أَبكيكِ لَو نَقَعَ الغَليلَ بُكائي | |
|
| وَأَقولُ لَو ذَهَبَ المَقالُ بِداءِ |
|
وَأَعوذُ بِالصَبرِ الجَميلِ تَعَزِّياً | |
|
| لَو كانَ بِالصَبرِ الجَميلِ عَزائي |
|
طوراً تُكاثِرُني الدُموعُ وَتارَةً | |
|
| آوي إِلى أَكرومَتي وَحَيائي |
|
كَم عَبرَةٍ مَوَّهتُها بِأَنامِلي | |
|
| وَسَتَرتُها مُتَجَمِّلاً بِرِدائي |
|
أُبدي التَجَلُّدَ لِلعَدوِّ وَلَو دَرى | |
|
| بِتَمَلمُلي لَقَد اِشتَفى أَعدائي |
|
ما كُنتُ أُذخَرُ في فِداكَ رَغيبَةً | |
|
| لَو كانَ يَرجِعُ مَيِّتٌ بِفِداءِ |
|
لَو كانَ يُدفَعُ ذا الحِمامُ بِقوَّةٍ | |
|
| لَتَكَدَّسَت عُصَبٌ وَراءَ لِوائي |
|
بِمُدَرَّبينَ عَلى القِراعِ تَفَيَّأوا | |
|
| ظِلَّ الرِماحِ لِكُلِّ يَومِ لِقاءِ |
|
قَومٌ إِذا مَرِهوا بِأَغبابِ السُرى | |
|
| كَحَلوا العُيونَ بِإِثمِدِ الظَلماءِ |
|
يَمشونَ في حَلَقِ الدُروعِ كَأَنَّهُم | |
|
| صُمُّ الجَلامِدِ في غَديرِ الماءِ |
|
بِبُروقِ أَدراعٍ وَرَعدِ صَوارِمٍ | |
|
| وَغَمامِ قَسطَلَةٍ وَوَبلِ دِماءِ |
|
فارَقتُ فيكِ تَماسُكي وَتَجَمُّلي | |
|
| وَنَسيتُ فيكَ تَعَزُّزي وَإِبائي |
|
وَصَنَعتُ ما ثَلَمَ الوَقارَ صَنيعُهُ | |
|
| مِمّا عَراني مِن جَوى البُرحاءِ |
|
كَم زَفرَةٍ ضَعُفَت فَصارَت أَنَّةً | |
|
| تَمَّمتُها بِتَنَفُّسِ الصُعَداءِ |
|
لَهفانَ أَنزو في حَبائِلَ كُربَةٍ | |
|
| مَلَكَت عَلَيَّ جَلادَتي وَغَنائي |
|
وَجَرى الزَمانُ عَلى عَوائِدِ كَيدِهِ | |
|
| في قَلبِ آمالي وَعَكسِ رَجائي |
|
قَد كُنتُ آمُلُ أَن أَكونَ لَكِ الفِدا | |
|
| مِمّا أَلَمَّ فَكُنتِ أَنتِ فِدائي |
|
وَتَفَرُّقُ البُعداءِ بَعدَ مَوَدَّةٍ | |
|
| صَعبٌ فَكَيفَ تَفَرُّقُ القُرَباءِ |
|
وَخَلائِقُ الدُنيا خَلائِقُ مومِسٍ | |
|
| لِلمَنعِ آوِنَةً وَلِلإِعطاءِ |
|
طَوراً تُبادِلُكَ الصَفاءَ وَتارَةً | |
|
| تَلقاكَ تُنكِرُها مِنَ البَغضاءِ |
|
وَتَداوُلُ الأَيّامِ يُبلينا كَما | |
|
| يُبلي الرَشاءَ تَطاوُحُ الأَرجاءِ |
|
وَكَأَنَّ طولَ العُمرِ رَوحَةُ راكِبٍ | |
|
| قَضّى اللُغوبَ وَجَدَّ في الإِسراءِ |
|
أَنضَيتِ عَيشَكِ عِفَّةً وَزَهادَةً | |
|
| وَطُرِحتِ مُثقَلَةً مِنَ الأَعباءِ |
|
بِصِيامِ يَومِ القَيظِ تَلهَبُ شَمسُهُ | |
|
| وَقِيامِ طولِ اللَيلَةِ اللَيلاءِ |
|
ما كانَ يَوماً بِالغَبينِ مَنِ اِشتَرى | |
|
| رَغدَ الجِنانِ بِعيشَةٍ خَشناءِ |
|
لَو كانَ مِثلَكِ كُلُّ أُمٍّ بَرَّةٍ | |
|
| غَنِيَ البَنونَ بِها عَنِ الآباءِ |
|
كَيفَ السُلوُّ وَكُلُّ مَوقِعِ لَحظَة | |
|
| أَثَرٌ لِفَضلِكِ خالِدٌ بِإِزاءِ |
|
فَعَلاتُ مَعروفٍ تُقِرُّ نَواظِري | |
|
| فَتَكونُ أَجلَتَ جالِبٍ لِبُكائي |
|
ما ماتَ مَن نَزَعَ البَقاءَ وَذِكرُهُ | |
|
| بِالصالِحاتِ يُعَدُّ في الأَحياءِ |
|
فَبِأَيِّ كَفٍّ أَستَجِنُّ وَأَتَّقي | |
|
| صَرفَ النَوائِبِ أَم بِأَيِّ دُعاءِ |
|
وَمَنِ المُمَوِّلُ لي إِذا ضاقَت يَدي | |
|
| وَمَنِ المُعَلِّلُ لي مِنَ الأَدواءِ |
|
وَمَنِ الَّذي إِن ساوَرَتني نَكبَةٌ | |
|
| كانَ المُوَقّى لي مِنَ الأَسواءِ |
|
أَم مَن يَلِطُّ عَلَيَّ سِترَ دُعائِهِ | |
|
| حَرَماً مِنَ البَأساءِ وَالضَرّاءِ |
|
رُزآنِ يَزدادانِ طولَ تَجَدُّدٍ | |
|
| أَبَدَ الزَمانِ فَناؤُها وَبَقائي |
|
شَهِدَ الخَلائِقُ أَنَّها لَنَجيبَةٌ | |
|
| بِدَليلِ مَن وَلَدَت مِنَ النُجَباءِ |
|
في كُلِّ مُظلِمِ أَزمَةٍ أَو ضيقَةٍ | |
|
| يَبدو لَها أَثَرُ اليَدِ البَيضاءِ |
|
ذَخَرَت لَنا الذِكرَ الجَميلَ إِذا اِنقَضى | |
|
| ما يَذخَرُ الآباءُ لِلأَبناءِ |
|
قَد كُنتُ آمُلُ أَن يَكونَ أَمامَها | |
|
| يَومي وَتُشفِقُ أَن تَكونَ وَرائي |
|
كَم آمِرٍ لي بِالتَصَبُّرِ هاجَ لي | |
|
| داءً وَقَدَّرَ أَنَّ ذاكَ دَوائي |
|
آوي إِلى بَردِ الظِلالِ كَأنَّني | |
|
| لِتَحَرُّقي آوي إِلى الرَمضاءِ |
|
وَأَهُبُّ مِن طيبِ المَنامِ تَفَزُّعاً | |
|
| فَزَعَ اللَديغِ نَبا عَنِ الإِغفاءِ |
|
آباؤُكَ الغُرُّ الَّذين تَفَجَّرَت | |
|
| بِهِمِ يَنابيعٌ مِنَ النَعماءِ |
|
مِن ناصِرٍ لِلحَقِّ أَو راعٍ إِلى | |
|
| سُبُلِ الهُدى أَو كاشِفِ الغَمّاءِ |
|
نَزَلوا بِعَرعَرَةِ السَنامِ مِنَ العُلى | |
|
| وَعَلَوا عَلى الأَثباجِ وَالأَمطاءِ |
|
مِن كُلِّ مُستَبِقِ اليَدَينِ إِلى النَدى | |
|
| وَمُسَدِّدِ الأَقوالِ وَالآراءِ |
|
يُرجى عَلى النَظَرِ الحَديدِ تَكَرُّماً | |
|
| وَيُخافُ في الإِطراقِ وَالإِغضاءِ |
|
دَرَجوا عَلى أَثَرِ القُرونِ وَخَلَّفوا | |
|
| طُرُقاً مُعَبَّدَةً مِنَ العَلياءِ |
|
يا قَبرُ أَمنَحُهُ الهَوى وَأَوَدُّ لَو | |
|
| نَزَفَت عَلَيهِ دُموعُ كُلِّ سَماءِ |
|
لا زالَ مُرتَجِزُ الرعودِ مُجَلجِلٌ | |
|
| هَزِجُ البَوارِقِ مُجلِبُ الضَوضاءِ |
|
يَرغو رُغاءَ العودِ جَعجَعَهُ السُرى | |
|
| وَيَنوءُ نَوءَ المُقرِبِ العُشَراءِ |
|
يَقتادُ مُثقَلَةَ الغَمامِ كَأَنَّما | |
|
| يَنهَضنَ بِالعَقَداتِ وَالأَنقاءِ |
|
يَهفو بِها جِنحَ الدُجى وَيَسوقُها | |
|
| سَوقَ البِطاءِ بِعاصِفٍ هَوجاءِ |
|
يَرميكَ بارِقُها بِأَفلاذِ الحَيا | |
|
| وَيَفُضُّ فيكَ لَطائِمَ الأَنداءِ |
|
مُتَحَلِّياً عَذراءَ كُلِّ سَحابَةٍ | |
|
| تَغذو الجَميمَ بِرَوضَةٍ عَذراءِ |
|
لَلَؤُمتُ إِن لَم أَسقِها بِمَدامِعي | |
|
| وَوَكَلتُ سُقياها إِلى الأَنواءِ |
|
لَهفي عَلى القَومِ الأولى غادَرتُهُم | |
|
| وَعَلَيهِمُ طَبَقٌ مِنَ البَيداءِ |
|
مُتَوَسِّدينَ عَلى الخُدودِ كَأَنَّما | |
|
| كَرَعوا عَلى ظَمَإٍ مِنَ الصَهباءِ |
|
صُوَرٌ ضَنَنتُ عَلى العُيونِ بِلَحظِها | |
|
| أَمسَيتُ أوقِرُها مِنَ البَوغاءِ |
|
وَنَواظِرٌ كَحَلَ التُرابُ جُفونَها | |
|
| قَد كُنتُ أَحرُسُها مِنَ الأَقذاءِ |
|
قَرُبَت ضَرائِحُهُم عَلى زُوّارِها | |
|
| وَنَأوا عَنِ الطُلّابِ أَيِّ تَنائي |
|
وَلَبِئسَ ما تَلقى بِعُقرِ دِيارِهِم | |
|
| أُذنُ المُصيخِ بِها وَعَينُ الرائي |
|
وَمَعروفُكِ السامي أَنيسُكِ كُلَّما | |
|
| وَرَدَ الظَلامُ بِوَحشَةِ الغَبراءِ |
|
وَضِياءُ ما قَدَّمتِهِ مِن صالِحٍ | |
|
| لَكِ في الدُجى بَدَلٌ مِنَ الأَضواءِ |
|
إِنَّ الَّذي أَرضاهُ فِعلُكِ لا يَزَل | |
|
| تُرضيكِ رَحمَتُهُ صَباحَ مَساءِ |
|
صَلّى عَلَيكِ وَما فَقَدتِ صَلاتَهُ | |
|
| قَبلَ الرَدى وَجَزاكِ أَيُّ جَزاءِ |
|
لَو كانَ يُبلِغُكِ الصَفيحُ رَسائِلي | |
|
| أَو كانَ يُسمِعُكِ التُرابُ نِدائي |
|
لَسَمِعتِ طولَ تَأَوُّهي وَتَفَجُّعي | |
|
| وَعَلِمتِ حُسنَ رِعايَتي وَوَفائي |
|
كانَ اِرتِكاضي في حَشاكِ مُسَبِّباً | |
|
| رَكضَ الغَليلِ عَلَيكِ في أَحشائي |
|