّ أرضَ الحسنِ هزاً كالعبابِ الساخرِ |
ما لليدِ البيضاءَ في صمتٍ تغادرها الخواتمُ والحُليّْ |
ما للطلاءِ الغضِّ عن تلكَ الأظافرِ ينجلي |
أين التفاصيلُ الصغيرةُ |
والنقوش تفرَّعت فوق الإهاب المخملي |
قد آن للجسدِ المنعَّمِ أن يوارى بالثرى |
وكأنه ما مسَّ ديباجا ومسكاً أذفرا |
حتى ولا ماءُ الحياةِ بروضهِ يوماً سرى |
هيا احضري الثوبَ الأخيرَ لكي تواري ما بقي |
ولقد تعوَّدَ كلَّ غضٍ ناعمٍ فترفقي |
ولتستريهِ عن العيونِ العابرةْ |
إن كشَّفتْهُ يدُ المنونِ الغادرةْ |
لا تُحكِمي شدَّ الوثاقِ على العظامِ الواهنةْ |
وترفَّقي وتلطَّفي |
لا تجهدي تلك العروقَ الساكنةْ |
هي لن تقاومَ أيَّ قيدٍ |
فاتركيها آمنةْ |
حملوا الجميلةَ في ثباتٍ |
بعد إحكامِ الكفَنْ |
ومضوا بها نحوَ البقيعِ |
كأن شيئاً لم يكن |
غابوا عن الأنظارِ في لمحِ البصرْ |
وأتى على آثارهم جمعٌ بئيسٌ منكسرْ |
فهنا رفاةٌ تنتظرْ |
ودموعُ وَجْدٍ تنحدرْ |
وقلوبُ أحبابٍ وأهلٍ تنفطرْ |
وهناك أقمشةٌ وكافورٌ وسدرْ |
قطنٌ حنوطٌ بعضُ عطرْ |
أغراضُ غسْلٍ كاملةْ |
وجميلةُ أخرى تزجُّ على سريرِ الغاسلةْ |