حديثُ الهوى أحْلَى مِنَ الشَّهْدِ في الفَمِ | |
|
| إذا ما وَعاهُ سَمْعُ مُتيَّمِ |
|
فكرِّرْ على أُذْنِي لذيذَ حديثِهِ | |
|
| وصرِّحْ بقولِ الحقِّ غيرَ مُذَمَّمِ |
|
لعلَّ مَعَ التَّكرارِ لأسمعُ لَفْظةً | |
|
| تَكونُ على داءِ الفؤادِ كَمُرْهَمِ |
|
فبالقلبِ داءٌ مِنْ هَوَى الغِيدِ كامنٌ | |
|
| يَبينُ بجسمِي اليومَ للمتوهّمِ |
|
نُحولٌ ودمعٌ واصْفرارٌ وزَفْرَةٌ | |
|
| شَواهِدُ صِدْقٍ للعدالةِ تَنْتَمِي |
|
وأعجَبُ عُبّادِ الصّليبِ صبيَّةٌ | |
|
| سَبَتْنِي بوجْهٍ مثْلَ بدرٍ مُتمَّمِ |
|
فبِتُّ حليفَ الهمِّ مِنْ فرْطِ حبِّها | |
|
| وباتَتْ بهجْري في فراشِ تنعُّمِ |
|
وكَمْ نَعَّمَتْني مِنْ لذيذِ وصالِها | |
|
| بما لَمْ تَصِلْ نفسي له بِتَوَهُّمِ |
|
فَقّبَّلْتُ منها الخدَّ وهو موَرَّدٌ | |
|
| وثَنَّيْتُ بالثَّغرِ المليحِ التَّبَسُّمِ |
|
وقد نطقَ الناقوس فوقَ كنيسةٍ | |
|
| بكفِّ مُغَنٍّ مُولَعٍ بالتَّرَنُّمِ |
|
وأفصحَ قسّيس الأعاجِمِ جاهراً | |
|
| بإنجيل روح الله عيسى بن مرْيمِ |
|
ومَدَّ غُرابُ الليلِ ريشَ جَناحِهِ | |
|
| فطارَ حَمامُ الضوْءِ رِيشَ بأسْهُمِ |
|
وأتْرابُها خَوْفَ الرقيبِ قواطِعٌ | |
|
| يُحاذِرْنَ مِنْ إتْيانِهِ فَوقَ أدْهَمِ |
|
ومَالتْ بفرطِ السّكْرِ وهي مريضةٌ | |
|
| كميْل الصَّبا صُبحاً بغُصْنٍ مُنَعَّمِ |
|
ولولا عَفَافِي واتِّقَاءُ عتابِها | |
|
| تمتّعتُ منها بالمَحلِّ المُحَرَّمِ |
|
كَتَمْتِيعِ سَمْعِي في الزمان الذي مضى | |
|
| بعلمِ البيانِيِّ الإِمامِ المُقدَّمِ |
|
أجلِّ جوادٍ جودُه أخجَل الحيا | |
|
| إذا ما غَدَا تَهْتانُه الجودُ يَنْهَمِ |
|
وخيرِ فقيهٍ للمسائِل حافظٍ | |
|
| بفَهْمٍ أصِيليٍّ وحُسْنِ تَفَهُّمِ |
|
تجرَّدَ عِزّاً للعلومِ فحازَها | |
|
| ولم يَفْتَقِرْ في حَوْزِها لِمُعَلِّمِ |
|
وأدْركَها وهْيَ البعيدةُ مَدرَكاً | |
|
| بعقلٍ سَليمٍ لم يُعَبْ بتَقَسُّمِ |
|
فكمْ حكمةٍ أبْدى وكم صِرْفةٍ جَلَّى | |
|
| وعلمٍ رفيعٍ ظاهرِ الفضلِ مُحْكَمِ |
|
فعلمُ أبي عبد الإلاهِ مُسَلَّمٌ | |
|
| وعلمُ الذي عاداهُ غيرُ مُسَلَّمِ |
|
ومَعْلَمُه في الفضلِ لا منهُ مَعْلَمٌ | |
|
| بدا في العُلَى مِنْ دونِه كُلُّ مَعْلَمِ |
|
له وجْنةٌ في النائباتِ مُنيرَةٌ | |
|
| أبَى علْمُهُ من غيبها بتَجَهُّمِ |
|
تُجلِّي دُجَى الخطْبِ البَهيمِ بِنُورِها | |
|
| إذا ما بَدَتْ للعينِ عن كُلِّ مُسْلِمِ |
|
إلى هِمَّةٍ لا مُنتهىً لِمَحَلِّها | |
|
| مَضَتْ في العُلَى مثلَ الحُسامِ المُصَمَّمِ |
|
كأنَّ حُسامَ العزِّ قُدَّ لذاتِهِ | |
|
| فَخيَّمَ منها العزُّ أيُّ مُخَيِّمِ |
|
إذا كنتَ جَهْلاً تبتغي نيلَ عِزِّهِ | |
|
| حَذَارِ فما تُبْغَى السّماءُ بسُلَّمِ |
|
إذا كنتَ عِلْماً ناهجاً طُرْق هدْيهِ | |
|
| لَقَدْ ظَفَرَتْ يُمْنَاكَ منه بِمَعْلَمِ |
|
وأدْركتَ منه واحدَ الذاتِ مُفرداً | |
|
| غَدَا في صفاتِ المجدِ مثلَ مُقَسِّمِ |
|
حكيمٌ كلقمانٍ جميلٌ كيُوسُفٍ | |
|
| وَلِيٌّ كبِشْرٍ زاهدٌ كابنِ أدْهَمِ |
|
شُجاعٌ كعمْروٍ مُقْدِمٌ مثل خالِدٍ | |
|
| كريمٌ كمعنٍ حَاكمٌ مثل أسْلَمِ |
|
إذا ما علا للوعْظِ أعودَ مِنْبرٍ | |
|
| رأيتَ الفصيحَ النُّطْقِ وهو كأعجَمِ |
|
فإنْ فَاهَ في تَقريرِ علمٍ بكَلْمَةٍ | |
|
| قَضيتَ بعيِّ الغيرِ عندَ التَّكلُّمِ |
|
وإن حَكَمَ الذهنُ الذكِيُّ بمُشكِلٍ | |
|
| يُرى دونَه في الفهم كُلُّ مُحَكِّمٍ |
|
وإنْ خطَّ في طُرْسٍ أتَى في كتابِهِ | |
|
| بأبدَعَ من وَشْيِ البساط المنَمنَمِ |
|
فَسَلْ عنه أوصافَ الكمالِ فإنّها | |
|
| تُترجِمُ عنه اليومَ أيَّ تَتَرْجُمِ |
|
فقد أخذتْ منْ ذاتِهِ أيَّ مأخذٍ | |
|
| لِتَقْضِي له بين الورى بِتَعَظُّمِ |
|
كَتمتُ هواهُ في الفؤادِ ولم أبُحْ | |
|
| لِجِسمي بشَيءٍ من هواهُ المُكَتَّمِ |
|
فضاقَ فؤادِي عن تَحمُّل كَتْمِهِ | |
|
| كما ضاق ذَرْعي باحتمالِ تَقَوُّمِ |
|
وبيْعي كبيع العبدِ بَيْعُ تَزايُدٍ | |
|
| بِدِرْهَمِ نَقْدٍ زائدٍ بَعْدَ دِرْهَمِ |
|
بِدارِ عِداةٍ حَتَّمَ الله كُفْرَهُمْ | |
|
| فأمضى عليهم منه كُلَّ مُحَتَّمِ |
|
ليَقْضِيَ في الدّنيا لَهُمْ بِجَهالةٍ | |
|
| ويَحْكُمَ في الأخرى لهم بِجَهَنَّمِ |
|
فأفْصَحَ منه لِلِّسانِ بجُمْلَةٍ | |
|
| وفَسَّر مِنْ أجزائِهِ كُلَّ مُبْهَمِ |
|
فَنَمَّ لسانِي بالذي صَحَّ عندَه | |
|
| ولَمْ يَخْشَ عَذْلاً لا ولا لَوْمَ لائِمِ |
|
فَأنْجَدَ مِنْ وَجْدِي بِهِ أيَّ مّنْجَدٍ | |
|
| وأتْهمَ من حبّي له أيَّ مَتْهَمِ |
|
ولَمّا غَدَا في جودِه كابنِ طاهِرٍ | |
|
| غَدَوْتُ له في المدح كابن مُحَلَّمِ |
|
فجئتُ بمنثورٍ من المدْح بارعٍ | |
|
| وأتْبعتُه في نوعِه بمُنَظَّمِ |
|
وصرتُ أرَى نفسي الغريبةَ منهما | |
|
| لأُنْسِهما بين الحطيمِ وزَمْزَمِ |
|
وحين رآنِي في انفرادي كمالِكٍ | |
|
| غَدَا لي أخاً في كَتْبِهِ كَمُتَمِّمِ |
|
فكَمْ كُرْبةٍ جَلَّى عنِ القلبِ كَتْبُهُ | |
|
| وخَطْبِ عناءٍ أسودِ الليلِ مُظْلِمِ |
|
فشُكْري علاهُ قاصرٌ ولَوَ انَّنِي | |
|
| تَسَرْبلتُ في بُرْدِ البيان المُسَهَّمِ |
|
فيا مُولَعاً بالعلمِ يَمِّمْ جَنَابَهُ | |
|
| وبَادرْ تَفُزْ منه بخيرِ مُيَمَّمِ |
|
وحُطَّ به رَحْلَ العنايةِ بُرْهةً | |
|
| من الدّهرِ تَظْفَرْ بالنَّدى والتَكرُّمِ |
|
وبَلِّغْ له مِنِّي تحيَّةَ مُولَعٍ | |
|
| بأمْدَاحِهِ مُغْرىً بمرآهُ مُغْرَمِ |
|
وقَبِّلْ لَديْهِ التُّرْبَ عنّي تبَرُّكاً | |
|
| وشَفَّعْ ولا تَجْزَعْ بكفٍّ ومِعْصَمِ |
|
وإنّي لأدْعُو بالرجوع لخِطّةٍ | |
|
| بَكَتْهُ زمانَ العَزْلِ بالدمعِ والدَّمِ |
|
هي خِطّةٌ كان الهناءُ لها بِهِ | |
|
| أهمَّ لِمَا نالتْ به مِنْ تَقَدُّمِ |
|
بقِيتُ كما تدري أسيراً مقَّيداً | |
|
| بقيد حديدٍ أكْحَلِ اللونِ أدْهَمِ |
|
شَبِيهٍ له بالرجل منّي الْتِفَافُهُ | |
|
| إذا نَظَرتْ عيني إليه بأرْقَمِ |
|
رماني زمانِي منه عنْ قوسِ صَرْفِهِ | |
|
| بآبُرَةٍ بين العُداةِ بأسْهُمِ |
|
وصيَّرني في خدمةِ الكُفْر جاهداً | |
|
| وقد شَفَّ جسمي خدمتي وتَخدُّمِي |
|
ولا ذنبَ لي إلاّ اشتغالِي بكلّ ما | |
|
| يُسهِّلُ لي سُبْلَ العُلَى وتَهَمُّمِي |
|
عسى ما أرَى من عُرْوةِ الأسْرِ مُوثَقاً | |
|
| بدعوتِهِ يَقْضِي له بتَفَصُّمِ |
|
فما زالَ أهْلاً للفضائل كُلِّها | |
|
| ومَنْ أمَّهُ لم يَنْقَلِبْ بتَنَدُّمِ |
|