ترومُ رِضاهُمْ ثمَّ تأْتي المَناهِيا | |
|
| أحبٌّ وعِصيانٌ لقد ظَلْتَ لاهيا |
|
تَكنَّيتَ عبداً ثمَّ أكنَنْتَ إمرةً | |
|
| أعبدٌ وأمرٌ ما أخالك صاحيا |
|
جمعتَ عيوبَ الرَّدّ كِبراً وكَبرةً | |
|
| وماذا يُساوي مَن تحلّى المساوِيا |
|
أما أبصرتْ عيناكَ للحقِّ مُرشداً | |
|
| أمَا سمعتْ أذْناكَ للهِ داعِيا |
|
أبعدَ مشيبٍ تَسْتَجدُّ شَبيبةً | |
|
| وبعدَ هُدىً تبغي عَمىً أو تعامِيا |
|
لقد صاحَ داعي الرُّشْدِ لوْ أنَّ سَامعاً | |
|
| ولاحَ صَباحُ الحقِّ لو أنَّ رائيا |
|
وأشرق سِرُّ الجُودِ لو أنَّ ذا حِجىً | |
|
| يُشاهدُ نُوراً أو يُجيبُ مُنادِيا |
|
تسامَتْ لكَ الأكوان تُجْلَى عَرائِساً | |
|
| فلو كنتَ ذا عَيْنين كنتَ المُناجيا |
|
ونادتْ ألا كُفءٌ يُكافي وما أرى | |
|
| لها مِنْكَ كُفؤاً إنْ خَطبتَ مُكافيا |
|
وإلّا فما بالُ البَهارِ مُحدِّقاً | |
|
| وقد كَحَلَتْ منهُ الظِّلالُ مَآقيا |
|
وما بالُ صُدغِ الآسِ أخضرَ ناصِعاً | |
|
| وما بالُ خَدِّ الوردِ أحمرَ قانِيا |
|
وما لِثغورِ الزَّهرِ تُلفَى بَواسماً | |
|
| إذا ما عُيونُ القَطْرِ ظَلْنَ بَواكِيا |
|
ولِمْ طرَّزَ البرقُ الغَمامَ وَوَشَّحتْ | |
|
| سواجِمُه البَطْحاءَ بيضاً مَواضِيا |
|
وما للآلي الشُّهبِ رُصِّعَ نَظمُها | |
|
| فأمسَتْ صدورُ الأُفقِ عَنها حَواليا |
|
وما لبطاحِ الأرضِ أُبدعَ رَقْمُها | |
|
| فراقَتْ أساريراً ورقَّتْ حَواشِيا |
|
وما لِحَمامِ الأيْكِ تَشدو تَرنُّماً | |
|
| وما لِقُدودِ القُضْب تَهفو تَعاطِيا |
|
ولِمْ قَبَضَ النَّيْلَوْفَرُ الكفَّ خائِفاً | |
|
| ولِمْ بَسَطَ السُّوْسانُ يُمناهُ راجِيا |
|
أتحسَبُ هاتي كُلَّها خُلِقت سُدىً | |
|
| لغير اعتبارٍ لا وَرَبِّكَ ماهِيا |
|
وأنَّ قُصاراها لِلَهْوٍ ولذَّةٍ | |
|
| لقد أخطأ التَّقديرُ مِنْكَ المَرامِيا |
|
فَما خُطباءُ العُرْبِ أفصحُ واعِظاً | |
|
| مِنَ الطَّيرِ يَشْدو لَوْ فَهمتَ المَعانِيا |
|
ولا صفَحاتُ الهِنْدِ أردعُ زاجِراً | |
|
| مِنَ البَرْقِ يَبْدُو لَوْ علمتَ النَّواهِيا |
|
ولا لطَفُ الإحْسانِ أحسن مَوقِعاً | |
|
| مِنَ النَّورِ يَذْكو لو عرفْتَ الأيادِيا |
|
أيا غَائِباً عن حَضرةِ القُدسِ قد نَبا | |
|
| به الطَّبعُ أن يأْتي هُدىً أو يُواتِيا |
|
أما تَتَّقي بأْساً أما تَرْتجي نَدىً | |
|
| أما تَنْتَهي وَعظاً لقد ظَلتَ هازِيا |
|
إذا ما دَعاكَ الخَطْبُ كي تَرْعوي لهُ | |
|
| تَدارككَ اللُّطفُ الخفيُّ تَلافِيا |
|
فلا شِدَّةٌ تُعديكَ إلّا لَجاجةً | |
|
| ولا فَتْرَةٌ تُجديكَ إلّا تَمادِيا |
|
إليكَ إشاراتٌ وعنكَ عِبارةٌ | |
|
| وفيكَ أماراتٌ فلا تَكُ ساهيا |
|
وسائِلةٍ ما بالُ جَفْنِكَ والبُكا | |
|
| وما عَرَفَتْني عَنْ هوىً قَطُّ سالِيا |
|
إليكِ فَما في خاطِري فَضْلُ وُسْعةٍ | |
|
| لِسَمْعكِ فَضْلاً عن حَديثِ غرامِيا |
|
ذَريني لِغَيْري وَلْتَرُوحي لِراحةٍ | |
|
| فَرُبَّتَما أعْدى أسايَ الأواسِيا |
|
فُتِنتُ بِدُنيا جاذَبَتْني أعِنَّتي | |
|
| فما ليَ لا أبكي لِذلكَ مالِيا |
|
فَما وَجْدُ ثَكْلى أُمِّ فَرْدٍ أصابها | |
|
| وَجِيُّ رَدىً فيهِ فأصبحَ ثاوِيا |
|
تُردِّدُ فِكْراً لا تَرى عنهُ مَعْدِلاً | |
|
| وتَرْجِعُ طَرفاً لا تَرى منه باقِيا |
|
فَتستنجدُ الصَّبرَ الجميلَ لِخَطْبِها | |
|
| فَلا تَلْتقي إلا خَذُولاً وناعِيا |
|
فَتَهْتِكَ سِتْرَ الصَّبرِ عنْ بَرْح لوعةٍ | |
|
| تُعيدُ بياض الصُّبح أسودَ ساجِيا |
|
مُدَلَّهةٍ وَلهى يُطارحُها الأسى | |
|
| أفانينُ شَجْوٍ مَوْحَداً ومَثانيا |
|
بأعظَمَ من وَجدي على فَرطِ زَلَّتي | |
|
| وأكبرَ منْ حُزني لقُبْحِ فَعاليا |
|
شبابٌ مضى لم أحْلَ منهُ بطائلٍ | |
|
| فياليتَ شِعري كيفَ بالشَّيبِ حالِيا |
|
وما أسَفي أنْ مَرَّ ما مرَّ فانْقَضى | |
|
| ولكنَّ هَمِّي ما بَقِيْ مِنْ زَمانِيا |
|
فقد فَتح الرَّحمنُ أبوابَ عَفْوهِ | |
|
| لِمَنْ راجَعَ الذِّكرى وأقبلَ خاشِيا |
|
أخافُ قبيحَ العَوْد فالعُذْرُ ضَيِّقٌ | |
|
| عَلَى أنَّ بابَ العَفو أوسَعُ نادِيا |
|
إلهيَ والشَّكوى إليكَ اسْتراحةٌ | |
|
| فأنتَ إلى الشَّاكي أشدُّ تَدانِيا |
|
إلهيَ لا تَفْضَح عُواراً سَتَرْتَهُ | |
|
| فماليَ مَأْمولٌ سِواكَ إلهِيا |
|
هلكتُ ردىً إن لم أنلْ منك رحمةً | |
|
| تبَعِّدُ رَوْعاتي وتدني أمانِيا |
|
لَعَلَّ الَّذي قامَ الوجودُ بِجُودِهِ | |
|
| يُعيدُ بِحُسْنِ اللُّطْفِ حاليَ حالِيا |
|