يا دَمعُ صُب ما شِئتَ أَن تَصوبا
|
وَيا فُؤادي آنَ أَن تَذوبا
|
إِذِ الرَزايا أَصبَحَت ضُروبا
|
لَم أَرَ لي في أَهلِها ضَريبا
|
قَد مَلَأَ الشَوقُ الحَشا نُدوبا
|
في الغَربِ إِذ رُحتُ بِهِ غَريبا
|
عَليلَ دَهرٍ سامَني تَعذيبا
|
أَدنى الضَنى إِذ أَبعَدَ الطَبيبا
|
لَيتَ القَبولَ أَحدَثَت هُبوبا
|
ريحٌ يَروحُ عَهدُها قَريبا
|
بِالأُفُقِ المُهدي إِلَينا طيبا
|
تَعَطَّرَت مِنهُ الصَبا جُيوبا
|
يُبرِدُ حَرَّ الكَبِدِ المَشبوبا
|
يا مُتبِعاً إِسادَهُ التَأويبا
|
مُشَرِّقاً قَد سَئِمَ التَغريبا
|
أَما سَمِعتَ المَثَلَ المَضروبا
|
أَرسِل حَكيماً وَاِستَشِر لَبيبا
|
إِذا أَتَيتَ الوَطَنَ الحَبيبا
|
وَالجانِبَ المُستَوضَحَ العَجيبا
|
وَالحاضِرَ المُنفَسِحَ الرَحيبا
|
فَحَيِّ مِنهُ ما أَرى الجَنوبا
|
مَصانِعٌ تَجتَذِبُ القُلوبا
|
حَيثُ أَلِفتُ الرَشَأَ الرَبيبا
|
مُخالِفاً في وَصلِهِ الرَقيبا
|
كَم باتَ يَدري لَيلَهُ الغِربيبا
|
لَمّا اِنثَنى في سُكرِهِ قَضيبا
|
تَشدو حَمامُ حَليِهِ تَطريبا
|
أَرشُفُ مِنهُ المَبسِمَ الشَنيبا
|
حَتّى إِذا ما اِعتَنَّ لي مُريبا
|
شَبابُ أُفقٍ هَمَّ أَن يَشيبا
|
بادَرتُ سَعياً هَل رَأَيتَ الذيبا
|
هَصَرتُهُ حُلوَ الجَنى رَطيبا
|
أَهاجِرِي أَم موسِعي تَأنيبا
|
مَن لَم أُسِغ مِن بَعدِهِ مَشروبا
|
ما ضَرَّهُ لَو قالَ لا تَثريبا
|
وَلا مَلامَ يَلحَقُ القُلوبا
|
قَد طالَ ما تَجَرَّمَ الذُنوبا
|
وَلَم يَدَع في العُذرِ لي نَصيبا
|
إِن قَرَّتِ العَينُ بِأَن أَؤوبا
|
لَم آلُ أَن أَستَرضِيَ الغَضوبا
|
حَسبِيَ أَن أُحَرِّمَ المَغيبا
|
قَد يَنفَعُ المُذنِبَ أَن يَتوبا
|