في ذلكَ الرَّوْضِ الأغَنِّ بدَى فتًى | |
|
| قد يبلغُ العشرينَ عاماً ذو نُهَى |
|
كالبدرِ إلا أنهُ متكتِّمٌ | |
|
| والغصنِ إلا أنهُ غُصُنٌ ذَوَى |
|
كَتَبَ الضّنَى في وجهِهِ هذا الذي | |
|
| كادَ الغرامُ بهِ يَؤولُ إلى الفَنا |
|
دَنِفٌ تُرَوَّعُهُ الغصونُ اذا انثَنَتْ | |
|
| طَرَباً، ويُقلقهُ النسيمُ اذا جَرَى |
|
حيرانُ يُقْعِدُهُ الهوى ويقيمهُ | |
|
| فكأنَّهُ عَلَمٌ يُدَاعِبُهُ الهَوَا |
|
فإذا رَنَا للأفْقِ ظَنَّ نجومَهُ | |
|
| عَقدُ التي مَنْ رامَهَا رامَ السَّمَا |
|
وتوهَّمَ القمرَ المحلِّقَ وَجْهَ مَنْ | |
|
| ضَنَّتْ وجادتْ باللِّقاءِ وبالنَّوى |
|
حَجَبَ الغمامُ البدرَ عندَ مَسِيرِهِ | |
|
| فكأنَّهُ أسْمَاءُ تَسري في الدٌّجَى |
|
حسناءُ قد عَشِقَ المُحِبٌّ عفافَهَا | |
|
| وتعشَّقتْ آدابَهُ فَهُمَا سَوَا |
|
كالغصنِ قامتُها إذا الغُصْنُ انثنى | |
|
| وجبينُها يَحْكي الصباحَ إذا انجلَى |
|
وقعتْ غدائِرُهَا على أقدامِها | |
|
| فكأنها قد عَضَّها نابُ الهَوَى |
|
خَوْدٌ إذا نطقتْ حَسِبْتَ حديثَها | |
|
| دُرّاً، ولكنْ ليسَ مما يُشْتَرَى |
|
وقفتْ تُحيطَ بها الزهورُ كأنها | |
|
| قَمَرٌ تُحِيطُ بهِ الكواكبُ في الفَضَا |
|
ومشَتْ تَحِفُّ بها الغصونُ كأنها | |
|
| مَلِكٌ تحفُّ بهِ الجنودُ إذا مَشَى |
|
للهِ زورتُها وقد قَنِطَ الفَتَى | |
|
| فكأنها روحٌ جَرَى فيمنْ تَوَى |
|
هيهاتِ ما ظَفُرَ المؤَمِّلِ بالغِنَى | |
|
| بألذَّ من ظَفَرِ المتيَّمِ باللِّقَا |
|
فَدَنَا يطارِحُها تحيّةَ عاشقٍ | |
|
| ويقولُ أهلاً بالحبيبِ الذي أتَى |
|
بينما تُصافِحُ من يُصافِحُها إذا | |
|
| بدموعِها سَحَّتْ فَصَافحتِ الثَّرَى |
|
ما للعيونِ تحدَّرَتْ عَبَراتُها | |
|
| وعلامَ هذا الحُزْنُ يا ذاتَ البَهَا؟ |
|
قالتْ حبيبي لو تَرَى ما قد جَرَى | |
|
| في رَبْعِنَا شاركْتَني فيما تَرَى |
|
جارَ القضاءُ عليَّ في أحكامِهِ | |
|
| ما حيلةُ الإنسانِ إنْ جارَ القَضَا؟ |
|
فابْكِ معي، فلربَّما نَفَعَ البُكا | |
|
| إنَّ الليالي لا تدومُ على الصَفَا |
|
قالَ الفَتَى، والدمعُ مُنْتَثِرٌ على | |
|
| خدَّيهِ، يا أسماءُ قولي ما جَرَى |
|
فتلفَّتَتْ في الرَّوضِ خِيْفَةَ سامعٍ | |
|
| فكأنها الظَّبْيُ الغريرُ إذا رَنَا |
|
وترددَّتْ بكلامِهَا فكأنما | |
|
| تَبْغي ولا تبغي التفوُّهَ بالنَبَا |
|
قالتْ وَدَمْعُ الحُزْنِ يَخْنُقُ صوتَهَا | |
|
| وَشَتِ الحواسدُ عندَ من نخشى بِنَا |
|
وغدً يعودُ الشَّمْلُ مُنفصمَ العُرَى | |
|
| هذا هو الخَبَرُ اليقينُ بلا خَفَا |
|
قد أنبأتْهُ بالفِراقِ وما دَرَتْ | |
|
| أنَّ الفراقَ حِمَامُ مَنْ عَرَفَ الهَوَى |
|
فكأنما سهمٌ أصابَ فؤادَهُ | |
|
| وكأنهُ لما ارتمى طَوْدٌ هَوَى |
|
أما الفتاةُ فراعَهَا ما صارَ في | |
|
| محبوبِهَا وكأنها نَدِمَتْ عََلَى ... |
|
جعلتْ تُناديهِ بصوتٍ مُحْزِنٍ | |
|
| فَيُجيبها كندائِهَا رَجْعُ الصَدَى |
|
حتى إذا قَنِطَتْ دَنَتْ منهُ كما | |
|
| يدنو أخو الدَّاءِ العَضالِ مِنَ الدَوَا |
|
وَحَنَتْ فحرَّكتِ الفَتَى وإذا بهِ | |
|
| جِسْمٌ ولكنْ لا حياةَ بهِ ولا ... |
|
قد فارقَ الدُّنيا ففارقَهَا الرَّجَا | |
|
| وهَوَتْ تُعانِقُهُ فَفَارقتِ الوَرَى |
|
قَمرَانِ ضمَّهما التُّرابُ وَمَا عرف | |
|
| تُ سِواهُمَا قَمرَيْنِ ضمَّهما الثَّرَى |
|