لا شَفاني الدَمعُ إِلّا بِالشَرق | |
|
| فَكُلوا إِنسانَ عَيني بِالغَرَق |
|
وَيح عَيني سُلِبَت قُرَّتها | |
|
| وَخَبا نيّرُها لَمّا اِئتَلَق |
|
وَلَدي فارَقتُ لا بَل كَبدي | |
|
| فَالَّذي اِستَجمَعَ مِن شَملي اِفتَرَق |
|
لا أُبالي بَعد أَن فارَقتهُ | |
|
| بِغُرابِ البَينِ إِن قيلَ نَعَق |
|
لا أُحِبُّ النَسلَ بَعدَ اِبني وَلا | |
|
| تَطمَعُ الحَسناءُ مِنّي بِالعشق |
|
بِأَبي غُصنٌ ذَوى حينَ زَها | |
|
| بِأَبي نَجمٌ هَوى حينَ شَرَق |
|
شقَّتِ الشَمسُ عَلَيهِ جَيبَها | |
|
| فَبَكى المزنُ مَعي وَالجيب شَق |
|
كانَ دَمعي قَبلَ فُقداني لَهُ | |
|
| في يَدِ الصَبرِ أَسيراً فَاِنطَلَق |
|
نَهكَتهُ عِلَّةٌ مَبدَؤُها | |
|
| وَحشَةُ الأمِّ مَتى تُذكَر تشُق |
|
غَدَرَتهُ أُمُّهُ لكِن وَفَت | |
|
| أمَةٌ أَحسَنُ منها مُرتَقق |
|
أَلِفَتهُ مِثلَما آلَفَها | |
|
| وَأَحَبَّتهُ اِعتِقاداً لا مَلَق |
|
خَمشَت ثُكلاً عَلَيهِ وَجنَةً | |
|
| لَطَمَت مِنها صَباحاً وَشَفَق |
|
لَوحهُ المَكتوبُ أَرجَت مَحوهُ | |
|
| لِتَرى ما خَطَّ مِنهُ وَمَشَق |
|
أَنا مِن خَمرَةِ ثُكلي طافِحٌ | |
|
| وَالهَوى مُصطَبحي وَالمُغتَبَق |
|
لا تَلُمني في البُكا لَو كانَ مِن | |
|
| صَخرَةٍ صَمّاء قَلبي لَاِنفَلَق |
|
قَد بَكى يَعقوبُ حَتّى اِبيَضَّتا | |
|
| حُزناً عَيناهُ بِالدَمعِ الغَدِق |
|
وَشَكا البَثَّ إِلى اللَهِ وَقَد | |
|
| وَعَدَ اللَهُ بِرَدِّ المُستَرَق |
|
ثُمَّ وَفّاهُ بِرُجعى يوسُفٍ | |
|
| وَالأَخُ المَظلوم إِذ قيلَ سَرَق |
|
وَإِذا يَحزنُ مَن يَرجو المُنى | |
|
| فَالَّذي اِستَيأَسَ بِالحُزنِ أَحَق |
|
قَطَّعَ الضرّ أَمامي كَبِدي | |
|
| وَأَراني قَمَري كَيفَ اِمَّحَق |
|
أَطفَأَ السقمُ بِرُغمي نورهُ | |
|
| وَرعافٌ كُلَّما كَفَّ دَفَق |
|
فَكِلانا في دَم مُشتَحِطٌ | |
|
| فَإِذا يرعَفُ أَبكى بِالحُرَق |
|
أَذبيحٌ أَم جَريحٌ وَجههُ | |
|
| فَأَديمُ الحُسنِ مِنهُ مُختَرَق |
|
أَم سَقيمُ عَبث السقم بِهِ | |
|
| وَتَلاشى لَحمهُ وَالجلدُ رَق |
|
كربُهُ مِن كُربٍ كانَت بِهِ | |
|
| تَترُكُ الأَجفانَ قرحى بِالأَرَق |
|
وَلَقَد كانَ عَلى أَوصابِهِ | |
|
| رُبَّما نامَ ثَلاثاً في نَسَق |
|
وَإِذا اِستَيقَظَ مِن نَومَتِهِ | |
|
| زادَتِ الأَوصابُ وَاِشتَدَّ القَلَق |
|
وإِذا ما أعجِبوا مِن نَومِهِ | |
|
| قُلتُ لا غَروَ بِهِ اللَهُ رَفَق |
|
كانَ يَشفيني إِذا قَبّلته | |
|
| وإِذا اِستَنطقتُ فاهُ فَنَطق |
|
كانَ يَشفيني وَفيهِ رَمَقٌ | |
|
| فَمَنِ الشافي وَقَد ماتَ الرَمَق |
|
لَيلَةَ المَوتِ دَعاني فَدَعا | |
|
| لي وَقَد قَبَّلَ رَأسي وَاِعتَنَق |
|
وَهوَ يندي عِرقاً من شمَّهُ | |
|
| قالَ هذا ماءُ وَردٍ لا عَرَق |
|
وَلَقَد مَرَّغتُ في مَصرَعِهِ | |
|
| وَجَناتي وَاِستَطبتُ المُنتَشَق |
|
لَستُ أَدري ملكُ المَوتِ هُنا | |
|
| لِسَنىً أَخمَد أَم مسكاً فَتَق |
|
رَوضَةٌ غُيِّرَ مِن أَزهارِها | |
|
| كُلُّ قانٍ وَغَضيضٍ وَيقَق |
|
ذَبلُ النِسرينُ وَالوَردُ النَدي | |
|
| وَاِستحالَ النَرجسُ الساجي الحَدق |
|
وَغَدا مَنبَتهُ مِمّا زَبى | |
|
| وَاِمَّحَت مِنهُ مَحاسينُ الخَلق |
|
فَشَجا إِذ لا الجُفونُ اِنطَبَقَت | |
|
| مِنهُ تَغميضاً وَلا فوهُ نَطق |
|
قَلَّصَ التَشنيجُ مِنهُ شَفَة | |
|
| عَن شَتيتٍ كُلَّما اِفتَرَّ بَرق |
|
ضاعَفَت حُزني عَلَيهِ ميتَةٌ | |
|
| ظَلَّتِ الأَغصانُ مِنها في نَزَق |
|
وَلَقَد أَبقى الرَدى مِن حُسنِهِ | |
|
| لمحاً مِثلَ طِرازٍ في خَلَق |
|
لا أَقولُ الطِبُّ أَخطا إِنَّما | |
|
| خالَفَ المِقدار فيهِ ما اِتَّفَق |
|
لَم يبدّل خَلق رَبّي أَحَدٌ | |
|
| كَذَبَ الشَيطانُ وَاللَهُ صَدق |
|
تَمَّ أَمرُ اللَهِ وَالحَمدُ لَهُ | |
|
| أَخَذَ النُعمى الَّتي كانَ رزق |
|
لَستُ أَلقى الدَهر إِلّا بِالرِضا | |
|
| ما جَنى الدَهرُ فَأَلقى بِالحَنق |
|
قَتَلَ اللَهُ وَلَو شاءَ شَفى | |
|
| فَتَقَ اللَه وَلَو شاءَ رَتَق |
|
|
| دُرَّةً بَيضاء صيغَت مِن عَلق |
|
لوذعِيٌّ كُنتُ أَرجو كَونَهُ | |
|
| خَلفاً مِنّي إِذا المَوتُ طَرق |
|
يا قَتيلاً مُهراقاً دَمُهُ | |
|
| وَبِحَدِّ المُنتَضى لَم يُهرق |
|
أَخَّرَتني سَيِّئاتي بَعدَهُ | |
|
| وَجَرى لِلخُلدِ قَبلي فَسَبَق |
|
لَيتَ شِعري هَل ترانا نَلتَقي | |
|
| في جِنانِ الخُلدِ أَم نَحنُ فرق |
|
فِرقَةٌ فازَت وَأُخرى شَقِيَت | |
|
| شِقوَةَ العَبدِ إِذا العَبدُ أَبِق |
|
وَلِأَمرِ اللَهِ أُخرى أرجِئَت | |
|
| فَهيَ وَقفٌ بَينَ أَمنٌ وَفَرق |
|
خُنتُ مَولايَ وَلَم أَنصَح لَهُ | |
|
| لَو سَعى العَبدُ بِنُصحٍ لَعَتَق |
|
يا شَبيهاً وَسَمِيّاً لِأَبي | |
|
| كُنتَ بَرّاً بي إِذا غَيرك عَق |
|
كُنتَ فَرعاً طَيِّباً لَو أَنَّهُ | |
|
| جاوَزَ العَشرَ بِثنتَينِ بَسق |
|
كُنتَ يا عَبدَ الغنيّ اِبني تُرى | |
|
| فَهِماً مِثلي وَلكِن لَم توق |
|
وَتَخَلَّصتَ مِنَ الدُنيا الَّتي | |
|
| طَبقاً تركبُ فيها عَن طَبَق |
|
كَيفَ أَصبَحت وَكَيفَ الحالُ يا | |
|
| غُصُنُ البانِ وَيا بَدر الغَسَق |
|
هَل تَلَقّاكَ إِذ اِنفَضَّ الوَرى | |
|
| فاتَنا القَبرُ بِرِفقٍ وَشَفَق |
|
هَل تَثَبَّتَّ مُجيباً لَهُما | |
|
| قائِلاً أَشهَدُ أَنَّ اللَهَ حَق |
|
وَنَبِيّي أَحمَدٌ أَرسَلَهُ | |
|
| بِالهُدى فَاِختارَهُ مِمَّن خَلَق |
|
وَإِمامي الذِكرُ وَالكَعبَةُ لي | |
|
| قِبلَةٌ هذي عُرى الدينِ مَرَق |
|
وأَبوكَ الحبرُ إِن تَشفَع لَهُ | |
|
| يَغفِرُ اللَه خَطاياهُ فَثق |
|
بَرَّدَ اللَهُ فُؤادي إِنَّهُ | |
|
| كُلَّما هاجَتهُ ذِكراكَ اِحتَرَق |
|
وَسَقَت رَحمَتهُ قَبرَكَ ما | |
|
| حَنَّت الوُرقُ عَلى خُضر الوَرَق |
|
يا أَخا الدُنيا اِعتَبِر هَل لَكَ مِن | |
|
|
وَاِنتَظِر مَن لَيسَ يُستَأذنُ في | |
|
| رفعِ أَستارٍ وَلا فَتح غَلَق |
|
هَل وَقى مَن في بُروجٍ شُيِّدَت | |
|
| أَو منيفٍ مُشمَخِرٍّ أَو نَفَق |
|
حَيَوانٌ إِن تَقَضّى أَجَلٌ | |
|
| قيلَ هذا ماتَ أَو ذاكَ نَفَق |
|
كَتَبَ اللَهُ عَلى الخَلقِ الرَدى | |
|
| فَاِستَوى فيهِ مُلوكٌ وَسوق |
|
أَيُّها الشامِتُ هَل تَأمن مِن | |
|
| حدثانِ الدَهرِ نَحساً وَرَهَق |
|
لا تُعَيِّر فَسَواءٌ في الرَدى | |
|
| أَنتَ وَالذَرُّ وَعوجُ اِبنِ عَنق |
|
كَم بَصيرٍ ضَلَّ في غَيرِ الدُجى | |
|
| وَثَبوتٍ زَلَّ في غَيرِ الزَلَق |
|
خالَفَ الدَهرُ هَواهُ فيهِما | |
|
| فَالحَيا أَفناهُ وَاِستَبقى الصَعَق |
|
فَالَّذي صَحَّ لَهُ عَنهُ صَحا | |
|
| وَإِذا اِعتَلَّ بِهِ القَلبُ اِعتَلَق |
|
رُبَّ عيرٍ يَتَسَمّى صاهِلاً | |
|
| فَإِذا صَوَّتَ قالوا قَد نَهَق |
|
نافَسَ اللَيث وَقَد ميزَ كَما | |
|
| ميزَ في دُهمِ المَذاكي ذو البَلَق |
|
بَينَ فكّي غِرارٌ مُحسِنٌ | |
|
| ضَربَ ما قصَّر مِنهُ أَو حَلَق |
|
غَيرَ أَنَّ الثكلَ أَوهى جلدي | |
|
| وَلِساني كَفَّهُ عَمَّن سَلَق |
|
كَبِدي البَيضاءُ لا مِن عِلَّةٍ | |
|
| أَودَعَت كبدي بَياضاً فَذَرَق |
|
ثَقِّل اللهُمَّ ميزاني بِهِ | |
|
| وَتَدارك لي فَعَقلي قَد زَهَق |
|
|
| يا إِلهَ الناسِ يا رَبَّ الفَلَق |
|
حَرَّقَ الثكل جُفوني بِالبُكا | |
|
| فَمَتى يَرقَعُ صَبري ما خَرَق |
|
وَلَقَد أَخفَيتُ وَجدي فَخَفى | |
|
| وَلَقَد سَكَّنتُ قَلبي فَخَفَق |
|
سَل حَمام الأَيكِ هَل أَبكى الحِمى | |
|
| وَبَروق الغَورِ هَل أَبكى البَرق |
|
إِنَّما أَبكي لِخَطبٍ جَلَلٍ | |
|
| فاقَ عِندي كُلَّ خَطبٍ وَأفق |
|
إِنَّني لَولا مُصابُ اِبني الرِضا | |
|
| لَمُطيقٌ كُلَّ عِبءٍ لَم يُطق |
|
لَو تَرى الغيمَ وَقَد أَسعَدَني | |
|
| بِالبُكا ساعَةَ أَودى فَوَدَق |
|
مَرَّ لَم يُكتب عَلَيهِ سَيّئٌ | |
|
| فَنَجا مِن تَبِعاتٍ وَعَلَق |
|
فازَ مَن ماتَ صَغيراً مِثلَهُ | |
|
| لَم يُقَل عَفَّ وَلا قيلَ فَسَق |
|
إِنَّما الوَيلُ لِكَهلٍ أَو فَتىً | |
|
| إِن رَنا اِختانَ وَإِن قالَ اِختَلَق |
|
خَفَّ ظَهراً وَثَقُلنا أَظهُراً | |
|
| فَتَناهى وَكَبَونا في الطَلَق |
|
أَنا في إِثرِكَ أَجري وَغَداً | |
|
| بِكَ يا عَبد الغَنِيِّ المُلتَحَق |
|
شاقَني عرفُ ثَرىً تَحتَلُّهُ | |
|
| لَيتَ جَنبي مِنكَ بِالجَنبِ اِلتَصَق |
|
أَسعَدَ اللَهُ بِكَ المَفجوعِ إِن | |
|
| ذَنبُهُ أَشقاهُ في اليَوم الأَشَق |
|