أَرِقتُ لِبَرقٍ مِن تِهامَةَ مُومِضِ | |
|
| وَنَبَّهَني لِلقَولِ في المُصطَفى الرَضي |
|
فَقُلتُ لِرَغمِ الأَنفِ في كُلِّ مُبغِضِ | |
|
| فَضائِلُ هَذا المُصطَفى لَيسَ تَنقَضي |
|
فَمَن زادَ في التَعدادِ زادَتهُ في الضِعفِ
|
فَضائِلُ لَم يُوقَف لَها عِندَ غايَةٍ | |
|
| نَفت كُلَّ شِركٍ لِلوَرى وَعِمايَةٍ |
|
وَجاءَت بِتَوحيدٍ وَنورِ هِدايَةٍ | |
|
| فَخُذ في ثَناءٍ ما لَهُ مِن نِهايَةٍ |
|
فَروضُ العُلا يَنمي عَلى كَثرَةِ القَطفِ
|
رياضٌ يَدُ الإِحسانِ تَبَني قُصورَها | |
|
| فَتَجعَلُ بَثَّ العَدلِ في الأَرضِ سورَها |
|
وَبَذلُ النَدى وَالعُرفَ في الخَلقِ حُورَها | |
|
| فَمِن أُثرٍ يَحلو لَكَ الحِسُّ نورَها |
|
وَمِن أَثَرِ يأتيكَ نَصّا عَنِ الصُحفِ
|
إِلى شيَمٍ قُدسيَّةِ المُتَوَلَّدِ | |
|
| عَلى هِمَمٍ سِدريَّةِ المُتَصَعَّدِ |
|
يُرَدِّدُ رآئيها مَقالَةَ مُنشِدِ | |
|
| فُنونُ المَعالي أُكمِلَت لِمُحَمَّدِ |
|
لأثرَتِهِ في الخَلقِ وَالخُلقِ وَالوَصفِ
|
هُداهُ فَلا تُغلَب عَلَيهِ هُوَ الهُدى | |
|
| وَأَلقِ إِلَيهِ ظَهرَ عَقدِكَ مُسنِدا |
|
وَبايع كَريماً طابَ أَصلاً وَمَولِداً | |
|
| فَشَبَّ شَبابَ الرَوضِ أَخضَلَهُ النَدى |
|
وَناهيكَ مِن حُسنِ وَناهيكَ مِن عَرفِ
|
حُلىً فيهِ أَيّامَ الرِضاعِ تَكَمَّنَت | |
|
| وَزادَت بِمَرقى نَشئِهِ وَتَفَنَّنَت |
|
وَعِندَ التَناهي لِلأَشُدِّ تَبَيَّنَت | |
|
| فَلَمّا اِستَتَمَّ الأَربَعينَ تَمَكَنَّت |
|
مَكانَتُهُ لا عَن كَلالٍ وَلا ضَعفِ
|
هُناكَ اِنتَهى بَدراً وَطَودَ جَلالَةٍ | |
|
| عَلى مُرتَقى مَجدٍ وَطيبِ أَصالَةٍ |
|
وَعِزَّةِ نَفسٍ بِالتُقى وَبَسالَةٍ | |
|
| فَجاءَتهُ مِن مَولاهُ بُشرى رِسالَةٍ |
|
تُمَدُّ بِأَخذِ العَفوِ وَالأَمرِ بِالعُرفِ
|
فَلَم يأَلُ حَتّى بَثَّ فينا جِماعَها | |
|
| يُبَشِّرُ بِالرِضوانِ عَبداً أَطاعَها |
|
وَيُنذِرُ بالنيرانِ خَلفاً أَضاعَها | |
|
| فَأَيَّدَهُ بِالحَقِّ لَمّا أَذاعَها |
|
حَنيفيَّةً في غَيرِ لينٍ وَلا عُنفِ
|
فَسُبحانَ مَن أَهداهُ لِلخَلقِ رَحمَةً | |
|
| وَرَفَّعَهُ ذاتاً وَدُنيا وَهِمَّةً |
|
وَجَلَّلَهُ نوراً وَعِلماً وَحِكمَةً | |
|
| فُتؤَّتُهُ مِثلُ الكُهولَةِ عِصمَةً |
|
فَلا فِكرُهُ يَسهو وَلا قَلبُهُ يُغفي
|
وَكَيفَ وَقَد نَقّى مِنَ الرِجسِ صَدرَهُ | |
|
| وَخَفَّفَ وِزراً كانَ أَنقَضَ ظَهرَه |
|
وَشَدَّ بِروحِ القُدسِ جِبريلَ أَزرَهُ | |
|
| فُؤاداٌ تَوَلَّت كَفُّ جِبريلَ طُهرَهُ |
|
فَزادَ مَزيدَ الصُبحِ كَشفاً عَلى كَشفِ
|
خِصالٌ تُديلُ الأَولياءَ مِنَ العِدا | |
|
| جَلالٌ سَما غَيثٌ هَمى قَمَرٌ بَدا |
|
كَمالٌ بِهِ خَصَّ الإِلَهُ مُحَمَّدا | |
|
| فِعالٌ كآثارِ المَواطِرِ في النَدى |
|
وَقَولٌ كاسلاكِ الجَواهِرِ في الرَصفِ
|
لَهُ كَنَفٌ يؤوي لَهُ كُلَّ مَن أَوى | |
|
| لَهُ عَمَلٌ في البِرِّ وَفقَ الَّذي نَوى |
|
لَهُ أَربَعٌ قَد حازَها لِلَّذي حَوى | |
|
| فَحُسنٌ بِلا نَقصٍ وَعَقلٌ بِلا هَوى |
|
وَمَنحٌ بِلا مَنعٍ وَوَعدٌ بِلا خُلفِ
|
إِلى ما يَفوتُ الحَصرَ مِن شِيَمِ الهُدى | |
|
| إِلى البَرِّ وَالتَقوى إِلى البأسِ وَالنَدى |
|
إِلى مُعجِزاتٍ جازَت الحَدَّ وَالمَدى | |
|
| فَكَم ظامىءٍ أَرواهُ مِن غُلَّةِ الصَدى |
|
وَلا ماءَ إِلّا ما يَجيشُ مِنَ الكَفِّ
|
إِلى هِمَّةٍ تَسمو لِكُلِّ مُهِمَّةٍ | |
|
| إِلى ذِمَّةٍ لا تَلتَقي بِمَذَمَّةٍ |
|
إِلى عِصمَةٍ تَجلودُ جيَ كُلِّ وَصمَةٍ | |
|
| فَضَلنا بِهِ السُبّاقَ مِن كُلِّ أُمَّةٍ |
|
وَلا عَجَبٌ أَن يُوجَدَ الفَضلُ في الصِنفِ
|
مَفاخِرُ مَن لا يَدَّعيها مُفاخِراً | |
|
| تَسيرُ بِها فُلكُ الثَناءِ مواخِراً |
|
حَواها أَجَلُّ الرُسلِ حَيّاً وَناخِراً | |
|
| فَإِن كانَ مَعطوفاً عَلى الرُسلِ آخِراً |
|
فَما هُوَ إِلّا الواو في أَحرُفِ العَطفِ
|
تَبارَكَ مَن بِالماءِ فَجَّرَ كَفَّهُ | |
|
| وَطَهَّرَ مِن رِجسِ الرَذائِلِ عِطفَهُ |
|
وَسَوَّغَ أَشتاتَ الخَليقَةِ عَطفَهُ | |
|
| فَكُلُّ نَبيٍّ في القيامَةِ خَلفَهُ |
|
وَناهيكَ فَخراً بِالإِمامِ وَبِالصَفِّ
|
فَلا فاضِلٌ إِلّا مُقِرٌّ بِفَضلِهِ | |
|
| عَمائِمُهُم تَهوي اِنخِفاضاً لِنَعلِهِ |
|
وَأَبصارُهُم تَسمو لِبُعدِ مَحَلِّهِ | |
|
| فَصَعِدو وَصَوّب هَل تُحِسُّ بِمِثلِهِ |
|
وَهَيهاتَ لَيسَ المَزجُ في الفَضلِ كالصِرفِ
|
إِلى اللَهِ أَشكو ظُلمَ نَفسي وَحوبَها | |
|
| إِذا اِستَحسَنَت بِالبُعدِ عَنهُ عُيوبَها |
|
وَلَو قَد أَتَتهُ كانَ حَقّاً طَبيبَها | |
|
| فَقَدناهُ فِقدانَ الصُدورِ قُلوبَها |
|
عَلى أَنَّنا بِالدَمعِ وَالذِكرِ نَستَشفي
|
فَقَدناهُ يَشفي كُلَّ داءٍ لَنا عَيا | |
|
| يَخُصُّ عَلى الإِخلاصِ يَنهى عَنِ الريا |
|
يَصُدُّ عَنِ الفَحشاءِ يَأَمُرُ بِالحَيا | |
|
| فَأَجفانُنا أَهمى دُموعاً مِنَ الحَيا |
|
وَأَحشاؤُنا أَحمى ضُلوعاً مِنَ الرَضفِ
|
بِنَفسي لَهُ مِن يَثرِبٍ خَيرُ مَلحَدِ | |
|
| أَكادُ لَهُ أَنقَدُّ لَولا تَجَلُّدي |
|
فَبِاللَهِ خَلُّوني لِغَيبي وَمَشهَدي | |
|
| فَو اللَهِ ما أَظهَرتُ مِن حُبِّ أَحمَدِ |
|
مَعَ الجهدِ إِلّا البَعضَ مِن كُلِّ ما أُخفي
|