أَلسُنُ الدَّهرِ بالفَنَا ناطِقَاتُ | |
|
| وقَضايَاهُ في الوَرى شاهِداتُ |
|
ورَحَى البَينِ بالرَّدى طَحَنَتنا | |
|
| واللَّيالِي في حَطمِنا مُسرِعاتُ |
|
عَرَّفَتنا بِنَفسِها أُمُّ ذَفرٍ | |
|
| وَدَعَتنا لِزُهدِها الغادِياتُ |
|
وَعَظَتنا فِعالُها لَو عقلنا | |
|
| فظُباها فينا لها وَقَعاتُ |
|
فَعلامَ الرُّكُونُ مِنّا إِلَيها | |
|
| ولَها في نُفُوسِنا فَتَكاتُ |
|
صاحِ أَعدِد لِحَربِ دُنياكَ واعلَم | |
|
| أَنَّ عُقبَى رَخائِها شِدَّاتُ |
|
فَهيَ دارُ الأَكدارِ إِن يَصفُ مِنها | |
|
| لَكَ وَقتٌ تَكَدَّرَت أَوقاتُ |
|
ذاتُ غَدرٍ فإِن أَرَتكَ سُكُوناً | |
|
| بَعض يَومٍ فَغِبُّهُ وَثَبَاتُ |
|
أَو أَعارَتكَ مِن نَعيمٍ نَصِيباً | |
|
| فَلَها في ارتِجاعِهِ عَزَماتُ |
|
إِنَّ ذا الدَّهرَ قَد أَرانا ابتِساماً | |
|
| خَمسَ حجَّاتٍ كلُّها حَسَناتُ |
|
وَاللَّيالي زَهَت لَنا مِثلَ ما قَد | |
|
| مَلَّكَتنا زِمامَها اللَّذَّاتُ |
|
فَقَطَفنا مِنَ الأَماني ثِماراً | |
|
| هُنَّ لِلمَجدِ والعُلى غاياتُ |
|
فأَبَى الدَّهرُ أَن يُتِمَّ سُرُوراً | |
|
| ولَهُ في شُؤُونِهِ حَالاتُ |
|
وَاستَرَدَّ الهِباتِ مِنّا بِعُنفٍ | |
|
| فكَأنّا لهُ عَلَينا تِراتُ |
|
وَرَمَت خَيرَنا المَنُونُ بِسَهمٍ | |
|
| وَهيَ قَوسٌ سِهامُها صائِباتُ |
|
فَجَعَتنا بِبَحرِ عِلمٍ وَفَضلٍ | |
|
| ذِي كَمالٍ تَسمُو بِهِ المَكرُماتُ |
|
نَجل عَبدِ اللَّطيفِ شَيخِي عبدِ ال | |
|
| لَهِ مَن فيهِ لِلعُلَى آياتُ |
|
ثُمَّ لَم تُغمِضِ المَنِيَّةُ عَنّا | |
|
| جَفنَها بَل لَها إِلَينا التِفاتُ |
|
كُلَّ يَومٍ خِلٌّ يُرَحَّلُ عَنَّا | |
|
| وَمَغانٍ مِن أَهلِها عاطِلاتُ |
|
إِن ذاكَ البَدرَ الَّذي ضَمَّهُ ال | |
|
| قَبرُ وَفازَت بِوَصلِهِ الجَنّاتُ |
|
ما نَسِينا مُصَابَهُ فَلِماذا | |
|
| سَلَبَتنا سَمِيَّهُ الحادِثاتُ |
|
قَد وتِرنا بِأَريَحِيٍّ شَريفٍ | |
|
| كملَت فيهِ لِلفَخارِ صِفاتُ |
|
قَبَضَتهُ مِنّا أَكُفُّ المَنايا | |
|
| والمَنايا أَكُفُّها قابِضاتُ |
|
أَوَ تَدرِي بِمَن رُزِئنا قُبَيلا | |
|
| وَعَلَى مَن تَتابَعُ العَبَراتُ |
|
غالَنِي الدَّهرُ في ابنِ عَمِّ كَرِيمٍ | |
|
| قَد عَلَت مِنهُ مُذ نَشا هِمّاتُ |
|
فَابنُ عَبدِ الرَّحمنِ حبِّي عبدُ ال | |
|
| لَهِ أَودَى وَمِنهُ فُلَّت شَباةُ |
|
كانَ مِنهُ غُصنُ الشَّبيبَةِ غَضّاً | |
|
| فَتَصَدَّت لِكَسرِهِ الحادِثَاتُ |
|
لائِمي إِن جَرَت دُمُوعِيَ جَمراً | |
|
| فَوقَ نَحرِي تَحُثُّها الزَّفَراتُ |
|
إِنَّ نارَ الهَوى بِقَلبِي شَبَّت | |
|
| فَتَرامَت مِن أَدمُعِي الجَمَراتُ |
|
بَزَّنِي الدَّهرُ صاحِبي بَل شَقيقِي | |
|
| وقَرِيني فَأينَ مِنِّي الثَّباتُ |
|
وَفِراقُ الأَقرانِ أَبلَغُ شَيءٍ | |
|
| فيهِ لِلحازِمِ الأَريبِ عِظَاتُ |
|
لَهفَ نَفسِي عَلَى سَرِيٍّ عَلَيهِ | |
|
| لِلمَعالِي دَلائِلٌ وَسِمَاتُ |
|
لَهفَ نَفسِي عَلَى أَديبٍ لَبيبٍ | |
|
| ذِي صَلاحٍ فَدَأبُهُ الطَّاعَاتُ |
|
أَدرَكَ العِلمَ يافِعاً وَتَرقَى | |
|
| لِمَقامٍ تَنحَط عَنهُ اللِّداتُ |
|
حَسَنُ الخُلقِ شِمَّرِيٌّ حَسيبٌ | |
|
| لَوذَعِيٌّ أَخلاقُهُ رائِعاتُ |
|
كانَ أُنسِي في خَلوَتي وَنَدِيمي | |
|
| وَجَمالي إِن كانَتِ الجَلَواتُ |
|
ما حَسِبتُ الأَيّامَ تَرزَؤُنِي فِي | |
|
| هِ وَلا أَنَّها بِهِ فاجِعاتُ |
|
فَرَمَتهُ أُمُّ اللهَيمِ بِنَبلٍ | |
|
| وَنِبالُ الرَّدى لَنا مُقصِداتُ |
|
ظَلَّ أَدنَى مِنَ الأَكُفِّ إِلَينا | |
|
| وَهوَ في البُعدِ دُونَهُ النَّيِّراتُ |
|
وَابتَدَرنا تَجهيزَهُ باحتِسابٍ | |
|
| وَالمآقِي بِمائِها غَرقَاتُ |
|
وَحَمَلنَاهُ فَوقَ نَعشٍ مُعَدٍّ | |
|
| وَلَنا عِندَ حَملِهِ أَنّاتُ |
|
وَتَبِعناهُ بِالتّلاوَةِ والذِّك | |
|
| رِ وزَانَت تَشييعَهُ الدَّعَواتُ |
|
وَعَجِلنا إِلى الصَّلاةِ عَلَيهِ | |
|
| وَهيَ مِن رَبِّنا صَلَواتُ |
|
وَدَفَنَّاهُ وَسطَ قَبرٍ حَوا | |
|
| لَيهِ قُبُورٌ مِن أَهلِهِ آهِلاتُ |
|
وَهوَ فيهِ لِلَّهِ ضَيفٌ وَحاشا | |
|
| أَن تَخطَّى لِضَيفِهِ الكُرُباتُ |
|
وَانصَرَفنا وَفي القُلُوبِ ضِرامٌ | |
|
| وَدُمُوعُ العُيُونِ مُنسَجِماتُ |
|
لا عَدَت قَبرَهُ الغَوادِي وَلا أخ | |
|
| طَت ثَرىً ضَمَّ شِلوَهُ الرَّائِحاتُ |
|
يا حَياةَ النُّفُوسِ أَنتَ بِقَلبِي | |
|
| غَيرُ ناءٍ وَإِن دَهاكَ المَمَاتُ |
|
نَضرَ اللَّهُ مِنكَ ظَرفَ صِفَاتٍ | |
|
| غُرَرٍ هُنَّ في العُلا واضِحاتُ |
|
وَعَفا عَنكَ وابتَداكَ بِأَزكَى | |
|
| بَرَكاتٍ تَؤُمُّها رَحَماتُ |
|
يا قَسِيمِي هَذا المُصَابَ تَرَفَّق | |
|
| فَلِرَبِّي فِي حالِنا نَظَراتُ |
|
غَيِّضِ الدَّمعَ فالبُكا غَيرُ مُجدٍ | |
|
| وَالرَّدى لَن تَرُدَّهُ الزَّفَراتُ |
|
وَتَعَلَّل مِن فَقدِهِ بِالتَّأسِّي | |
|
| فالتَّأَسِّي بِمَن مَضَى مَسلاةُ |
|
وَابكِ إِن شِئتَ نَفسَكَ الآنَ وَاح | |
|
| ذَر فَالمَنايا قِسِيُّها مُوتَراتُ |
|
وَكُنِ العاقِلَ اللَّبيبَ وَبادِر | |
|
| عَملاً فيهِ مِن عَذابٍ نَجاةُ |
|
وَازجُرِ النَّفسَ وانهَها عَن هَواهَا | |
|
| قَبلَ أَن تَستَرِقَّها الشَّهَواتُ |
|
وَاعمُرِ العُمرَ بالتُّقَى وَتَجنَّب | |
|
| سَيئَاتٍ مَآلُها حَسَراتُ |
|
وَتَأَهَّب لِرِحلَةٍ لَيسَ مِنها | |
|
| لَكَ بُدٌّ عُنوانُها السَّكَراتُ |
|
فَلَنا بَعدَ ذِي الحَياةِ مَمَاتٌ | |
|
| وَلَنا بَعد أَن نَمُوتَ حَياةُ |
|
فَاستَعِدَّنَّ فالطَّريقُ مَخُوفٌ | |
|
| وَبَعيدٌ وَكُلُّهُ عَقَبَاتُ |
|
لَيسَ يَسطِيعُ قَطعَهُ غَيرُ عَبدٍ | |
|
| طاهِرِ القَلبِ فِعلُهُ الصالِحاتُ |
|
وَسَلِ الأَعصُرَ الخَوالي عَمَّن | |
|
| قَصَمَتهُ أَيامُها الماضِياتُ |
|
إِنَّ فِيمَن مَضَى اعتِباراً فَسَلها | |
|
| أَينَ كانَ الآباءُ والأُمَّهاتُ |
|
وَتأمَّل بِعَينِ عقلِكَ هَل نا | |
|
| لَ خُلُودٌ فيها فَتىً أَو فَتاةُ |
|
لا وَربِّي لَو جازَ فيها خُلُودٌ | |
|
| لَم يَرُعنا في الأَنبِياءِ المَماتُ |
|
وَتَرانا بِذاكَ نَدرِي وَلَكِن | |
|
| شَمَلَتنا جَميعاً الغَفلاتُ |
|
ربِّ أَيقِظ قلوبَنا واعفُ عَنّا | |
|
| وأَنِلنا فَمِنكَ تُرجَى الهِباتُ |
|
وَأَثِبنا حُسنَ الجَزا في مُصابٍ | |
|
| لَم تَرُق بَعدَهُ لَدَينا الحَياةُ |
|
وَلِنَظمِي مِسكُ الخِتامِ سَلامٌ | |
|
| تَتَوالى مِن بَعدِهِ صَلَواتُ |
|
لِشَفيعِ الأَنامِ أَحمَدَ طهَ | |
|
| مَن أَتَت في مَديحِهِ الآياتُ |
|
وكَذا الآلُ والصَّحابَةُ ما نا | |
|
| حَت هَديلاً حَمائِمٌ ساجِعاتُ |
|