عَمُرَتْ بطولِ بقائِكَ الأَعمارُ | |
|
| وجرَتْ بِرِفعةِ قَدْرِكَ الأقدارُ |
|
ودَنَتْ لَكَ الدُّنيا بِقاصِية المُنى | |
|
| وَتَخَيَّرَتْ لَكَ فَوْقَ مَا تختارُ |
|
فإِذَا النُّجومُ تطلَّعتْ لَكَ أَسعُداً | |
|
| بَدَرَ البدُورُ بهنَّ والأقمارُ |
|
وإِذا زَجَرْتَ ليُمنِ يَومِكَ طائراً | |
|
| حُشرَتْ إِليكَ بِيُمنِها الأَطيارُ |
|
وإِذا المُنى بدَأَتْكَ غَرْسَ رياضِها | |
|
| حَيَّتكَ فِي أَغصانِها الأَثمارُ |
|
سَبقاً كما سَبَقتْ فِعالُكَ كُلَّ مَا | |
|
| أَعيتْ بِهِ الأَوْهامُ والأَفكارُ |
|
وتَجلِّياً للدَّارِعينَ تَصيدُها | |
|
| بطيورِ خَيلكَ والعقولُ تُطارُ |
|
|
| مَا للخطائرِ عندَها أَخطارُ |
|
ومعالِمٍ لِندى يَديْكَ وإِنَّها | |
|
| سُرُجٌ إِليكَ لحائرٍ ومَنارُ |
|
فإِذا عوَانُ المَجدِ رَدَّ خطيبُها | |
|
| فَلَكَ الأَيامى مِنهُ والأَبكارُ |
|
وإِذا الحُروبُ تساجَلتْ أَيَّامُها | |
|
| فقتيلُ سيفكَ فِي المُلوكِ جُبارُ |
|
ولقد عَضضتَ عَلَى الخطوبِ بناجِذٍ | |
|
| للدَّهرِ منه سكينةٌ وَوَقارُ |
|
لكن شمائلُ فِي النَّدى وكَّلتها | |
|
| بعفاةِ جُودِكَ فتيةٌ أَغمارُ |
|
ما البحرُ فِي الأَرْضِ العريضةِ بعدَما | |
|
| فاضتْ عليها من نَداكَ بحارُ |
|
أَوْ مَا غَناءُ المِسك فِي الدُّنيا وَقَدْ | |
|
| مُلِئَتْ بطيبِ ثنائكِ الأَمصارُ |
|
فبهِ تأَنَّقَتِ الحدائِقُ وازْدَهى | |
|
| زَهرُ الرُّبى وتفتَّحَ النُّوّارُ |
|
وتنافَحتْ بنسيمها ريحُ الصَّبا | |
|
| وتفاوَحَتْ برِياضها الأَسحارُ |
|
وتعاطَتِ النُّدَماءُ كأْسَ مُدامِها | |
|
| وسَرَتْ بِهَا الرُّكبانُ والسُّمَّارُ |
|
فكأَنَّ للدُّنيا بحَمدِكَ أَلسُناً | |
|
| تُصغِي لَهَا الآفاقُ والأَقطارُ |
|
وكأَنَّما الأَيَّامُ فيكَ مدائحٌ | |
|
| نُظِمَتْ كما نُظِمتْ لَكَ الأَشعارُ |
|
واللهُ جارُكَ كم أَجَرْتَ عِبادَهُ | |
|
| من كُلِّ خطبٍ لَيْسَ مِنه جارُ |
|
وَضَرَبْتَ عنهمْ كُلَّ جبَّارٍ عتا | |
|
| فحباكَ بيضةَ مُلكهِ الجبَّارُ |
|
في جَحْفَلٍ كاللَّيلِ جرَّارٍ لَهُ | |
|
| من عِزِّ نَصركَ جحفلٌ جَرَّارُ |
|
أُمدِدْتَ فِيهِ بالملائكةِ الَّتِي | |
|
| نُصرَتْ بِهَا أَعمامُكَ الأَنصارُ |
|
وكَسوْتَ فِيهِ الشمسَ بُردَ عَجاجَةٍ | |
|
| للموتِ تَحْتَ ظلامِها إِسفَارُ |
|
والجوُّ يَحمى والدِّماءُ سواكِبٌ | |
|
| والأَرْضُ رَيَّا والسَّماءُ غُبارُ |
|
والمُقفِراتُ سوابقٌ وخوافقٌ | |
|
| والشاهِقاتُ أَسِنَّةٌ وشِفارُ |
|
كلٌّ رَفَعتَ صدورَهُنَّ لغارَةٍ | |
|
| مَا إِنْ لَهَا قبلَ الصُّدورِ مُغارُ |
|
وقد ادَّرَعَت لَهَا سوابقَ عَزمةٍ | |
|
| البِرُّ والتقوى لهنَّ شِعارُ |
|
بَهرَتْ فهنُّ عَلَى ابن يَحيى فِي الوغى | |
|
| نورٌ لَهُ وَعَلَى ابن شنجٍ نارُ |
|
تحمى فيودِعُها جوانِحَ صَدرِهِ | |
|
| كي لا تُبَيِّنَهُ لَكَ النُّظَّارُ |
|
أَسَدٌ حَطمْتَ سِلاحَهُ فتركْتَهُ | |
|
| بالبيدِ لا ظَفَرٌ ولا أَظفارُ |
|
رَهناً بإِلقاءِ اليدَيْنِ لقاهِرٍ | |
|
| أَعلى يَدَيهِ الواحِدُ القهَّارُ |
|
مَلِكٌ كَأَنَّكِ يَا مَحاسِنَ فِعلِهِ | |
|
| من سَيِّئاتِ زمانِكَ استغفَارُ |
|
خُصَّتْ بِهِ سَبأٌ وعُمَّ بنصْرِهِ | |
|
| عُليا قُرَيشٍ فِي الهُدى ونِزارُ |
|
رَبذُ القِداحِ من الرِّماحِ وَمَا لَهُ | |
|
| إِلّا السِّباعَ وطيْرَها أيسارُ |
|
ونديمُ بيض الهِندِ يومَ دَمُ العدى | |
|
| خمرٌ لَهُ والمأْثراتُ خُمارُ |
|
آياتُ نصْرٍ فِي الوَرى بسيوفِها | |
|
| أَمِنَ الهُداةُ وآمَنَ الكُفَّارُ |
|
جاهَرْتَ حُرَّ بلادِهِم بجهادِهِمْ | |
|
| حَتَّى غَدَوْا وهُمُ لَهَا أَسرارُ |
|
وسرَيتَ حَتَّى ظَنَّ من صبَّحتَهُ | |
|
| أَن الظلامَ عَلَى سُراكَ نهارُ |
|
ولكم أَطارَهُمُ لِسيفِكَ بارِقٌ | |
|
| حَتَّى دَعَوْتَهُمُ إِليكَ فطاروا |
|
وجنَحتَ للسَّلم الَّتِي جَنحوا لَهَا | |
|
| وقضاءُ ربِّكَ فِي العِبادِ خِيارُ |
|
فأَتوكَ مُستَبِقِينَ قَدْ قربَ المدى | |
|
| منهمْ إِليكَ وذُلِّلَ المضمارُ |
|
ودَنا ابنُ رُذْميرٍ يُزَلْزِلُ خَطوَهُ | |
|
| أملٌ تقسَّم نفسَهُ وحِذارُ |
|
ففُؤادُهُ من ذُعْرِ سيفكَ طائرٌ | |
|
| طَوْراً ومن عَجلٍ إِليكَ مُطارُ |
|
ولَقبلُ أَيْقنَ فِرْذِلَندٌ مَا لَهُ | |
|
| إِلّا إِليكَ من الحِمامِ فِرار |
|
كلٌّ يَخِرُّ لأَخْمَصَيْكَ وطالَما | |
|
| سَامَوْكَ فِي رَهَجِ الخَميس فخَارُوا |
|
فهناكَ أُخْلِصتِ النُّفُوسُ وأُكِّدَتْ | |
|
| عُقَدُ العُهُودِ وشَدَّتِ الأَنْصارُ |
|
وتَوَاصَلَ البُعَدَاءُ منكَ بطاعَةٍ | |
|
| وُصِلتْ بِهَا الأَرْحامُ والأَصهارُ |
|
فعقدْتَ فِي عُنقِ الضَّلالِ مَواثِقاً | |
|
| دانَتْ بِهَا الرُّهبانُ والأَحبارُ |
|
وكأنَّما كانتْ عُقودَ تمائِمٍ | |
|
| سَكنتْ بِهَا الأَوْجَالُ والأَذْعارُ |
|
أَحيَيتَ منها مُلكَ رُذْميرٍ وَقَدْ | |
|
| مَشَتِ الدُّهور عَلَيْهِ والأَعصارُ |
|
وأَقَمْتَ تاجَ جَبينِهِ منْ بعدِما | |
|
| عفَتِ المعالِمُ منهُ والآثارُ |
|
وبَسَطتَ من قَشتِلَّةٍ يَدَ آمِنٍ | |
|
| لِرِضاكَ فِيهَا يارَقٌ وسِوارُ |
|
ثم انثَنَوْا يَبأوْنَ منكَ بطاعَةٍ | |
|
| رَفَعوا بِهَا أَعلامَهُمْ وأنارُوا |
|
ولَهُمْ بذِكْرِكَ فِي العداةِ تَبجُّجٌ | |
|
| وبقُبلِ كَفِّكَ فِي البلادِ فخارُ |
|
ورفَعتَ أَجيادَ الجِيادِ لأَوْبَةٍ | |
|
| رَفِعتْ لَهَا الآمالُ والأَبصارُ |
|
فكأنما البُشرى بذلِكَ عندَنا | |
|
| كأْسٌ علينا بالسُّرورِ تُدارُ |
|
والأَرْضُ أَرْضُكَ كُلُّها لكَ رَوْضَةٌ | |
|
| أُنُفٌ وأَنتَ سماؤها المِدْرارُ |
|
حتى قَدِمْتَ وَمَا تَقَلَّبَ ناظِرٌ | |
|
| إِلّا لَهُ بقدُومِكَ استِبشارُ |
|
حُرَّ المكارِمِ حقُّ قَدْرِكَ أَنْ تُرى | |
|
| وعبيدُكَ السَّاداتُ والأَحرارُ |
|
ومُجَاهِداً فِي اللهِ حَقَّ جهادِهِ | |
|
| واللهُ أَبْصَرَ فِيكَ مَا يَخْتارُ |
|
واسْأَلْ بِضَيْفِكَ كيْفَ بَعْدَكَ حالُهُ | |
|
| وقدِ اقْتَضَتْهُ بعدَ دارٍ دارُ |
|
غَدَرَتْ بِهِ أَيَّامُ عامٍ قَدْ وَفى | |
|
| أَنَّ الوفاءَ بِعَهْدِهِ غَدَّارُ |
|
ودنا بِهِ أَجَلُ الرَّحِيلِ كَأَنَّهُ | |
|
| أَجَلُ المماتِ دَنَا بِهِ المقدارُ |
|
عامٌ كعُمْرِ الوَصْلِ ليلَةَ زائِرٍ | |
|
| وأسىً تَقاصَرُ دُونَهُ الأَعمارُ |
|
طالَتْ ليالِيهِ الزَّمانَ بِهَمِّهِ | |
|
| وكأَنَّهُنَّ من السُّرورِ قِصَارُ |
|
بِمُشَرَّدٍ قَلِقِ الثَّواءِ بِمَنْزِلٍ | |
|
| لا يَنْثَنِي فِيهِ لَهُ الزُّوَّارُ |
|
مثوايَ قيه تَقَلْقُلٌ وتَأَهُّبٌ | |
|
| وَقِرَاي فِيهِ ذِلَّةٌ وصَغَارُ |
|
وحسابُ أَيَّامٍ كَأَنَّ متاعَهَا | |
|
| نَوْمٌ عَلَى وَجَلِ البَيَاتِ غِرَارُ |
|
وطِلابُ مأْوىً قبلَ حِينِ أَوانِهِ | |
|
| فَالدَّهْرُ أَجْمَعُهُ لِيَ اسْتِنْفارُ |
|
للهِ من عامٍ جَرى عَنْي بِهِ | |
|
| جَرْيُ الأَهِلَّةِ فِيهِ والأَقْمارُ |
|
في أَهْلِ دَارٍ كالكَوَاكِبِ والنَّوى | |
|
| بَعْدَ النَّوى فَلَكٌ بِهِمْ دَوَّارُ |
|
كانوا جَمالاً للزَّمانِ فأَصْبَحُوا | |
|
| وَهُمُ عَلَيْهِ بالتَّغَرُّبِ عَارُ |
|
تَنْبُو الدِّيارُ بِهِمْ وَتِلْكَ ديارُهُمْ | |
|
| غَرَضُ المصائِبِ مَا بِهَا دَيَّارُ |
|
قد أَقْفَرُوا وَطَنَ الأَنيسِ وأُنِّسَتْ | |
|
| بِهِمُ مفاوِزُ بالفَلا وقِفارُ |
|
يتأَوَّهونَ إذَا رَمَتْ أَوْهَامُهُمْ | |
|
| داراً لساكِنِها بِهَا اسْتِقْرارُ |
|
ويَهِيجُهُمْ عِينٌ لَهُنَّ مرابِضٌ | |
|
| ويَشُوقُهُمْ طَيرٌ لَهَا أَوْكارُ |
|
وإِلَيْكَ يَا مَنصُورُ حَطُّوا أَرْحُلاً | |
|
| لَعِبَتْ بِهِنَّ تَنَائِفٌ وبِحارُ |
|
فَزَعاً إِلَيْكَ من الجَلاءِ بأَوْجُهٍ | |
|
| فِي كُلِّ عامٍ للجَلاءِ تُثَارُ |
|
ورأَوْا بقُرْبِكَ أَنَّهُمْ قَتَلُوا النَّوى | |
|
| فاسْتُحيِيَت ولها عَلَيْهِمْ ثارُ |
|
قد طُيِّرَتْ غِرْبانُ كُلِّ مُغَرِّبٍ | |
|
| وغُرَابُهُمْ للبَيْنِ لَيْسَ يُطَارُ |
|
جُرةً عَلَيْكَ وَمَا رَأَتْ من قَبْلِها | |
|
| خَطْباً لَهُ فِيمَنْ أَضَفْتَ خِيَارُ |
|
وَعَلَى اللَّيَالي مِنْكَ عَهْدٌ ثابِتٌ | |
|
| أَلّا يُبَاحَ لِمَنْ حَمَيْتَ ذِمَارُ |
|
واللهُ قَدْ أَعْلَى مَحَلَّكَ أَنْ تُرى | |
|
| مكشوفَةً فِي سِتْرِكَ الأَسْتارُ |
|
وحباكَ بالمُلْكِ الَّذِي لَوْ شِئتَ لَمْ | |
|
| تَضِقِ القُصُورُ بنا ولا الأَحيارُ |
|
وَأَجَارَ قَدْرَكَ أَن يَسُوغَ لِقائِلٍ | |
|
| جَارَ الزَّمَانُ وأَنْتَ مِنهُ جَارُ |
|
ولَحَقُّ مَنْ أَبْقى ثَناءَكَ فِي الوَرى | |
|
| أَنْ تَسْتَقِرَّ بِهِ لَدَيْكَ الدَّارُ |
|