تُبنى المَمالِكُ بِالوَشيجِ الأَسمَرِ | |
|
| وَالبيضُ تَلمَعُ في العَجاجِ الأَكدَرِ |
|
وَبِكُلِّ أَجرَدَ شَيظَمٍ يَعدو إِلى ال | |
|
| هَيجا بِمُقتَحِمِ المَهالِكِ مِسعَرِ |
|
وَالعَدلِ وَالإِحسانِ وَالمَعروفِ مَم | |
|
| لوءَ الحِياضِ لِموسِرٍ وَلِمُعسِرِ |
|
وَالحِلمِ وَالعَفوِ اللَذَينِ شَذاهُما | |
|
| مُتَضَوِّعٌ كَأَريجِ مِسكٍ أَذفَرِ |
|
كَفِعالِ مَولانا صَلاحِ الدينِ ذي ال | |
|
| مَجدِ الغُدامِسِ وَالعَطاءِ الكَوثَرِ |
|
أَعيَت وَأَعجَزَتِ البَليغَ صِفاتُهُ | |
|
| فَالمُسهِبُ المَنطِيقُ مِثلُ المُقصِرِ |
|
خُلِعَت عَلَيهِ خِلعَةُ المُلكِ الَّتي | |
|
| زيدَت بِهاءً بِالطِرازِ الأَخضَرِ |
|
أَهدى صَلاحُ الدينِ لِلإِسلامِ إِذ | |
|
| أَردى قَبيلَ الكُفرِ ما لَم يُكفَرِ |
|
رَبُّ المَلاحِمِ لَم يُؤَرِّخ مِثلَها ال | |
|
| عُلَماءُ قِدماً في قَديمِ الأَعصُرِ |
|
مَن رامَ مِن كُلِّ المُلوكِ مَرامَهُ | |
|
| تُخفِق مَساعيهِ وَيَكبُ وَيَعثُرِ |
|
من سَنجَرٌ وَأَقَلُّ مَملوكٍ لَهُ | |
|
| أَعلى وَأَغلى قيمَةً مِن سَنجَرِ |
|
يَغزو المُلوكَ الرُعبُ قَبلَ مَسيره | |
|
| في عَسكَرٍ أَفتِك بِهِ مِن عَسكَرِ |
|
هُوَ كاسِرٌ كِسرى وَمُتبِعُ تُبَّعٍ | |
|
| ذُلّاً أَحاطَ بِهِ وَقاسِرُ قَيصَرِ |
|
فَلِجَيشِهِ وَلِعَزمِهِ مُتَضائِلٌ | |
|
| جَيشُ الهِرَقلِ وَعَزمَةُ الإِسكَندَرِ |
|
راياتُهُ صُفراً تَرِدنَ وَتَنثَني | |
|
| حمراً تَمُجُّ نَجيعَ آلِ الأَصفَرِ |
|
لِمَ لَم تَدِن شوسُ المُلوكِ لَهُ وَقَد | |
|
| مَلكَ السَواحِلَ في ثَلاثَةِ أَشهُرِ |
|
وَاِستَنقَذَ البَيتَ المُقَدَّسَ عنوَةً | |
|
| مِن كُلِّ ذي نَجِسٍ بِكُلِّ مُطَهَّرِ |
|
كَم سابِحٍ مِن خيلِهِ في رُسغِهِ | |
|
| تاجٌ لِمَلكٍ في التُرابِ مُعَفَّرِ |
|
كَم رَدَّ مِن مَلكٍ عَزيزٍ أَصعَرِ | |
|
| يُدعى بِمَملوكٍ ذَليلٍ أَصغَرِ |
|
إِنَّ الأَقاليمَ الَّتي هِيَ سَبعَةٌ | |
|
| دانَت لَهُ قَسراً بِسَبعَةِ أَبحُرِ |
|
وَالسَبعَةُ الأَفلاكُ تَخدُمُ جَدَّهُ | |
|
| حَتّى قُوى كيوانِها وَالمُشتَري |
|
لَم يَألُ مُشتَرِيَ الثَناءِ بِمالِهِ | |
|
| حُسناً فَنِعمَ المُشتَرى وَالمُشتَري |
|
تَنهَلُّ يُمناهُ بِجَدواهُ فَخَم | |
|
| سُ بنانِهِ لِلخَلقِ خَمسَةُ أَنهُرِ |
|
كَالنيلِ في مِصرٍ وَسيحونٍ وَجَي | |
|
| حونٍ وَدِجلَةَ وَالفُراتِ الأَكبَرِ |
|
فَليَهنِهِ الفَتحُ الَّذي سُدَّت بِهِ | |
|
| عَن مُلكِهِ أَبوابُ غَدرِ الأَدهُرِ |
|
فَتحٌ تَطَأطَأَ كُلُّ فَتحٍ دونَهُ | |
|
| وَالشَمسُ تَكسِفُ كُلَّ جِسمٍ نَيِّرِ |
|
يا ناصِرَ الإِسلامِ فُزتَ بِمَورِدٍ | |
|
| حَسَنِ النَثا في العالَمينَ وَمَصدَرِ |
|
البَحرُ أَنتَ لَكَ السَواحِلُ باعِثاً | |
|
| سُحبَ الحَيا جوداً وَقاذِفَ جَوهَرِ |
|
أَنشَأت مَلحَمَةً تُمِلُّ مُقاتِلَ ال | |
|
| فُرسانِ بِالعَدَدِ الَّذي لَم يُحصَرِ |
|
إِعرابُها ضَربُ الحُسامِ وَنَقطُها | |
|
| وَقعُ السِهامِ وَخَطُّها بِالسَمهَري |
|
وَالحِبرُ بَحرُ دَمٍ تَغَطمَطَ مَوجُهُ | |
|
| إِذ لَيسَ ثمَّ سِوى الثَرى مِن دَفتَرِ |
|
وَالبيضُ تَنثُرُ وَهيَ غَيرُ خَواطِبٍ | |
|
| وَالسُّمرُ ناظِمَةٌ وَإِن لَم تَشعُرِ |
|
وَالخَيلُ مُطرِبَةٌ كَأَنَّ صَهيلَها | |
|
| شَدوُ النُّحَيلَةِ في نَسيبِ البُحتُري |
|
نَشوى تَميدُ مِنَ السُرورِ كَأَنَّما | |
|
| صَبَحَت كُؤوساً مِن شَرابٍ مُسكِرِ |
|
فَلَقَد وَأَدت الشِركَ يَومَ لَقيتَهُم | |
|
| وَغَدَوتَ لِلإِسلامِ عَينَ المُنشِرِ |
|
وَأَرَيتَهُم لَمّا التَقى الجَمعانِ بِال | |
|
| بَيتِ المُقَدَّسِ هَولَ يَومِ المَحشَرِ |
|
وَرَدَدتَ دينَ اللَهِ بَعدَ قُطوبِهِ | |
|
| بِالمَسجِدِ الأَقصى بِوَجهٍ مُسفِرِ |
|
وَأَعَدتَ ما أَبداهُ قَبلَكَ فاتِحاً | |
|
| عَمرٌ فَأَنتَ شَريكُهُ في المَتجَرِ |
|
حَتّى جَمَعتَ لِمَعشَرِ الإِسلامِ بَي | |
|
| نَ الصَخرَةِ العُظمى وَبَينَ المِشعَرِ |
|
فَلِصَخرَةِ البَيتِ المُقَدَّسِ كُفؤُها | |
|
| الحَجَرُ المُفَضَّلُ عِندَ أَفضَلِ مَعشَرِ |
|
فَكَأَنَّهُ إِنسانُ عَينٍ صورَةً | |
|
| يَلقاكَ أَسوَدُهُ بِمَعنى أَنوَرِ |
|
جاشَت جُيوشُ الشِركِ يَومَ لَقيتَهُم | |
|
| يَتَدامَرونَ عَلى مُتونِ الضُّمَّرِ |
|
وَكَأَنَّهُم بَحرٌ تَدافَعَ مَوجُهُ | |
|
| بِظُبىً وَزَغفٍ مُحكَمٍ وَسَنَوَّرِ |
|
أَورَدت أَطرافَ الرِماحِ صُدورَهُم | |
|
| فَوَلَغنَ في عَلَقِ النَجيعِ الأَحمَرِ |
|
فَهُناكَ لَم يُرَ غَيرَ نَجمٍ مُقبلٍ | |
|
| في إِثرِ عِفريتٍ رَجيمٍ مُدبِرِ |
|
وَلّوا وَعُقبانُ المَنونِ مُسِفَّةٌ | |
|
| وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَنا المُتَكَسِّرِ |
|
لا يَنظُرونَ سِوى حُسامٍ مُشهَرٍ | |
|
| وَمِنَ الدِماءِ كَأَنَّهُ لَم يُشهَرِ |
|
رُفِعَت سَماءٌ مِن سَنابِكِ خَيلِهِم | |
|
| مُسوَدَّةً أَرجاؤُها مِن عِثيَرِ |
|
فَالقَومُ نهبٌ لِلسِباعِ تَنوشُهُم | |
|
| مِن كُلِّ ذي نابٍ وَصاحِبِ مِنسَرِ |
|
فَمَنِ الَّذي مِن جَيشِهِم لَم يُختَرَم | |
|
| قَبلاً وَمَن مِن جَمعِهِم لَم يُؤسَرِ |
|
حَتّى لَقَد بيعَت عَقائِل أُرهِقَت | |
|
| بِالسَبيِ بِالثَمَنِ الأَخَسِّ الأَحقَرِ |
|
مِن كُلِّ حورِيٍّ ضَئيل موَشَّج | |
|
| كَالغُصنِ مَيّاداً ثَقيل مُؤَزَّرِ |
|
وَأَوانِسٍ مِثلِ الشُموسِ سَوافِراً | |
|
| مِن كاعِبٍ مِثل الغَزالِ وَمُعصِرِ |
|
آضَت أُسودُهُمُ ثَعالِبَ ذِلَّةٍ | |
|
| فَهُمُ فَرائِسُ كُلِّ لَيثٍ قَسوَرِ |
|
ماتوا بِغُلَّتِهِم وَأَروى مِنهُمُ | |
|
| بيضَ الصَوارِمِ بِالدَمِ المُثعَنجِرِ |
|
صَرعى كَأَنَّهُم تَماثيلٌ مِنَ ال | |
|
| كافورِ مِن دَمِهِم رُدِعنَ بِعَنبَرِ |
|
ما قوبِلوا بِجَحافِلٍ بَل قوتِلوا | |
|
| بِمَلائِك حَضرَت بِأَيمنِ محضَرِ |
|
شَكَتِ الفَيافي ثِقلَ وَطءِ جُيوشِهِ | |
|
| فَبَناهُمُ رَصفاً كَبَسطِ المَرمَرِ |
|
فَالخَيلُ لا تَمشي بِها إِلّا عَلى | |
|
| هامٍ مُنَضَّدَةٍ وَشَعرٍ أَشقَرِ |
|
نَهَبَت عُفاةُ الطَيرِ مِن حَدَقٍ بِها | |
|
| زُرقٍ فُصوصاً مِن نَفيسِ الجَوهَرِ |
|
كَم أودِعَت دَويَّةً داوِيَةً | |
|
| صُرِعوا بِها في المَعرَكِ المُستَوعِرِ |
|
جَعَلت لَها الثاراتُ في آنافِنا | |
|
| أَرَجَ العَرارِ وَطيبَ عَرفِ العَبهَرِ |
|
بِالسَيفِ رَدَّ السَيفُ بَحراً مِن دَمٍ | |
|
| يَنبوعُهُ مِن هامَةٍ أَو مَنحَرِ |
|
بَحرٌ صَوارِمُهُ القَنا وَقُلوعُهُ | |
|
| راياتُهُ وَالسُفنُ كُلُّ مُضَمَّرِ |
|
حَصَّ الخَوافي وَالقَوادِمَ مِن جَنا | |
|
| حَيهِم وَشَقَّ القَلبَ بِالقَلبِ الجَري |
|
حُصِدوا وَكانَ الغَدرُ بَذرُهُم فَقَد | |
|
| دُرِسوا بِهِ وَذُروا بِأَوخَمِ بَيدَرِ |
|
ما إِن تَرى إِلّا مَساكِنَهُم وَهُم | |
|
| صَرعى الصَوارِمِ بِاليَبابِ المُقفِرِ |
|
سَقَتِ المَماليكُ الكِرامُ مُلوكَهُم | |
|
| كَأساً بِهِ سَقَتِ اللَئيمَ الهَنفَري |
|
مَضَتِ المُلوكُ وَلَم تَنَل عُشرَ الَّذي | |
|
| أوتيتَهُ مِن مَنجَحٍ أَو مَفخَرِ |
|
وَبِذاكَ آثَرَكَ الإِلَهُ عَلَيهِمُ | |
|
| يا مُؤثِراً أوزعت شُكرَ المُؤثرِ |
|
أَرسَلتَ مِن خَلَلِ العَجاجِ صَواعِقاً | |
|
| تَهمي عَلَيهِم مِن فُتوقِ كَنَهوَرِ |
|
وَعَجَمتَ عودَ صَليبِهِم فَكَسَرتَهُ | |
|
| وَسِواكَ أَلفاهُ صَليب المكسَرِ |
|
أَغلى الأَداهِمَ مَن أَسَرتَ وَأُرخِصَت | |
|
| بيضُ الصَوارِمِ مِن نهابِ العَسكَرِ |
|
وَجَعَلتَ شَرقَ الأَرضِ يَحسُدُ غَربَها | |
|
| بِكَ فَهوَ داعٍ دَعوَة المُستَنصِرِ |
|
يَرجو شِفاءَ غَليلِهِ وَيُؤَمِّلُ ال | |
|
| إيقاعَ فيهِ بِمُفتنٍ وَبِمُفتَرِ |
|
فُتَّ المَدائِحَ يا صَلاحَ الدينِ فَاِع | |
|
| تَذَرَ المُبَرِّزُ في الفَصاحَةِ فَاِعذُرِ |
|
فَبِمَ العُفاةُ يُشَبِّهونَكَ في النَدى | |
|
| وَالبَأسِ حارَت فِكرَةُ المُتَفَكِّرِ |
|
كَم خازِنٍ لَكَ مِثلُ أَلفَي حاتَمٍ | |
|
| كَرَماً وَمَملوكٍ كَأَلفَي عَنتَرِ |
|
أَفلاذُ أَكبادِ العِبادِ طَحا بِها | |
|
| رَبُّ العِبادِ إِلى سَناكَ الأَبهَرِ |
|
وَاِستَعظَمَ الأَخبارَ عَنكَ مَعاشِرٌ | |
|
| فَاِستَصغَروا ما اِستَعظَموا بِالمَخبَرِ |
|
ما كُلُّ مَلكٍ عِندَما أوتيتَهُ | |
|
| إِلّا قُلامَةُ بَعضِ ظُفرِ الخِنصَرِ |
|
لا يَعدَمَنكَ المُسلِمونَ فَكَم يَدٍ | |
|
| أَولَيتَهُم مَعروفُها لَم يُنكَرِ |
|
أَمَّنتَ سِربَهُمُ وَصُنتَ حَريمَهُم | |
|
| وَدَرَأتَ عَنهُم قاصِماتِ الأَظهُرِ |
|
لَم تَخلُ سَمعاً مِن هَناءِ مُهَنِّئ | |
|
| لِلمُسلِمينَ وَمِن سَماعِ مُبَشِّرِ |
|
ما إِن رَآكَ اللَهُ إِلّا آمِراً | |
|
| فيهِم بِمَعروفٍ وَمُنكِرِ مُنكَرِ |
|
مُتَواضِعاً لِلَهِ جَلَّ جَلالُهُ | |
|
| وَبِكَ اِضمَحَلَّت سَطوَةُ المُتَكَبِّرِ |
|
كَم بِالنَدى عانٍ فَكَكتَ وَبِالرَدى | |
|
| عاتٍ كَفَفتَ بِخَوفِهِ أَمِنَ البَرِي |
|
هَل تُعجِزَن صُورٌ مَليكاً ناصِراً | |
|
| لِلَهِ أَينَ يَسِر يُسَرَّوَيُنصَرِ |
|
حَتّى لَخِلنا أَنَّهُ إِن يَلتَمِس | |
|
| نَثراً لِمُنتَظِمِ الثُرَيّا يُنثَرِ |
|
ما سورُ صورٍ عاصِمٌ مِنهُ وَهَل | |
|
| سورُ المَعاصِمِ عاصِمٌ لِمُسَوَّرِ |
|
فَليَمنَحَنكَ البَحرُ دُرَّةَ تاجِهِ | |
|
| إِذ رُعتَهُ بِخَميسِكَ المُتَنَمِّرِ |
|
بَحرٌ زُعاقٌ ماؤُهُ مُتَكَدِّرٌ | |
|
| يَعنُو لِبَحرٍ طابَ غَيرَ مُكَدَّرِ |
|
فَاِنهَد لِصورٍ فَهيَ أَحسَنُ صورَةٍ | |
|
| في هَيكَلِ الدُنيا بَدَت لِمُصَوِّرِ |
|
لَمّا مَلَكتَ حُصونَ أَنطاكِيَّةٍ | |
|
| يَئِسَ الصَليبُ وَحِزبُهُ مِن مُظهِرِ |
|
أَردَيتَ كُلَّ مُثَلِّثٍ مُتَكَبِّرٍ | |
|
| بِمُوَحِّدٍ مُتَواضِعٍ فَمُكَبِّرِ |
|
بَرَزت إِلى بُرزيهِ عَزمَتُكَ الَّتي | |
|
| مَدَّت يَداً عَن مَطلَبٍ لَم يَقصُرِ |
|
فَتَناوَلَتهُ بِأَيدِها مِن باذِخٍ | |
|
| في الأُفقِ ذي مَثَلٍ يَروعُ مُسَيَّرِ |
|
عِش عُمرَ نوحٍ يا اِبنَ أَيّوبٍ وَكُن | |
|
| مَلكاً سُلَيماناً وَجاهِد وَاِظفَرِ |
|
فَبَنوكَ كَالأَسباطِ كُلٌّ مِنهُمُ | |
|
| في المُلكِ يَبلُغُ عُمرَ سَبعَةِ أَنسُرِ |
|
فازَت قِداحُكُم وَكُلُّ مُلوكِها | |
|
| بَرِمٌ فَلَيسَ مُيَسَّراً لِلمَيسِرِ |
|
لا زالَ ظِلُّكُم الظَليلُ وَلا خَلَت | |
|
| مِن ذِكرِكُم في الدَهرِ ذروَةُ مِنبَرِ |
|