بُشرى بِفَتحٍ مُبين نَيِّر المَدَد | |
|
| بِهِ أَضاءَت نَواحي الملكِ بِالرَّشدِ |
|
فَتح بِهِ ساد أَرجاء العِراق عَلى | |
|
| كُلُّ النَواحي وَأَبدى بِهجَة البَلَد |
|
أَضحَت بِهِ السُنَّة الغَرّاء مُشرِقة | |
|
| بِنور نُصرَتِها كَالعَينِ عَن رَمَد |
|
سَقى العُداه كُؤوسَ الذُلِّ مُترَعَة | |
|
| فَلَم يُزالوا سُكارى الوَيلِ وَالكَمَد |
|
وَهَزَّ عَطفُ المُوالي نَيلَ بَغيَتِه | |
|
| فَاِختالَ بِالعِزِّ في أَثوابِهِ الجُدُد |
|
فَتَحَ لَنا قَرُبتُ أَيدي الكُماةِ جَنى | |
|
| ثِمارَهُ وَبِعَونِ الواحِدِ الأَحَد |
|
وَالعِزُّ ما اِقتَطَفَت أَبهى أَزاهِرَه | |
|
| مِن بَينِ شَوكِ القَنا بيضِ الظَبابيدِ |
|
وَهكَذا المَجدُ ما أَعلَت دَعائِمُه | |
|
| أَنامِلَ السُمرِ إِذ مَدَت بِلا أَوَد |
|
مَن رامَ يَشتارُ شَهدَ العِزِّ عَن ثِقَة | |
|
| فَلا يَمِدُّ لَهُ إِلّا يَدُ الجِلد |
|
فَالعِزُّ سامي الذَرى وَعرٌ مَسالِكَه | |
|
| مَحَط غايَتَهُ في جَبهَة الأَسَد |
|
بِالحَزمِ وَالهِمَّة العَلياءِ فازَ بِهِ | |
|
| لَيثُ الكِفاح عَلي البُأس ذو المَدَد |
|
هُوَ الوَزيرُ الَّذي تَأبى مَناقِبَه | |
|
| عَن أَن يُحيطُ بِها الحَسّابُ بِالعَدَد |
|
تَجَمَّعَت فيهِ مِن حُسنِ الشَمائِل ما | |
|
| تَلقاهُ في حَوزِها مِن حَيِّز مُنفَرِد |
|
فَناسَك فاتَك قَد رَقَّ حاشِيَة | |
|
| قاسَ عَلى مَن أَتى بِالجورِ وَالحَسَد |
|
وَأَقرَبُ الناسَ مِنهُ مَنزِلاً وَعَلى | |
|
| أَهلِ التُقى وَالحُجى وَالعِلمُ وَالرُشد |
|
وَحُبِّهِ لِبَني الزَهراءِ قاطِبَة | |
|
| طَبعاً كَحُبِّ أَب بِالطَبعِ لِلوَلَد |
|
وَقَد أَضافَ إِلى هذا رِعايَة ما | |
|
| في لَست أَسأَلَكُم أَجراً وَلَم أَرِد |
|
ما زالَ بَراً شَفيقاً راحِماً بِهِم | |
|
| يَرى قَبول رَجاهُم أَوثَق العَدَد |
|
في مَسلَكِ القَومِ أَهلَ اللّهِ صَحَّ لَهُ | |
|
| تَمَسُّكٌ بِعَراهِم مُحكَم الزَرَد |
|
حَيثُ اِحتَسى فَاِنتَشى مِن صَفوِ خَمرَتِهِم | |
|
| كَأساً تَدومُ بِها الأَفراحُ لِلأَبَد |
|
فَلَو رَآهُ الجَنيدُ البِرُّ سَرَّ بِهِ | |
|
| حَيثُ اِقتَفى إِثرَهُ عَن قَصدِ مُجتَهِد |
|
تَلقى بِناديهِ أَهلَ الفَضلِ مُحدِقَة | |
|
| إِحداقُ هالَة بَدر مِنهُ مُتَّقَد |
|
يَرتاحُ اِن عَطر الآدابِ ناديهِ | |
|
| بِكُلِّ مَعنى يُحَلّي السَمعِ مُتَّحِد |
|
مِن كُلِّ نادِرَة راقَت مَصادِرُها | |
|
| أَو وَرد شاهَدَ فَضلَ قَبل لَم يَرِد |
|
وَكَم لَهُ مِن مَزايا قَد أَنافَ بِها | |
|
| عَلى الأَكارِمِ أَهلُ المُدُن وَالعَمَد |
|
هذا الوَزيرُ الَّذي أَعيَت مَكارِمُهُ | |
|
| عَن دَركِها مِن إِلى نَهجِ السِباقِ هدي |
|
هذا الجَوادُ الَّذي قَد عَمَّ نائِلُهُ | |
|
| مَن أَخلَصَ الوُدَّ مِن دانٍ وَمُبتَعَد |
|
عَن غَيرِهِ بِنَداهُ الوَفدُ نالَ غِنى | |
|
| وَالوارِدُ العَد لا يَحتاجُ لِلثَّمَد |
|
إِن كَفَّ نوءُ وَلِيٍّ سَحب وابِلُه | |
|
| أَو لَم تَكُن دَجلَة تَجري إِلى أَمَد |
|
أَغنى بِمسبل جَدوى كَفِّهِ ذَهَباً | |
|
| عَن واكِفَ القَطرِ أَو عَن ربَة الزَبَد |
|
فَكَم فَقير أَزالَ العَدم عَنهُ بِما | |
|
| أَسدى إِلَيهِ بِلا مَنٍّ وَلا نَكَد |
|
لَهُ مَواقِفُ لَيث دونَ غابَتِهِ | |
|
| يَزيغُ فيها فُؤادُ الباسِلِ الجَلِد |
|
لا يَرهَبُ المَوتَ يَومَ الرَوعِ إِذ سَعرت | |
|
| نارُ الوَغى بِرِماحِ الخَطِّ عَن قَصد |
|
يَلقى المَعادي بِصَدرٍ مِنهُ مُنشَرِح | |
|
| كَأَنَّهُ لَم يُشاهِد صولَةَ الأَسَد |
|
رَأَت خَزاعَةُ مِن إِقدامِهِ عَجَباً | |
|
| فَاِختارَت الهَرَبَ المُفضي إِلى البَعد |
|
لَم يُثنِهِ زُمرُ الأَعداءِ عَن أَمَل | |
|
| وَلا مَنيعُ حُصونِ اللَيثِ ذي اللَبَد |
|
يا رَب شامِخ حصن لَيسَ يَبلُغُهُ الط | |
|
| رفُ السَوِيُّ وَلَم يَخضَع إِلى أَحَد |
|
رَمي إِلَيهِ سِهامَ النارِ صاعِقَة | |
|
| فَأَحرَقَتهُ وَكانَ الفَتحُ مِنهُ بَدي |
|
عَن عَزمِهِ سَل حُصونُ الكَردِ كَيفَ غَدَت | |
|
| أَخصاصُ سَعفٍ وَقَد جَلَت فَلَم تَعُد |
|
وَعَنهُ سَل أَهلُ راوَندوز حَيثُ رَأَوا | |
|
| مِن فَتكِهِ فَعل قَرم باسِل حَرَد |
|
دوق عَفا عَن مَسيئِهِم بِمَقدِرَة | |
|
| فَعادَ كُلٌّ إِلى مَرضاتِهِ فَهَدي |
|
وَآبَ عَنهُم بِفَتحٍ قَد أُقيمَ لَهُ | |
|
| عِز يَديمُ الجاني عَلى الكَبِد |
|
وَعِندَما اِشتاقَ بَغدادَ لِرُؤيَتِهِ | |
|
| شَوقُ النَباتِ لِغَيثٍ فيهِ مَطرد |
|
فازَت بِهِ وَسُروجُ الخَيلِ ما بَرِحَت | |
|
| عَلى غَوارِبِها مَبرومَة العِقد |
|
مَدّوا عَلى البَصرَةِ الفَيحاءِ بَغيِهِم | |
|
| لَمّا رَأَوها خَلَت مِن وافِرِ العَدَد |
|
لِذا تَمطى لَهُم لَيثُ القَراعِ أَخو ال | |
|
| بَأسِ الشَديدُ عَلى القَدرِ وَذو الصَفَد |
|
فَجَرَّ جَيشَينِ مِن رومٍ وَمِن عَرَبِ | |
|
| كَالبَحرِ ماءِ يَجري السَيلُ عَن صَعد |
|
قاسى بِهِم خَوضُ أَنهارِ الجَزيرَةِ مَع | |
|
| جَداوِلَ لَيسَ يُحصيها أَخو العَدَد |
|
عَلى المَذاكي العَرّابِ القَب كُلُّ فَتىً | |
|
| يَرى لَهُ في التَلاقي حَملَةُ الأَسَد |
|
في كُلِّ نَدبٍ سَريا مُعرِقَ وَلَهُ | |
|
| آَباءُ صَدقٍ إِباءَ عِندَ مُضطَّهَد |
|
هُمُ الحُماةَ الكماة الصَيدُ مِن عَرب | |
|
| شَمُّ الأُنوفِ كِرامُ الأَصلِ وَالوَلَد |
|
وَمِن سُلالَةِ عُثمانَ المَليكِ فَهُم | |
|
| بَنو الحُروبَ بِها يَغدونَ في المَهد |
|
وَفي خِلالِ جُموعِ المُسلِمينَ سَعَت | |
|
| مَدافِعُ لِعَذابِ الضَد في صَعَد |
|
لِلنَّقعِ سَحبٌ وَلَمع البَيض بارِقَها | |
|
| وَلِلمَدافِعِ رَعدٌ فاطِرُ الكَبد |
|
وَلِلقَنابِلِ فيهِم سوءُ صاعِقَة | |
|
| وَلِلبَنادِقِ فيهِم صَيِّبُ البَرد |
|
وَقَد أَتى دارُ أَهلِ الضِدِّ عَن ثِقَةٍ | |
|
| بِاللّهِ ناصِرُهُ وَالنَصرُ بِالمَدَد |
|
وَقَد تَحَصَّنَ أَهلوها وَقَد جَزَموا | |
|
| أَنَّ الحُصونَ لَهُم تُغني مَعَ العَدَد |
|
مِن كُلِّ أَوب أَتَت اِمدادَهُم عَجَم | |
|
| وَمِن قَبائِلَ عُربٍ باذِخي العَمد |
|
فَمُذ تَبدى لَهُم جَيشُ الوَزيرِ ضَحى | |
|
| سالَت لَهُم غارَةُ شَعواءُ عَن جَرَد |
|
فَطاعَنوهُم جُنودُ الحَقِّ فَاِنكَشَفوا | |
|
| عَن ضَربِ صَيدٍ يُزيلُ الهامَ عَن حَسَد |
|
وَبَعدَما أَشرَقَت شَمسُ الفُتوحِ عَلى | |
|
| ظَهرِ البَسيطَةِ ضاءَت غُرَّةُ البَلَد |
|
فَعادَ لِلبَصرَةِ الفَيحاءَ مالِكَها | |
|
| صَدرُ الوُزارَةِ حامي المَلِك كَالعَضَد |
|
فَسُرَّ كُلَّ أَهاليها بِطَلعَتِهِ | |
|
| وَنَصرِهِ وَلِعِزٍّ واسِعِ الأَمَد |
|
فَيا مَليكا لَهُ دانَ القَبائِلَ مِن | |
|
| بَني مُعَدّ وَمِن قَحطانَ ذي العَدَد |
|
يا مَن إِذا نَزَلَ العاني بِساحَتِهِ | |
|
| يَلقى مَناهُ بِلا كِدٍّ وَلا نَكَد |
|
يُهَنّيكَ فَتحٌ وَنَصرُ لا يُفارِقَهُ | |
|
| عِزٌّ مَديدٌ وَتَأييدٌ مِنَ الصَمَد |
|
فَاِشكُر لِمَولى حَباكَ النَصرُ يانِعَة | |
|
| ثِمارَهُ مُشتَهى الجاني بِلا كَمَد |
|
وَالشُكرُ مِنكَ بِساطُ العَدلِ تَنشُرُهُ | |
|
| عَلى الرَعِيَّةِ كَي يُفضوا إِلى رَغَد |
|
في حالِهِم كُن كَما تَرجو الهَك أَن | |
|
| يَكونَ مِنكَ بِحال وافِر المَدَد |
|
فَالمَرءُ يُجزى بِما يُأتِيَهُ صَح بِذا | |
|
| كَما تَدينُ تُدانُ اليَومَ أَو بَعد |
|
وَحاذِرن دَعوَةَ المَظلومِ إِن لَها | |
|
| مَسرى إِلى اللّهِ تَأتيهِ بِلا بَعد |
|
وَاِنظُر فَهذي البِلاطُ اليَومَ قَد فَنِيَت | |
|
| أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لَبد |
|
فَاِستَبِق مِنكَ بِها آثارَ مُحَمَّدَة | |
|
| تَخلُد الذِكر فيها سائِرَ الأَبَد |
|
وَأَهلَها مُضمَحِل حالَهُم عَدماً | |
|
| فَلَيسَ مِن سَيِّدٍ فيهِم وَلا لَبَد |
|
فَكَفَّ عَنهُم أَكَفُّ الظُلمِ مُرحَمَة | |
|
| وَكُن شَفيقاً عَلَيهِم راحِماً وَجِد |
|
هذي النَصيحَةُ لِلَّهِ العَلِيِّ أَتَت | |
|
| مِن خالِصِ الوُدِّ لا يَرجو سِوى الأَحَد |
|
وَهاكَ مِنّي رَداحاً كاعِباً فَضَلتَ | |
|
| أَترابَها بِرَشيقِ القَد وَالميد |
|
تَنمى إِلى فِرعِ أَبناءَ البَتولِ بِلا | |
|
| مين وَفَخر وَلا دَعوى بِلا سَنَد |
|
تَأبى لِغَيرِكَ أَن تَهدي مَحاسِنَها | |
|
| وَأَنتَ كُفءٌ لَها يا خَيرُ مُلتَحِد |
|
لا زِلتَ ذا رُتبَة عُليا وَلا بَرِحَت | |
|
| لَكَ المَسَرَّةُ في عِزٍّ وَفي رَشَد |
|
ما أَضحَكَ الرَوضُ هامي وَدق غادية | |
|
| وَقامَ في زَهرِهِ مِن طائِرٍ غرد |
|