عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
مصر > محمود قحطان > ديوان ما فاضَ عنهم.. وما تبقَّى منِّي

ديوان ما فاضَ عنهم.. وما تبقَّى منِّي
ما فاضَ عنهم.. وما تبقَّى منِّي
يَمتلكُ الشَّاعِرُ الشَّابُّ محمود قحطان إصرارًا عجيبًا على إحياءِ الغزلِ كَغَرَضٍ شعريٍّ في زَمنٍ لمْ يَعُدْ فيه الغَزلُ وَحدَهُ كافيًا لتأسيسِ تجربةٍ شِعْريَّةٍ أو التَّعبيرِ عنها وعَرضِها للقِراءةِ، زَمنٍ تتكاثرُ فيهِ الأوجاعُ والحُروبُ والمظالِمُ واحتلالُ الأوطانِ، وتتراجعُ العاطفةُ فيهِ إلى آخرِ القائمةِ في تَراتُبِ الأولويَّاتِ، خاصَّةً بالطَّريقةِ الَّتي تظهرُ بها المرأةُ في قصائدهِ الَّتي قرأتُها مِنْ قبلُ، وناقشتُهُ حولَ موضوعِها وفنيَّتِها؛ ولكنَّ محمودًا يُمجِّدُ الحبَّ، مُصِرًّا كعادتهِ، بل يُوقفُ شِعرَهُ على طَرَفٍ وَاحدٍ في عَلاقةِ الحُبِّ هو المرأةُ؛ ليعرضَها محبوبةً فاتنةً مُتمَنِّعةً مُراوِغةً مَرغوبةً معًا. وليكُنْ! فالشَّاعرُ ينتصرُ على آلامِهِ بهذا الأسلوبِ الَّذي يستدعيهِ حتَّى وهو في أَشَدِّ لحظَاتِ مِحنَتهِ الجسديَّةِ وعُزلتهِ، فيتداوَى مِنَ الحُبِّ بهِ، ومِنَ المرأةِ بها، ويُراجعُ حسَاباتِهِ ليرصدَ ما فاضَ عنهم وما تبقَّى منهُ بَعدَ جولةِ الكرِّ والفرِّ في مَعركةِ الحُبِّ الَّتي لا رابحَ فيها ولا مُنتصر. لكنَّ التَّحولَ الباعثَ على الأمَلِ في الدِّيوانِ الجديدِ هو تَطعيمُ الغَزَلِ بمَا حولَ الشَّاعرِ مِنْ وقائعَ تُثيرُ مشاعرَه وتدخُلُ في برنامجهِ الغَزليِّ، فيتحدَّثُ في آخرِ قصائدِ الدِّيوانِ عن قلبهِ العربيِّ المحتلِّ، ومذابحَ فِلسطينَ ومَقاتلَ أبنائِها نساءً ورجالًا، وفنيًّا يُطعِّمُ أحزانَهُ بما يستعيرُ مِن أقنعةٍ كَما في قصيدتِهِ «ديكُ الجنِّ الصنعانيِّ» مُتناصًّا معَ أُسطورةِ الشَّاعرِ القتيلِ (ديك الجنِّ). لكنَّ أصداءَ نزاريَّةً لا تَزالُ تتردَّدُ في قَصائدهِ لعلَّها تأخذُ طريقَها إلى الخُفُوتِ فالتَّلاشي في أعمالٍ قادمةٍ؛ معَ أنَّ رقعةَ الموضوعِ الغزليِّ تَفترضُ مثلَ هذهِ الشَّراكةِ والتَّأثُّر، فلنُلاحظْ قول قحطان: حبيبي لماذا تقولُ بأنِّي إذا ما أتيتكَ أرمي يَميني بأنِّي أحبُّكَ حتَّى العِبَادةْ مُعيدًا أصداءَ نزاريَّةً في قصيدةٍ لقبَّاني بلسَانِ امرأةٍ أيضًا: لماذا تخلَّيتَ عنِّي إذا كنتَ تعلم أنِّي أُحبُّكَ أكثرَ منِّي أحسبُ وبعدَ قراءةِ تجربةِ محمود قحطان في ديوانِهِ الجديدِ أنَّهُ ُ يتقَدَّمُ صوبَ صوتهِ الخاصِّ، مُحاولًا أنْ يُقدِّمَ مَا فاضَ عنِ الآخرينَ وما تبقَّى منهُ؛ ولكنَّه ُعَرضَ ما تبقَّى مِن نسائهِ في الذَّاكرةِ وما فاضَ عنهُ مِن أحاسيسَ دوَّنها فنيًّا وبحُريَّةٍ، فهو يُجرِّبُ الوزنيَّةَ الحرَّةَ بلا تردُّدٍ، مع المحافَظةِ -أحيانًا- على القَصيدةِ البيتيَّةِ خفيفةِ الوقْعِ، والمؤطَّرةِ كسائرِ شِعرهِ بعاطِفَةٍ نبيلَةٍ، زادَها المرَضُ والعُزلَةُ رِقَّةً وعذوبةً وشاعريَّةً. أ.د. حاتم الصَّكر
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com