خيالُكَ من قبلِ الكَرى طارقي ذِكْرا | |
|
| ففيمَ التزامي للكَرى مِنّةً أُخْرَى |
|
غدا شَخصُكمْ في العينِ مِنّيَ قائماً | |
|
| فمِن نَمّةِ الواشي بكمْ آخُذُ الحِذْرا |
|
فواللهِ ما ضَمّي الجفونَ لرَقْدةٍ | |
|
| ولكنْ لأُلقي منه دونَكمُ سِتْرا |
|
ومَن لي بكِتمانِ الّذي بي من الهَوى | |
|
| ومن تُهَمِ الأعداء إن رُمتُ أن أبْرا |
|
ومن نارِ قلبي لو تَرامَتْ شَرارةٌ | |
|
| إلى الأُفْقِ ليلا رَدَّ فَحمتَهُ جَمرا |
|
أبِيتُ نديمَ النَّجْمِ من كَلَفِي بكمْ | |
|
| وإنْ لم أعاقِرْ غيرَ كأسِ الهوى خَمرا |
|
وتَسحرُ لي سِحْرَ المقنَّعِ مُقلَتي | |
|
| فتُطلِعُ لي باللّيلِ من طيفِكمْ بَدرا |
|
فما رائعي واللّيلُ يَقْضِي ذماءه | |
|
| من الصُّبحِ إلاّ نَفثةٌ تُبطِلُ السِّحرا |
|
وللهِ من عُلْيا عُقَيلٍ عَقيلةٌ | |
|
| إذا رحَلتْ كان الفؤادُ لها خِدرا |
|
حكَى ثَغرُها عِقداً فإن أخصَر النَّدى | |
|
| قلائدَها صُبحا حكَى عِقدُها الثَغْرا |
|
وفتّانةٍ صاغَتْ سلاسلَ صُدغِها | |
|
| قُيوداً على أجيادِ عُشّاقِها الأسرى |
|
تَبسَّمُ عن دُرٍّ تَكلّمُ مثْلَه | |
|
| فلم أر أحلَى منه نَظْماً ولا نَثْرا |
|
خليلّيَّ عُوجا اليومَ نَسألْ بوَجْرةٍ | |
|
| عن الظّبيةِ العَفراء كُثبانَها العفرا |
|
ولا تأْمَنا غَيْران أصبحَ دُونَها | |
|
| ببِيضٍ وسُمْرٍ يَكْنُفُ البِيضَ والسُّمرا |
|
وما هيَ إلاّ طَوفةٌ بِفنائها | |
|
| فمن ناظرٍ شَزْراً ومن طاعنٍ شَزرا |
|
وفي الحَيِّ إن زُرْنا ذواتُ غَدائرٍ | |
|
| تُغادِرُ غُدْراً في الخدودِ لنا غَدرا |
|
وغُرُّ الثّنايا يَحسَبُ القومُ أنّها | |
|
| أتَتْهم فقالَتْ وهْي صادقةُ البُشرى |
|
إلى شَرفِ الدّينِ الوِزارةُ أُنهِيَتْ | |
|
| فَرَدُّوا لها الأفواهَ مَملوءةً دُرّا |
|
سُروراً بمَولىً مُذْ نَشا الدهرُ لم يُنِطْ | |
|
| بأكملَ منه رَبُّه النّهْيَ والأمرا |
|
تَرى صَدْرَه بَحراً وأنمُلَه حياً | |
|
| وأخلاقَه روضاً وآدابَه زَهرا |
|
وحُسنَ ثناءِ النّاسِ في كلِّ نَدوةٍ | |
|
| نَسيماً تَهادَى السامعون له نَشرا |
|
تَولّى الورَى جُوداً وبأْساً فلم يدَعْ | |
|
| لهم في يَدِ الأيّامِ نَفْعاً ولا ضَرّا |
|
ومن عَجبٍ أن يَعبُدَ الدّهْرَ مَعْشرٌ | |
|
| وقد أبصروا المولَى الّذي استَعبدَ الدَّهرا |
|
أظلَّتْ بنى الدُّنيا سماءُ عَلائهِ | |
|
| وأطلعَ من أخلاقِه أنجُما زُهرا |
|
أذالَ مَصونَ الوَفْرِ فافترعَ العُلا | |
|
| ويَبذُلُ فضْلَ المَهْرِ مَن خَطَب البِكرا |
|
هو الصّدْرُ والإسلامُ قلبٌ يَضُمُّه | |
|
| ولا قلبَ إلاّ وَهْو مُتودعٌ صَدرا |
|
أتَتْه وأقوامٌ أتَوها وِزارةٌ | |
|
| فَجلُّوا بها قَدراً وجلّتْ به قَدرا |
|
وكانتْ ذنوبُ الحادثاتِ كثيرةً | |
|
| إلينا فلمّا جاء كان لها العُرا |
|
عَجِبتُ لهُ يُبدِي إلينا تَواضُعاً | |
|
| ولَمحةُ طَرْفٍ منه تُورِثُنا كِبرا |
|
أخو باذِخ في ذُروةِ المجدِ شامخٍ | |
|
| نُسورُ جَوادٍ تحته تَطَأُ النَّسرا |
|
يُزيرُ الأعادي بعد كُتْبٍ كتائباً | |
|
| وما اللّيثُ إلاّ مُتْبِعٌ نابَهُ الظُّفرا |
|
هُمامٌ بأخْفَى كَيدِه يَصْعَقُ العِدا | |
|
| فكيف إذا ما أَنذَر البَطْشةَ الكُبرى |
|
ببِيضٍ صقيلاتِ المُتونِ صَوارمٍ | |
|
| يُقَلّبْنَ يَومَ الرّوعِ ألْسِنةً حُمرا |
|
وزُرْقٍ على سُمْرٍ إذا البِيضُ طاعَنتْ | |
|
| بها الخيلَ رَدَّتْ دُهْمَ ألوانِها شُقرا |
|
وزيرٌ غدَتْ أيّامُه وزَرَ الهُدَى | |
|
| وكم مَعشرٍ كانتْ وِزراتُهم وِزْرا |
|
وكيف يُخافُ الجَورُ في عَهدِ مُلكِه | |
|
| وأعدَى اسْمُه بالعَدْلِ فيما مضَى كِسْرى |
|
لقد عاد نوشَروانُ والعَدلُ للورَى | |
|
| على حينَ نُوشَروانُ والعَدْلُ قد مَرّا |
|
حكَى الدّهرُ بَيْتاً صاغَه اللهُ واحداً | |
|
| ورَدَّ لإبداعٍ على العَجُزِ الصّدْرا |
|
تَغالَى رسولُ اللهِ فيه مَحَبّةً | |
|
| فأبْدَى بأيّامِ السّمِيِّ له فَخْرا |
|
وإلاّ فما مَعْنَى عظيمِ افتِخارِه | |
|
| بعَصْرٍ وفيه الأرضُ قد مُلِئَتْ كُفرا |
|
ولكنْ لعِلْمٍ منه أن سَيَرى الوَرى | |
|
| بسيفِ أبي نَصْرٍ لدينِ الهُدَى نَصرا |
|
دعا فأجابَ اللهُ أنْ سَبقَ اسْمُه | |
|
| إليه وأبقاهُ لأُمّتِهِ ذُخرا |
|
فَحُيّيتَ من طَلْقٍ مُحيّاهُ ماجدٍ | |
|
| أعاد قُطوبَ الدّهرِ للمُرتَجِى بِشرا |
|
يَدُلُّ عليه الطّارقين اعْتِيادُهمْ | |
|
| زيارتَه والطّيرُ لا تَجهَلُ الوَكْرا |
|
تَرى الأرضَ سِفْراً من سُطورِ وُفودِه | |
|
| إليه ومن حيث التفتَّ تَرَى سَفرا |
|
إذا بَلّغتْه العِيسُ وَفْداً تَبادَرتْ | |
|
| مَباسمُهُم لَثْماً مناسمَها شُكرا |
|
ولمّا اعتزَمنا أن نَؤُمَّ فِناءه | |
|
| وقد صالَ صَرْفُ الدّهرِ قُلنا له صَهرا |
|
طَويتُ إليه للفلاةِ صحيفةً | |
|
| تَخالُ مطايا الرَّكْبِ في بَطْنِها سَطرا |
|
لَوَ انّ الفَلا أضحَى كتاباً لدارسٍ | |
|
| لأبلاهُ إدماني له الطَيَّ والنّشرا |
|
فحتّى متى أُمسِي وأُصبِحُ سادِراً | |
|
| بدَهْري وأهلِيه وحاشاك مُغْتَرّا |
|
أُطيلُ الأماني ضَلّةً وأعُدُّها | |
|
| لجَهْلي غنىً والعُمْرُ قد وَدَّع الشّطرا |
|
فحَولاءُ عَوراءُ يَظَلُّ حِسابُها | |
|
| لوِتْرِ الورَى شَفْعاً وشَفْعِهمُ وِترا |
|
ولي مِقْولٌ قد كان عَصْرُ شبيبتي | |
|
| حُساماً وحُسْنُ القولِ في مَتْنِه أُثرا |
|
ومُذْ شابَ شَعْرِي شاب شِعْري وخانَني | |
|
| لرَيْبِ زمانٍ شاغلٍ مِنّيَ الفِكْرا |
|
فمَن لي بمُلْكي من فراغٍ ومن غنىً | |
|
| خِضابَيْنِ حتّى أصبُغَ الشَّعْرَ والشِّعرا |
|
إلى شرَفِ الدّينِ الهُمامِ سرَتْ بنا | |
|
| ركائبُ لم يُحمَدْ لها قَبْلَهُ مَسرى |
|
لقد ضَلَّ مَن يَبْغي الغِنى عند غَيْرِه | |
|
| وغُمْرُ الورىَ مَن رامَ مِن غُمَرٍ غَمرا |
|
فعَطْفاً أدام اللهُ ظِلَّك وارِفاً | |
|
| علينا فَنصْرُ الحُرِّ أنت به أَحرى |
|
لاْغلَيتَ قِدْماً سِعْرَ شِعْرٍ أقولُه | |
|
| وللشِّعرِ لا يُغْلي سوى الكَرَمِ السِّعرا |
|
وإنّي لأرجو في زمانِك مِن عُلاً | |
|
| إذا قلتُ شِعراً أن أرَى تحتيَ الشِّعْرى |
|
فدونكَها في الأُذْنِ شَيئاً وضِدَّهُ | |
|
| فَمِنْ سامعٍ قُرْطاً ومن حاسدٍ وَقْرا |
|
مفوَّضةً تُهدي إلى البَعْلِ نَفْسَها | |
|
| ولا تَبتغي إلاّ كفاءتَه مَهرا |
|
لِقاؤكَ هذا وهْو أكبَرُ نِعمة | |
|
| على الدّينِ والدُّنيا منَ الله لو يُدْرى |
|
نذَرْتُ استلامَ الرُّكْنِ للبيت عندها | |
|
| فألثَمني اليُمنَى لكَي أُوفيَ النَذْرا |
|
رَضِيتُ بأَكدارِ المعيشةِ حِقْبةً | |
|
| وقد يَشرَبُ الصّادي وَيغتَنمُ المُرّا |
|
فأمّا وقد عايَنْتُ وجْهَكُ مُقبِلاً | |
|
| فقد آن ألاّ أشربَ النُّطْفةَ الكَدْرا |
|
لكلِّ امرئٍ يومٌ يُؤمِّلُ سَعْدَهُ | |
|
| ويَوميَ هذا اليومُ فاشدُدْ لِيَ الأَزرا |
|
لقد كان عن مَدْحِ الملوكِ وذِكْرِهمْ | |
|
| نَوى أن يَصومَ الدّهرَ فِكْرِيَ لا الشّهْرا |
|
ولكنّ إهْلالي بوَجْهِك آنِفاً | |
|
| على صائم الآمالِ قد أوجَبَ الفِطرا |
|
قَدِمْتَ مَع الأضحَى فأضحى مَجيئُه | |
|
| وَراءك عن ثَغْرِ المَيامِنِ مُفْتَرّا |
|
تَطالعْتُما سَعْداً ولكنْ سبَقْتَه | |
|
| فأَسعَدْتَه وانساقَ يتلولكَ الإثرا |
|
وقالوا نَرى النّحْرَ المُبشِّرَ حيث لم | |
|
| يُحَلِّ بطَوْقٍ من هلالٍ له النّحرا |
|
فَعوَّضَ من أعلامِه بأهلّةٍ | |
|
| طلَعْنَ عليه يومَ مَوكبِه تَتْرى |
|
فقلتُ بلِ المولَى ابنُ خالدٍ الّذي | |
|
| بأسنَى العَطايا منه زائرُهُ يُقرى |
|
لنا كُلَّ يومٍ منه عِيدٌ تكاملَتْ | |
|
| مَواسِمُه مما قلَّب الأنمُلَ العَشرا |
|
كفَى وجْهُه والكَفُّ والعُمْرُ والعِدا | |
|
| هلالَ الورَى والعَشْرَ والعِيدَ والنَّحرا |
|
فدَتْكَ وجوهٌ من مَوالٍ ومن عِداً | |
|
| جُموعٌ كخَلْطِ النّاثرِ البِيضَ والصُّفْرا |
|
وكلُّ حسودٍ فُوهُ خالٍ لبَغْيِه | |
|
| من الشُّكْرِ لكنْ عينُه من دَمٍ شَكْرى |
|
فلم يُبْقِ قُطْراً جودُ كفِّك لم يُفِضْ | |
|
| على ساكنِيه من سَحاب النّدى قَطرا |
|
قَريْتَ ضيوفَ الهَمِّ رأْياً كأنّما | |
|
| شقَقْتَ به في جُنْحِ داجيةٍ فَجرا |
|
وخِطّةِ إقليمٍ بعَثْتَ لعُسْرِها | |
|
| بخَطّةٍ أقلامٍ فَبدَّلْتَهُ يُسرا |
|
وبالخِنْصِرِ اليُمنَى تُعَدُّ فإن تكُنْ | |
|
| غداةَ وغىً عَدّوكَ بالخِنْصِرِ اليُسرى |
|
وإن هُمْ أعادوا نظْرةً عَلِموا بها | |
|
| لجَمِعِ المَعاني أنّ فيك الورَى طُرّا |
|
فلا بَرِحَتْ أيّامُ دَهْرِكَ كلُّها | |
|
| بآثارِك الحُسنَى مُحجَّلةً غُرّا |
|
كما قد غَدوْتَ النّاسَ طُرّاً منَ العُلا | |
|
| كذا غدتِ الأعمارُ طرّاً لك العُمرا |
|