إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
العرافة المقدسة |
************ |
جئت إليك مثخنا بالطعنات والدماء |
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدسة |
منكسر السيف، مغبر الجبين والأعضاء |
أسأل يا زرقاء |
عن فمك الياقوت عن نبوءة العذراء |
عن ساعدي المقطوع .. وهو ما يزال ممسكا بالراية المنكسة |
عن صور الأطفال في الخوذات... ملقاة علي الصحراء |
عن جاري الذي يهم بارتشاف الماء |
فيثقب الرصاص رأسه .. في لحظة الملامسة |
عن الفم المحشو بالرمال والدماء |
أسأل يا زرقاء |
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدار |
عن صرخة المرأة بين السبي والفرار |
كيف حملت العار |
ثم مشيت؟ دون أن أقتل نفسي؟ دون أن أنهار؟ |
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة؟ |
تكلمي أيتها النبية المقدسة |
تكلمي بالله باللعنة بالشيطان |
لا تغمضي عينيك، فالجرذان |
تلعق من دمي حساءها .. ولا أردها |
تكلمي لشد ما أنا مهان |
لا الليل يخفي عورتي .. ولا الجدران |
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدها |
ولا احتمائي في سحائب الدخان |
.. تقفز حولي طفلة واسعة العينين.. عذبة المشاكسة |
كان يقص عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادق |
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادق |
وحين مات عطشا في الصحراء المشمسة |
رطب باسمك الشفاه اليابسة |
وارتخت العينان |
فأين أخفي وجهي المتهم المدان؟ |
والضحكة الطروب: ضحكته .. |
والوجه .. والغمازتان |
*** |
أيتها النبية المقدسة |
لا تسكتي .. فقد سكت سنة فسنة لكي أنال فضلة الأمان |
قيل لي اخرس |
فخرست وعميت ائتممت بالخصيان |
ظللت في عبيد عبس أحرس القطعان |
أجتز صوفها |
أرد نوقها |
أنام في حظائر النسيان |
طعامي الكسرة والماء وبعض التمرات اليابسة |
وها أنا في ساعة الطعان |
ساعة أن تخاذل الكماة والرماة والفرسان |
دعيت للميدان |
أنا الذي ما ذقت لحم الضان |
أنا الذي لا حول لي أو شأن |
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان |
أدعي الى الموت ولم أدعَ الى المجالسة |
تكلمي أيتها النبية المقدسة |
تكلمي تكلمي |
فها أنا علي التراب سائل دمي |
وهو ظمئ يطلب المزيدا |
أسائل الصمت الذي يخنقني |
ما للجمال مشيها وئيدا |
أجندلا يحملن أم حديدا |
فمن تري يصدقني؟ |
أسائل الركع والسجودا |
أسائل القيودا |
ما للجمال مشيها ويدا |
ما للجمال مشيها وئيدا؟ |
*** |
أيتها العرافة المقدسة |
ماذا تفيد الكلمات البائسة؟ |
قلت لهم ما قلت عن قوافل الغبار |
فاتهموا عينيك، يا زرقاء بالبوار |
قلت لهم ما قلت عن مسيرة الأشجار |
فاستضحكوا من وهمك الثرثار |
وحين فوجئوا بحد السيف: قايضوا بنا |
والتمسوا النجاة والفرار |
ونحن جرحي القلب |
جرحي الروح والفم |
لم يبقي الا الموت |
والحطام |
والدمار |
وصبية مشردون يعبرون آخر الأنهار |
ونسوة يسقن في سلاسل الأسر |
وفي ثياب العار |
مطاطئات الرأس، لا يملكن الا الصرخات التاعسة |
*** |
ها أنت يا زرقاء |
وحيدة، عمياء |
وما تزال أغنيات الحب، والأضواء |
والعربات الفارهات، والأزياء |
فأين أخفي وجهي المشوها |
كي لا أعكر الصفاء الأبله المموها |
في أعين الرجال والنساء |
وأنت يا زرقاء |
وحيدة عمياء |
وحيدة عمياء |
************* |
********** |