إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
يا لهفةَ النفسِ على غابةٍ
|
كنتُ وهنداً نلتقي فيها
|
أنا كما شاءَ الهوى والصبا
|
وهيَ كما شاءَتْ أمانيها
|
تكادُ من لُطْفِ معانيها
|
يشربُها خاطرُ رائيها
|
آمنتُ باللهِ وآياتهِ
|
أليسَ أنّ اللهَ باريها؟
|
*** |
نباغتُ الأزهارَ عند الضحى
|
متَّكئاتٍ في نواحيها
|
ألوى على الزَنْبقِ نَسرِينُها
|
والتفَّ عاريها بكاسيها
|
واختلجتُ في الشمسِ ألوانها
|
كأنَّها تذكرُ ماضيها
|
تآلفتْ، فالماءُ من حولها
|
يرقصُ والطيرُ تغنِّيها
|
مَنْ لقَّنَ الطيرَ أناشيدها؟
|
وعلَّمَ الزهرَ تآخيها؟
|
يا هندُ هذي معجزاتُ الهوى
|
وإنَّها فينا كما فيها
|
لا تستحي الزهرُ بإعلانها
|
فما لنا نحنُ نواريها؟
|
وتهِتفُ الطيرُ بها في الربى
|
فما لنا نحن نعمِّيها؟
|
للهِ فيْ الغابةِ أيَّامُنا
|
ما عابَها إلا تلاشيها
|
طوراً علينا ظلُّ أدواحها
|
وتارةً عطفُ دواليها
|
وتارةً نلهو بأعنابها
|
وتارةً نُحصي أقاحيها
|
تسكتُ إذ نشكو شحاريرُها
|
كأنَّما التغريدُ يؤذيها
|
وإنْ تضاحكنا سمعنا الصُّدى
|
يضحكُ معنا في أقاصيها
|
وإنْ مَشَيْنا فوقَ كثبانها
|
لاحتْ فَشاقَتنا أدانيها
|
وفوقَنا الأغصانُ معقودةٌ
|
ذوائبٌ طالَ تدلِّيها
|
إذا هَزَزْناها عن غُرَّةٍ
|
ألقتْ من الذُّعرِ لآليها
|
نسيرُ من كهفٍ إلى جدولٍ
|
نكتشفُ الأرضَ في حواشيها
|
وتختبي هندٌ فأشتاقها
|
وأختبي عنها فأُغريها
|
كم أوهمتني الخوفَ من طارئٍ
|
تشجي بذا نفسي فتشجيها
|
فرحت أعدو نحوَهَا مشفقاً
|
فكانَ ما حاذرتُ تمويها!
|
فاعجب لأطواري وأطوارِها
|
تعبثُ منِّي وأُجاريها!
|
*** |
أَللهُ لو دامَ زمانُ الهوى
|
ودامَ من هندٍ تجنِّيها
|
لا غابتي اليومَ كعهدي بها
|
ولا التي أحْبَبْتُها فيها
|
ولا تلالٌ كنهودِ الدُّمى
|
ولا سفوحٌ كتراقيها
|
ولا الندى درَّ على عُشبها
|
ولا الأقاحي في روابيها
|
ولا الضُّحى يُلقي على أرضِها
|
شباكَ تِبْرٍ مِنْ أعاليها
|
أهبَطني أمسُ إلى حضنِها
|
شوقي إلى شَجْعِ قماريها
|
قد بدَّلَ الإنسانُ أطوارها
|
واعتصبَ الطيرَ مآويها
|
وفتَّ بالبارودِ جلمودَهَا
|
واجتثَّ بالفأسِ دواليها
|
وشادَ من أحجارِها قريةً
|
سكَّانُها الناسُ وأهلوها
|
*** |
يا لهفةَ النفسِ على غابةٍ
|
كنتُ وهنداً نلتقي فيها
|
جنَّةُ أحلامي وأحلامِها
|
ودارُ حبِّي وتصابيها
|
نبكي من اليأسِ على شوكِها
|
وكانَ يُدميني ويُدميها
|
كانتْ تغطِّينا بأوراقِها
|
فصارتِ الدورُ تغطِّيها!
|