أَهاجَكَ ربعٌ حائِلُ الرَسمِ دارسُه | |
|
| كَوَحيِ كِتابٍ أَضعفَ الخَطَّ دارِسُه |
|
غَدا موحِشاً بَعدَ الأَنيسِ وَلَم يَكُن | |
|
| لِيوحش إِلا وَهوَ قَد بانَ آنسُه |
|
تَبدَّل مِن لَمياءَ ريماً وَقَلَّما | |
|
| يُجانِسُها ظَبيُ الفَلا أَو تُجانِسُه |
|
وَهَب أَنَّهُ يُحكى بجيدٍ وَمُقلَةٍ | |
|
| فَأينَ لَهُ لَدنُ الأَراكِ وَمايِسُه |
|
غنينا زَماناً آمِنينَ بِغِبطَةٍ | |
|
| فَفَرَّقَنا صَرفٌ مِن الدَهرِ بائِسُه |
|
زَمان يُلَبّي القَلبُ داعِيَ صَبوَةٍ | |
|
| وَيَسبي حِجاهُ ناغِش الطَّرفِ ناعِسُه |
|
مِن الترك لَم يُربَع بِنَجدٍ وَإِنَّما | |
|
| رَبا في عَرينِ اللَيثِ وَاللَيثُ حارِسُه |
|
فَلا وَصلَ إِلا مِن تَلَفُّتِ نَظرَةٍ | |
|
| تجاهِرُهُ حيناً وَحيناً تُخالِسُه |
|
غَرَستُ بِلَحظي الوردَ في وَجَناتِهِ | |
|
| وَلَكنَّهُ لا يَجتَني مِنهُ غارِسُه |
|
جَميلٌ كَأَنَّ الحسنَ خُيِّرَ فَاغتَدى | |
|
| خصيصاً بِهِ إِذ لا نَظيرَ يُنافِسُه |
|
فَلِلشَمسِ ما تُبديه غُرَّةُ وَجهِهِ | |
|
| وَللكثبِ ما تُخفيهِ مِنهُ ملابِسُه |
|
جَرى فَجرى الضرغامُ في أَجَماتِهِ | |
|
| غَدا وَهوَ جَهمُ الوَجهِ أَربد عابِسُه |
|
بَراهُ الطَوى حَتّى كَأَنَّ زَئيرَهُ | |
|
| بُغامٌ وَشَبحاً مِنهُ واراهُ رامِسُه |
|
فَمرَّ بِهِ خيطٌ مِن الوَحشِ آنَسَت | |
|
| سَنا مُقلَةٍ تَدنُو وَصَوتاً يُهامِسُه |
|
فَفَرَّت هَوادِيها وَأفردَ قَرهَبٌ | |
|
| مُذلَّق مَدرىً مُهلِكٌ مَن يُراعِسُه |
|
أَقاما زَماناً وَهوَ قَد ضَبَئَت بِهِ | |
|
| بَراثنُ فيهِ فَهوَ لا شَكَّ فارِسُه |
|
بِأَفتكَ مِنهُ حينَ يَرنُو بِمُقلَةٍ | |
|
| تُريكَ الرِضى وَالمَوتُ فيهِ مُلابِسُه |
|
وَدَويَّةٍ تَيهاءَ غُفلٍ سَلَكتُها | |
|
| وَجنحُ ظَلامِ اللَيلِ تَسطو حَنادِسُه |
|
قَصِيّةُ أَرجاءٍ قَريبَةُ متلَفٍ | |
|
| يَظَلُّ بِها الخَرِّيتُ يَحتارُ هاجِسُه |
|
وَقَد سَلَكت فيها السَعالى مُلاوَةً | |
|
| فَخافَت بِها إِذ لَم تَجِد مَن تُلابِسُه |
|
إِذا عَزَفت لَيلاً أَجابَ لَها الصَدى | |
|
| يَطِنُّ بِهِ طامٍ مِن القُفِّ طامِسُه |
|
وَمنهلُ قَلتٍ وَسطَ قُنَّةِ شامِخٍ | |
|
| تُلَطِّفُهُ في كُلِّ حين رَوامِسُه |
|
وَتُنقِصُهُ يُوحٌ بِحَرِّ سُمومِها | |
|
| فَيُربيه مُنهَلُّ الغَمامِ وَباجِسُه |
|
تَظَلُّ سِراعُ الفَتخ يسقطنَ دونَهُ | |
|
| فَلَيسَ لَها وردٌ وَقَد عَزَّ لامِسُه |
|
وَرَدَّت وَقَد مَجَّت ذُكاءُ لُعابها | |
|
| بِنحرِ فَتىً حرُّ الهَجيرِ يُوانِسُه |
|
بِقَلبٍ تَكادُ النارُ مِن نَفَيانِهِ | |
|
| تُشَبُّ وَيُوري شُعلَةً مِنهُ قابِسُه |
|
وَبحرٍ كَثيفِ الجانِبَينِ عَرَمرَمٍ | |
|
| تضيءُ لَنا مثلُ الشُموسِ فَوانِسُه |
|
وَقَد مَلأَ الأَرضَ الفَضاءَ كَأَنَّما | |
|
| تُمَدُّ بِأَملاكِ السَماءِ فَوارِسُه |
|
إِذا ماجَ بِالأَرضِ ابذَعَرّت وُحوشُه | |
|
| وَضاقَت بِهِ أَنجادُهُ وَأَواعِسُه |
|
مَطوتُ بِهِ في السَيرِ في طَلَبِ العِدا | |
|
| عدا الدين حَتّى عادَ للدينِ شامِسُه |
|
عَلى رَبذٍ سامي التَليلِ كَأَنَّهُ | |
|
| يُعارضُهُ مِن أَشهبِ البَرقِ ناخِسُه |
|
عَبوثٍ بِأَشلاءِ اللجامِ كَأَنَّما | |
|
| بِهِ أَولَقٌ حَتّى لَقَد ضَجَّ سايِسُه |
|
وَغَيث وَليّ في قَرارةِ وَهدةٍ | |
|
| أَقامَ بِهِ رَطبُ النَباتِ وَيابِسُه |
|
بعيدٌ عَن الروّادِ لَيسَ بِمَعلَمٍ | |
|
| مَخُوفٍ بِهِ الآسادُ تَسطو عَنابِسُه |
|
مَلاعِبُ ضِرغامٍ مَزاحِفُ ضَرزَمٍ | |
|
| قَتولٌ بِنَفثِ السُمِّ من هُوَ دايِسُه |
|
إِذا انسابَ في يَبسٍ يَمُرُّ كَأَنه | |
|
| حَريقٌ تَلظّى أَو خَريقٌ نُلامِسُه |
|
فَما يَأتِ مِن وَحشٍ لوردٍ فَإِنَّهُ | |
|
| يُناهِشُهُ هَذا وَذاكَ يُناهِسُه |
|
فَكائن بِهِ مِن آهبٍ قَد تَمَزَّقَت | |
|
| وَشِلوِ لجام ماتَ مَن هُوَ ناهِسُه |
|
هَبَطتُ وَفي كَفّي رَسُوبٌ كَأَنَّهُ | |
|
| سَنا البَرقِ وَهناً لاحَ وَاللَيلُ دامِسُه |
|
وَراحَ أَبُوها ابنُ الغَمامِ وَأمُها | |
|
| اِبنَةُ الكَرمِ عَرشاً طابَ مِنهُ مَغارِسُه |
|
صَفَت فَأَرَتنا ذاتَها مِن إِنائِها | |
|
| وَلاحَت لَنا لَونينِ قانٍ وَوارِسُه |
|
جَلوبٌ لأَنواعِ السُرورِ تهونُ في | |
|
| صِيانَتِها نَفسُ الفَتى وَنَفائِسُه |
|
وَتُكسِبُ عَقلَ المَرءِ بَأساً وَنائِلاً | |
|
| فَتُخشى عَواليهِ وَتُغشى مَجالِسُه |
|
تَمَزَّزتُها صِرفا فَعاثَت بِنهيتي | |
|
| تُريني مُليكاً كِسرَوِيّاً أفاعِسُه |
|
وَرَوض يَفاع نادَمَتهُ لطائِف | |
|
| مِن المُزنِ تَندى وَهوَ وَطفٌ نَواعِسُه |
|
فَتُشرِقُ فيهِ الشَمسُ تُلقي شُعاعَها | |
|
| عَلَيهِ فَيَبدو وَهوَ تُجلى عَرائِسُه |
|
أَقَمتُ بِهِ يَوماً أُغازِلُ جُؤذَراً | |
|
| مِن التُركِ أَخطا من بِشَمسٍ يُقايِسُه |
|
وَيَوماً أُعاطِي قَهوَةً ذَهَبيَةً | |
|
| أَخا ثِقَةٍ خِلاً قَليلاً وَساوِسُه |
|
وَيَوماً أُغادي للسماعِ لِغادَةٍ | |
|
| لَطيفة جسِّ العودِ يُطرِبُ نامِسُه |
|
وَيَوماً أجيلُ العَينَ في زَهَراتِهِ | |
|
| أُشاهِدُ مَخلوقاً غَريباً مَقايِسُه |
|
فَمِن أَحمرٍ في أَخضَرٍ مَعَ أَصفَرٍ | |
|
| وَأَبيضَ مَع مسودِّ لَونٍ يُجانِسُه |
|
وَيَوماً لهوناهُ بغَرثانَ أَدرَعٍ | |
|
| لَهُ أنيبٌ عُصلٌ وَلَحظٌ يُشاوِسُه |
|
يسُوف ترابَ الوَحشِ أَينَ مَقَرُّهُ | |
|
| فَيُغنيهِ عَن لَمحِ العُيونِ مَعاطِسُه |
|
فَكَم إجَّلٍ أَردى وَكَم قَرهَبٍ فَرى | |
|
| فَلا خُزَزٌ ناجٍ وَلا هِقل يائِسُه |
|
إِذا نَحنُ أَشليناهُ أطلقتُ تابِعاً | |
|
| لَهُ أَسفَعَ الخَدينِ ذُلقا نَواهِسُه |
|
فَحلَّقَ صُعداً ثُم أَبصَرَ بِالصُوى | |
|
| ثعالةَ يردى وَهوَ بَهرٌ مَنافِسُه |
|
فَسامَتهُ وَانقَضَّ يلطُمُ وَجهَهُ | |
|
| جَناحاهُ وَالغرثانُ وافى يُمارِسُه |
|
وَلم يَبرَحا حَتّى أَفاتاهُ نَفسَهُ | |
|
| فَمِن دَمِهِ يَروى لغوبٌ وَلاحِسُه |
|
فَيا حَبَّذا يَومٌ وَثانٍ وَثالِثٌ | |
|
| وَرابعُ يَومٍ طابَ وَاليَوم خامِسُه |
|
لَقَضَّيتُ أَيّامي بِأُنسٍ وَلَذَّةٍ | |
|
| فَخامِسُها يَتلوهُ في الأُنسِ سادِسُه |
|
وَدَيرٍ بِمَوماةٍ قَصِيٍّ عَن الوَرى | |
|
| يَدُلُّ عَلَيهِ التائِهينَ نَواقِسُه |
|
حَوى مِن بَناتِ الرومِ أَقمارَ غَزلةٍ | |
|
| وَولدانَهُم حَتّى لَغَصَّت كَنائِسُه |
|
تَناظَرَ فيهِ الحُسنُ أَينَ مَقَرُّهُ | |
|
| أداماتُهُ يَختارُها أَم شمامِسُه |
|
طَرَقتُ وَسيدُ الخرقِ يَغسِلُ ساغِباً | |
|
| وَقَد راءَ قِرناً لا تُرامُ مَخالِسُه |
|
فَأَقعى قَليلاً ثُم يطفِرُ طامِعا | |
|
| فَأَعجَلَه سَهمٌ عَن القَصدِ حابِسُه |
|
وَأَوجَرتُهُ خَطِّيَّةً ثُمَ مَخذماً | |
|
| فَقَد قُطِعَت أَوصالُهُ وَكرادِسُه |
|
وَكُنتُ بِمَرأى مِن ذَوي الدَّيرِ فَاِغتَدى | |
|
| عَلى راحَتي مَسحاً وَلَثماً قَساوِسُه |
|
أَرَحتُهُمُ مِن غاشِمٍ كانَ دَأبُهُ | |
|
| إِذايَتَهُم وَالظُلمُ يَردى مَلابِسُه |
|
وَأَشمط بَهّاتٍ غَريبٍ مُمَزَّقٍ | |
|
| رَميةِ أَفّاقٍ كَثير دَهارِسُه |
|
فَفي السِيمِيا وَالكيميا مَع طَلاسِمٍ | |
|
| وَزُرقٍ وَأَوفاقٍ وَرَملٍ خَلابِسُه |
|
وَرميٍ وَتَنجيمٍ وَضَربٍ لِمَندَلٍ | |
|
| وَإِحضارِ عفريت وَجِنٍّ يُهامِسُه |
|
وَتَغويرِ ماءٍ وَاحتِفارِ مَطالِبٍ | |
|
| وَضَربِ حَصىً وَالسُمُّ جُدِّعَ عاطِسُه |
|
وَرُؤيا مَناماتٍ وَسَمعٍ لِهاتفٍ | |
|
| وَدَعوى كَراماتٍ وَخُضرٍ بَواجِسُه |
|
يُداهِي عُقول الناسِ إِذ دَسَّ نَحوَها | |
|
| مُحالاتِهِ وَالشَيخُ جَمٌّ دَسائِسُه |
|
رَآني أَخا صَمتٍ وَسَمتٍ فَظَنَّني | |
|
| تُؤثِّر في المُوهِماتُ هَوادِسُه |
|
وَلَم يَعرف المسكينُ أَنّي أَنا الَّذي | |
|
| قَرَأتُ حُروفاً لَم تُجزِها قَراطِسُه |
|
وَدَرَّستُ فَنَّ العِلمِ حَتّى لَقَد غَدَت | |
|
| مَحافِلُهُ بي تَزدَهي وَمَدارِسُه |
|
وَصَنَّفتُ فيهِ عِدَّةً مِن صَحائِفٍ | |
|
| تَضيَّقُ عَنها إِذ تُعَدُّ فَهارِسُه |
|
وَكَم بَيتِ شعرٍ قَد وَضَعتُ عِمادَهُ | |
|
| عَلى بَحرِ علمٍ فيهِ بَحري دايِسُه |
|
وَمِن فِقَرٍ قَد غُصتُ في البَحرِ مُخرِجاً | |
|
| لآلئَها ذهني لَها هُوَ غاطِسُه |
|
إِذا قَرَعَت سَمعَ الحَسودِ فَإِنَّهُ | |
|
| يُرى وَهوَ غَيظا باهِتَ الطَرفِ ناكِسُه |
|
وَمَيدانِ علمٍ قَد حَضَرتُ وَلَم يَكُن | |
|
| لِغَيري إِحضارٌ بِهِ أَنا فارِسُه |
|
إِذا قُلتُ أَصغى أَهلُهُ وَتَفهَّموا | |
|
| غَوامضَ قَد أَعيت عَلى مَن يُجالِسُه |
|
لَنَوَّةَ بِي علمي وَزِدتُ جَلالَةً | |
|
| وَغَيريَ فيهِ خاملُ الذكرِ باخِسُه |
|
وَطبَّقَ ذكري الأَرض حَتّى كَأَنَّما | |
|
| أَنا مَثَلٌ سارٍ تخبُّ عَرامِسُه |
|
كَأَنِّيَ شَمسٌ قَد أَضاءَ بِنُورِها | |
|
| جَميعُ الدُنى مَعمورُهُ وَدوارِسُه |
|
لِيَشنا حَياتي مَن أَرادَ فَإِنَّني | |
|
| شَجاحَلقِهِ حَتّى يُوارِيهِ رامِسُه |
|