أَمَا وَالْهَوَى لَوْلاَ الْجُفُونُ السَّوَاحِرُ | |
|
| لَمَا عَلِقَتْ فِي الْحُبِّ مِنَّا الْخَوَاطِرُ |
|
ولولا العيونُ النَّاعسات لما رعتْ | |
|
| نُجُومَ الدُّجَى مِنَّا الْعُيُونُ السَّوَاهِرُ |
|
وَلَوْلا ثُغُورٌ كَالْعُقُودِ تَنَظَّمَتْ | |
|
| لما انتثرتْ منَّا الدموعُ البوادر |
|
وَلَمْ نَدْرِ كَيْفَ الْحَتْفُ يَعْرِضُ لِلْفَتَى | |
|
| وما وجههُ إلاَّ الوجهٌ النَّواضرُ |
|
وَإِنَّا أُنَاسٌ دِينُ ذِي الْعِشْقِ عِنْدَنَا | |
|
| إِذَا لَمْ يَمُتْ فِيْهِ قَضَى وَهْوَ كَافِرُ |
|
خوَلَمْ يُرْضينَا في الحُبِّ شقُّ جُيوُبِنَا | |
|
| إذا نحنُ لمْ تنشقَّ منَّا المرائرُ |
|
لَقِينَا الْمَنَايَا قَبْلَ نَلْقَى سُيُوفَهَا | |
|
| تُسَلُّ مِنَ الأَجْفَانِ وَهْيَ نَوَاظِرُ |
|
نروعُ المواضي وهي بيضٌ فواتكٌ | |
|
| وَنُشْفِقُ مِنْهَا وَهْيَ سُودٌ فَوَاتِرُ |
|
وَنَخْشَى رِمَاحَ الْمَوْتِ وَهْيَ مَعَاطِفٌ | |
|
| وَنَسْطُو عَلَيْهَا وَهْيَ سُمْرٌ شَوَاجِرُ |
|
نَعُدُّ الْعَذَارَى مِنْ دَوَاهِي زَمَانِنَا | |
|
| وَأَقْتَلُهَا أَحدَاقُهَا وَالْمَحَاجِرُ |
|
وَنَشْكُو إِلَيْهَا دَائِرَاتِ صُرُوفِهِ | |
|
| وأعظمها أطواقها والأساورُ |
|
لنا قدرٌ في دفعِ كلِّ ملمَّة | |
|
| ٍ تُلِمُّ بِنَا إِلاَّ الْنَوَى وَالتَّهَاجُرُ |
|
وَلَيْسَ لَنَا لَذْعُ الأَفَاعِي بِضَائِرٍ | |
|
| إذا لمْ تظافرنا عليهِ الظّفائرُ |
|
أَلَمْ يَكْفِ هَذَا الدَّهْرُ مَا صَنَعَتْ بِنَا | |
|
| لياليهِ حتّى ساعدتها الغدائرُ |
|
رعى اللهُ حيّاً بالحمى لم تزلْ بهِ | |
|
| تُعَانِق آرَامَ الْخُدُودِ الْخَوَادِرُ |
|
تَمِيلُ بِقُمْصَانِ الْحَدِيدِ أُسُودُهُ | |
|
| وتمرحُ في وشيِ الحريرِ الجآذرُ |
|
حمتهُ بطعناتِ الخواطرِ دونهُ | |
|
| قددُ الغوانيْ والرّماحُ الخواطرُ |
|
محلٌّ بهِ الأغصانُ تحملُ عسجداً | |
|
| وَتَنبتُ مَا بَيْنَ الشِّفَاهِ الْجَوَاهِرُ |
|
وتلتفُّ منْ فوقِ الغصونِ وتلتوي | |
|
| على مثلِ أحقاءِ اللّجينِ المآزرُ |
|
تَظُنُّ عَلَيْهِ أَلَّفَتْ أَنْجُمَ الدُّجَى | |
|
| يَدَا نَاظِمٍ أَوْ فَرَّقَ الدُّرَّ نَاثِرُ |
|
|
| بُرُوجُ الدَّرارِي وَالْنَوَادِي الدَّوَائِرُ |
|
وَحَيَّا الْحَيَا فِيْهِ وُجُوهاً إِذَا انْجَلَتْ | |
|
| تُعِيدُ ضِيَاءَ الصُّبْحِ وَاللَّيْلُ عَاكِرُ |
|
وجوهاً ترى منها بدوراً تعممتْ | |
|
| ومنها شموساً قنّعتها الدّياجرُ |
|
تَرَدَّدَ مَاءُ الْحُسْنِ بَيْنَ خُدُودِهَا | |
|
| فأصبحَ منها جارياً وهوَ حائرُ |
|
فديتهمْ منْ أسرة ٍقد تشاكلتْ | |
|
| مهاجرهمْ في فتكها والخناجرُ |
|
إِذَا مِنْ مَوَاضِيهِمْ نَجَا قَلْبُ زَائِرٍ | |
|
| فمنْ بيضهمْ ترديهِ سودٌ بواترُ |
|
أقاموا على الأبوابِ حجّابَ هيبة | |
|
| ٍ فَلَمْ يَغْشَهُمْ لَيْلاً سِوَى النَّوْمِ زَائِرُ |
|
فلولاهمُ لم يصبِ صوتٌ لمنشدٍ | |
|
| وَلاَ هَزَّ أَعْطَافَ الْمُحِبِّينَ سَامِرُ |
|
وَلَوْلاَ غَوَالِي لُؤْلُوءِ فِي نُحُورِهِمْ | |
|
| وَأَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُحْسِنِ النَّظْمَ شَاعِرُ |
|
فما الحسنُ إلا روضة ٌ ذاتُ بهجة | |
|
| ٍ وما همُ إلا وردها والأزاهرُ |
|
لَقَدْ جَمَعَ اللهُ الْمَحَاسِنَ فِيهِمِ | |
|
| كَمَا اجْتَمَعَتْ بِابْنِ الْوَصِيِّ الْمَفَاخِرُ |
|
سَلِيلُ عَلِيَّ الْمُرْتَضَى وَسَمِيَّهُ | |
|
| كَرِيمٌ أَتَتْ فِيْهِ الْكِرَامُ الأَكَابِرُ |
|
عَزيزٌ لَدَى الْمِسْكِينِ يُبْدِي تَذَلُّلاً | |
|
| وتسجدُ ذلاً إذ تراهُ الجبابرُ |
|
منيرٌ تجلّى في سماواتِ رفعة | |
|
| ٍ كَوَاكِبُهَا أَخْلاَقُهُ وَالْمَآثِرُ |
|
مليكٌ أقامَ اللهُ في حملِ عرشهِ | |
|
| مُلُوكاً هُمُ أَبْنَاؤُهُ وَالْعَشَائِرُ |
|
عظيمٌ يضيقُ الدّهرُ عنْ كتمِ فضلهِ | |
|
| فلو كانَ سرّاً لمْ تسعهُ الضّمائرُ |
|
فَمَا الْمَجْدُ إِلاَّ حُلَّة ٌ وَهْوَ ناسِجٌ | |
|
| وما الحمدُ إلا خمرة ٌ وهوَ عاصرُ |
|
يُسِرُّ الْعَطَايَا وَهْوَ ذُو شَغَفٍ بِهَا | |
|
| وَهَيْهَاتِ تَخْفَى مِنْ مُحِبٍّ سَرَائِرُ |
|
يُحَدّثُ عَنْهُ فَضْلُهُ وَهْوَ صَامِتٌ | |
|
| وَيَخْفَى نَدَاهُ وَهُوَ فِي الْخَلْقِ ظَاهِرُ |
|
يغصُ العدا في ذكرهِ وهوَ طيّبٌ | |
|
| وكمْ طيذبٍ فيهِ تغصُّ الخناجرُ |
|
إِذَا اشْتَدَّ ضِيقُ الأَمْرِ بَانَ ارْتِخَاؤُهُ | |
|
| وهلْ تحدثُ الصّهباءُ لولا المعاصرُ |
|
غَمَامٌ إِذَا ضَنَّ الْغَمَامُ بِجَوْدِهِ | |
|
| توالتْ علينا منْ يديهِ المواطرُ |
|
فَأَيْنَ الْجِبَالُ الشُّمُّ مِنْ وَزْنِ حِمْلِهِ | |
|
| وَمِنْ فَتْكِهِ أَينَ الأُسُودُ الْقَسَاوِرُ |
|
وَأَيْنَ ذَوُوا الرَّايَاتِ مِنْهُ إِذَا سَطَا | |
|
| وما كلُّ خفّاقِ الجناحينِ كاسرُ |
|
همامٌ أعادَ المجدَ بعدَ مماتهِ | |
|
| وَجَدَّدَ رَسْمَ أَلْجُودِ والْجُودُ دَاثِرُ |
|
وَوَرَّدَ وَجْنَاتِ الظُّبَى وَتَسَوَّدَتْ | |
|
| ببيضِ عطايا راحتيهِ الدّفاترُ |
|
لهُ شيمٌ تصحو فتفني حطامهُ | |
|
| هِبَاتٌ كَمَا تُفْنِي الْعُقُولَ الْمَسَاكِرُ |
|
فَكَمْ هَمَّ فِي عَثْرِ الْمَنَايَا إِلَى الْمُنَى | |
|
| فجازَ عليها والسّيوفُ القناطرُ |
|
وكمْ وقفة ٍ معروفة ٍ في العدا لهُ | |
|
| لَهَا مَثَلٌ فِي سَائِرِ النَّاسِ سَائِرُ |
|
وكمْ مَوقفٍ أثنتْ صُدورَ القَنايه | |
|
| عليهِ وذمّتهُ الكلى والخواصرُ |
|
ولمْ أنسَ في الميناتِ يومَ تجمّعتْ | |
|
| قبائلُ أحزابِ العدا والعشائرُ |
|
عَصَائِبُ بَدْوٍ أَخْطَأُوا بَادِىء الْهَوَى | |
|
| فراموهُ بالخذلانِ واللهُ ناصرُ |
|
تمنّوا محالاً لا يرامُ وخادعوا | |
|
| وَقَدْ مَكَرُوا وَاللهُ بِالْقَوْمِ مَاكِرُ |
|
أَصَرُّوا علَى الْعِصْيَانِ سِرّاً وَأَظْهَرُوا | |
|
| لهُ طاعة ً والكلُّ بالعهدِ غادرُ |
|
وقدْ جحدوا نعمى عليٍّ وأنكروا | |
|
| كَمَا جَحَدُوا نَصَّ الْقَدِيرِ وَكَابَرُوا |
|
توالوا على عزلِ الوصيِّ ضلالة | |
|
| ً وَقَدْ حَسَّنُوا الْشُوْرَى وَفِيْهَا تَشَاوَرُوا |
|
شَيَاطِينُ إِنْسٍ جُمِّعُوا حَوْلَ كَاهِنٍ | |
|
| وأمّة ُ غيٍّ بينها قامَ ساحرُ |
|
فقامَ إليهمْ إذْ بغوا أدعياؤهُ | |
|
| رُعَاة ٌ بِهَا تَجْرِي الْعِتَاقُ الصَّوَارِمُ |
|
وَكُلُّ فَتى ً مِثْلُ الشِّهَابِ إِذَا ارْتَمْى | |
|
| غدا لشياطينِ العدا وهوَ داحرُ |
|
وَفُرْسَانُ حَرْبٍ مِنْ بَنيهِ إِلَى الْعِدَا | |
|
| مَوَارِدُهُمْ مَعْرُوفَة ٌ وَالْمَصَادِرُ |
|
أسودٌ إذا ما كشّرَ الحربُ نابهُ | |
|
| سطوا والظّبا أنيابهمْ والأظافرُ |
|
يهزّونَ في نارِ الوغى كلَّ جدولٍ | |
|
| يَمْوجُ بِهِ بَحْرٌ مِنَ الْمَوْتِ زَاخِرُ |
|
هُمُ عَشْرَة ٌ فِي الفَضْلِ كَامِلَة ٌ لَهُمْ | |
|
| مَآثِرُ فَخْرٍ لِلنُّجُومِ تُكَاثِرُ |
|
بهمْ شغفتْ منهُ الحواسُ معَ القوى | |
|
| فصحّتْ لهُ أعضاؤهمْ والعناصرُ |
|
همُ جمراتُ الحربِ يومَ حروبهِ | |
|
| وَفِي السِّلْمِ أَسْنَى سَمْعِهِ والْمَحَاجِرُ |
|
إذا شرفوا فوقَ السّروجِ حسبتهمْ | |
|
| بدورَ تمامٍ للمعالي تبادرُ |
|
فمنْ شئتَ منهمْ فهوَ في السّبقِ أوّلٌ | |
|
| وَمَنْ شِئْتَ منهْمُ فَهْوَ في الِعزِّ آخِرُ |
|
فَلَّمَا الْتَقَى الجَمْعَانِ وَانْكَشَفَ العِطَا | |
|
| وقدْ غابَ ذهنُ المرءِ والموتُ حاضرُ |
|
وَقَدْ حَارَتِ الأَبْصَارُ فالْكُلُّ شَاخِصٌ | |
|
| على وجناتِ الموتِ والرّيقُ غائرُ |
|
وأضحتْ نفوسُ الشّوسِ وهيَ بضائعٌ | |
|
| بِسُوقِ الرَّدَى وَالْمَكْرُمَاتُ الْمَتَاجِرُ |
|
سطا وسطوا في إثرهِ يلحقونهُ | |
|
| يُريدُونَ أَخْذَ الثَّارِ وَالنَّقْعُ ثائِرُ |
|
وَصَالَ وَصَالُوا كالأُسُودِ عَلَى الْعِدَا | |
|
| فَفَرُّوا كَمَا فَرَّتْ ظِبَاءٌ نَوَافِرُ |
|
فَكَمْ تَرَكُوا مِنْهُمْ هُمَاماً عَلَى الثَّرَى | |
|
| طريحاً ومنهُ الرّأسُ بالجوِّ طائرُ |
|
فَلَمْ يَخْلُ مِنْهُمْ هَارِبٌ مِنْ جِرَاحَة | |
|
| ٍ فَإِنْ قِيْلَ فِيهِمْ سَالِمٌ وَهْوَ نَادِرُ |
|
تولّوا وخلّوا غانياتِ خدورهمْ | |
|
| مبرقعة ً بالذّلِّ وهي سوافرُ |
|
تنادي ولا فيهمْ سميعٌ يجيبها | |
|
| فَتَلْطِمُ حُزُنْاً وَالْرُّؤُّوسُ حَوَاسرُ |
|
فصاحتْ بأعلى الصّوتِ يا حامي الحمى | |
|
| الْحِمَى لعَفْوُكَ مَأْمُونٌ مِمَّا تُحاذِرُ |
|
فردَّ عليها سترها بعدَ هتكهِ | |
|
| وبشّرها بالأمنِ ممّا تحاذرُ |
|
وَأَمْسَتْ لَدَيْهِ في أَتَمِّ صِيَانَة | |
|
| ٍ وَإِنْ عَظُمَتْ مِنْ فَوْقِهِنَّ الْجَرائِرُ |
|
فتباً لهمْ منْ معشرٍ ضلَّ سعيهمْ | |
|
| وقدْ عميتْ أبصارهمْ والبصائرُ |
|
لَقَدْ ضَيَّعُزا مَا اللهُ بِاللَّوْحِ حَافِظٌ | |
|
| وَقَدْ كَشَفُوا ما الله بالْغَيْبِ سَايرُ |
|
أَلاَ فَاسْمَعُوا يَا حَاضِرُونَ نَصِيحَة | |
|
| ً تصدّقها أعرابكمْ والحواضرُ |
|
عظيمُ ملوكِ الفرسِ ترفُ قدرهُ | |
|
| وَتَغْبِطُهُمْ فيْهِ وَفيْكَ الْقَيَاصِرُ |
|
لقدْ شنّفَ الأسماعَ درَّ حديثهِ | |
|
| وشَمَّتْ فَتِيقَ الْمِسْكِ مِنْهُ المَنَاخِرُ |
|
فشكراً لربّي حيثُ حفّكَ لطفهُ | |
|
| بِنَصْرٍ وَحَسْبِي أَنَّكَ الْيَوْمَ ظَافِرُ |
|