أَتَرى السَحابَ إِذا سَرَت عُشراؤُهُ | |
|
| يُمرى عَلى قَبرٍ بِبابِلَ ماؤُهُ |
|
يا حادِيَيهِ قِفا بِبُزلِ مَطيَّهِ | |
|
| فَإِلى ثَرى ذا القَبرِ كانَ حُداؤُهُ |
|
يَسقي هَوىً لِلقَلبِ فيهِ وَمَعهَداً | |
|
| رَقَّت مَنابِتُهُ وَرَقَّ هَواؤُهُ |
|
قَد كانَ عاقَدَني الصَفاءَ فَلَم أَزُل | |
|
| عَنهُ وَما بَقّى عَلَيَّ صَفاؤُهُ |
|
وَلَقَد حَفِظتُ لَهُ فَأَينَ حِفاظُهُ | |
|
| وَلَقَد وَفَيتُ لَهُ فَأَينَ وَفاؤُهُ |
|
أَوعى الدُعاءَ فَلَم يُجِبهُ قَطيعَةً | |
|
| أَم ضَلَّ عَنهُ مِنَ البِعادِ دُعاؤُهُ |
|
هَيهاتَ أَصبَحَ سَمعُهُ وَعِيانُهُ | |
|
| في التُربِ قَد حَجَبَتهُما أَقذاؤُهُ |
|
يُمسي وَلينُ مِهادِهِ حَصباؤُهُ | |
|
| فيهِ وَمُؤنِسُ لَيلِهِ ظَلماؤُهُ |
|
قَد قُلِّبَت أَعيانُهُ وَتَنَكَّرَت | |
|
| أَعلامُهُ وَتَكَسَّفَت أَضواؤُهُ |
|
مُغفٍ وَلَيسَ لِلَذَّةٍ إِغفاؤُهُ | |
|
| مُغضٍ وَلَيسَ لِفِكرَةٍ إِغضاؤُهُ |
|
وَجهٌ كَلَمحِ البَرقِ غاضَ وَميضُهُ | |
|
| قَلبٌ كَصَدرِ العَضبِ فُلَّ مَضاؤُهُ |
|
حَكَمَ البِلى فيهِ فَلَو يَلقى بِهِ | |
|
| أَعداؤُهُ لَرَثى لَهُ أَعداؤُهُ |
|
إِنَّ الَّذي كانَ النَعيمُ ظِلالَهُ | |
|
| أَمسى يُطَنَّبُ بِالعَراءِ خِباؤُهُ |
|
قَد خَفَّ عَن ذاكَ الرَواقِ حُضورُهُ | |
|
| أَبَداً وَعَن ذاكَ الحِمى ضَوضاؤُهُ |
|
كانَت سَوابِقُهُ طِرازَ فِنائِهِ | |
|
| يَجلو جَمالَ رَواؤُهُنَّ رَواؤُهُ |
|
وَرِماحُهُ سُفَراؤُهُ وَسُيوفُهُ | |
|
| خُفَراؤُهُ وَجِيادُهُ نُدَماؤُهُ |
|
ما زالَ يَغدو وَالرِكابُ حُداؤُهُ | |
|
| بَينَ الصَوارِمِ وَالعَجاجِ رِداؤُهُ |
|
اُنظُر إِلى هَذا الأَنامِ بِعِبرَةٍ | |
|
| لا يُعجِبَنَّكَ خَلقُهُ وَبَهاؤُهُ |
|
بَيناهُ كَالوَرَقِ النَضيرِ تَقَصَّفَت | |
|
| أَغصانُهُ وَتَسَلَّبَت شَجَراؤُهُ |
|
أَنّى تَحاماهُ المَنونُ وَإِنَّما | |
|
| خُلِقَت مَراعِيَ لِلرَدى خَضراؤُهُ |
|
أَم كَيفَ تَأمُلُ فَلتَةً أَجسادُهُ | |
|
| مِن ذا الزَمانِ وَحَشوُها أَدواؤُهُ |
|
لا تَعجَبَنَّ فَما العَجيبُ فَناؤُهُ | |
|
| بِيَدِ المَنونِ بَلِ العَجيبُ بَقاؤُهُ |
|
إِنّا لَنَعجَبُ كَيفَ حُمَّ حِمامُهُ | |
|
| عَن صِحَّةٍ وَيَغيبُ عَنّا داؤُهُ |
|
مَن طاحَ في سُبُلِ الرَدى آباؤُهُ | |
|
| فَليَسلُكَنَّ طَريقَهُ أَبناؤُهُ |
|
وَمُؤَمَّرٍ نَزَلوا بِهِ في سوقَةٍ | |
|
| لا شَكلُهُ فيهِم وَلا قُرَناؤُهُ |
|
قَد كانَ يَفرَقُ ظِلَّهُ أَقرانُهُ | |
|
| وَيَغُضُّ دونَ جَلالِهِ أَكفاؤُهُ |
|
وَمُحَجَّبٍ ضُرِبَت عَلَيهِ مَهابَةٌ | |
|
| يُغشي العُيونَ بَهاؤُهُ وَضِياؤُهُ |
|
نادَتهُ مِن خَلفِ الحِجابِ مَنيَّةٌ | |
|
| أَمَمٌ فَكانَ جَوابَها حَوباؤُهُ |
|
شُقَّت إِلَيهِ سُيوفُهُ وَرِماحُهُ | |
|
| وَأُميتَ عَنهُ عَبيدُهُ وَإِماؤُهُ |
|
لَم يُغنِهِ مَن كانَ وَدَّ لَوَ اَنَّهُ | |
|
| قَبلَ المَنونِ مِنَ المَنونِ فِداؤُهُ |
|
حَرَمٌ عَلَيهِ الذُلُّ إِلّا أَنَّهُ | |
|
| أَبَداً لَيَشهَدُ بِالجَلالِ بِناؤُهُ |
|
مُتَخَشِّعٌ بَعدَ الأَنيسِ جَنابُهُ | |
|
| مُتَضائِلٌ بَعدَ القَطينِ فِناؤُهُ |
|
عُريانُ تَطرُدُ كُلُّ ريحٍ تُربَهُ | |
|
| وَتُطيعُ أَوَّلَ أَمرِها حَصباؤُهُ |
|
وَلَقَد مَرَرتُ بِبَرزَخٍ فَسَأَلتُهُ | |
|
| أَينَ الأُلى ضَمَّتهُمُ أَرجاؤُهُ |
|
مِثلِ المَطيِّ بَوارِكاً أَجداثُهُ | |
|
| تُسفى عَلى جَنَباتِها بَوغاؤُهُ |
|
نادَيتُهُ فَخَفي عَلَيَّ جَوابُهُ | |
|
| بِالقَولِ إِلّا ما زَقَت أَصداؤُهُ |
|
مِن ناظِرٍ مَطروفَةٍ أَلحاظُهُ | |
|
| أَو خاطِرٍ مَطلولَةٍ سَوداؤُهُ |
|
أَو واجِدٍ مَكظومَةٍ زَفَراتُهُ | |
|
| أَو حاقِدٍ مَنسيَّةٍ شَحناؤُهُ |
|
وَمُسَنَّدينَ عَلى الجُنوبِ كَأَنَّهُم | |
|
| شَربٌ تَخاذَلَ بِالطِلا أَعضاؤُهُ |
|
تَحتَ الصَعيدِ لِغَيرِ إِشفاقٍ إِلى | |
|
| يَومِ المَعادِ تَضُمُّهُم أَحشاؤُهُ |
|
أَكَلَتهُمُ الأَرضُ الَّتي وَلَدَتهُمُ | |
|
| أَكلَ الضَروسِ حَلَت لَهُ أَكلاؤُهُ |
|
حَيّاكَ مُعتَلِجُ النَسيمِ وَلا يَزَل | |
|
| سَحَراً تُفاوِحُ نَورُهُ أَصباؤُهُ |
|
يَمري عَلَيكَ مِنَ النُعامى خِلفَه | |
|
| مِن عارِضٍ مُتَبَزِّلٍ أَنداؤُهُ |
|
فَسَقاكَ ما حَمَلَ الزُلالَ سِجالُهُ | |
|
| وَنَحاكَ ما جَرَّ الزُحوفَ لِواؤُهُ |
|
لَولا اِتِّقاءُ الجاهِليَّةِ سُقتُهُ | |
|
| ذَوداً تَمورُ عَلى ثَراكَ دِماؤُهُ |
|
وَأَطَرتُ تَحتَ السَيفِ كُلَّ عَشيَّةٍ | |
|
| عُرقوبَ مُغتَبِطٍ يَطولُ رُغاؤُهُ |
|
لَكِن سَيَخلُفُ عَقرَها وَدِماءَها | |
|
| أَبَدَ اللَيالي مَدمَعي وَبُكاؤُهُ |
|
أَقني الحَياءَ تَجَمُّلاً لَو أَنَّهُ | |
|
| يَبقى مَعَ الدَمعِ اللَجوجِ حَياؤُهُ |
|
وَإِذا أَعادَ الحَولُ يَومَكَ عادَني | |
|
| مِثلَ السَليمِ يَعودُهُ آناؤُهُ |
|
دارٌ بِقَلبي لا يَعودُ طَبيبُهُ | |
|
| يَأساً إِلَيَّ وَلا يُصابُ دَواؤُهُ |
|
فَاِذهَب فَلا بَقِيَ الزَمانُ وَقَد هَوى | |
|
| بِكَ صَرفُهُ وَقَضى عَلَيكَ قَضاؤُهُ |
|