عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء العصر العباسي > غير مصنف > شرف الدين البوصيري > إلى متى أنتَ باللذاتِ مشغولُ

غير مصنف

مشاهدة
4092

إعجاب
1

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

إلى متى أنتَ باللذاتِ مشغولُ

.
إلى متى أنتَ باللذاتِ مشغولُ
وَأنتَ عنْ كلِّ ما قَدَّمْتَ مَسْؤُولُ
في كلِّ يومٍ تُرجى أن تتوبَ غداً
وَعَقْدُ عَزْمِكَ بالتَّسْوِيفِ مَحْلُولُ
أما يُرى لكَ فيما سَرَّ من عملٍ
يوماً نشاطٌ وعَّما ساء تكسيلُ
فَجَرِّدِ العَزْمَ إنَّ الموتَ صارِمُهُ
مُجَرَّدٌ بِيَدِ الآمالِ مَسْلُولُ
واقطع حبالَ الأمانيِّ التي اتَّصَلتْ
فإنما حَبْلُها بالزُّورِ مَوْصولُ
أنفقتَ عُمركَ في مالٍ تُحَصِّلُهُ
وَمَا عَلَى غيرِ إثْمٍ منكَ تحصيلُ
ورُحْتَ تعمرُ داراً لابقاءَ لها
وأنْتَ عنها وإن عُمِّرْتَ مَنْقُولُ
جاءَ النَّذِيرُ فَشَمِّرْ لِلْمَسِيرِ بلا
مهلٍ فليس مع الإنذارِ تمهيلُ
وصُنْ مَشِيبَكَ عنْ فِعْلٍ تُشانُ به
فكلُّ ذي صبوة ٍ بالشيبِ معذولُ
لاتنكنهُ وفي القودينِ قد طلعتْ
منهُ الثُّريَّا وفوق الرَّأسِ إكليلُ
فإنَّ أَرْواحَنا مِثْلَ النُّجُومِ لها
مِنَ المَنِيَّة ِ تَسْيِيرٌ وَتَرْحِيلُ
وإنَّ طالِعَها مِنَّا وَغَارِبَها
جِيلٌ يَمُرُّ وَيَأْتي بَعْدَهُ جِيلُ
حتى إذا بعثَ الله العبادَ إلى
يَوْمِ بِهِ الحكمُ بينَ الخلْقِ مَفْصولٌ
تبينَ الربحُ والخسرانُ في أممٍ
تَخالفَتْ بيننا منها الأقاوِيلُ
فأخسرُ الناسِ من كانتْ عقيدتهُ
فِي طَيِّها لِنُشُورِ الخَلْقِ تَعْطِيلُ
وأمة ٌ تعبدُ الأوثانَ قد نصبتْ
لها التصاويرُ يوماً والتماثيلُ
وأمة ٌ ذهبتْ للعجلِ عابدة َ
فنالها مِنْ عَذابِ الله تَعْجِيل
وأمة ٌ زعمتْ أنَّ المسيحَ لها
ربٌ غدا وهو مصلوبٌ ومقتولُ
فثلثتْ واحداً فرداً نوَحِّدُهُ
وَلِلْبَصَائِرِ كالأَبصارِ تَخْيِيلُ
تبارَكَ الله عَمَّا قالَ جاحِدُه
وجاحِدُ الحَقِّ عِنْدَ النَّصْرِ مَخْذُول
والفوزُ في أمة ٍ ضوءُ الوضوءِ لها
قد زانها غُررٌ منه وتحجيلُ
تظلُّ تتلو كتاب اللهِ ليسَ بهِ
كسائِرِ الكُتْبِ تَحْرِيفٌ وتَبْدِيلُ
فالكتبُ والرُّسلُ من عند الإلهِ أتتْ
ومنهمُ فاضِلٌ حَقَّا ومفضولُ
والمصطفَى خيرُ خَلْقِ الله كلِّهِمِ
لهُ على الرسلِ ترجيحٌ وتفضيلُ
مُحَمَّدٌ حُجَّة ُ الله التي ظَهَرَتْ
بِسُنَّة ِ مالها في الخلقِ تحويلُ
نَجْلُ الأكارمِ والقومِ الذين لهم
عَلَى جَمِيعِ الأَنَامِ الطَّوْلُ والطُّولُ
مَنْ كَمَّلَ الله معناهُ وصورتهُ
فلَمْ يَفُتْهُ عَلَى الحَالَيْنِ تَكْمِيلُ
وخَصَّهُ بوقارٍ قرَّ منه لهُ
في أنفسِ الخلقِ تعظيمٌ وتبجيلُ
بادِي السكينة ِ في سُخْطٍ لهُ وَرِضاً
فلم يزلْ وهو مرهوبٌ ومأمولُ
يُقابِلُ البِشْرَ منه بالنَّدَى خُلُقٌ
زاكٍ على العدلِ والإحسانِ مجبولُ
مِنْ آدمٍ ولحينِ الوضعِ جوهرهُ ال
مكنونُ في أنفس الأصدافِ محمولُ
فلِلنُّبُوَّة ِ إتْمامٌ ومُبْتَدَأٌ
به وَللفَخْرِ تَعْجِيلٌ وَتأْجِيلُ
أتتْ إلى الناسِ من آياتهِ جُمَلٌ
أَعْيَتْ عَلَى الناسِ مِنْهُنَّ التَّفاصيلُ
أَنْبَا سَطِيحٌ وَشِقٌّ وَابْنُ ذِي يَزَنٍ
عنه وقُسٌّ وَأحبارٌ مَقاوِيل
وعنه أَنْبَأَ موسى وَالمسيحُ وقد
بأنه خاتمُ الرُّسلِ المباحِ له
مِنَ الغَنائِم تقسيمٌ وتَنْفِيلُ
وليسَ أَعْدَلَ منه الشاهِدُونَ لهُ
ولا بأعلمَ منهُ إنْ هُمُ سيلوا
وإنْ سألتهُمْ عنه فلا حرجٌ
إِنَّ المَحَكَّ عَنِ الدِّينارِ مَسْؤُولُ
كم آية ٍ ظَهَرَتْ في حينِ مَوْلِدِهِ
بهِ البشائرُ منها والتَّهاويل
علومُ غيبٍ فلا الأرصادُ حاكمة
ٌ وَلا التقاويمُ فيها وَالتَّحاويل
إذِ الهَواتِفُ والأنوارُ شاهِدُها
لَدَى المَسامِع وَالأبصارِ مَقْبُول
ونار فارسَ أضحتْ وهي خامدة ٌ
وَنَهْرُهُمْ جامِدٌ والصَّرْحُ مَثْلول
ومُذْ هدانا إلى الإسلامِ مَبْعَثُه
دهى الشياطينَ والأصنامَ تجديلُ
وانظر سماءً غدتْ مملوءة ً مرساً
كأنها البيتُ لما جاءهُ الفيلُ
فردَّتِ الجنَّ عنْ سمع ملائكة
ٌ إذْ رَدَّتِ البَشَرَ الطَّيْرُ الأَبابِيل
كلٌّ غَدا وله مِنْ جِنْسِهِ رَصَدٌ
لِلجنَّ شُهْبٌ وللإنسانِ سجِّيل
لَوْلا نبيُّ الهدَى ما كانَ في فَلَكٍ
على الشياطينِ للأَمْلاكِ تَوْكِيل
لَمَّا تَوَلَّتْ تَوَلّى كلُّ مُسْتَرِقٍ
عَنْ مَقْعَدِ السَّمْعِ منها وهْوَ مَعْزُول
إنْ رُمتَ أكبرَ آياتٍ وأكملها
يا خيرَ مَنْ رُوِيَتْ لِلناسِ مَكْرُمَة ٌ
وانظرْ فليس كمثلِ الله من أحدٍ
ولا كقولٍ أتى من عندهِ قيلُ
لو يستطاعُ لهُ مثلٌ لجيءَ به
والمستطاعُ من الأعمالِ مفعولُ
لله كمْ أَفحَمَتْ أفْهامَنا حِكْمٌ
منه وكمْ أَعْجَزَ الألْبابَ تَأْويلُ
يَهْدِي إلى كُلِّ رُشْدٍ حِينَ يَبْعثُهُ
إلى المسامعِ تتيبٌ وترتيلُ
تَزْدادُ منه عَلى تَرْدادِهِ مِقَة
ً وكلُّ قولٍ على التردادِ مملولُ
ما بَعْدَ آياتِهِ حَقٌّ لِمُتَّبِعِ
والحَقُّ ما بَعْدَهُ إلاَّ الأَباطِيلُ
وما محمدٌ إلا رحمة ٌ بُعِثَتْ
للعالمينَ وفضلُ اللهِ مبذولُ
هو الشفيعُ إذا كان المعادُ غداً
واشتدَّ للحشرِ تخويفٌ وتهويلُ
فما على غيرهِ للناسِ معتمدٌ
ولا على غيرهِ للناسِ تعويلُ
إنَّ امْرأً شَمَلَتْهُ مِنْ شَفَاعَتِهِ
عِناية ٌ لامْرُؤٌ بالفَوْزِ مَشْمُول
نالَ المَقامَ الذي ما نالَهُ أحَدٌ
وطالما ميَّزَ المقدارَ تنويلُ
وأدركَ السؤلَ لمَّاقامَ مجتهداً
ومَا بِكلِّ اجتهادٍ يُدْرَكُ السُّولُ
لو أنَّ كُلَّ عُلاً بالسَعْيِ مُكْتَسَبٌ
ما جازَ حين نزولِ الوحيِ تزميلُ
أَعْلَى المَراتِبِ عند الله رُتبَتُهُ
فاعلم فما موضعُ المحبوبِ مجهولُ
من قاب قوسينِ أو أدنى له نزلٌ
وحُقَّ منه له مثوى ً وتحليلُ
سَرع إلى المسجِدِ الأقصَى وَعاد بِهِ
ليلاً بُراقٌ يبارى البرقَ هذلول
يا حبَّذا حالُ قُربِ لاأكيِّفُهُ
وحبَّذا حالُ وصْلٍ عنه مغفولُ
وَكَمْ مواهِبَ لم تَدْرِ العِبادُ بها
أتتْ إليه وسترُ الليلِ مسدولُ
هذا هو الفضلُ لا الدنيا وما رجحتْ
به الموازينُ منها والمكاييلُ
وكم أتتْ عنْ رسول اللهِ بيَّنَة
ٌ في فضلها وافقَ المنقولَ معقولُ
نورٌ فليسَ له ظلٌ يُرى ولهُ
مِنَ الغَمامَة ِ أَنَّى سَارَ تَظْليل
ولا يُرى في الثَّرى أثرٌ لأخمصهِ
إذا مشى وله في الصخرِ توحيلُ
دنا إليهِ حنينُ الجِذعِ من شغفٍ
إذْ نالهُ منه بَعْدَ القُرْبِ تَزْيِيلُ
فَلَيْتَ مِنْ وَجهِهِ حَظِّي مُقابَلَة
ٌ وَلَيْتَ حَظِّيَ منْ كَفَّيْهِ تَقْبِيلُ
بيضٌ ميامينُ يستسقى الغمامُ بها
للشمسِ منها وللأنواءِ تخجيلُ
ما إنْ يَزالُ بها في كلِّ نازِلَة
ٍ للقُلِّ كثرٌ وللتصعيبِ تسهيلُ
فاعجبْ لأفعالها إن كنتَ مدركها
واطربْ إذا ذُكرتْ تلك الأفاعيلُ
كم عاود البرءُ من إعلالهِ جسداً
بلمسهِ واستبانَ العقلَ مخبولُ
وَرَدَّ ألفَيْنِ في رِيِّ وَفي شِبَعٍ
إذ ضاق باثنينِ مشروبٌ ومأكولُ
وردَّ ماءً ونوراً بعدَ ماذهبا
رِيقٌ لهُ بِكِلا العَيْنَيْنَ مَتْفُولُ
ومنبعُ الماء عذباً من أصابعهِ
وذاكَ صُنْعٌ به فينا جَرَى النيلُ
وكم دعا ومحيَّا الأرضِ مكتئبٌ
ثمَّ انثنى وله بِشرٌ وتهليلُ
فأصْبَحَ المَحْلُ فيها لا مَحَلَّ لَهُ
وغالَ ذكرَ الغلا من خصبها غولُ
فبالظِّرابِ ضُرُوبٌ لِلْغَمامِ كما
عَنِ البِناءِ عَزالِيها مَعازيلُ
وآضَ من روضها جيدُ الوجودِ به
مِنْ لُؤْلُؤِ النَّورِ تَرْصِيعٌ وتكليلُ
وَعَسْكَرٍ لَجبٍ قَدْ لَجَّ في طَلَبٍ
لغزوهِغَرَّهُ بأسٌ وترعيلُ
دعا نزالِ فولَّي والبوارُ به
من الصَّبا والحصى والرُّعبِ منزولُ
واغيرتا حين أضحى الغارُ وهو بهِ
كمثلِ قلبي معمورٌ ومأهولُ
كأَنَّمَا المُصطَفى فيهِ وصاحِبُه الصَّ
ديقُ ليثانٍ قد آواهما غيلُ
وَجلَّلَ الغارَ نَسْجُ العنكبوتِ عَلَى
وَهْنٍ فيا حَبَّذا نَسْجٌ وَتَجْلِيلُ
عناية ٌ ضلَّ كيدُ المشركينَ بها
وما مَكايِدُهمْ إلاَّ الأضاليلُ
إذْ يَنظُرُونَ وهمْ لا يُبْصِرُونَهُما
كأنَّ أبصارهم من زيغها حُولُ
إنْيقطع الله عنه أمة ً سفهتْ
نفوسها فلها بالكفرِ تعليلُ
فإنما الرُّسلُ والأملاكُ شافعها
لِوُصْلة ٍ منه تَسکلٌ وَتَطْفِيلُ
ماعُذْرُ من منعَ التصديقَ منطقهُ
وقد نبا منه محسوسٌ ومعقولُ
والذئبُ والعيرُ والمولودُ صدَّقَهُ
والظُّبْيُ أَفْصَحَ نُطْقاً وَهْوَ مَحْبُولُ
والبَدْرُ بادَرَ مُنْشَقًّا بِدَعْوَتِهِ
له كما شقَّ قلبٌ وهو متبولُ
وَالنَّخْلُ أثْمَرَ في عام وسُرَّ بِهِ
سلمانُ إذ بسقتْ منه العثاكيلُ
إنْ أَنْكَرَتْهُ النَّصَارَى واليَهُودُ عَلَى
ما بيَّنتْ منه توراة ٌوإنجيلُ
فقد تكرَّرَ منهم في جحودهم
للكفرِ كفرٌ وللتجهيل تجهيلُ
قلْ للنصارى الألى ساءت مقالتهم
فما لها غير محضِ الجهلِ تعليلُ
مِنَ اليَهُودِ اسْتَفَدْتُمْ ذَا الجُحودَ كما
من الغرابِ استفادَ الدفنَ قابيلُ
فإنَّ عِنْدَكُمُ تَوْراتُهُمْ صَدَقَتْ
ولمْ تُصَدَّقْ لكمْ منهمْ أناجِيلُ
ظلمتونا فأضحوا ظالمينَ لكم
وذاكَ مِثْلُ قِصاصٍ فيهِ تَعْدِيلُ
منكمُ لنا ولكم من بعضكمْ شغلٌ
والناسُ بالناسِ في الدنيا مشاغيلُ
لقدْ عَلِمْتُمْ ولكِنْ صَدَّكُمْ حَسَدٌ
أنّا بما جاءنا قومٌ مقابيلُ
أما عرفتم نبي الله معرفة َ الأب
أَبْناء لكنكم قَوْمٌ مناكِيلُ
هذا الذي كنتم تستفتحون به
لولا اهتدى منكمُ للرشدِ ضِلِّيلُ
فَلا تُرَجُّوا جزِيلَ الأجْرِ مِنْ عَمَلٍ
إنَّ الرَّجاء مِنَ الكُفَّارِ مَخْذُولُ
تؤذنونَ بزقٍّ من جهالتكمْ
به انتفاخٌ وجسمٌ في ترهيلُ
موتوا بغيظٍ كماقد ماتَ قبلكمُ
قابيلُ إذ قرَّبَ القربانَ هابيلُ
ياخي من رويتْ للناسِ مكرمة
ٌ عنهُ وفُصِّلَ تَحْرِيمٌ وَتَحْلِيلُ
كَمْ قد أتتْ عنكَ أخبارٌ مُخَبِّرَة
ٌ في حُسْنِها أشْبَهَ التَّفْرِيعَ تَأْصِيلُ
تَسْرِي إلَى النَّفْسِ منها كلما ورَدَتْ
أنْفاسُ وَرْدٍ سَرَتْ وَالوَرْدُ مَطْلولُ
مِنْ كُلِّ لَفْظٍ بَلِيغٍ راقَ جَوْهَرُهُ
كأنُهُ السَّيْفُ ماضِ وَهْوَ مَصْقُولُ
لم تبقِ ذكراً لذي نُطقٍ فصاحتهُ
وهل تضيءُ مع الشمسِ القناديلُ؟
جاهَدْتَ في الله أبْطَالَ الضَّلالِ إلى
أن ظلَّ للشركِ بالتوحيدِ تبطيلُ
شَكا حُسامُكَ ما تَشْكو جُمُوعُهُمْ
ففيه منها وفيها منه تَفْلِيلُ
لله يَوْمُ حُنَيْنٍ حينَ كانَ بهِ
كساعة ِ البَعْثِ تَهْوِيلٌ وَتَطْوِيلُ
ويوم أقبلتِ الأحزابُ وانهزمتْ
وكمْ خبا لهبٌ بالشركِ مشعولُ
جاءوا بأسلحة ٍ لم تحمِ حاملها
إنَّ الكُماة َ إذا لم ينصروا ميلُ
مِنْ بَعدِما زُلزلتْ بالشِّرْكِ أبْنِيَة
ٌ وانْبَتَّ حَبْلٌ بأيْدِي الرَّيْبِ مَفْتُولُ
وظنَّ كلُّ امرىء ٍ في قلبهِ مرضٌ
بأنَّ موعدهُ بانَّصرِ ممطولُ
فأنزَلَ الله أمْلاكاً مُسَوَّمَة
لبوسها من سكيناتٍ سرابيلُ
شاكى السلاح فما تشكو الكلالَ ومن
صنعِ الإلهِ لها نسجٌ وتأثيلُ
مِنْ كُلِّ مَوْضونَة ٍ حَصْداءَ سابِغَة
ٍ تَرُدُّ حَدَّ المَنايا وهْوَ مَفْلُولُ
وَكلِّ أَبْتَرَ لِلْحَقِّ المُبِينِ بهِ
وللضلالة ِ تعديلٌ وتمييلُ
لم تبقِ للشركِ من قلبٍ ولا سببٍ
إلاَّ غَدَا وَهْوَ مَتبُولٌ وَمَبْتُولُ
وَيَوْمُ بَدْرٍ إذِ الإسلامُ قد طَلَعَتْ
به بُدُوراً لها بالنصْرِ تَكميلُ
سيءتْ بما سرنا الكُفَّار منه وقد
أفنى سراتهمُ أسرٌ وتقتيلُ
كأنَّما هُوَ عُرْسٌ فيه قد جُلِيَتْ
على الظبا والقنا روسٌ مفاصيلُ
والخَيْلُ تَرْقُصُ زَهْواً بالكُماة ِ وما
غيرَ السيوفِ بأيديهمْ مناديلُ
ولا مُهُورَ سِوَى الأرْوَاحَ تَقْبَلُها الْبِي
ضُ البهاتيرُ والسُّمْرُ العطابيلُ
فلوْ تَرَى كلَّ عُضْوٍ مِنْ كماتِهِمُ
مُفَصَّلاً وهْوَ مَكفُوفٌ ومَشْلولُ
وكلُّ بيْتٍ حَكى بَيْتَ العَرُوضِ لهُ
بالبِيضِ والسُّمْرِ تَقْطِيعٌ وتَفْصِيلُ
وداخلتْ بالردى أجزاءهم عللٌ
غدا المرفَّلُ منهاوهوَ مجزولُ
وَكلُّ ذِي تِرَة ٍ تَغْلِي مَراجلُهُ
غَدا يُقادُ ذَليلاً وهْوَ مَغلول
وكلُّ جرحٍ بجسمٍ يستهلُّ دماً
كأنهُ مبسمٌ بالرَّاحِ معلولُ
وعاطلٌ مِنْ سلاحٍ قد غدَا ولهُ
أساورُ من حديدٍ أو خلاخيلُ
والأرضُ مِنْ جُثَثِ القَتْلَى مُجَلَّلَة
ٌ والتُّرْبُ مِنْ أَدْمُعِ الأحياءِ مَبْلولُ
غَصَّتْ قلوبٌ كما غصَّ القليبُ بهم
فللأسى فيهمُ والنارِ تأكيلُ
فأصْبَحَ البِئْرُ إذْ أَهْلُ البَوارِ به
مِثْلُ الوَطيسِ بهِ جُزْرٌ رَعابيلُ
وأصبحتْ أِّيماتٍ محصناتُهُمُ
وأمهاتُهُمُ وهي المثاكيلُ
لاتمسكُ الدمعَ من حزنٍ عيونهمُ
إلاَّ كما يمسكُ الماءَ الغرابيلُ
وصارَ فَقْرُهُم لِلمسلِمينَ غِنَى
وفي المَصائِبِ تَفْوِيتٌ وتَحْصِيلُ
ورَدَّ أَوْجُهَهُمْ سُوداً وأعْيُنَهُمْ
بِيضاً مِنَ الله تَنكيدٌ وتَنْكِيلُ
سالتْ وساءتْ عُيونٌ منهمُ مَثَلاً
كَأنَّما كلُّها بالشَّوْكِ مَسْمُولُ
أبْغِضْ بها مُقَلاً قد أشْبهَتْ لَبَناً
طفا الذبابُ عليهِ وهو ممقولُ
ويومَ عَمَّ قلوبَ المسلمينَ أسى
ً بِفَقْدِ عَمِّكَ والمَفْقُودُ مَجْذُولُ
ونال إحدى الثنايا الكَسْرُ في أحدٍ
وجاءَ يَجْبُرُ منها الكَسْرَ جِبْرِيلُ
وفي مواطنَ شتى كم أتاكَ بها
نَصْرٌ مِنَ الله مَضْمُونٌ ومَكْفُولُ
ومَلَّكَتْ يَدَاكَ الْيُمْنَى مَلائكَة
ٌ غُرٌ كرامٌ وأبطالٌ بهاليلُ
يُسارِعُونَ إذا نَادَيْتَهُمْ لِوَغَى
إنَّ الكرامَ إذا نودوا هذاليلُ
مِنْ كُلِّ نِضْوٍ نُحولٍ ما يزالُ به
إلى المكارمِ جدٌّ وهو مهزولُ
بنانهُ بدمِ الأبطالِ مختضبٌ
آلَ النبي بمنْ أو ما أشبهكم
لقد تعَذَّرَ تشبيهٌ وتمثيلُ
وهل سبيلٌ إلى مدحٍ يكون به
لأهْلِ بَيْتِ رَسولِ الله تَأْهِيلُ
يا قَوْمِ بايَعْتُكُمْ أَنْ لا شَبِيهَ لَكُمْ
مِنَ الوَرَى فاسْتقِيلوا البَيْعَ أوْ قِيلُوا
جاءت على تلو آياتِ النبي لهم
دلائلٌ هي للتاريخِ تذييلُ
مَعاشِرٌ ما رَضُوا إنِّي لَمُبْتَهِجٌ
بهِمْ وما سَخِطُوا إنِّي لمَثْكُولُ
وإنَّ من باع في الدنيا محبتهم
مبغضهُ اللهَ في الأخرى لمرذولُ
وحسبُ من نكلتْ عنهمْ خواطرهُ
إنْ ماتَ أو عاشَ تنكيلٌ وتثكيلُ
إنَّ المَوَدَّة َ في قُرْبَى النبيِّ غِنى
ً لا يَسْتَمِيلُ فُؤَادي عنهُ تَمْوِيلُ
وكَمْ لأصْحَابِهِ الغُرِّ الكِرامِ يَدٌ
عِنْدَ الإلهِ لها في الفضلِ تَخْوِيل
قومٌ لهمْ في الوغى من خوفِ ربهمُ
حسنُ ابتلاءٍ وفي الطاعاتِ تبتيلُ
كأنهمْ في محاريبِ ملائكة
ٌ وفي حُروبِ أعادِيهمْ رَآبِيلُ
حَكَى العَباءة َ قَلْبي حينَ كانَ بها
لِلآلِ تَغْطِيَة ٌ والصَّحْبِ تَخْليل
وَلِي فُؤَادٌ ونُطْقٌ بالوِدادِ لَهمْ
وبالمَدائحِ مَشغوفٌ ومَشْغولُ
فإن ظننتُ بهم ختلاً لبعضهمُ
إني إذنْ بِغُرورِ النفْس مَخْتُول
أمة ُ الدينِ كلٌَ في محاولة
ٍ إلى صوابِ اجتهادٍ منه مَوْكُولُ
لِيَقْضيَ الله أَمْراً كانَ قَدَّرَهُ
وكُلُّ ما قَدَّرَ الرّحْمنُ مفعُولُ
حسبي إذا ما منحتُ المصطفى مدحي
في الحشرِ تزكية ٌ منهُ وتعديلُ
مَدْحٌ بهِ ثَقُلَتْ ميزانُ قائلِهِ
وخَفَّ عنهُ من الأوزارِ تثقيلُ
وكيفَ تَأْبَى جَنَى أَوْصافِهِ هِمَمٌ
يروقها من قطوفِ العزِّ تذليلُ
وليس يدركُ أدنى وصفهِ بشرٌ
أيقطعُ الأرضَ ساعٍ وهو مكبولُ
كُلُّ الفَصاحَة ِ عِيٌّ في مَناقِبِهِ
إذا تَفَكَّرْتَ والتَّكْثِيرُ تَقْلِيلُ
لو أجمعَ الخلقُ أن يحصوا محاسنهُ
أَعْيَتْهُمُ جُمْلَة ٌ منها وتَفْصِيلُ
عُذْراً إليك رسولَ الله مِنْ كَلِمي
إنَّ الكريمَ لديهِ العُذْرُ مقبولُ
إنْ لَمْ يكنْ مَنْطِقِي في طيبِهِ عَسَلاً
فإنه بمديحي فيكَ مَعْسُولُ
ها حُلَّة ً بخِلاَلٍ منكَ قد رُقِمَتْ
مافي محاسنها للعيبِ تخليلُ
جاءت بحبى وتصديقي إليكَ وما
حبيِّ مشوبٌ ولا التصديقُ مدخولُ
ألبستها منك حُسناً فازدهتْ شرفاً بها
الخواطرُ منا والمناويلُ
لم أنتحلها ولم أغصبْ معانيها
وَغيرُ مَدْحِكَ مَغصوبٌ ومَنْحُولٌ
ومَا على قَوْلِ كعْبٍ أَنْ تُوازِنَهُ
فَرُبَّمَا وَازَنَ الدُّرَّ المَثَاقيلُ
وهلْ تعادلهُ حُسناً ومنطقها
عن منطق العربِ العرباء معدولُ
وَحَيْثُ كُنَّا معاً نَرْمِي إلى غَرَضٍ
فحبذا ناضلٌ منا ومنضولُ
إن أقفُ آثارهُ إني الغداة َ بها
على طريق نجاحٍ منك مدلولُ
لمَّا غفرتَ له ذنباً وصنتُ دماً
لولا ذِمامُكَ أَضْحى وَهْوَ مَطْلولُ
رَجَوْتُ غُفْرانَ ذَنْبٍ مُوجِبٍ تَلَفِي
لهُ منَ النَّفْسِ إملاءُ وَتَسْوِيلُ
وليسَ غيرَكَ لِي مَوْلى ً أؤَمِّلُهُ
بَعْدَ الإلَهِ وَحَسْبِي مِنْكَ تَأْمِيلُ
ولي فُؤَادُ مُحِبِّ ليسَ يُقْنِعُهُ
غيرُ اللقاءِ ولا يشفيهِ تعليلُ
يميلُ بي لك شوقاً أو يخيل لي
كأنما بيننا من شُقة ٍ ميلُ
يهمُّ بالسعيِّ والأقدارُ تمسكهُ
وكيفَ يعدوُ جوادٌ وهو مشكولُ
مَتَى تَجُوبُ رسولَ الله نَحْوَكَ بِي
تِلْكَ الجِبالَ نَجِيبَاتٌ مَراسِيلُ
فأَنْثنِي وَيَدي بالفَوْزِ ظافِرَة
ٌ وثوبُ ذنبي من الآثامِ مغسولُ
في مَعْشَرٍ أَخْلصوا لله دِينَهُمُ
وفَوَّضُوا إنْ هُمُ نالوا وإنْ نِيلُوا
شُعْثٍ لهُمْ مِنْ ثَرَى البَيْتِ الذي شَرُفَتْ
به النبيُّون تطييبٌ وتكحيلُ
مُحَلِّقي أَرْؤُسٍ زِيدَتْ وجُوهُهُمْ
حسناً بهِ فكأنَّ الحلقَ ترجيلُ
قد رَحب البيتُ شَوْقاً وَالمقَامُ بهمْ
والحِجْرُ والحَجَرُ الملْثُومُ والميلُ
نذرتُ إن جمعتْ شملي ببابكَ أوْ
شَفَتْ فُؤَادِي بِهِ قَوْداءُ شِمْلِيلُ
ألُّ من طيبة ٍ بالدمعِ طيبَ ثرى
ً لِغُلَّتي وغَلِيلي منه تَبْلِيل
دامَتْ عليكَ صلاة ُ الله يَكْفَلُها
مِنَ المهَيْمِن إبلاغٌ وتَوْصِيلُ
ما لاحَ ضوء صباحٍ فاشتسرّبه
من الكواكبِ قنديلٌ فقنديلُ
شرف الدين البوصيري
بواسطة: سيف الدين العثمان
التعديل بواسطة: سيف الدين العثمان
الإضافة: الخميس 2007/02/22 08:35:37 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com